تصميم موقع درر لهذه المناسبه
تصميم يومنا الوطني الـ 80 يوماً من أيام الوفاء وانجازات تتحقق
كانت شبه الجزيرة العربية التي تتمتع بموقع استراتيجي بين ثلاث قارات كبري وتقع في النصف الشمالي للكرة الأرضية موطنآ للعديد من الحضارات ومهدآ للرسالات السماويه والرسل.
فقد ازدهرت فيها داخل حدود المملكة حضارة مدين حضارة قوم النبي شعيب عليه السلام التي عاش فيها موسي عليه السلام عشر سنوات قبل أن يبعث رسولآ الي فرعون مصر.
وفي العلا كانت حضارة ثمود قوم النبي صالح عليه السلام والتي لاتزال أثارها موجودة حتى اليوم في المنطقة المعروفة باسم مدائن صالح وفي نجران نجد الاخدود الذي ذكر في القرآن الكريم عن أصحاب الاخدود.
وفي هذه الجزيره التي كانت ممرآ تجاريآ هامآ وطريقآ للقوافل أنزل الله القرآن علي محمد عليه الصلاة والسلام وانتشرت تعاليم الاسلام السمحة في قلب الجزيرة العربية وترامت منها الى سائر أرجاء العالم حتى وصلت الى أفريقيا وآسيا وجزء من اوروبا على مدى عصور ازدهار الدولة الاسلامية.
ومرت مئات من السنين ظهرت فيها دول، وزالت دول، وقام المسلمون بدورهم الحضاري التاريخي، الذي عبرت عليه الحضارة الانسانية الحديثة من عصورها المظلمة، وانتشر الاسلام في شتى بقاع الارض. على أن ابتعاد القيادة الزمنية عن المدينة المنورة وشبه الجزيرة العربية بوجه عام، قد أحدث تاثيرات كان لها دورها فيما وقع بعد ذلك من احداث فالاراضي المقدسة ظلت مقصدا للحجاج والمعتمرين والزائرين، ولكن البدع والاضاليل اخذت تتسلل الى اجزاء عديدة من شبه الجزيرة العربية، لقلة العلماء المتفقهين في الدين لتوعية الناس، ولابتعاد سكان شبه الجزيرة عن التطور الحضاري الذي عاشه العالم المعمور انذاك. وهنا وفي ظل الجهالة التي خيمت على معظم الناس، استلم آل سعود مسؤؤلية الجهاد في سبيل الله، ليعيدوا الناس الى جوهر الاسلام في صفائه ونقائه، وليقيموا دولة التوحيد كما نصت عليها شريعة الله في كتابه الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وكان آل سعود من الاسر الحاكمة في شبه الجزيرة العربية منذ قديم الازمان، فأحد اجدادهم الاوائل هو الامير مانع مؤسس مدينة الدرعية التي عرفت دائما في التاريخ بأنها عاصمة آل سعود.
الامام محمد بن سعود : تولى الامارة بعد وفاة ابيه وقد تزامنت ولايته مع ظهور الشيخ محمد بن عبد الوهاب يرحمه الله الذي كان داعية الى دين الله وقاوم البدع والاضاليل ودعا الى اخلاص العبادة لله وحده ونبذ كل ما أدخل على دين الله مما ليس فيه.وقد سانده الامير محمد بن سعود وقاوم بسيفه الضالين والمنحرفين وسار مجاهدا الى ان توفي عام (1179 هـ / 1765م) فخلفه ابنه الامام عبد العزيز بن محمد بن سعود.
الامام عبدالعزيز بن محمد : يعتبر من ابرز امراء آل سعود، فقد حكم تسعة وثلاثين عاما، وامتد نفوذه الى انحاء نجد، والاحساء، والقطيف، ومشارف بلاد الشام، والعراق، واليمن وعمان والاراضي المقدسة. توفي عام 1218 هـ / 1803 م في مسجد الطريف بالدرعية.
الامام سعود بن عبدالعزيز بن محمد : لم يكن اقل عن ابيه في مواهبه القيادية، وفي سعيه لخدمة دين القيادية، وفي سعيه لخدمة دين الله، والدفاع عن شريعة الاسلام وقد استتب له الامر في معظم انحاء شبه الجزيرة العربية. وفي العام 1229هـ / 1813 م توفي في الدرعية.
الامام عبدالله بن سعود : استمر حكمه اربع سنوات، توالت خلالها حملات والي مصر محمد باشا، حتى وصلت الى حدود الدرعية فحاصرها لمدة سنة كاملة وبعد ان نفذ سلاح وزاد المجاهدين استولى قائد حملة محمد علي - ابنه ابراهيم - على الدرعية عام 1233 هـ / 1817م واسر الامام عبدالله وعائلته، وكذا عائلة الشيخ محمد بن عبد الوهاب واخذوا الى مصر ومنها الى الاستانة حيث قتل عبدالله ابن سعود هناك في سنة 1234 هـ / 1818م.
الامام فيصل بن تركي : تتالف ولايته من فترتين الاولى تمت ما بين العام 1246 هـ / 1830م والعام 1255 هـ / 1839 م والثانية من العام 1258 هـ / 1843م الى حين وفاته عام 1282 هـ / 1865م.
الامام عبدالرحمن الفيصل : تولى الامارة بعد وفاة سعود بن فيصل، ولكنه لم يستمر فيها سوى سنة وبعض السنة، ثم عاد اليها مرة اخرى بعد وفاة اخيه عبدالله بن فيصل، وكان ذلك عام 1306 هـ / 1888م. ودخل الميدان في هذه الفترة الامير محمد بن رشيد أمير حائل إذ ذاك الذي بسط سيطرته على شطر كبير من نجد وكانت الحكومة العثمانية في الاستانة تدعمه بقوة للوقوف في وجه آل سعود. وانتهت الفترة الثانية لولاية الامام عبدالرحمن الفيصل بمغادرته الرياض مع عائلته فتوجه الى قطر ثم الى البحرين ثم الى الكويت وكان بين افراد اسرته احد اولاده عبدالعزيز الذي كان في العقد الثاني من عمره. وما ان وصل عبدالعزيز مع والده الى الكويت حتى بدأ يفكر في العودة الى الرياض.
الملك عبدالعزيز : اليوم الخامس من شهر شوال الموافق 1319 هـ الموافق 17 يناير 1902 م هو خامس ايام عيد الفطر السعيد وهذا اليوم عاش سكان الرياض عيدا مزدوجا بفرحتين فرحة العيد وفرحة اخبار مقدم عبدالعزيز لمدينة الرياض ليستعيد امجاده وملك ابائه. ولكي تكتمل فرحته اوفد رسله الى الكويت حيث يقيم والده الامام الشيخ عبدالرحمن آل سعود يدعوه الى الرياض وعاد الامام عودة المنتصر حامدا الله عز وجل الذي نصره وخرد عبدالعزيز لاستقبال ابيه على مسافة ثلاثة ايام من الرياض وسار في ركب ابيه حتى وصلا الى منزلهم وقال عبدالعزيز كلمته (الامارة لكم وانا جندي في خدمتكم) ولكن الامام يرفض ويقول (اذا كان قصدك من استدعائي الى الرياض تولي الامارة فيها، فهذا غير ممكن وأمر لا اقبله مطلقا ولا اقيم بالمدينة إذا الححت علي إن بلدا فتحته بعزمك لأنت أحقّ بالامارة عليه.
هكذا استطاع الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن رحمه الله أن يستعيد الرياض في 5 شوال1319هجري 1902 ميلادي في معركة لا يزال المؤرخون يقفون بذهول امام ما اتصفت به من جرأة و حسن تنظيم ومن الرياض انطلق في مشوار طويل من الكفاح المتواصل حتي تم توحيد البلاد وقد صدر المرسوم الملكي بتوحيد مقاطعات الدولة التي تحولت بمقتضى هذا المرسوم الى المملكة العربية السعودية في 21 جمادي الثانية 1351هجري 23 سيبتمبر 1932ميلادي وهو التاريخ الذي أصبح في ما بعد اليوم الوطني للمملكة
ومنذ فجر التاريخ والجزيرة العربية نحظى باهتمام من قبل كافة التجمعات البشرية المحيطة بها والبعيدة عنها، وكذلك أصبحت المملكة العربية السعودية محط أنظار كافة دول العالم نظراً لموقعها الاستراتيجي ومكانتها التاريخية والدينية، باعتبارها تضم على أرضها الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة التي يفد إليها المسلمون من كافة بقاع الأرض.
عودة الحق لأصحابه
عندما حل الأمير عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بالكويت كان عبدالعزيز الابن في الثانية عشرة من عمره، وقد بقى في الكويت مع والده وأسرته لمدة عشر سنوات درس خلالها القرآن الكريم وخبر الأمور السياسية وإدارة المعارك.
وكان الملك عبدالعزيز قد ولد في مدينة الرياض في التاسع عشر من شهر ذي الحجة عام 1293هـ/ 1876م وتعلم القراءة والكتابة على يد الشيخ القاضي عبدالله الخرجي وهو من علماء الرياض، فحفظ بعضاً من سور القرآن الكريم، ثم قرأه كله على يد الشيخ محمد بن مصيبيح، كما درس جانباً من أصول الفقه والتوحيد على يد الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ.
وكان الملك عبدالعزيز منذ صباه مولعاً بالفروسية وركوب الخيل، وعرف بشجاعته وجرأته وإقدامه وخلقه القويم وإرادته الصلبة، وقد رافق والده في رحلته إلى البادية بعد الرحيل من الرياض، وتأثر ـ رحمه الله ـ بحياة التنقل خاصة فيما يتعلق بالجدية وصلابة العود وقوة التحمل.
خطوة الألف ميل
وانطلق الفتى اليافع عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود من الكويت على رأس حملة من أقاربه وأعوانه صوب الرياض وكان عمره 26 عاماً، وكانت الجزيرة العربية في ذلك الوقت تعج بالفوضى والتناحر، وبزغ فجر يوم الخامس من شهر شوال عام 1319هـ الموافق 15 يناير 1902م إيذاناً ببداية عهد جديد، حيث استطاع البطل الشاب استعادة مدينة الرياض ليضع بذلك اللبنة الأولى لهذا الكيان الشامخ، وتسلم مقاليد الحكم والإمامة بعد أن تنازل له والده الإمام عبدالرحمن بن فيصل عن الحكم والإمامة في اجتماع حافل بالمسجد الكبير بالرياض بعد صلاة الجمعة.
بعد ذلك شرع الملك عبدالعزيز في توحيد مناطق نجد تدريجياً، فبدأ في الفترة 1320/1321هـ بتوحيد المناطق الواقعة جنوب الرياض بعد انتصاره في بلدة الدلم القريبة من الخرج، فدانت له كل بلدان الجنوب، الخرج والحريق والحوطة والأفلاج وبلدان وادي الدواسر.
ثم توجــه إلى منطقة الوشم ودخل بلدة شقراء، ثم واصل زحفه صوب بلدة ثادق فدخلها أيضاً، ثم انطلق إلى منطقة سدير ودخل بلــــــدة المجمعة، وبهــــذا الجهد العسكري تمكن الملك عبدالعزيز من توحيد مناطق الوشم وســـدير وضــمهـــا إلى بوتقــة الدولة السعــودية الحديثــة.
وتمكــن الملك عبدالعزيز في الفترة 1321/1324هـ من توحيد منطقـــة القصيم وضمها إلى الدولة السعودية بعد أن خاض مجموعـــة من المعارك منها معركـــة الفيضة ومعركة البكيرية ومعركة الشنانة وانتصاره في معركة روضة مهنا في 18 صفر 1324هـ المــوافق 14 ابريل 1906م وهي إحـــدى المعـــارك الكبـــرى الحاسمة.
مملكة موحدة
وفي 17 جمادى الأولى 1351هـ صدر مرسوم ملكي بتوحيد كل أجزاء الدولة السعودية الحديثة في اسم واحد هو المملكة العربية السعودية وأن يصبح لقب الملك عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية واختار جلالته في الأمر الملكي يوم الخميس 21 جمادى الأولى 1351هـ يوماً لإعلان توحيد المملكة العربية السعودية وهو اليوم الوطني للمملكة.
واختارت الدولة السعودية في عهد الملك عبدالعزيز شعار الدولة الحالي سيفان متقاطعان بينهما نخلة أما العلم فأصبح لونه أخضر مستطيل الشكل تتوسطه شهادة التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله باللون الأبيض وتحتها سيف باللون الأبيض.
ونظم الملك عبدالعزيز دولته الحديثة على أساس من التحديث والتطوير المعاصر، فوزع المسؤوليات في الدولة وأسس حكومة منطقة الحجاز بعد ضمها وأنشأ منصب النائب العام في الحجاز وأسند مهامه إلى ابنه الأمير فيصل وكان ذلك عام 1344هـ/ 1926م، كما أسند إليه رئاسة مجلس الشورى، وفي 19 شعبان 1350هـ الموافق 30 ديسمبر 1391م صدر نظام خاص بتأليف مجلس الوكلاء، وأنشأ الملك عبدالعزيز عدداً من الوزارات، وأقامت الدولة علاقات دبلوماسية وفق التمثيل السياسي الدولي المتعارف عليه رسمياً، وتم تعيين السفراء والقناصل والمفوضين والوزراء لهذه الغاية، كما اهتم الملك عبدالعزيز كثيراً بدعم القضية الفلسطينية، ولما تأسست جامعة الدول العربية في القاهرة عام 1365هـ/ 1945م كانت المملكة العربية السعودية من الدول المؤسسة.
ومن منجزات الملك عبدالعزيز تنفيذ أول مشروع من نوعه لتوطين البدو، فأسكنهم في هجر زراعية مستقرة وشكل منهم جيشاً متطوعاً يكون تحت يده عند الحاجة، كما عمل على تحسين وضع المملكة الاجتماعي والاقتصادي فوجه عناية واهتماماً بالتعليم بفتح المدارس والمعاهد وأرسل البعثات إلى الخارج وشجع طباعة الكتب خاصة الكتب العربية والإسلامية واهتم بالدعوة الإسلامية ومحاربة البدع والخرافات، وأنشأ هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وزودها بالإمكانات والصلاحيات، وأمر بتوسعة الحرم النبوي الشريف، وقد شرع في ذلك عام 1370هـ/ 1951م ووفر الماء والخدمات الطبية والوقائية لحجاج بيت الله الحرام.
دولة فتية
وفي عام 1357هـ/ 1938م استخرج النفط بكميات تجارية في المنطقة الشرقية مما ساعد على ازدياد الثروة النقدية التي أسهمت في تطوير المملكة وتقدمها وازدهارها، وأنشئت مؤسسة النقد العربي السعودي بعد أن بدأت العملة السعودية تأخذ مكانها الطبيعي بين عملات الدول الأخرى، واشترت الدولة الآلات الزراعية ووزعتها على الفلاحين للنهوض بالزراعة.
وأنشئت الطرق البرية المعبدة، ومد خط حديدي ليربط الرياض بالدمام، وربط البلاد بشبكة من المواصلات السلكية واللاسلكية، ووضع نواة الطيران المدني بإنشاء الخطوط الجوية العربية السعودية عام 1945م، ومد خط أنابيب النفط من الخليج إلى موانئ البحر الأبيض المتوسط.
وافتتحت الإذاعة السعودية عام 1368هـ/ 1949م واهتم المؤسس ـ رحمه الله ـ بمحاربة المرض وتوفير الخدمات الصحية، فأنشئت المستشـفيات والمراكز الصحية في مختــلف مدن المملكة، ووضع نظام الجـوازات السعودية وغيــرها من المرافــق العــامة ذات الصــلة بالمجتمع.
وهكذا أرسى القائد المؤسس قواعد دولته الفتية على أرض الجزيرة العربية مستمداً دستورها ومنهاجها من كتاب الله الكريم وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فبدل خوفها أمناً، وجهلها علماً، وفقرها رخاء وازدهاراً.
تطوير وإصلاح
ولم يكتف الملك عبدالعزيز ببناء هذه الوحدة السياسية والحفاظ عليها فقط بل سعى إلى تطويرها وإصلاحها في المجالات كافة، حتى استطاع بفضل الله عز وجل أن يضع الأساس لنظام إسلامي شديد الثبات والاستقرار مع التركيز على المسؤوليات وتحديد الصلاحيات، فتكونت الوزارات وظهرت المؤسسات وقامت الإدارات لمواجهة التطور، وأدخلت المخترعات الحديثة لأول مرة في شبه الجزيرة العربية فحلت تدريجياً محل الوسائل التقليدية، وأقام طيب الله ثراه القضاء على أساس من تحكيم الشريعة الإسلامية في كل الأمور، فأنشأ المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وأصدر الأنظمة التي تدعم هذه المحاكم وتبين وظائفها وتحدد اختصاصاتها وسلطاتها وتنظم سير العمل بها، كما حقق الملك عبدالعزيز إنجازات كبيرة في مجال إقرار الأمن والمحافظة على النظام في الدولة لتوفير الراحة والاطمئنان للمواطنين والوافدين فضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه العبث بالأمن أو الإخلال بالنظام حتى أصبحت هذه البلاد مضرب الأمثال في جميع الأوساط الدولية على استتباب الأمن والاستقرار.
رعاية ضيوف الرحمن
وفر الملك عبدالعزيز أفضل الخدمات لضيوف الرحمن والأماكن المقدسة إذ بادر بوضع نظام للحجاج وأشرف بنفسه على تنفيذه ليضمن لهم أكبر قدر من الراحة والأمن والطمأنينة وحفظ أرواحهم وأموالهم، كما اتخذ من التدابير ما يمنع استغلالهم وفرض تعريفات بأجور عادية لنقلهم بين الأماكن المقدسة، وعمل على توفير مياه الشرب والأغذية وكل مستلزمات الحياة ووسائل الراحة لهم، واهتم بنشر العلم والثقافة على أسس إسلامية راسخة، وحارب الجهل بين الحاضرة والبادية فساند حركات الوعظ والإرشاد والتعليم في المساجد والكتاتيب وغيرها، ودعم المدارس الأهلية ووضع قواعد التعليم الحكومي المنظم عندما أسس مديرية المعارف لتتولى الاشراف على التربية والتعليم.
علاقات وروابط
ولم تقتصر جهود الدولة في عهد الملك عبدالعزيز على البناء الداخلي بل سعت إلى توثيق العلاقات مع الدول الشقيقـــة والصديقـة. فكانت سياسة المملكة الخارجية مبنية على وضوح الهدف والثبات على المبدأ ومناصرة الحق انطلاقاً من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف الذي قامت عليه أركان هذه الدولة وهو القاعدة التي انطلقت منها نهضتها وأمنها ورخاؤها.
فقد حرص الملك عبدالعزيز على مد جسور التعاون والتقارب وتعزيز الروابط مع الأشقاء العرب وسعى إلى توحيد صفوفهم وجمع كلمتهم ولم شملهم وحل خلافاتهم بالتشاور فيما بينهم والاتفاق على الأهداف الأساسية التي تضمن لهم تحرير أراضيهم وصيانة حقوقهم ومكتسباتهم.
إقامة شرع الله
لقد كان الهدف الأسمى للملك عبدالعزيز خلال جهاده الطويل هو إقامة شريعة الله من منابعها الصافية كما وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وتراث السلف الصالح، ولقد حقق الملك عبدالعزيز هذا الهدف وجعله أساساً قامت عليه دولته الفتية منذ أيامها الأولى وإلى يومنا هذا، وفي تراثه الفكري من الخطابات والأحاديث ما يعبر عن ذلك أصدق تعبير ومن ذلك قوله يرحمه الله "إني اعتمد في جميع أعمالي على الله وحده لا شريك له، اعتمد عليه في السر والعلانية، والظاهر والباطن، وأن الله مسهل طريقنا لاعتمادنا عليه، وإني أجاهد لإعلاء كلمة التوحيد والحرص عليها".
وقوله في الجلسة الافتتاحيــة لمجلـس الشــورى عــام 1349هـ. "إنكم لتعلمون أن أساس أحكامنا ونظمنا هو الشرع الإسلامي، وأنتم في هذه الدائرة أحرار في سن كل نظام وإقرار العمل الذي ترونه موافقاً لصالح البلاد على شرط ألا يكون مخالفاً للشرعية الإسلامية، لأن العمل الذي يخالف الشرع لن يكون مفيداً لأحد، والضرر كل الضرر هو السير على غير الأساس الذي جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم".
بسط الأمن الشامل
قبل الملك عبد العزيز كانت الحالة الأمنية في شبه الجزيرة العربية في حالة من الفوضى والانفلات، وكانت طرق الحج تعج باللصوص وقطاع الطرق الذين كانوا يهاجمون قوافل الحجاج ويسلبونها ويعتدون عليها، وكان الحج في تلك الأيام مغامرة لايدري الحاج معها ما إذا كان سيعود من حجه سالماً أم لا، ولقد عجزت الدولة العثمانية عن تأمين سلامة الحجاج لدرجة اضطرت معها إلى تسيير قوات عسكرية مع قوافل الحجاج، ومع هذا فقد كانت هذه القوات نفسها تتعرض للاعتداء، وعمدت الدولة العثمانية إلى أسلوب آخر لحماية الحجاج وهو دفع "أتاوات" من النقود الذهبية لقطاع الطرق لكي يتركوا قوافل الحجاج تمر بسلام، ومع هذا تواصلت الاعتداءات.
وجاء الملك عبد العزيز وأعلن تطبيق شريعة الله، وهي شريعة الأمن والأمان للمجتمع الإسلامي، وبهذا التطبيق قضى على عصابات اللصوص وقطاع الطرق وبسط الأمن الشامل في جميع ربوع المملكة، وصار هذا الأمن مضرب الأمثال في بلاد العالم الأخرى تروى عنه الروايات، وكان الملك عبد العزيز يرحمه الله أول حاكم مسلم يدعو إلى "التضامن الإسلامي" ويضعه موضع التطبيق، وكان أول مؤتمر إسلامي عام في تاريخ الإسلام هو الذي دعا إليه الملك عبد العزيز عام 1345هـ وحضرته وفود الدول الإسلامية، ويمكن القول إن السياسة التي رسمها الملك عبد العزيز وصارت إحدى السمات المميزة لثوابت السياسة السعودية هي العمل الدائم على وحدة كلمة المسلمين.
وفي هذا الهدف السامي قال يرحمه الله:
( إن أحــب الأمور إلينــا أن يجــمــــع الله كلمة المســـلمين، فيــؤلف بين قلوبهم، ثــم بعد ذلك أن يجمــع كلمــة العــرب، فيــوحد غــايــاتهـم ومقاصــدهم ليســيروا في طريق واحـد يوردهم مورد الخيــر.)
وهكذا عرفت المملكة العربية السعودية حالة مثالية من الأمن منذ تأسيسها، وظل هذا الأمن وسيظل بإذن الله صفة مميزة لها.
التضامن الإسلامي
من منطلق ما أمر الله تعالى به عباده المسلمين من الإخاء والتضامن كان الملك عبدالعزيز أول حاكم مسلم يدعو إلى هذا التضامن ويضعه موضع التطبيق، وكان أول مؤتمر إسلامي عام في تاريخ الإسلام هو الذي دعا إليه الملك عبدالعزيز عام 1345هـ وحضرته وفود من الدول الإسلامية، وكان هذا المؤتمر أول مناسبة جمعت ممثلي المسلمين من كافة الأقطــار الإسلامية.
ويمكن القول أن السياسة التي رسمها الملك عبدالعزيز وصارت إحدى السمات المميزة لثوابت الســياسة الســعودية هــي العمــل على وحدة كلمة المسلمين والتضامن فيما بينهم ومواجهـة أعدائهم صفـاً واحداً والتعاون والتكافل، وفي هذا قال يرحمه الله، "إن أحــب الأمور إلينا أن يجمع الله كلمة المسلمين، فيؤلف بين قلوبهم، ثم بــعد ذلك أن يجمـع كلمـة العـرب، فيـوحد غاياتهم ومقاصدهم ليســيروا في طــريق واحد يوردهــم موارد الخير".
شخصية فذة
لقد كان الملك عبد العزيز ـ يرحمـه الله ـ وحيد زمانه فيما اتصف به من مقومات شخصية فذة، ويمكن إيجاز صفاته ومناقبه في هذه الإشارات:
كان يرحمه الله مؤمناً عميق الإيمان ، يعتمد على الله تعالى في كل أمر من أموره ولا يسأل سواه فيما يتطلع إليه.
يملك خبـرة واســـعة بشــؤون دينــه، فقــد حفظ القــــرآن الكـــريم وكثيــراً من الأحاديث النبــوية الشــريفــة، وألم إلمــامــاً واسـعاً بالأحكــام الشـــرعية، ووضـعها موضــــع التطبــيق، وظــــل طــــــوال حياته يجتمع كل ليلة مع العلمـــاء والفقهاء.
كان حكيماً يُعمل عقله في كل حركة من حركاته، ولكل خطوة عنده حساب دقيق، يقلب الأمور على وجوهها ثم يختار الطريق الذي يراه أفضل الطرق.
كان شجاعاً إلى درجة كبيرة، فلا يتردد في خوض المعارك إذا اضطر لها مهما كانت قوة خصمه وعدده وعدته.
كان قائداً عسكرياً موهوباً يجيد رسم الخطط الحربية وتنفيذها، وكثيراً ما استعاد وقائع معركة جرت وتحقق له الانتصار فيها ليبين أخطاء خصمه وما كان يجب أن يفعل لينتصر عليه.
كان خبيراً بالمجتمعات البدوية والحضرية في شـــــبه الجزيرة العربية، وعلى خبرة واسعة بالقبائل وأنسابها بحيث يعرف قبيلة مخاطــــبه من أول جــملة ينطق بها، ومن موقع هذه الخبرة كان يتعامل مع الناس حسب المجتــــمع الذي ينتسبون إليه بدوياً كان أم حضرياً.
كان شديد التمسك بأحكام الدين، فلا يتهاون إزاءها ولا يهادن، وإضافة إلى ذلك كان رقيق القلب مرهف الإحساس.
كان اهتمامه يشمل الجميع، والناس أمامه سواسية حتى يبلغ الحق مستقره.
وبعد جهاد طـــويل وعمـــر نذره الملك عبد العزيز للوطــن والمواطــن وإرساء قواعد العـــدل والإســلام، انتقل في الثاني من ربيـع الأول عام 1373هـ الموافق 9 نوفمبـر 1953م إلى رحمة مولاه راضياً مرضياً، بعد أن أقام دولة إسـلامية عصـرية، تـــأخذ بكــل نافــع ومفيـــد من إنجـــازات العصــر ضمن حدود شــريعة اللــه، اســــتهدافاً لخدمة دين الله وخدمة المسلمين في كــل مكــان، ويبقى يوم الخـامس من شوال عـــام 1319م الموافـــــق 15 ينــاير 1902م عــــلامة فارقة في تــاريخ المملكة، ففيــه فتــح الملك عبــد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود مدينة الرياض، ومنــها بــدأت مسيرة موفقة لاســتعادة ملك الآبــاء والأجــداد من خلال بطولة نادرة ومخلصــة لم يشـهد التاريـخ الحديث مثيلاً لها.
وفاته رحمه الله
في الثاني من ربيع الأول عام 1373هـ/ الموافق 9 نوفمبر 1953م انتقل الملك عبدالعزيز إلى رحمة الله راضياً مرضياً بعد جهاد طويل كان له بالغ الأثر في التاريخ الإسلامــي والعــربي، وبعد أن أقـــام دولته الإسلامية العصرية التي تأخذ بكل نافع ومفيد من إنجازات العصر ضمن حدود شريعة الله واستهدافاً لخدمة دين الله وخدمة المسلمين في كل مكان.
تحل الذكرى الثمانين ليومنا الوطني، ففي مثل هذا اليوم من عام 1351هـ 1932م سجل التاريخ مولد المملكة العربية السعودية بعد ملحمة البطولة التي قادها المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - على مدى اثنين وثلاثين عاماً بعد استرداده لمدينة الرياض عاصمة ملك أجداده وآبائه في الخامس من شهر شوال عام 1319هـ الموافق 15 يناير 1902م، حيث صدر في 17 جمادى الأولى 1351هـ مرسوم ملكي بتوحيد كل أجزاء الدولة السعودية الحديثة تحت اسم المملكة العربية السعودية، واختار الملك عبدالعزيز يوم الخميس الموافق 21 جمادى الأولى من نفس العام الموافق 23 سبتمبر 1932م يوماً لإعلان قيام المملكة العربية السعودية.
ثمانين عاماً حافلة بالإنجازات على هذه الأرض الطيبة والتي وضع لبناتها الأولى الملك المؤسس وواصل أبناؤه تحقيق الإنجازات المتواصلة سياسياً واقتصادياً وتنموياً في مملكتنا الحبيبة لتجسد مسيرة البناء والرخاء للدولة الفتية وتتواصل في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ونائبه سمو ولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز وسموالنائب الثاني لمجلس الوزراء ووزيرالداخلية الامير نايف بن عبدالعزيز.
الوطن ليس أرضا نعيش به ولكن هو كيان يعيش فينا.