24-05-2009, 10:33 AM
|
|
|
|
تاريخ التسجيل: Nov 2006
الدولة: ّ~*< مهبــــط الوحــــي>*~
المشاركات: 4,525
معدل تقييم المستوى: 218734
|
|
حان وقت انتشال السعودة
حان وقت انتشال السعودة
اشتد النقاش مؤخرا عبر الصحف حول جدوى مشروع السعودة الذي تبنته الدولة لتوطين الوظائف عبر السنوات الماضية ويبدو أن مساحة الحرية المتزايدة عبر الصحافة قد ساهمت في تشعب قضية "السعودة" التي شغلتنا كثيرا حتى بتنا نتشكك في جهودنا التي يظن البعض أنها ذهبت أدراج الرياح.
إحدى الملاحظات التي ألحظها عند مناقشة قضية السعودة أن الكل يتفق حول ضرورة وأهمية تشغيل المواطن لكن يختلفون حول الأساليب. البعض منا يتحمس ويدافع عن الشاب السعودي الراغب في العمل، والبعض يهاجم ويبرز المبررات، والبعض يقول إن "السعـودة" مشروع فاشل وأن وزارة العمل زادت الطين بلة، والبعض يركز على قناعة المستثمرين ورجال الأعمال في القطاع الخاص الذين ينادون بأفضلية استقطاب العمالة الوافدة ذات الأجر المتدني، والبعض يتهم الجامعات السعودية بالدوران في حلقة مفرغة وعدم مواكبة متطلبات سوق العمل لاسيما أن آلاف الخريجين مازالو عاطلين بلا عمل، والبعض من الأكاديميين يؤكد أن الشهادة الجامعية ليست كافية للتوظيف والقاعدة أن شهادة الجامعة ليست جواز سفر للوظيفة معتبرين أن الخريجين غير عاطلين عن العمل لأن "العاطل" عن العمل، في نظرهم، هو المؤهل تأهيلاً حقيقياً وليس لديه عمل، والبعض يلوم القطاع الحكومي لعزوفه عن استيعاب الأعداد المتصاعدة من الراغبين في العمل بحجة أنها مسؤولية الدولة.
مشكلة السعودة اختلفنا حولها كثيرا وبرعنا في إلقاء اللوم على غيرنا. وزارة العمل تلقي باللوم على الجامعات، والجامعات لديها حججها في أنها منارات علم وتعلم، والقطاع الخاص يستند إلى حجته القوية في تخفيض تكاليفه التشغيلية وإلا فلن يكتب له البقاء في السوق الذي تشتد فيها المنافسة. القائمة تطول ... وكل يغني على ليلاه. اليوم وبعد كل هذه الجهود المشتتة وبعد النظر إلى قضية السعودة من زواياها التي لا تنتهي أرى أن الأجواء مشحونة وملبدة بشكل غير معهود. اليوم، ومع انفتاحنا على العالم والتوقع بمزيد من الانفتاح، لا أرى إلا مزيدا من الضغوط التي ستفاقم من أوضاع شبابنا العاطل بشكل يجعل حلها صعبا من خلال الأجهزة الحكومية القائمة حاليا والتي تسيطر عليها ثقافة عنيدة تتسم بخدمة مصالحها قبل مصالح الناس والعباد حتى أضحت أجهزتنا الحكومية بشكلها وتنظيماتها الحالية المعوق الأساسي للتقدم. تشغيل العاطلين ليس بحاجة إلى عصا سحرية لأن قصص النجاحات الكبيرة التي حققتها الدولة عبر تاريخها معروفة لدى الكل. هذه النجاحات لم تأت بغتة أو صدفة بل جاءت بقرارات حاسمة كان الركن الأساسي فيها التركيز على النتائج وتوفير كل ما يلزم لتحقيق النتائج المطلوبة. لو نظرنا إلى بعض الأمثلة التي يراها الجميع... لاعب كرة القدم السعودي نجده قادرا على مقارعة أي لاعب كرة في العالم... رجال الأمن في بعض قطاعات وزارة الداخلية وطيارو سلاح الجو السعودي يعتبرون من الأفضل ليس على مستوى المنطقة بل على مستوى العالم كله. وإذا سألنا أنفسنا ما هو السر وراء تميزهم؟ لا نجد أمامنا إلا التدريب والتدريب المستمر.
لا يوجد فرع من فروع العلوم إلا ويمكن ضخ جرعات تدريبية فيه. ما يحتاجه شبابنا العاطل اليوم هو تسليحهم بالمهارات التي لم تستطع بيروقراطية مؤسسات التعليم المختلفة تزويدهم بها. مهارات تكسبهم القدرة على تشخيص مرارة واقعهم وتحديات مستقبلهم وكيفية التفاعل الإيجابي معها. التدريب على هذه المهارات ليس رخيصا لكنه بالتأكيد أرخص بكثير من التكلفة الاجتماعية والأمنية التي ستنتج من وراء تراكم أعداد العاطلين الذين لم تنجح جميع الأجهزة الحكومية في تخفيف وطأته.
الكاتب
وهيب عبد الفتاح صوفي جريدة الوطن
|