خاص بصحيفة سيدات القلم الإلكترونية :
إعداد : حنان بنت فهد
السينما هي الفن الذي لاينضب و يعمر طويلا .الفن الذي يحفظ التاريخ و صور المجتمعات و منجزاتها و إخفاقاتها للأجيال القادمة .
انها مرآة ذواتنا و واقعنا الأكثر وضوحاً من أي مرآة أخرى
تعكس صورنا بكل جرأة و صدق و واقعية .
.
بداية السينما السعودية :
بدأت السينما السعودية في السبعينيات في جدة والطائف و الأحساء و يقال أيضا في بعض المناطق الجنوبية
حيث كانت البداية عن طريق السفارات الأجنبية ثم انتشرت دور السينما البدائية التي كانت عبارة عن فناء واسع و بعض الكراسي وشاشة للعرض السينمائي في بعض الأحياء و المدن كسينما "باب شريف" وسينما "أبو صفية"و سينما "حي الثغر- كيلو3 " في جدة و سينما نادي "عكاظ" الرياضي وسينما "الششة" في الطائف.
لم تكن تواجه هذه الدور أي معارضة آنذاك من المجتمع أو الحكومة ..
أما الانتاج السينمائي السعودي فبدأ بالفيلم السعودي "اغتيال مدينة" عام 1977من اخراج عبد الله المحيسن و يحكي عن دمار مدينة بيروت اثناء الحرب و حاز على جائزة "نيفرتيتي الذهبية" لأحسن فيلم قصير في مهرجان القاهرة السينمائي .
في فترة الثمانينات تم اغتيال السينما السعودية في اللحظة التي بدأت بالنهوض و الظهور ..و تم إقفال جميع دور العرض سواء الملحقة بالسفارات أو الشعبية المنتشرة في الأحياء . و أصبحت صناعة الأفلام من المنكر الذي يتعارض و تعاليم الإسلام ..حدث كل هذا في ظل الموجة الدينية المتشددة التي اجتاحت المملكة في الثمانينات و كانت غير موجهة بالشكل الصحيح وغير مدعمة بأصول سليمة و مدروسة .
و إلى اليوم و الحكومة السعودية لا تعترف بالمشاريع السينمائية و لا تدعم الأفلام السعودية و يرى غالبية السعوديين أن السينما ما هي إلا ترف اجتماعي أو تأثير سيء على ثوابت المجتمع و الدين !
صناعة السينما السعودية :
بالرغم من العوائق ألا أن المبدعون السعوديون أدهشوا النقاد بإبداعهم في ظل الظروف الغير مشجعة و كان التواجد السينمائي السعودي في المهرجانات الخليجية و العربية و المشاركة بالعديد من الأفلام الوثائقية و القصيرة و الطويلة تواجدا له ثقله بل أن السينمائيون السعوديون نالوا العديد من الجوائز و الإشادة من منظمي هذه المهرجانات.لكنها تبقى جهود فردية و خاصة .
في السنوات الأخيرة تكثفت جهود السينمائيين السعوديين و بدؤوا في إنتاج أعمال سينمائية غالبيتها وثائقية قصيرة و البعض شارك بأعمال طويلة ..
فقدمت هيفاء المنصور فيلم "من؟" عام 2003. يذكر أن هيفاء فازت بجوائز سينمائية عدة منها الخنجر الذهبي لأفضل فيلم وثائقي في مهرجان مسقط السينمائي
و قدم المبدع عبد الله ال عياف فيلمه «إطار» الذي فاز بجائزة لجنة التحكيم في مسابقة افلام من الامارات و قبله قدم الفيلم الوثائقي «السينما 500 كم»
اما المخرج سميرعارف، فقدم فيلم «طريقة صعبة» و «نسيج العنكبوت».
و ظهرت تجربة بدر الحمود في فيلم «حمامة حرب» و «بالونة»و «ابيض وابيض» و الفيلم التاريخي «بلا غمد».
أما محمد الباشا اخرج فيلم «عصافير الفردوس» «بقايا بوح» و«ملائكة بلا اجنحة»، فيما قدم عبد العزيز النجيم «النوتة» و«تمرد». وقدم نواف مهنا فيلم «مجرد يوم» الذي نال شهادة تقدير من مسابقة افلام من الامارات بالاضافة إلى فيلم «الدرس الرابع»
و قدم الكاتب السينمائي عبد المحسن الضبعان فيلما بعنوان «الباص» وهو أول فيلم سعودي قصير يعرض على الانترنت بشكل كامل
كما تم عرض بعض الأفلام السعودية خلال الأيام الثقافية السعودية بروسيا الاتحادية و هي «ليلة البدر»، و«عروس الآثار والجبال»، و«الديموقراطية»، و«تمرد»، و«طفلة السماء»، و«طريقة صعبة»، و«عودة الماضي»، و«طارق بن زياد» بكل من قاعة رولان السينمائية بموسكو، وقاعة المير السينمائية بقازان.
كما تم إنشاء أول مهرجان سينمائي سعودي عام 2006 وذلك بعنوان مهرجان جده للعروض المرئية وقام بتأسيسه المخرج السعودي ممدوح سالم .
و تم تأسيس "مسابقة أفلام السعودية" عام 2007 وهي التظاهرة السينمائية الأولى التي ترعاها وزارة الثقافة و الإعلام عن طريق جهتين تتبعان لها هما "جمعية الثقافة و الفنون بالدمام" و "نادي المنطقة الشرقية الأدبي بالدمام" .
موقف المجتمع من السينما :
يقول المؤلف الكبير خالد ربيع الذي ألف كتاب "الفانوس السحري: قراءات في السينما" و تحدث فيه عن التجربة السعودية " أنا أطمح إلى أن أرى الشباب السعودي لا يكتفي برؤية الفيلم السينمائي بل بالحديث عنه وبمعرفة الخلفيات عنه وعن أبطاله، ولهذا قدمت لهم كتابي".
لكن الكثيرون يظنون أن السينما ستبث أفكار وقيم مخالفة للإسلام و تدعو للتغريب و ما هي إلا دعوة للتحرر من الثوابت و القيم و دعوة للبعد عن الدين من الليبراليين
و يقول أحمد القايدي من موقع المسلم "تعد السينما من أكثر الوسائل التغريبية تأثيرا في المجتمعات الإسلامية لكونها تُعرض بغاية الترفيه والتسلية غالبا والعقل إذا تسلى واستمتع غاب ولم يحضر فيسهل عندها تمرير كثير من الأفكار والقيم في قوالب شتى: عاطفية وسلوكية وغيرها من القوالب التي تبرر فيها أفكار وأخلاق إن لم تكن كفراً كانت كبائر "
" وليسجل التاريخ بذلك أن هذا المجتمع المسلم يرفض هذه المظاهر ودخول السينما عليه كان وما زال مستوردا من خارج هذه البلاد المسلمة وهذا هو معنى كونها فرضت عليه بغير إرادته ورغبته والثقافة والفن كما يقول الليبراليون لا يُفرضان على احد!! "
السينما في السعودية قضية جدلية طويلة و شائكة بين مؤيد و معارض . و الخلط بين الانتاج السعودي و بين إمكانية توفير دور عرض للإنتاج العالمي ..
و في ظل احتدام الصراع السلفي المتشدد من جهة و الليبرالي من جهة , فقدنا الرؤية الصحيحة و الموضوعية للسينما , و أصبحت مجرد ساحة سجال بين هذين التيارين ..
قامت شركة روتانا بإصدار البيان الذي قال: “إن صاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن طلال، ماضٍ في تبني السينما السعودية على مستوى الإنتاج، وإيجاد دور عرض سينمائية لتسويق الأفلام السعودية في أرضها وبين جمهورها”.
فبدأ هذا العام عرض فيلم “مناحي” السينمائي من بطولة الممثل فايز المالكي و تعرض لمحاولات لإيقافه، واحتجاج مجموعات معارضة لفكرة السينما في المملكة و تمّ القبض على عدد من المعترضين، وتحويلهم للتحقيق.
و بالرغم من تدني مستوى ما قدمه المالكي إلا أن فكرة عرض الفيلم في مكان عام كانت خطوة جيدة و جريئة تحتسب لصالح السينما السعودية و تفتح باب تطور المشاريع السينمائية لدينا ..
بالإضافة إلى أنها بارقة أمل لعرض الإنتاج السينمائي العالمي في دور سينمائية سعودية , مع وضع قيود تناسب عادات و دين المجتمع ..
منع عرض السينما في السعودية
للأسف قبل أيام طالعتنا الصحف و المواقع الإلكترونية بأن صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية أصدر قراراً بتأكيد منع السينما في المملكة العربية السعودية السعودية وعدم إعطاء أي تصاريح لأي جهة كانت و قد صدر هذا القرار بناء على ما رفعه سماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية وما تقتضيه المصلحة العامة.
القرار غير منطقي و لا يوجد سبب مقنع لمنع إقامة العروض السينمائية ..فإذا كان السبب هو تحريم مايعرض .لماذا تُصدر التصاريح لمحلات الفيديو و تُباع الأفلام بمباركة وزارة الإعلام ؟
بالإضافة إلى أنها ستعرض في أماكن عامة و غير مختلطة و يمكن توجيهها بالشكل الصحيح و فرض قيود و ضوابط عليها ..
وفي خطوة مفاجئة أخرى أبلغت وزارة الداخلية السعودية منظمي مهرجان جدة السينمائي الرابع بقرار إلغاء ومنع تنظيم هذا المهرجان السينمائي السعودي في اللحظات الأخيرة قبل افتتاحه . وأوضحت المصادر أن النية كانت مبيتة لإصدار قرار المنع وأن تأخير صدوره إلى الليلة السابقة على ليلة الافتتاح يعني التمادي في معاقبة القائمين على المهرجان بتحميلهم نفقات مالية ناتجة عن استضافة المشاركين الذين لا يسع إدارة المهرجان إلا الاعتذار لهم والترتيب لإعادتهم إلى بلادهم في أقرب فرصة.
وكان مقررا أن يفتتح فيلم يمني عن خطر التطرف على المجتمع بعنوان "الرهان الخاسر" إخراج فيصل العلفي وبمشاركة 71 فيلم روائي وتسجيلي ورسوم متحركة إضافة إلى عرض 35 فيلما على هامش المهرجان بينها فيلم ياباني.
منقول/
اترك لكم التعليق