08-06-2007, 11:38 PM
|
عضو متواصل
|
|
تاريخ التسجيل: Jan 2007
الدولة: اللي مثلي حظه متعبه وين ماكان ..
المشاركات: 76
معدل تقييم المستوى: 37
|
|
هذه قصتي مع البدوي في ذلك اليوم ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
اخواني اخواتي ان ماوصلنا اليه من حال يرثى لها لهو امر عظيم وامر يجب ان لايسكت عنه ... الفقير يزداد فقراً والغني يزداد غنى .. مما سبب تباعداً بين اطياف المجتمع وبالتالي هذا التباعد والفرق احدث لنا الطبقية والمحسوبيات وما الى ذلك ... نعم اننا نسير الى تطبيق قانون الغاب .. القوي يأكل الضعيف .. والقوي والمقتدر لايقدّر ولا يرى الضعيف ولا يمد له يد العون والمساعده ..
اخواني واخواتي .. اليوم سأروي لكم قصتي قبل يومين من كتابة هذا الموضوع
قصتي تبدأ ..
عندما ركبت السيارة قاصداً المحطة .. على الطريق لمحت ذلك الرجل الذي احرقته الشمس واعيته واخذ التعب منه كل ماخذ .. راكناً سيارته ( الداتسون 82 ) على جانب الطريق و كأنه يبحث في الأرض عن شيء في مرمى كانت البلدية تضع فيه الفائض من انقاض الطرق والبيوت المهدومة والمزارع .. استغربت ! ماذا يفعل في هذا الوقت ؟؟
فقلت في نفسي ( حسناً عند عودتي سأقف وأسأله ان كان محتاجاً للمساعده . ) !
عدت من المحطة القريبة .. وأوقفت سيارتي قريباً منه .
لكنه لم يعرني اي اهتمام .. فقد كان منهمكاً في (( جمع )) قطع حديد صديء من الأرض وتحت التراب ويسحب قطع اسلاك كهربائية ويبحث عن مسامير واشياء لا اعلم ماهي فقد كان صندوق سيارته المهترئة مليئاً من هذه الأشياء ..
ذهبت اليه واقتربت واذا انا ارى ذلك الرجل ابو..... ؟ وانا اعرفه تمام المعرفه .. فقد كان معروفاً لدي ولدى بعض اهل منطقتي قبل سنوات حيث انه بدوي كان يعيش في البر مع ( حلاله ) اغنامه .. قريباً من بلدتنا !
اقتربت منه وسلمت عليه ورد السلام ..
انت ابو فلان ؟؟
فقال نعم !
ووالله في تلك اللحظة رأيت في وجهه هموم الزمن .. وتعاسة لم اعهدها في وجه رجل من قبل !!!
رأيت ذلك الوجه الكالح الكادح ذلك الوجه المسوّد ..
الذي اعياه الزمن واحرقته الشمس... وذلك الجسد النحيل الذي نهشه الفقر .. !!
في تلك اللحظات لم استطع ان انطق بشيء .. وكادت ان تتملكني العبرة ..ولكن تغلبت على نفسي وسألته عن حاله وأحواله .. وأولاده ..
فجاوب علي في لكنة بدوية .. الحمد لله بصحة وعافية
وبالمثل هو سألني ..
وبعد الحاح ذهبت وأياه الى البيت ...
سألته يابو فلان ؟؟ خابرينك دايم بذاك المكان وش اللي جابك
وبعد هذا السؤال حدثني بمعاناته الطويلة ...قائلاً :
نعم كنت اعيش كبدوي انا ...
اما اولادي فقد استأجرت و اسكنتهم في تلك البلدة ليدرسوا ويتعلموا ..
تعرف الحياة في البرية قاسية .. وتحرم الابناء من التعلم
بدأت معاناتي .. والحمد لله على كل حال ( والكلام له )
بعد وفاة ابني الكبير في حادث سيارة ... الذي كان موظفاً باحد القطاعات العسكرية
وقد كنت معتمداً بعض الشيء على اغنامي .. ومساعدة ابني لي
فقد كان يساعدني في الصرف على اخوته واخواته الصغار والبيت ..
وبعد وفاته .. رحمه الله لم استطع ان اتحمل مصاريف البيت
فبدأت ابيع من هذه الأغنام واصرف على اولادي واصرف راتب الراعي
حتى تناقص عدد مالدي من أغنام وبعدها لم استطع حتى الصرف على هذه الغنيمات المتبقية
سافر الراعي بعد ان تنازل عن بعض رواتبه .. جزاه الله خيرا ..
ابتعت مابقي من غنيمات ... حاولت بشتى الطرق ان اوفر لأبنائي وبناتي كل
مايحتاجونه ..
حتى زوجتي مريضة بالسكر ويجب ان اوفر لها العلاج الدائم
ابتعت سيارتي ( الشاص ) حتى وصلت الى هذه العراوي 82
انتقلنا الى بيت رخيص الأجار ..
لم اجد عملاً .. فتعرف انا كبير بالعمر .. ولا يردونني
وكما ترى انا اجمع هذه الأشياء لأبيعها .. فهم يشترونها بوزنها
حتى اوفر لقمة العيش لأبنائي وبناتي والدواء لزوجتي
وبعدها رأيت في عيناه ...دمعة حائرة ...
وما لبثت الا وان سالت على لحيته
فما اشد تأثير هذه الدموع علي في تلك اللحظة !!
ولم لا ؟؟؟ انها دموع الرجال !!
فكم من دمعة اخفيت ..
في مجتمع كهذا ... مجتمع فاسد .. لاتتوفر في العدالة
مجتمع الفجوات الطبقية
والمحسوبيات والمصالح وعدم التكافل والتكافؤ
سنرى كثيرا ونسمع .. مثل هؤلاء
للأسف .. مسلمين بالأسم دون الأفعال
اللهم إنا نسألك ان تذل ا النفاق وأهله والكذابين والمفسدين
وتجعلنا من الدعاة إلى طاعتك والقادة إلى سبيلك
وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة
و لا حول ولا قوة الا بالله .
|