08-08-2009, 06:05 AM
|
|
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 2,607
معدل تقييم المستوى: 29508
|
|
الصحبة الصالحة و أثرها على العبد
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله أما بعد ، فيقول الله تعالى : (( الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍبَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ ))الزخرف:67
((وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُيلَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً. يوَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْأَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً. لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْجَآءَنِي))الفرقان:27- 29.
حذر الإسلام المسلمين من سوء اختيار الصحبة وبالذات رفقاء السوء، الذين يجاهرون بالمعاصي ويباشرون الفواحش دون أي وازع ديني ولا أخلاقي لما في صحبتهم من الداء، وما في مجالستهم من الوباء، وحث المسلم علىاختيار الصحبة الصالحة و الارتباط بأصدقاء الخير الذين إذا نسيت ذكروك، وإذا ذكرتأعانوك.
ومن الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها الصديق حتى يكون صديقاً صالحاً: الوفاء- الأمانة- الصدق- البذل- الثناء- والبعد عن ضد ذلك من الصفات. والصداقة إذالم تكن على الطاعة فإنها تنقلب يوم القيامة إلى عداوة، كما توضح الأيات والأحاديث. ((الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّالْمُتَّقِينَ(( [الزخرف:67 ((وَيَوْمَ يَعَضُّالظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ))الآية.
نزلت هاتين الآييتين الكريمتين في أميةبن خلف الجمحي، وعقبة بن أبي مُعَيْط، وذلك أن عقبة كان يجالس النبي صلى الله عليهوسلم، فقالت قريش: قد صبأ عقبة بن أبي معيط، فقال له أمية: وجهي من وجهك حرام إنلقيت محمداً ولم تتفل في وجهه، ففعل عقبة ذلك، فنذر النبي صلى الله عليه وسلم قتله،فقتله يوم بدر صبرا، وقتل أمية في المعركة. وقال ابن عباس في تفسيرها { الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ} يريد يوم القيامة.
{ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} أي أعداء، يعادي بعضهم بعضاًويلعن بعضهم بعضاً.
{ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ} فإنهمأخلاء في الدنيا والآخرة، نرجوا من الله أن نكون منهم.
وجاء عن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام أحاديث عديدة تحثُ المسلمين لاختيار الصحبة الصالحة ومنها:حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ اِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا اَبُو بُرْدَةَ بْنُعَبْدِ اللَّهِ، قَالَ سَمِعْتُ اَبَا بُرْدَةَ بْنَ اَبِي مُوسَى، عَنْ اَبِي هِـرضي الله عنه- قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم«مَثَلُ الجليس الصَّالِح و الجَليس السَّوْءِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْمِسْكِ، وَكِيرِ الْحَدَّادِ،لاَ يَعْدَمُكَ مِنْ صَاحِبِ الْمِسْكِ إِمَّا تَشْتَرِيهِ، أَوْ تَجِدُ رِيحَهُ،وَكِيرُ الْحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ أَوْ ثَوْبَكَ أَوْ تَجِدُ مِنْهُ رِيحاًخَبِيثَةً». متفق عليه،واللفظ للبخاري.
و حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ،وَأَبُو دَاوُدَ قَالاَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي مُوسَىبْنُ وَرْدَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليهوسلم«الرَّجُلُ عَلَى خَلِيله فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ» قَالَ الترمذي هَذَاحَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ و أبو داوود.
و صدق من قال:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه
فكل قرين بالمقـــــــارنيقتــــــــدي
و إن كانوا أصدقاء خير تأثر بأخلاقهم الحميدة وأعمالهمالمرضية لله عزوجل، وكانوا له عوناً على طاعة المولى عز وجل، و بينون له مواطنالعلل فيعمد إلى إصلاح نفسه، لأن هناك من يذكره بتقوى الله ويذكره بالموت وأجله،والقبر وظلمته والقيامة و أهوالها، والنار وعذابها والجنة و نعيمها.
وتخيل أخي المسلم كم من فائدة تجنيها من مجالسة الأخيار، و كم منمعصية وضرر يصيبك من مجالسة الأشرار. و أفضل ما يمكن ذكره هنا أن مجالسة الأخيارجالبة لمحبة الله كما في الحديث الذي رواه الأمام مالك في موطأه: َحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِيِّ،أَنَّهُ قَالَ دَخَلْتُ مَسْجِدَ دِمَشْقَ فَإِذَا فَتًى شَابٌّ بَرَّاقُ الثَّنَايَا وَإِذَا النَّاسُ مَعَهُ إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَسْنَدُواإِلَيْهِ وَصَدَرُوا عَنْ قَوْلِهِ فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَقِيلَ هَذَا مُعَاذُ بْنُجَبَلٍ . فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ هَجَّرْتُ فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي بِالتَّهْجِيرِ وَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي -قَال- فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى قَضَى صَلاَتَهُ ثُمَّ جِئْتُهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ قُلْتُ: وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ لِلَّهِ . فَقَالَ: آللَّهِ؟ فَقُلْتُ آللَّهِ .فَقَالَ آللَّهِ؟ فَقُلْتُ آللَّهِ . فَقَالَ آللَّهِ؟ فَقُلْتُ آللَّهِ .قَالَ فَأَخَذَ بِحُبْوَةِ رِدَائِي فَجَذَبَنِي إِلَيْهِ وَقَالَ: أَبْشِرْفَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ«قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَجَبَتْ مَحبِتي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ، وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ» .رواه مالك وصحح إسناده ابن عبد البر والمنذري والنووي.
واعلموا إخواني أنه من الفوائد الأخرى التي يجنيها المسلم في مجالسة الأخيار أيضاً، حصوله على بركتهمكما في الحديث الذي رواه الأمام مسلم: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَاوُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ«إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلاَئِكَةً سَيَّارَةً فُضْلاً يَتَبَّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِفَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ قَعَدُوا مَعَهُمْ وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَجْنِحَتِهِمْ حَتَّى يَمْلَئُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِالدُّنْيَا فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعِدُوا إِلَى السَّمَاءِ -قَالَ- فَيَسْأَلُهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ فَيَقُولُونَ جِئْنَا مِنْ عِنْدِ عِبَادٍ لَكَ فِي الأَرْضِ يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيُهَلِّلُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيَسْأَلُونَكَ, قَالَوَمَاذَا يَسْأَلُونِي قَالُوا يَسْأَلُونَكَ جَنَّتَكَ, قَالَ وَهَلْ رَأَوْاجَنَّتِي؟ قَالُوا لاَ أَىْ رَبِّ, قَالَ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قَالُواوَيَسْتَجِيرُونَكَ , قَالَ وَمِمَّ يَسْتَجِيرُونَنِي؟ قَالُوا مِنْ نَارِكَ يَارَبِّ, قَالَ وَهَلْ رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا لاَ, قَالَ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْانَارِي؟ قَالُوا وَيَسْتَغْفِرُونَكَ -قَالَ- فَيَقُولُ قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ فَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا -قَالَ- فَيَقُولُونَ رَبِّ فِيهِمْ فُلاَنٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَمَعَهُمْ، قَالَ فَيَقُولُ وَلَهُ غَفَرْتُ هُمُ الْقَوْمُ لاَ يَشْقَى بِهِمْ جليسهم» رواه مسلم .
وقد قالابن الجوزي: (( رفيق التقوى رفيق صادق، ورفيق المعاصي غادر، مهر الآخرة يسير، قلبٌ مخلص، ولسانٌ ذاكر، إذا شبت ولم تنتبه، فاعلم أنك سائر )).
وأنشدوا قولالشاعر:
تجنب قرين السوء واصرم حباله
فإن لم تجد عنه محيصاً فداره
وأحبب حبيب الصدق واحذر مراءه
تنل منه صفو الود ما لم تماره
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد و على آله وصحبه أجمعين .
لاتنسوني من خالص الدعاء
اخوكم الاسمري
|