02-03-2010, 05:57 PM
|
Guest
|
|
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: الشرقية
المشاركات: 5,487
معدل تقييم المستوى: 0
|
|
خريجون يغسلون السيارات.. ورجال أمن يشتبهون في وضعهم
بسبب اختبار القدرات: خريجون يغسلون السيارات.. ورجال أمن يشتبهون في وضعهم وينقلونهم إلى المستشفيات للكشف عليهم
قياس العاطلين!
اتجه عدد من خريجي جامعة أم القرى لغسل ونظافة السيارات، تعبيرا عن تذمرهم من طول طوابير انتظارهم للحاق بركب المهنة ومخاوفهم من عدم دخول اختبارات القدرات المعروف بالقياس بسبب ضعف إمكانياتهم المادية، وذلك ما قالوا بأنه السبب الرئيس من أجل استيفائهم لرسومها بغية تجاوزها للظفر بالتعيين، الأمر الذي وصفه أحد الشباب الخريجين الممتهنين بالقرار القاسي.
وقد أصبح “القياس” يقيس الخريجين على حجم البطالة ويتسبب في إزهاق شهاداتهم وإضافتهم إلى بند البطالة بدلا من توظيفهم وإيجاد الموقع المناسب لمؤهلاتهم وقدراتهم، وذلك ما جعل بعض خريجي بعض الجامعات يرون أن الاختبار حرمهم العمل وكتب على شهادات عدم الفائدة منها.
تحوّل لفتاة!
يقول “مازن . م . خ” إنه مضى على تخرجه أكثر من أربع سنوات ذلك أمام تحديات صعبة أيسرها علقم، إذ كيف سيؤمِّن مبلغ 1900 ريال حتى يتمكن من اجتياز اختبار قدرات القياس ونيل الدرجة المستحقة للقياس، لافتا إلى أن رسوم الاختبار تبلغ 200 ريال، وفي المقابل هناك دورة مهمة تم الإعلان عنها قيل إنها ستكفل للقائمين عليها بتهيئة المتقدمين للقياس علميا وأكاديميا ليجتازوها للتعيين مباشرة مقابل رسم مادي يبلغ 1700 ريال.
ويضيف الخريج “أحمد. ك. ق”: “سئمت مما أنا عليه طوال ثلاث سنوات وأنا في حكم المهمش حتى من عائلتي التي أتذكر كيف كانت فرحتهم بتخرجي، ولكن ما إن اكتشفوا أن تخرجي لم يكن سوى حبر على ورق، وبأنني سأبقى عالة عليهم حتى تغيرت نظرتهم إليّ، وكنت كثيرا ما أتلقى صنوفا من العبارات والتشبيهات المعنفة من قبل والدي كلما مددت يدي إليه طالبا منه ما أسد به حاجتي حتى إنه ذات يوم طرح عليَّ فكرة تدور بمخيلته وهي أنه يتمنى لو أنني أوافقه على إجراء عملية تحويل جنسي بزعمه أن الفتاة من شأن والدها تزويجها والارتياح من متطلباتها وما يتبعها”.
حظ عاثر
بينما يؤكد خريج آخر أنه سبق وبعد تخرجه من الجامعة أن التحق بمدرسة أهلية كمعلم، ويقول: “طوال فترة التحاقي بها كنت أقوم مع زملائي المعلمين بغسل المدرسة وطلابها المستجدين ممن يقومون بالاتساخ بأنفسهم، على الرغم من تأخر تلك المدارس بصرف الرواتب التي تصل في بعض الحالات لثلاثة أو أربعة أشهر”، مبينا أنه لا يرى في غسيله لمركبات المارة من مواطنين ومقيمين أي مستجد، بل يؤكد أنه في قمة فرحته فهو بهذا استطاع غسل تلك الشهادة من قرارة نفسه، وأنه أيقن أنها لا تقدم ولا تؤخر.
ويقول الخريج “حسن . ب” إنه مضى على تخرجه أربع سنوات ووالده متوفى، وأنه سبق وتقدم لاختبارات قدرات سابقة واجتازها، وكان موعودا بالتعيين لكنه فوجئ بأن الاختبارات المقررة في الـ 28 من الشهر الجاري لم تستثن أحدا، ومع ظروفه المعيشية الصعبة لم يجد من وسيلة سوى امتهان غسل المركبات، نافيا أن يكون ذلك من باب لي الذراع أو الاستخفاف، لكنه شدد على أن حظه العاثر قذف به لدراسة تخصص اللغة العربية، ومن ثم التخرج منها ليجد نفسه ضمن صفوف العاطلين على حد تعبيره.
ويشير إلى أن عددا من دوريات الأمن وأثناء مرورها بهم ترجل عناصرها متسائلين عن وضعيتهم خاصة بعد مشاهدتهم لهم وهم منهمكون في غسل سيارات المارة، قبل أن يتم اقتيادنا لأحد المستشفيات ظنا منهم أننا في حالة غير طبيعية أو مرضى نفسيين، لكن بعد أن عرفوا بمعاناتنا قام بعضهم بالتكفل لبعضنا بدفع قيمة اختبار القدرات، واصفا ذلك بأنه ليس بغريب على رجال الأمن من دماثة خلق وإحساس بالمسؤولية.
اتساخ
ويعزو الخريج “هاني . غ” ما وصل إليه من الفاقة للمادة التي لم يجد معها خيارا سوى الانضمام مع زملائه الخريجين الذين يغسلون السيارات، ويهدون ذلك لوزارة التعليم العالي وجامعتهم التي تخرجوا منها ببكالوريوس لغة عربية وأيضا لوزارة التربية والتعليم.
ويضيف أنه لم تعد تلك الدرجة العلمية تعنيه بشيء، بل يتمنى أن تتاح له فرصة العمل على ذات الوتيرة الراهنة بغسل السيارات بالدولار لما عليه من التصاعدية بحسب طموحه.
ويقول أحد الخريجين: “في البداية واجهتنا بعض الصعوبات من قبل الجهات الأمنية، لكن بعد اطلاعهم على حجم معاناتنا لمسنا منهم تعاطفا معنا حتى إن بعضهم عرض إعانتنا بالتكفل بمصاريف اختبار قدرات القياس ومصاريف الدورة التأهيلية، مشيرا إلى أن ما وصل اليه وزملاؤه ما كان ليحدث لولا هذا القياس الذي أسماه بالاتساخ.
ليس شأننا
يرى وكيل جامعة أم القرى الدكتور هاشم حريري أن العمل ليس عيبا لكنه اتهم مثل تلك التصرفات التي اتخذها بعض الخريجين عبر امتهانهم غسل السيارات بأنه بهدف لي ذراع المعنيين بالأمر، ويضيف أن الجامعة لن تتأثر بذلك فهي واثقة كل الثقة بأنها ماضية في تخريج أبناء وبنات الوطن وهذا ما تسعى إليه، أما فيما يتعلق بالوظائف فهي من مسؤولية جهات ذات علاقة وذلك ما يستوجب عليها التحرك حيال ذلك الأمر.
وفيما يتعلق باختبار القدرات، يقول إن ذلك من شأن وزارة التربية والتعليم وحدها.
ويخالفه في ذلك رجل الأعمال الشيخ الشريف منصور أبو رياش الذي لم يستثن أي جهة من تحميلها ما وصلت إليه معدلات البطالة بين مراحل الشباب، ويشير إلى أنه تمنى قبل اختبار القدرات أن تختبر الجهات المعنية مقدرتها حيال قيامها بما هو موكل ومأمول منها من عدمه، موضحا أن بلوغ بعض أبناء المجتمع لمستوى غسيل سيارات المارة ببلد غني فاجعة بحد ذاتها.
ويضيف: “أحمل مسؤولية تبعات ذلك لوزارات التعليم العالي والتخطيط والعمل، وأدعوها لإعادة تأهيل نفسها ومن ثم البحث عما تقدمه إيجابا لصالح أبنائنا وبناتنا، فالبطالة باتت سمة من سمات هذا المجتمع على الرغم من استحداث القيادة مجالات إنمائية مختلفة، وهو ما يؤكد أن الوزارات الثلاث تحتاج إلى التهيئة قبل قيامها بتهيئة الأبناء”، معللا حكمه ذلك بالمرسوم القاضي بتأنيث محال بيع احتياجات ومستلزمات النساء والذي قال إن وزارة العمل لهت عنه كثيرا عبر انشغالها بالتأشيرات ونقل الكفالات وغيرها.
جرس إنذار
ويدعو الدكتور أحمد الخروبي مدير مستشفى الملك فيصل بمكة المكرمة إلى ضرورة التحرك العاجل ويقول إن مثل هذه الأعمال تنجم عنها تبعات نفسية على هذه الفئة، ولأنه لا يخفى على أيٌ منا بأن مثل تلك النهايات لشبابنا قد تعرض بعضهم ليكونوا لقمة سائغة أمام ذوي نشر السموم والفكر الضال وكل من يحمل في نفسه الكراهية والحسد على هذا المجتمع.
وشدد الخروبي على أن غسل المركبات بمثابة جرس إنذار لا يستوجب معه إلقاء كل جهة المسؤولية على الأخرى وإنما بالتضافر والخروج بما يكفل لأبنائنا وبناتنا إعادة الثقة بأنفسهم ومن ثم تهيئتهم للحاق بالعمل بحسب تخصصاتهم، وتفتيت العراقيل والصعوبات التي قد تواجههم بدلا من خلق ما يزيد الأمور تعقيدا ويسهم في رفع مساوئها.
بينما اكتفى المحامي الدكتور سلطان علي الحارثي بالقول: “لا أستطيع تجميع مداخلاتي حيال هذه الواقعة التي نعيشها والتي فاضت بسببها الأسر من خلفياتها، والتي لا تزال أكثريتها تعيشها لكنني أكتفي بقولي إنه لمن المؤسف أن نرى ثروة هذا الوطن ومن صرفت من أجلهم الدولة الكثير يصل به المقام حد تعريض نفسه للسخرية والدونية وبكل إذلال لغسل المركبات”.
وناشد الحارثي وسائل الإعلام بتحمل تبعات ذلك جنبا إلى جنب مع القطاعات المسؤولة عما بلغ به المقام من ترد ومخاوف حيال مستقبل لبنة وطن بأسره، متسائلا: كيف سيكون القادم؟
اللحيدان: هناك وسائل أخرى تغني عن القياس
يقول الشيخ صالح بن سعد اللحيدان المستشار القضائي والعلمي للجمعية العالمية للطب النفسي بدول الخليج والشرق الأوسط إن من حق الخريجين الشباب الخوف على مستقبلهم، مشيرا إلى أنه استقبل عددا من خريجين توحدت معاناتهم جميعهم حيال ما يسمى بالقياس.
ويضيف اللحيدان “إنه ومع هذه الإلزامية وبحسب ما ثبت عن سوء اقتصاديات كثير من الخريجين فإن ذلك يضعهم في مواضع غير سوية، وأخرى غير ملائمة، وهو ما جعلني أتخيل أن بعض المدارس الأهلية والمعاهد التجارية ومعاهد الحاسب الآلي قد تسهم في مثل هذه المشكلات، وذلك ما يفتح الباب على مصراعيه أمام لخبطة القياس العلمي الدقيق الذي تتطلبه الدولة في مرحلتي التجديد الذهني والعقلي حتى يتخرجوا وقد امتلأت عقولهم وأفكارهم بالحقائق العلمية المتواصلة”.
ويشير إلى أن هناك وسائل أخرى قد تغني تماما عن مراحل القياس وذلك ما تنهجه دول حضارية من خلال إنشاء ملفات للطلاب منذ دخولهم المرحلة الثانوية وحتى سنة تخرجهم تحوي مشوارهم التعليمي بكل ما فيه من المدونات سواء الفكرية أو العقلية أو الذهنية وحتى النفسية، ومقدار الذكاء والنبوغ من عدمهما وبالنقاط الدقيقة، مبينا أن ذلك من الناحية الحضارية أشد نفعا وأقوم تحصيلا، ويمكن كافة الجهات من الاطلاع على نشاطات كل طالب على حدة وهو كفيل بالتقييم الفعلي العلمي الصحيح، وهو متداول وناجح، مؤكدا أن هذه الطرق الفعلية التي تنهجها الدول المتقدمة هي من الأثر الإسلامي؛ حيث بدأ العمل بها في عهد الرشيد وكذلك نقله الأمين والمأمون في دار الحكمة ببغداد، وأيضا كلف عمر بن عبدالعزيز أبا حازم بالكتابة للعلماء في الأرض، كما نهجها ابن القيم الجوزية في كتابه الذائع الصيت.
الزايدي: على المسؤولين النزول إلى أبنائنا
يقول الشيخ سليمان الزايدي عضو مجلس الشورى إنه من الواجب محاسبة المسؤول لنفسه قبل أن يُحاسب، مشددا على أن هناك أكثر من مسؤول يمثلون جهات مختصة لا بد من تفعيل أدوارهم بما يخدم ثروة هذا الوطن، وهم أبناؤه وبناته الذين لم تألُ القيادة في توفير جميع ما تتطلبه رعايتهم والاهتمام بهم من أجل مواصلتهم النهوض بوطنهم. ويلفت الزايدي إلى أنه يشد من أزر كل شاب وشابة لم تسنح لهم فرص الوظائف واتجهوا إلى العمل الشريف أيا كان نوعه وطبيعته وإن لم يتوافق مع مؤهلاتهم وطموحاتهم لكنهم بذلك أثبتوا نقاء سريرتهم وعزمهم على العمل والكسب الحلال والاقتتات من عرق جبينهم، مشيرا إلى أن الجامعات ترى أن واجباتها تقتصر على التعليم وليس التعيين؛ وهو ما يضعها في تناقض واضح أمام شرائح المجتمع؛ كونها تستطيع من خلال أدوارها توجيه الشباب إلى التخصصات التي يحتاج إليها الوطن ومجتمعهم وتسخيرهم لها وإعطاءهم جرعاتها الأكاديمية لتخريجهم أعضاء نافعين يتسابقون في ميادين العمل المختلفة، بعكس ما عليه الوضع الراهن بتسليمهم وثائق تخرجهم ليصطدموا بالواقع المُر، في ظل صمت المعنيين وتباطئهم في اتخاذ القرارات الكفيلة بإيجاد العلاجات المناسبة التي وجب التحرك لأجلها.
ويعمد الزايدي إلى تشريح أوضاع الخريجين في ظل رفض سوق العمل كثيرا منهم؛ عطفا على قصور دور الجامعات في توجيههم، قائلا: “أسفت أشد الأسف حالما تابعت كغيري عبر إحدى القنوات الفضائية شابا من دول الجوار أظهرته تلك القناة بصورته الراهنة، آنذاك، وهو يمتهن تنظيف الشوارع على الرغم من حمله درجة البكالوريوس في علم الآثار، وكان لذلك المشهد أثره في نفس المسؤول المباشر الذي لم يلتزم الجلوس على مكتبه والتنعم، بل نزل إلى الشارع والتقى الشاب بنفسه، ومن ثم تابع شخصيا معاناته حتى وجد عملا بالتخصص ذاته الذي يحمله”.
ويضيف: “المسطحات الأرضية لوطننا تنتظر ما نحن متعطشون إليه بنزول مسؤول إلى حيث الأبناء، لا أن ينتظر ليأتوه حيث يقبع”.
|