الطاقات البشرية الكامنة في الاقتصاد الوطني: 465 ألف جامعي لا يعملون


د. عبدالعزيز حمد العويشق
تُظهر أرقام مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات أن هناك حوالي (465) ألف مواطن ومواطنة من حملة الشهادات الجامعية والعليا لا يعملون، منهم حوالي (4750) من حملة الدكتوراه أوالماجستير. ولا يدخل في هذه الأرقام المتقاعدون أو العاجزون عن العمل. وحسب التعريف الضيق للبطالة فإن (175) ألفاً من هذا الإجمالي يُعتبرون من الناحية الفنية متعطلين عن العمل، أما البقية فهم "خارج قوة العمل" أي لا يعملون ولكنهم لا يُعتبرون "متعطلين عن العمل"، وهذا من المفارقات التي قد لا يتفق عليها الجميع.
وهذه الأرقام هي جزء يسير من إجمالي الذين لا يعملون في المملكة (خارج قوة العمل أو متعطلين) وهم الطاقات الكامنة في الاقتصاد، ويبلغ عددهم أكثر من 7 ملايين مواطن ومواطنة في سن العمل، حسب التقرير المفيد الذي أصدرته المصلحة مؤخراً بعنوان "بحث القوى العاملة لعام 1429ه (2008) الدورة الثانية"، وهو عبارة عن 62 جدولاً يمكن من خلالها التعرف على خصائص قوة العمل وحساب معدلات المشاركة في سوق العمل.
ولا خلاف على أن أحد أهم مقاييس الكفاءة الاقتصادية هو مدى القدرة على توظيف الموارد المتاحة، وهناك معايير عدة لقياس تلك الكفاءة فيما يتعلق بالموارد البشرية، وسأتحدث اليوم عن اثنين منها هما معدل مشاركة قوة العمل labor force participation rate، ومعدل التوظف employment rate. وهما معياران أكثر دقة من معدلات البطالة التي يدخل في حسابها اعتبارات كثيرة غير علمية.
ويُقصد بمعدل مشاركة قوة العمل نسبة قوة العمل في الدولة إلى مجموع السكان في سن العمل، ويمكن حساب معدل المشاركة لقوة العمل ككل أو لأجزاء منها، حسب الجنسية والنوع وغيرها من التقسيمات. أما معدل التوظف فهو نسبة المشتغلين إلى إجمالي السكان في سن العمل.
وهناك علاقة مباشرة بين هذه المعدلات وكفاءة الاقتصاد، فبقدر ارتفاع هذه المعدلات، ترتفع كفاءة الاقتصاد، مع الأخذ بعين الاعتبار معدلات الإنتاجية بطبيعة الحال.
ولحساب معدل مشاركة قوة العمل للمواطنين، نجد أن حجم قوة العمل بلغ أقل من 4.2 ملايين مواطن ومواطنة في عام 2008م، من أصل حوالي 11.5 مليون في سن العمل، مما يترك أكثر من 7 ملايين من الإجمالي خارج قوة العمل، أي بنسبة 36%.
ومن باب المقارنة تجاوز معدل مشاركة قوة العمل في الولايات المتحدة 66%، وفي بريطانيا 64%.
أما المشتغلون من المواطنين فقد بلغوا حوالي 3.75 مليون في نفس العام، بمعدل 33% من إجمالي مَن هم في سن العمل، مقارنة بمعدل 63% في الولايات المتحدة و60% في بريطانيا.
وتشير معدلات المشاركة والتشغيل المنخفضة إلى طاقات كامنة في الموارد البشرية للمملكة العربية السعودية لم يتم توظيف سوى نسبة يسيرة منها، مما يعني أن إمكانيات النمو الاقتصادي في المستقبل ستكون مضاعفة عندما يتم استيعاب بعض هذه الطاقات في الاقتصاد.