12-08-2007, 08:17 AM
|
عضو جديد
|
|
تاريخ التسجيل: Jul 2007
المشاركات: 32
معدل تقييم المستوى: 36
|
|
قصة فتاة سعودية مع البحث عن وظيفة
مها فهد الحجيلان
قصة فتاة سعودية مع البحث عن وظيفة الحديث عن الوظيفة ومشاكل التوظيف والبطالة أصبح أمرا نقرأ عنه بشكل ربما أكثر مما يمكن لنا أن نتذكر. فهناك آلاف الخريجات اللاتي مازلن يقرأن الصحف كل صباح بحثا عن فرصة لوظيفة ولو براتب متواضع، ولكن لا يجدن أمامهن سوى خيبة الأمل. البعض يبحث عن الخروج من روتين المنزل والانخراط في حياة اجتماعية صحية والأخريات ربما بحاجة إلى راتب آخر الشهر بسبب ظروف المعيشة الصعبة. وبين هذا الطرف وذاك مازلت آمال الكثير من الشباب والشابات تتبخر بعد كل محاولة فاشلة للتقديم على وظيفة.
وفي الحقيقة لا يخلو بيت من قصة فتاة أو شاب حاول ومازال يحاول أن يجد وظيفة، فقد اتصلت بي خريجة جامعية تحكي معاناتها مع البحث عن وظيفة دون جدوى. تكلمت معي عن أسرتها المكونة من إخوة لها وأخوات جميعهم لم يجدوا وظائف حتى الآن، وجميعهم يعيشون على راتب والدهم المتقاعد الذي لا يتجاوز تقريبا ثلاثة آلاف ريال سعودي. ومع مصاريف العناية الصحية بوالدهم المريض أصبح حالهم مأساويا يفيض ألما، خصوصا أن هذه الفتاة وإخوتها يبحثون منذ سنوات عن أي وظيفة حتى وإن كانت دون مستواهم التعليمي إلا أنهم مازالوا يتجرعون الخيبة تلو الأخرى. وفي الحقيقة رغم أني أعرف أن قصة هذه الفتاة مكررة بشكل موجع إلا أن هذه المرة قصتنا لها وجه يمكن أن نتعرف عليه وشخصية نتلمسها بوضوح.
وهنا بودي أن أطرح تساؤلات منطقية بعيدة عن العاطفة، فعلى سبيل المثال: هل يعقل في بلد غني وطموح مثل بلدنا أن نجد خريجين وخريجات جامعة يبحثون عن أي وظيفة في أي مرفق حكومي أو خاص وتقفل الأبواب في وجوههم؛ وفي المقابل نرى الكثير من الوافدين لا يجهدهم الحصول على وظيفة برواتب معقولة؟ وإن سلمنا أن تخصص البعض مثلا غير مطلوب بشكل ملح من وزارة التربية؛ فأين الفرص الأخرى خصوصا أن الكثير من الشباب والشابات الذين يعيشون في ظروف حياة صعبة تغلب عليهم الجدية في العمل والرغبة الصادقة فيه، فلماذا لا نعطيهم فرصة؟ لا أتوقع أنه يمكن أن نقبل وضعا مثل هذا، ولا أظن أن الوظائف عدمت وأقفلت فرص التوظيف في وجه بنات وأولاد البلد بهذا الشكل المرعب وعلى مدى سنوات.
كنت في نقاش حول موضوع البطالة مع إحدى السيدات وقالت إن من أهم الأسباب في عدم إيجاد وظيفة كثرة عدد السكان وإن الحل الأمثل هو في تحديد النسل ومحاولة غرس الإبداع وحب التميز والتنوع لدى الصغار حتى لا يكبروا ويذهبوا جميعا لكلية التربية، وكأنه لا توجد غيرها من كليات وليس هناك مجالات أخرى تحتاج لموظفين وموظفات. وبصراحة أجد نفسي أتفق معها إلى نصف الطريق لأن هناك كثيرا من دول العالم الأول ممن يزيد عدد سكانهم بملايين كثيرة عن الأعداد لدينا، ومع هذا توجد فرص وظيفية بشكل كبير وفي كل مجال تقريبا، فما المشكلة؟ قد يكون جزء من السبب يكمن في الاعتماد الزائد عن الحد على العمالة الوافدة والتي مع مرور الوقت وزيادة خبرتهم في سياسات البلد تزيد هيمنتهم حتى على المواطنين، فكم سعودي أو سعودية يعملون تحت رئاسة أجنبي وهو ربما لا يزيد عليهم مهنيا بشيء يستحق الذكر، بل إن هناك شباباً سعودياً مؤهلاً يتحكم في فرص توظيفهم أجانب وافدون، وهنا قد يدخل الكثير من المشكلات خصوصا أن بعض هؤلاء الأجانب لديه أجندة لها علاقة بثقافتنا أو بخبرة سيئة خاصة به أو برؤية معينة يجد أنه يستطيع أن يحققها في منع توظيف سعوديين في سبيل إتاحة الفرصة لغيرهم من الجنسيات الأخرى.
وربما جزء من السبب يتحمله الشباب السعودي نفسه، أذكر أن أحد المديرين اشتكى من تقاعس الموظف السعودي وتكاسله عن العمل وأنه أصبح على يقين أن السعودي الجاد ليس إلا عملة نادرة، وقال إنه لاحظ أن السعودي يعطي العمل كل ما لديه حتى يتزوج ثم يحصل في شخصيته شيء غير مفهوم يحوله من شاب جاد إلى إنسان متذمر. وإن صح هذا الكلام فإنه يجب أن نراجع أنفسنا كثيرا ونفهم ما هي ثقافة العمل لدينا؟ هل هو وسيلة للنمو النفسي والمادي أم هو مجرد وسيلة شرعية لقبض كمية من المال آخر الشهر أم ضرورة يجب أن نبحث عنها لنعيش أم ماذا بالضبط؟ ثم في الحقيقة ينتابني شيء من الفضول حول معرفة العلاقة بين الزواج وانخفاض إنتاجية العمل؟ أفهم كيف يكون هذا إن كنا نتحدث عن موظفة مثلا، لكن هل يعقل أن يكون هذا أمرا واردا كذلك بين صفوف الرجال؟ أترك الفكرة والإجابة لكم.
وما يمكن قوله هو أن مشكلة البطالة أكبر من كونها مشكلة ذات جذر واحد لأنه يبدو أن هناك خللا ما إما في ثقافة الناس أو في نظام التوظيف وربما في كليهما. وعلى أية حال يسقط ضحية لمثل هذه الصدف المحزنة أمثال هذه الفتاة وعائلتها، فهي تتحدث عن أخيها وخبرته في الكمبيوتر وكيف أنه يحاول جاهدا أن يجد وظيفة دون جدوى، وربما يمكن لنا أن نتخيل العار الذي يشعر به هذا الشاب وغيره وهو يعيش على راتب والده المتقاعد.
لا أعرف ما هي ردة فعل وزارة العمل ووزارة التربية وهما تسمعان وتقرآن وتعرفان عن قصص واقعية تحكي آلام خريجين وخريجات مازالوا ينتظرون التوظيف منذ سنوات ولم يلتفت لهم أحد في مقابل التعاقد مع آلاف المعلمين والمعلمات من الخارج. وعلى كل حال؛ فقصة شح الوظائف صارت مشكلة ربما تطرق باب كل عائلة سعودية، وحينما كتبت عن معاناة تلك الفتاة وأسرتها إنما أحاول بذلك أن أذكر البعض بمرارة الحاجة وأتمنى بالفعل ممن يقدر على مساعدة هذه العائلة ليس فقط بالتبرعات الخيرية بل بالوظيفة أن يفعل ذلك، فهذه الخطوة الجميلة هي عمل خير إيجابي يجد ثمرته في نفسه وأهل بيته وهو أيضا غرس رطب يزهر نفعا ومصلحة على أبناء هذا الوطن.
* كاتبة سعودية
|