سورة (yes)!!---مقال للشيخ نبيل العوضي.
عندما أزور الطلاب في الجامعات في مختلف الكليات غالباً ما اسألهم بعض الاسئلة في العلوم الشرعية لأشعرهم بضعفهم في التحصيل الشرعي وكذلك حاجتهم الماسة للتزود من العلوم الشرعية مع اهمية التحصيل العلمي في العلوم الاخرى.
فعلى سبيل المثال.. اسأل الطلاب الاكاديميين الذين أمضوا سنوات طويلة في التعليم النظامي هل تحفظون سورة (
الفلق)؟! فيجيب الجميع
بالايجاب، فأردّ عليهم بأنني أظن أنهم يحفظونها ويرددونها منذ سنوات الطفولة المبكرة! ولكن سؤالي ليس هذا، بل سؤالي هو (
هل يعرف احدكم ما معنى «الفلق»)؟!! فيخيم الصمت على الحضور!! ويبدأ البعض باخفاء وجهه حياء!! ويبدأ الاكثر بعد قليل من الصمت بالابتسام خجلا أو استغرابا!!.. سورة نرددها كل يوم اكثر من مرة ولأكثر من خمس عشرة سنة ولم نسأل أنفسنا يوما ما معناها!!.. ما معنى (
غاسق)؟ وما معنى (
وقب)؟!! كلمات كأنها طلاسم في سورة من أصغر سور القرآن، اتحدى لو قام دكتور في أي جامعة غير الشريعة بوضع اختبار تحريري لطلبته بمعنى هذه الكلمات الثلاث أن ينجح إلا القليل منهم!!
ولو سألت الحاضرين في كلية محترمة عن
شروط الصلاة
أو
بعض نواقض الوضوء
أو (
أركان الايمان)
أو
زوجات الرسول
أو
العشرة المبشرين بالجنة،
أو غيرها من الأسئلة البسيطة والمعلومات البديهية في الدين الاسلامي لرأيت عجباً من طلاب ربما عندهم ثقافة في أمور كثيرة إلا الشريعة الاسلامية وديننا الذي لا يقبل الله دينا غيره.
أنا لا أزعم أن مناهج التعليم تخرّج طلاباً نابغين أو حتى أقوياء في العلوم التطبيقية، فالرياضيات والعلوم ما زالت تدرس في مدارسنا بأساليب تقليدية لا تجعل الطالب يحرص على التعمق فيها أو يحاول التزود منها من خلال بحثه العلمي، وكذلك العلوم الانسانية المهمة فهي لا تتجاوز في كثير من الأحيان حشو المعلومات قد لا يشعر الطالب بأي فائدة منها وأحيانا يحفظ ما فيها من معلومات لأجل الاختبار ومع هذا قد لا يفهم شيئا واحدا مما حفظه أو يرى له اية فائدة!!
ومع هذا فإن (
ساعتين) من مادة التربية الاسلامية وخلال اثنتي عشرة سنة من الدراسة والقراءة والامتحانات والشرح اخرجت لنا طلابا لا يعرفون
صفة صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم!! وأنتجت لنا طلاّباً أكاديميين لم يسمعوا أو يفهموا أقسام التوحيد!! ولا يعرفوا معاني أصغر سور القرآن الكريم!! فأين يكمن الخلل؟!
قد يكون هناك (
ليبراليون) غلاة ومتطرفون يطالبون حتى بعدم تدريس القرآن الكريم في مدارسنا، ويحاربون أي تعليم ديني ولو كان ساعتين من ثلاثين ساعة للمواد الأخرى، ولكن يجب أن نعلم
أن هؤلاء (
الليبراليين) هم القلّة الشاذة في مجتمعاتنا الإسلامية وإن علا صوتهم في مقالاتهم ونداوتهم (
الممجوجة)، أما الغالبية في مجتمعاتنا الاسلامية فهم يتمنّون معرفة أحكام دينهم، ويحبون تعلّم فقه شريعتهم، ويودّون لو علموا معاني السور التي يقرؤونها، لكنهم يسألون نفس السؤال... ماذا صنعت لنا مناهج وزارة التربية؟!
لا بد من إعادة النظر بهذه المادة المهمة وبمناهجها، وطرق تدريسها وأساليب تقويمها والنسبة التي تحسب منها في التقدير العام للطالب، ولا بد من التركيز على ما يحتاجه الطالب في هذه المادة في عقيدته الاسلامية والاحكام الفقهية المناسبة لمستواه العمري، والاخلاق الاسلامية المهمة، وكذلك لا بد من
إعادة النظر في عدد الساعات الدراسية وهل تكفي لدراسة العلوم الشرعية (
الواجبة) على كل مسلم ومسلمة.
نحن لا نريد أن تكون المواد الشرعية على حساب المواد العلمية المهمة أيضاً، ولكن هناك مواد بالتأكيد لا تنفع الطلاب بالمدارس هذا إذا لم تكن فيها أضرار عليهم!!
* يحدثني احد مدرسي الثانويات انه اختبر الطلاب في حفظ سورة (الفاتحة) فاكتشف ان بعضهم لا يحفظها!!
* وآخر في المتوسط وضع سؤالاً في الاختبار (
من هو أبو بكر الصديق) فاكتشف ان الكثيرين لا يعرفونه!!
وتحدثني أم فاضلة أن مدرّسة التربية الاسلامية علّمت الطلاب أن معنى (
الفلق) هو الحسد!!
* ومذيعة في أحد برامج تلفزيون الكويت تسأل الأطفال سؤالاً عن سورة في القرآن وقرأت بالورقة التي عندها 3 خيارات لهذه السورة سورة (
الفرقان) او سورة (
تبارك) او سورة (
yes)!! هي كانت مكتوبة (
يس) لكنها لم تعرف أنها تقرأ بالحروف المقطعة فقرأتها بثقافتها الاجنبية!! وليس اللوم عليها لوحدها بل على معدي البرنامج و(الكنترول) والمخرج!!
نحن باختصار نريد ثقافة إسلامية صحيحة حتى نحصّن أبناءنا من التغريب ومن الثقافة الليبرالية الدخيلة ومن سموم بعض الكتاب المحاربين لكل ما هو إسلامي!!
http://www.emanway.com/showmsg.php?cid=16&id=1228