صباحكم..حرية..
صباحكم ..freedom
صباحكم..التقاء عيونٍ فقدتها أنا منذ زمن ليس بالقصير..
وسأفقدها..لمدة 28 عاماً..لا تزيد ولا تنقص إلا بأمر ربي..
..
يوووووه لقد نسيت أن أعرفكم على شخصي الكريم..!
أنا اسمي..حميدان التركي..
..
..
نعم عزيزي..أنا سجين أمريكا..
أنا الطالب المبتعث الذي تعرفتم عليه عن طريق الجرائد..التي ضمت قضيتي..
..
انا اليوم اطل عليكم من نافذة هي اقل حرية يمكن أن أحلم بها..
..
أنا اليوم تنزف جراحي..كعادة أي إنسان جريح بلا سبب.
..
بالأمس كنت اطمح لأن يقال (الدكتور) حميدان التركي..
اليوم يقال عني (السجين) حميدان التركي..!
لـ 28 عاماً ظلماً و بهتاناً..
آآآآآآآآه عن ماذا أتحدث..
عن أي قضية ستضمها جدران الدنيا..وأنا أكبر قضاياي..جدران سجن ضمني ظلماً..
..آآآآآآه يا جرحي..
آآآآآه يا قلبي ..لـ 28 عاماً مقبلة سأعيش لوحدي ..بلا أنيس ..
بلا رفيق درب..
أمي سأخسر حضنها..
وسأخسر قبلات بناتي..
وحنان زوجتي..
..يا رب كن معي..
..لا اعلم من أين سيبدأ حديثي..
.. ولكني سأعرض عليكم صورتي وصورة عائلتي..
هذا هو أنا...الدكتور حميدان (سواء أرضي العالم أم سخط)
وهذه صور تجمعني مع عائلتي..
..سأحرم من رؤيتكم ابنائي..
سأفقد النظر اليكم..
لـ 28 عاماً..
ترى خلال هذه المرحلة..أعني خلال هذه السنين..كيف سيكون شكلكم..
كيف..ستكبرون..من سيستذكر لكم دروسكم ومن سيشرح لكم المنهج إن صعب عليكم..
زوجتي..ترى خلال هذه العقود التي سأحرم منك..من سيشاركك غرفتك..ومجادلتك..
من سيسمع لك ولحديثك العذب..
..آآآآه يا قلبي..كيف سأعيش 28 عاماً بلا ظلال من أحبتي..
..
اخبروني من أين ابدأ..؟؟
وكل شيء قد انتهى..
تخيل أن يرفع الكرت الأحمر من أمام مرأى حريتك..لتغادر حريتك ملعب الحياة ولن تعاود اللعب إلا بعد 28 عاماً لا تزيد ولا تنقص إلا بأمر ربي..
..
سأخبركم عن حياتي في دنياي الجديدة..
للأسف الدنيا لا تصغر في النحو..هكذا تعلمنا..
ولكنها تصغر في عين سجين في كل بقاع الأرض..
أنا سجين special...في أمريكا..
محروم من كل شيء لا لشيء بل لأني مسلم ملتحي..
نعم هذا هو جرمي..
في الليل يهدأ السجن..وتمتص جدرانه شخير السجناء..
أنا في ظلمات ثلاث..
ظلمة سجني..
ظلمة ليلي..
ظلمة غربتي..
أنام مع قاتل محترف..
مع مجرم شاذ..
مع مدمن..
مع أشخاص أمثالي لا يعلمون لماذا زُج بهم إلى السجن..
أعيش في بيئة موبوءة..هكذا وباختصار شديد..
أضع يدي تحت رأسي..واجلس أتابع (فيلم) حياتي على (شاشة) عقلي..
وتنزل دمعتي بكل عفوية..أحاول أن أخنقها..إلا أنها تخنقني..
أنهض..من سريري..وأقف أمام جدار الزنزانة..اقترب منه..أحاول أن أذوب وأخرج..
اشتقت لأمي..لزوجتي..لأبنائي..
اشتقت لحريتي..
لا يمكنكم وصف كمية العجز في إدارة حياتك بدون حريتك..
...
(لحظة بكاء)
في نصف الليل أقوم لأصلي قيام الليل..
نعم ..
أمريكا حرمتني..أحبابي
إلا أنها لم تحرمني ربي..
ابكيييييييييييييي بعمق في سجادتي..
ينهض صاحبي الذي بجواري ويبكي معي..
ينتظرني حتى أنهي صلاتي ومن ثم يضمني ويبكي معي..كأننا ثكالى بل نحن كذلك..
أقلب نظري يميناً ويساراً لا شيء جديد سوى النـزف..
يتجه صاحبي إلى سريره ليدعي النوم..وبالحقيقة اسمع بكائه المخنوق..من تحت وسادته..البالية..
اتجه أنا إلى سريري..
وألتحف (فضلة)..أمريكا علي..!!
وأنام حتى يوقظني صاحبي الآخر..ان صلاة الفجر قد حانت..
أقوم لأصلي الفجر مع ثلتي القليلة..
على مرأى من عيون بعض اليهود والمسيحيين..
تنتهي الصلاة..
يتجه كل واحدٍ منا إلى حضن فراشه اليتيم..
واتجه أنا..
إلى ذات السرير..
نستيقظ الساعة السابعة لنتناول إفطارنا..نتناوله..جميعاً..نعم متفرقون في كل شيء إلا أن السجن يجمعنا بذات الحلم..الـ freedomهو حلمنا جميعاً..
بعض السجناء يتفوهون بالنكت والدعابات..ليخففوا الضغط الممارس علينا..
والسجانون من حولنا..ينظرون إلينا بنظرات السخرية و الدونية..
ونحن كما نحن نقتلهم بضحكنا..وبقصصنا..
ننهض بعدها كي نقوم بمهامنا اليومية..
نتدرب وننظف ونغسل وكل شيء يخطر في بالك...
حتى يحين وقت الاستراحة..اخرج أنا إلى ساحة السجن..
وأفكر..بقضيتي..
كيف (لتهمة) لا أساس لها تزجني في السجن إلى اجل غير مسمى..
كذبة اختلقتها أمريكا على لسان خادمتي..تصدقها أمريكا بذاتها..
تكذب الكذبة وتصدقها..
ولكأن قضايا الأرض انتهت..
وتفرغت للتهم ولتنظيف الأرض مني ومن أشكالي..
وهناك ألف قضية تصنعها أمريكا..ولا أحد يحاكم فيها..!!
ألف ضحية تموت على يدها الكريمة..
وليس هناك من محاسب..
لابأس فدعوة المظلوم لا حجاب بينها وبين الله..
..
حينما تغيب الشمس..نتجمع نحن السجناء لنحكي عن همومنا وأحلامنا..وطموحاتنا..
كيف كنا بالأمس وكيف صرنا اليوم..
....أحلامنا شتى إلا أن حلماً واحداً يجمعنا..
نعم..
كما توقعت أنت ..حلم الحرية..
تباً لبلد الحرية والديموقراطية..التى ترفعها شعاراً لا أكثر ولا أقل..
..
أن تخسر جزءاً من حياتك شيء صعب ,, ولكن كيف لو تخسر حياتك بأجمعها..؟؟
اترك لكم الإجابة يا سادة..!!
تعالوا وادخلوا إلى داخل مخيلتي..لأعيد لكم مشهد عائلتي حينما نطق بالحكم,,
ترى ما حجم الجرح الذي انبثق في قلوبكم..؟؟
جرحكم يا سادة صغيييييييييييييييييييييييير مقارنة بجرحي وجرح أهلي..
جرح لا يمكن وصفه مهما تجمعت الأنس و الجن..
..آآآآه يا قلبي..
سأمضي هنا 28 عاماً ,,لوحدي..
ستشرق الشمس لمدة 10,220 يوماً..
وسأستقبل العيد لوحدي ..56 مرة..
يا الله كن معي..
اردد ما قالته ابنتي لمى لي..
إن بعد الليل فجرا.. وبعد الظلام نورا... وبعد العسرِ يسرا.
النصر قادم والفرج قريب..
..استأذنكم يا سادة فالشرطي يطلب مني أن أنام ..
..لا تنسوني من صالح دعواتكم..
ابنكم ..
السجين (الدكتور) /حميدان التركي
انشروا الرسالة
لعلها تصل إلى قلبٍ حي
اللهم فرج كربه
سـبـحـانـك اللـهـم وبـحـمـدك أشـهـد ألا إلـه إلا أنـت أسـتـغـفــرك وأتـوب إلـيـــك..
منقول من مجموعة عبدالعزيز القاسم
سندعو لك في هذا الشهر الفضيل
ونسأل الله أن يستجيب دعاءنا