08-05-2009, 01:10 AM
|
(عضو لم يقم بتفعيل عضويته)
|
|
تاريخ التسجيل: Jul 2007
الدولة: فـ الزآويــه ض1
المشاركات: 8,663
معدل تقييم المستوى: 0
|
|
مشكلة المدير الجديد والقديم !!
قبل أيام ذهبت لحلاق الحارة فوجدت شخصاً مختلفاً.. كان "رفيقاً" جديداً ما أن تفحص شعري
حتى برم شفتيه وقال: "مين فيه حلاق أول.. هذا شعر مافي كويس!؟". حينها تذكرت الأطباء
وكيف يشتركون مع الحلاقين في "الحش" بزميل المهنة. فما أن تذهب لطبيب جديد - وتريه
الوصفة السابقة - حتى يقول شيئاً من قبيل: "إيه الأدوية التعبانة دي..
هو إيه اللي فهمه بالباك بين!؟". ..
وقبل أن تستوعب ما هو "الباك بين"
تصاب بخليط من الإحباط والغضب وتعتقد أن الطبيب السابق خدعك بالفعل..
أما المحصلة ككل فهي زعزعة ثقتنا بكافة الأطباء لأنهم (وهم الأدرى بأنفسهم)
يسيئون لسمعة بعضهم البعض!.
ولا يمكن القول ان هذا الطبع خاص بالأطباء فقط؛ فهذا العارض داء منتشر في المجتمعات
المتخلفة وينبئ عن خلل تربوي عظيم. فهذه المجتمعات مولعة بالترصد وتصيد العثرات وتدمير أي
موهبة لافتة. وفي نسيجها الثقافي اعتقاد غريب بأن صعود الآخر يعني حجب الضوء عن إنجازاتنا
الشخصية. وبدل تأييده ومساعدته - كما يقتضي الواجب - نسعى لتدميره وزعزعة الثقة بإنجازاته..
والقضية ليست أخلاقية فقط؛ بل إدارية وتنظيمية وتطال الإنجازات الوطنية. فالحقد (على السلف)
ترافقه رغبة جامحة بإزالة كل ما فعله وأنجزه؛ فما أن يأتي مدير جديد حتى يصبح همه الأول
"تنظيف" المؤسسة من مساوئ الإدارة السابقة و"تخليص" العمل من الروتين القديم.
ولكن نادراً
ما نسمع عمن يريد إكمال المسيرة أو يضيف إلى إنجازات من سبقوه.. ويا ليت الأمر ينتهي عند
هذا الحد؛ بل يبلغ الغرور - بالرئيس الجديد - حد الاعتقاد أن لديه الوقت الكافي (للبدء من الصفر)
وإتمام كل شيء خلال فترة ولايته البسيطة.. ولكنه غالباً ما ينتهي عند المرحلة السابقة ويأتي مدير
جديد "ينظف" من بعده (والنتيجة تخبط دوري، وقرارات بندولية يتحمل المواطن معاناتها)!!. وفي
المقابل يلاحظ اختفاء هذا العارض في المجتمعات المتقدمة وعدم تحرج الخلف من إنجازات
السلف.. والأمر لا يعود فقط لسعة الأفق ورقي المفهوم؛ ولكن أيضاً إلى امتلاك المؤسسات هناك
جهازاً فعالاً للمراقبة يحمي الإنجازات الناجحة ويحفظ الأنظمة الفعالة من العبث والتغيير..
فكثير من المشاريع تحتاج لعقود طويلة من الاضافة والمتابعة كي تنجح وتؤتي أكلها -
وإنكارنا لإنجازات غيرنا يدخلنا في دائرة لا نهائية من البناء والهدم!!. ..
بقي أن أشير إلى أن جزءاً من المشكلة يعود إلى "الدكتاتوية الإدارية" للرئيس الأول
(وهذه بحد ذاتها مشكلة تتطلب مقالاً منفصلاً).. فالرئيس الأول - في مجتمعنا المحلي -
لا يرى غير رأيه ولا يلجأ لاستشارة غيره.. وحتى لو اكتشف انه على خطأ وغيره على صواب
يمنعه الكبرياء من الاعتراف بذلك.
وهذا تصرف صبياني ونقص في المفهوم الإداري يؤديان لغضب "النائب وكبت بقية "الأعضاء"..
وبالتالي ما أن يعزل أو يتقاعد حتى تزال إنجازاته بطوفان من الغيرة والغضب المكبوت..
والنتيجة تغيير لمجرد التغيير وتعقيد لمجرد الظهور بثوب مختلف.. ونبدأ من جديد!!
للكاتب المبدع / فهد الأحمدي
|