03-09-2007, 08:32 PM
|
Banned
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2006
المشاركات: 58
معدل تقييم المستوى: 0
|
|
اطمئنوا .. الأسعار سترتفع
حمد الباهلي - اطمئنوا .. الأسعار سترتفع !
الإثنين 27-08-2007 05:17 مساء اطمئنوا .. الأسعار سترتفع
ا:
:: اطمئنوا .. الأسعار سترتفع
حمد الباهلي
بالرغم من استفزازية عنوان هذا المقال إلا أنه يمثل لسوء الحظ الاتجاه الواقعي لحركة الأسعار وتحديداً أسعار السلع الاستهلاكية التي تثير في هذه الأيام موجة من الاستياء والتذمر كما عكستها كافة وسائل الإعلام المحلية . معظم وسائل إعلامنا « اكتشفت « جشع التجار ومحدودية دور الجهات التنفيذية في الحكومة . وزير التجارة وبصفته المسئول الأول لإعطاء أجوبة شافية على تساؤلات الناس عن المصيبة التي حلت بهم فجأة ، نصح الناس بالبحث عن بدائل لتلك المواد التي زادت أسعارها . ماذا على الوزير أن يقول وهو يدرك قبل غيره صرامة قوانين الاقتصاد الحر . الاقتصاد الحر ليس سوى تسمية ملطفة للاقتصاد الرأسمالي بمعايير نجاحه أولاً وقبل أي شيء بمقدار الأرباح العائدة على صاحب أو أصحاب المؤسسة أو الشركة الخاصة . في الدول الرأسمالية العريقة تعمل قوانين الاقتصاد الحر وإن بأقل « وحشية « نظراً للمكتسبات التشريعية التي حققها الناس وأقرتها الدولة . ومع ذلك وحتى في بلدان الرأسمالية العريقة لا تزال الفجوة بين الأغنياء والفقراء تزداد اتساعاً . يكفي أن يشاهد المرء وبين فترات متقاربة مئات وآلافاً من العاملين الذين يبكون بحرقة وهم يغادرون مؤسساتهم بعد أن جرى الاستغناء عن خدماتهم لإعادة هيكلة المؤسسة التي تناقصت أرباحها . هناك أيضاً يعاني مئات الملايين من غلاء الأسعار بالرغم من كل أنواع الحماية والرعاية والضمانات الاجتماعية . هناك يقول المفكر والخبير الاقتصادي جاك أتالي وهو المؤمن بإمكانية تطور الاقتصاد الحر باتجاه إنساني وكان مستشاراً للرئيس الراحل ميتران : يقول في حوار مشترك عقد في لندن مؤخراً بأن ماركس يبدو اليوم معاصراً من أي وقت مضى. وماركس الذي يقصده أتالي ليس ما طبق من أفكار في البلدان الشيوعية السابقة وإنما ماركس الذي لا يزال أكبر مفسر لمآلات النظام الرأسمالي من حيث تركز الثروة في أيدي القلة وaتحكم قوانين الرأسمال على مستوى أممي كما تبدى ذلك فيما وصلت إليه البشرية اليوم في أنظمة ومعايير العولمة . صحيح أن المبادئ الأخلاقية التي تعززت بحكم وسائل الاتصال وما أدت إليه من ضغوط على الدول يمكن أن يساهم في التخفيف من آلام ومآسي الناس وبخاصة في تلك البلدان التي وهبها الله ثروات طبيعية طائلة . إلا أن سنن التطور وفقاً لمعايير المنافسة التي يقوم عليها اقتصاد السوق وتطور هذا « الميكانيزم « لا يوحي بكبح قوانين تدفع باتجاه الأنانية الفردية المطلقة حتى ولو كان ذلك يفضي إلى تمجيد الوحشية في التفكير والسلوك على مستوى الأفراد والمؤسسات والدول . جشع التجار ومحدودية الأجهزة التنفيذية للدول وضياع آفاق الخلاص أمام جبروت المال وما يتوفر لديه اليوم من آلة جهنمية إعلامية لا توفر مخرجاً ملموساً يمكن بواسطته الضغط بفعالية على مسار عملية اقتصادية في ساحة هي وحدها اللاعب الوحيد في الساحة . صحيح أن الكل يدرك ما ينتظر البشرية من ويلات وكوارث وأن بعض معالم الاحتجاج الفاعل تبرز بين وقت وآخر كما هو الحال في بعض دول أمريكا اللاتينية وأجزاء أخرى من العالم ، إلا أن ساحات الاحتجاج مليئة بالأماني أكثر من البرامج الجدية . بلادنا جزء من هذا النظام العالمي وكل ما نختلف فيه عن الآخرين هو أننا أفرطنا في مديح نظام الاقتصاد الحر إلى درجة أن صارت صحته وآفاق تطوره أهدافاً نبيلة . لقد وصل الأمر إلى المطالبة بتخصيص ميادين التعليم والصحة والطرق وربما الرعاية الاجتماعية . غول الأسعار يتقدم والحل لن يكون بتجاهله وإنما بالقيام مجتمعاً ودولة بما من شأنه الحد من غلوه وإرهابية جشعه عبر تفعيل مشروع الإصلاح الشامل الذي طرحه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله وبدأت بعض مكوناته في البروز إلى العلن كبعض منظمات المجتمع المدني والهيئات الرقابية والالتزام بخطط التنمية كما أقرتها الجهات المختصة لا كما يريدها بعض نشطاء نظام الاقتصاد الحر بمعناه التلقائي والغير خاضع لأي ضوابط رسمية أو أهلية . في أوروبا يسمون النظام الرأسمالي في أمريكا بالرأسمالية المتوحشة بينما هم يعيشون في ظل رأسمالية ذات وجه إنساني . نظامنا الحر الرأسمالي يحاول أن يكون بين المنزلتين وهو أي نظامنا يملك من القدرات المادية والأخلاقية ما يمكن أن يميزه في ميدان العدل بالرغم من شراسة هجمة الغول الحالية في الأسواق وما يثيره من مخاوف وتساؤلات . نظامنا الحر جزء من نظام عالمي سائد وصعب التطويع ، ومع ذلك ترتدي « خصوصيتنا « في توفير العيش الكريم لكل أبناء هذا الوطن أهمية بالغة لما نملكه ونعلن عنه من ثروة ودين وأخلاق .
عن جريدةاليوم 27/8/2007م
|