الــعـــين
يقول ابن القيم في الزاد {هي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعين تصيبه تارة وتخطئه تارة}.
ويقول في كتابه بدائع الفوائد: العائن والحاسد يشتركان في شيء ويفترقان في شيء ،
فيشتركان في أن كل واحد منها تتكيف نفسه، وتتوجه نحو من يريد أذاه.
فالعائن : تتكيف نفسه عند مقابلة المعين ومعاينته.
والحاسد : يحصل له ذلك عند غيبة المحسود وحضوره أيضا.
ويفترقان في أن العائن قد يصيب من لا يحسده، من جماد أو حيوان أو زرع أو مال وإن كان لا يكاد ينفك من حسد صاحبه.
ويقول في كتابه الزاد الجزء الثالث: ونفس العائن لا يتوقف تأثيرها على الرؤية بل قد يكون العائن أعمى
فيوصف له الشيء فتؤثر نفسه فيه وإن لم يره، وكثير من العائنين يؤثرون في المعين بالوصف من غير رؤية.
الأدلة من القرآن الكريم على تأثير العين
قال تعالى:
﴿وَقَالَ يَبَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَآ أُغْنِى عَنكُم مِّنَ الله مِن شىءٍ
إِنِ الحُكْمُ إِلا ّلله عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُتَوَكِّلُونَ * وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم
مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ الله مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا ج
وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَهُ وَلَكِنَّ أكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ *﴾ سورة يوسف، الآيات:67-68.،
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير هاتين الآيتين:
يقول الله تعالى إخباراً عن يعقوب عليه السلام إنه أمر بنيه لما جهزهم مع أخيهم بنيامين إلى مصر
أن يدخلوا كلهم من باب واحد، وليدخلوا من أبواب متفرقة، فإنه كما قال ابن عباس
ومحمد بن كعب ومجاهد والضحّاك وقتادة والسُّدِّى وغير واحد: إنه خشي عليهم العين
وذلك أنهم كانوا ذوي جمالٍ وهيئة حسنة ومنظر وبهاء فخشي عليهم أن يصيبهم الناس بعيونهم،
فإن العين حق تستنزل الفارس عن فرسه.،
وقوله: ﴿وَمَآ أُغْنِى عَنكُم مِّنَ الله مِن شَيْءٍ﴾
أي أن هذا الإحتراز لا يرد قدر الله وقضاءه فإن الله إذا أراد شيئا لا يخالف ولا يمانع.
﴿وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ الله مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا ﴾
قالوا: هي دفع إصابة العين لهم.
قال تعالى: ﴿وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ﴾ سورة القلم، الآية:51.،
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما: "ليزلقونك" لينفذونك "بأبصارهم"
أي يعينونك بأبصارهم بمعنى يحسدونك لبغضهم إياك لولا وقاية الله لك وحمايته إليك منهم،
وفي هذه الآية دليل على أن العين إصابتها وتأثيرها حق بأمر الله عز وجل كما وردت بذلك الأحاديث المروية من طرق متعددة كثيرة.
الأدلة من السنة النبوية على تأثير العين
* عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ﴿قال رسول الله عليه وسلم "العين حق"﴾ رواه البخاري 203/10.
* وعن عائشة رضي الله عنها أن ﴿النبي صلى الله عليه وسلم قال: استعيدوا بالله من العين فإن العين حق﴾ رواه ابن ماجة 3508.
* وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: ﴿قال رسول الله عليه وسلم: العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين، وإذا استُغسلتم فاغتسلوا﴾ رواه مسلم في كتاب السلام باب الطب والرقى.، أي إذا طلِب من أحدكم أن يغتسل لأخيه المسلم لأنه أصابه بالعين فليلبِّ طلبه وليغتسل له.
* وعن أسماء بنت عُميس رضي الله عنها ﴿قالت: يا رسول الله إن بني جعفر تصيبهم العين أفأسترقي لهم؟ فقال: نعم فلو كان شيءٌ سابق القضاء لسبقته العين﴾. رواه أحمد والترميذي وقال حسن صحيح وصححه الألباني في صحيح الجامع.
* وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: ﴿قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن العين لتوقع بالرجل بإذن الله حتى يصعد حالقا فيتردى منه﴾ رواه أحمد وأبو يعلى وصححه الألباني في صحيح الجامع.، والمعنى أن العين تصيب الرجل فتؤثر فيه حتى إنه ليصعد مكانا مرتفعا ثم يسقط من أعلاه من أثر العين.
* وعن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: العين حق تستنزل الحالق﴾. رواه أحمد والطبراني والحاكم وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة.، أي تسقطه من الجبل العالي.
* وعن جابر رضي الله عنه قال: ﴿قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: العين تدخل الرجل القبْرَ، وتدخل الجمل القِدْر﴾ رواه أبو نُعيم في الحلية وحسنه الألباني في صحيح الجامع.، والمعنى أن العين تصيب الرجل فتقتله فيموت ويُدفن في القبر، وتصيب الجمل فيُشرف على الموت فيُذبح ويُطبخ في القدر.
* وعن جابر رضى الله عنه قال: ﴿قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالعين﴾. رواه البخاري في التاريخ وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
* وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ﴿كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني أن أسترقي من العين﴾. رواه البخاري ومسلم.
* وعن أنس ابن مالك رضي الله عنه قال: ﴿رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرقية من العين والحُمَة والنملة﴾. رواه مسلم في السلام.،
- الحُمَة: كل لدغة فيها سم كلدغة الحية والعقرب وغيرهما.
- النملة: قروح تخرج في الجنب.
* وعن أم سلمة رضي الله عنها ﴿أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجارية في بيتها رأى في وجهها سفعة
"بها نظرة، استرقوا لها"﴾.،
- سَفعَة: علامة من الشيطان، وقيل ضربة واحدة منه، أي بقعة سوداء أو صفراء في وجهها.
* وعن جابر رضي الله عنه قال: ﴿رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لآل حزم في رقية الحية وقال لأسماء بنت عُميس: "مالي أرى أجسام بني أخي ضارعة - نحيفة- يصيبهم الحاجة؟ قالت: لا ولكن العين تسرع إليهم، فقال: ارقهم، فعرضت عليه فقال: ارقهم﴾.
منقوووووووووووووووووول