27-07-2007, 05:35 AM
|
|
عضو سوبر
|
|
تاريخ التسجيل: May 2007
المشاركات: 438
معدل تقييم المستوى: 36
|
|
مـنـدوب الـوزارة
يكتبها: د. فهيد الحماد
نمشي على كف القدر ولا ندري عن المكتوب .. عبارة كانت منقوشة على سيارتنا .. قرأتها وحفظتها وأنا صغير .. وكان بجوارها عبارة منقوشة .. القلب يعشق كل جميل .. أنا تهمني بالدرجة الأولى العبارة الأولى .. نمشي ونركض في هالدنيا .. مرّة تجي الأمور على كيفنا .. ومرّة ما تجي على كيفنا .. قصتي اليوم فيها معنى العبارة الأولى .. وهي بالشكل التالي ..
ركبت الطائرة إلى إحدى مدننا الحبيبة .. لي معاملة في إحدى الإدارات الحكومية .. لازم أنجزها .. بجواري جلس رجل طيّب .. لمّا ربطنا الأحزمة .. قبل الإقلاع .. أخرج قارورة طيب صغيرة .. وأخرج ميلها .. وبدأ يدهن يدي .. وصوابري .. وكان يعطيني التعليمات .. « اعرك يدك بحلقك وصدغك .. واعرك بها شواربك .. كذا ...» .. وبدأ يمسك يدي ويعركها بشواربي وبحلقي .. يقول لي « أرخ يدك .. لا تكربها أو تشدها ...» .. قلت له « جزاك الله ألف خير .. تر هاذا معنى حديث الرسول اللهم صلى وسلم عليه .. الجالس عند الرجل الطيّب كالجالس عند حامل الطيب ... » .. بدأنا نسولف .. وسألني عن سبب رحلتي .. قلت له « والله يا بن الحلال عندي معاملة .. ما حصل تنتهي .. لها أكثر من سنة .. كل بعد فترة آخذ إجازة يومين أو ثلاثة أو أسبوع .. بلشت ...» .. سألني عن معاملتي وعند مين .. أخبرته .. قال لي « يا عزيزي .. عندي لك نصيحة .. تجعل معاملتك تنتهي في ساعة .. إذا نزلنا في المطار رح مباشرة للسوق واشتر أحسن بشت .. واسكب وشخّص .. واستاجر سيارة فخمة .. ورح للإدارة .. ومباشرة للمدير .. قل له إنها معاملة شخص ثاني .. وإنك جاي تفزع له ... » .. أعطاني تعليمات كثيرة .. في البداية ما هضمتها .. لكن لمّا نزلنا في المطار وسلمت عليه أودعه .. وراح .. وصرت لحالي .. جازت لي تعاليمه .. واقتنعت فيها .. رحت للسوق واشتريت بشت .. الحقيقة اشتريت ملابس كاملة جديدة .. ورجعت للفندق .. دخلت الحمّام وجلست فيه ثلاث ساعات .. حلقت ثلاث مرّات .. وثلاث صابونات .. وثلاث كريمات .. ومعي عطر من أفخم العطور .. وركزت بالبشت مشيت قدّام المراية .. رايح جاي .. تمثلت المدير .. وسلمت عليه وجلست وصرت أتكلّم معه قدّام المراية .. البروفة كانت رائعة .. السيارة الفخمة الفارهة .. بسائقها عند باب الفندق تنتظرني .. والله لو يدري بي هارون الرشيد .. رحمه الله .. إن تشيله الغيرة من قبره .. لو أدخل على أمير جزر القمر بشياكتي هاذي إن يعطيني نصف جزر القمر .. قبل ما أشرب القهوة عنده .. الفندق وأهل الفندق لمّا طلعت عليهم .. وأنا واثق الخطوة أمشي ملكا .. اختبطوا و احتاروا .. و تغيّر كل برنامجهم .. حتى إني ما رحت للاستعلامات .. بس رفعت المفتاح وأنا أمشي .. فجاءني خمسة يركضون .. وانحنوا قدّامي وأخذوا المفتاح .. قلت في نفسي .. إن شاء الله هاذي علامة خير .. معاملتي اللي غثتني سنة .. تنحل اليوم .. ان شاءالله .. ركبت السيارة وأنا في السيارة اكتشفت أني نسيت أشتري شرّابات .. شرّابي مشقوق .. فيه شقيق صغيّر على رأس الصبع الكبيرة .. وإذا جاء وقت الصلاة وقالوا لنا صلّوا يا جماعة .. أبي أقول لهم أنا أجمع .. أنا مسافر ..
دخلت الإدارة .. ورحت مباشرة أسأل عن المدير .. فأحسست أنه حصل ارتباك .. ارتباك قبل ما أدخل عند المدير .. المدير جاني يركض وأنا أمشي مع بعض الموظفين .. « يا أهلا وسهلا .. يا أهلا وسهلا .. شرفتنا .. » .. صافحني وبوّسني .. ومسك يدي .. تفضّل .. جلسنا في مكتبه .. تقهوينا .. قلت له « أنا جاي أشوف معاملة أبو هايس .. هاذا إنسان مسكين .. وأنتم عطلتوها سنة .. أنجزوها .. ما فيه داعي لتعطيلها ...إنتم « .. قاطعني .. » حنّا طال عمرك دقيقين في التقيد بالأنظمة .. ومعاملة أبو هايس اعتبرها جاهزة .. كانت عند موظف متكاسل .. أبشرك عاقبته .. هي جاهزة وسنرسلها للرياض .. ما يحتاج يجي ... والله طال عمرك إني ما أنام الليل إذا ذكرت إنه فيه معاملة متعطلة بدون داعي .. هاذي حقوق المواطنين ...» .. سألته عن العمل .. من باب أني أخلق موضوع للكلام .. فارتبك وبدأ يشرح لي .. ثم أخذني يطلعني على أقسام الإدارة .. وكان جميع الموظفين يستقبلوني بحفاوة .. وشرح لتفانيهم وخدمتهم للمواطن والوطن .. أخذوني وعزموني على الغداء .. غداء فاخر .. وقال لي المدير « هاذا مو حقك طال عمرك .. الليلة عازمينكم على العشاء .. » .. رحنا في المساء إلى استراحة ما أقدر أصف جمالها .. من أجمل الحدائق اللي شفتها في حياتي .. حتى الطيور .. عمركم شفتوا طيور تزقزق وتغرد وتغني في الليل ؟ .. طيور الدنيا كلّها تنام في الليل .. إلا طيور هالأستراحة .. من جلستنا وهي تزقزق علينا .. أطربتنا بزقزقتها .. كان عازم كل المسؤولين .. مدير البلدية والزراعة والأحوال وما إلى ذلك .. بعد العشاء قالوا لي « تبيها مختصرة طال عمرك ؟» .. قلت «لا والله .. أنا عندي أوراق لازم أدقق فيها الليلة .. ودّي أسهر عليها ..» .. قال المدير « تبي أحد يساعدك طال عمرك ؟ « .. قلت « لا .. مشكور .. هاذي أوراق حساسة» .. فطار عقله .. في التالي .. رحنا أنا والمدير .. رحنا نتمشى في المدينة .. قال لي « شف طال عمرك أنا كلمت مدير البلدية .. عشان يكتب لكم طال عمرك هالأرض .. هاذي أرض أحسن أرض في المدينة .. ومساحتها خمسين ألف متر مربّع .. تجارية وسكنية .. تجيب لك طال عمرك إلى سبعين مليون .. وطلبتهم أيضا يكتبون لك أرض على الطريق الجديد .. طولها كيلو وعرضها نص كيلو .. في أحسن موقع ... «..شكرته وأنا ما أدري هو يمزح وإلا صادق ..
رحت للإدارات المعنية البلدية والزراعة وأخذت الصكوك .. قال لي المدير « شف طال عمرك فيه رجّال عنده بنت مزيونة .. نبي نروح أنا وإياك وأخطبها لك .. تتزوجها وتخليها هنا .. على الأقل تجيبك عندنا طال عمرك حتى نسعد بشوفتك» .. وافقت .. وش أسوّي .. إذا وافقك الخير وافقه .. عاد وش يدريها أم هايس .. أعرست .. عرس ما صار .. ما أدري أنا بعلم وإلا بحلم .. أراضي .. وعرس .. ومعاملتي خلصت .. يا زين الأمور إذا تسنّعت وزان مجراها .. مثل المطر ..
رجعت للرياض مودعا بحفاوة كما استقبلوني بحفاوة .. ما أدري وش القصة .. اكتشفت في النهاية أنهم كانوا ينتظرون مندوب الوزارة .. مندوب سرّي .. سيقوم بالتفتيش على الإدارة اللي أكلها الفساد .. المدير زامط وبالع كم مليون .. ومعه ناس .. والوزارة ودّها تتحقق من الموضوع .. كانوا يحسبوني مندوب الوزارة ..
المشكلة أن المدير عرف .. ومرسل ناس طالب منهم يخطفوني ويجيبوني عنده يقول « والله إني أعلّقه في شجرة طلح .. وأترك الطيور تأكله» .. صرت حتى الصلاة أصلّي بالبيت .. لابد في البيت .. ما أدري وش ذنبي .. أنا لا غصبتهم الحمدلله .. ولا طلبت شيء منهم .. الله يهديهم .. أنا حاط الصكوك تحت وسادتي .. والله ما ترجع لهم ..
|