سلامٌ من الرّبِّ يغشى قلوبكن ..
يبهجُكن .. يؤنسكن ..
و يغسلُ ذنوبكن ..
رائعٌ أن تعيشَ لعُمرٍ غيرَ عمركَ المَحْدُود ..
تشعرُ أنّكَ تحبّ
و مهما صنعِت الحياة
تراها جميلة .. !
كتاب " أفراح الروح "
لـ سيد قطب "
[ 1 ]
عندما نعيش لذواتنا فحسب، تبدو لنا الحياة قصيرة ضئيلة،
تبدأ من حيث بدأنا نعي، وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود ..!
أما عندما نعيش لغيرنا، أي عندما نعيش لفكرة،
فإن الحياة تبدو طويلة عميقة، تبدأ من حيث بدأت الإنسانية وتمتد
بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض !!
إننا نربح أضعاف عمرنا الفردي في هذه الحالة،
نربحها حقيقة لا وهمًا، فتصور الحياة على هذا النحو،
يضاعف شعورنا بأيامنا وساعاتنا و لحظاتنا..
و ليست الحياة بعدّ السنين ؛ ولكنها بعداد المشاعر.
[ 2 ]
بذرة الشر تهيج، ولكن بذرة الخير تثمر،
إن الأولى ترتفع في الفضاء سريعآ ولكن جذورها في التربة قريبة،
حتى لتحجب عن شجرة الخير النور والهواء،
ولكن شجرة الخير تظل في نموها البطيء،
لأن عمق جذورها في التربة يعوضها عن الدفء والهواء...
مع أننا حين نتجاوز المظهر المزور البراق لشجرة الشر،
ونفحص عن قوتها الحقيقية وصلابتها،
تبدو لنا واهنة هشة نافشة في غير صلابة حقيقية ...
على حين تصبر شجرة الخير على البلاء،
وتتماسك للعاصفة، وتظل في نموها الهاديء البطيء،
لا تحفل بما ترجمها به شجرة الشر من أقذاء وأشواك !...
[ 3 ]
حين نعتزل الناس لأننا نحس أننا أطهر منهم روحاً ،
أو أطيب منهم قلباً ، أو أرحب منهم نفساً ، أو أذكى منهم عقلاً،
لا نكون قد صنعنا شيئاً كبيراً.. لقد اخترنا لأنفسنا أيسر السبل وأقلها مؤونة!..
إن العظمةَ الحقيقية :
أن نخالط هؤلاء الناس.. مُشبعين بروح السماحة والعطف
على ضعفهم ونقصهم وخطئهم ، وروح الرغبة الحقيقية في
تطهيرهم وتثقيفهم ورفعهم إلى مستوانا بقدر ما نستطيع ! ..
إنه ليس معنى هذا أن نتخلى عن آفاقنا العليا ومثلنا السامية،
أو أن نتملق هؤلاء الناس ونثنى على رذائلهم، أو أن نشعرهم
أننا أعلى منهم أفقاً..
إن التوفيق بين هذه المتناقضات ، وسِعة الصدر لما يتطلبه
هذا التوفيق من جهد ؛ هو العظمة الحقيقية !
[ 4 ]
الاستسلام المطلق للاعتقاد في الخوارق و القوى المجهولة خطر ،
لأنه يقود إلى الخرافة ، ويحول الحياة إلى وهم كبير .. !
و لكن التنكر المطلق لهذا الاعتقاد ليس أقل خطرا
لأنه يغلق منافذ المجهول كله وينكر كل قوة غير منظورة لا لشيء
إلا لأنها قد تكون أكبر من إدراكنا البشري في فترة من فترات حياتنا
وبذلك يصغر من هذا الوجود مساحة و طاقة و قيمة كذلك و يحده بحدود
المعلوم و هو الى هذه اللحظة حين يقاس الى عظمة الكون _ضئيل ، جدًا ضئيل !
ملطوش
بالتوفيق للجميع