19-09-2007, 10:41 AM
|
(عضو لم يقم بتفعيل عضويته)
|
|
تاريخ التسجيل: Jul 2007
المشاركات: 346
معدل تقييم المستوى: 0
|
|
المخلفات الصناعية وإعادة تدويرها
المخلفات الصناعية وإعادة تدويرها
للدكتور/ عبد اللطيف محمد أبو العطا
الأستاذ بقسم الفيزياء ـ كلية العلوم ـ جامعة طنطا
في المراحل الأولى من حياة الإنسان على سطح الأرض اتجه نشاطه إلى توفير المأوى والمأكل والملبس لنفسه ولبنى جنسه، وهو منذ وجد على سطح الأرض يسعى إلى توفير أكبر قدر من وسائل الراحة والرفاهية.
ولذلك ظل الإنسان في صراع دائم مع الطبيعة المحيطة به بكل أشكالها من أجل البقاء واستمرار الحياة على الأرض………
وتدرجت حدة الصراع بين الإنسان والبيئة الطبيعية بمرور الأجيال حيث كان الإنسان في بداية نشأته يستخدم الأدوات البسيطة في تعامله مع الطبيعة. وفى ظل التقدم الحضاري ونمو القدرات البشرية الخلاقة والتطور التدريجي على مر العصور ظهرت الآثار المدمرة على البيئة من جانب، والإنسان نفسه من جانب آخر.
وبعد أن كانت الغاية فى مستهل حياة الإنسان هى حمايته من البيئة أصبحت الغاية هى حماية البيئة من الإنسان. ولم يتنبه البشر إلى هذا الخطر إلا فى أواخر القرن الماضى حيث كان التقدم العلمي والصناعي والزراعي والتكنولوجي أسرع وأقوى من أن يلتفت إلى صيحات التحذير ... واستمر التكاثر السكاني، واستمر التقدم ... وأصبح التلوث البيئى ظاهرة عالمية حتى إنها شملت الدول النامية والمتقدمة أيضاً مع اختلاف نوعية التلوث. فالدول المتقدمة تعانى من آثار الصناعات التكنولوجية المتقدمة، ومن أهمها التلوث الذرى، أما بالنسبة للدول النامية فإنها تعانى من التلوث نتيجة لسوء إدارة الأنظمة البيئية، وإغفال عنصر البيئة عند وضع خطط التنمية.
ولذلك أصبح الخطر يهدد الجميع وأختل التوازن بين عناصر البيئة المتنوعة ولم تعد هذه العناصر قادرة على تحليل مخلفات الإنسان أو استهلاك النفايات الناتجة من نشاطاته المختلفة، وأصبح جو المدن ملوثاً بالدخان المتصاعد من عادم السيارات وبالغازات المتصاعدة من مداخن المصانع ومحطات القوى.
كما تلوثت التربة بالمركبات الفسفورية والكبريتية نتيجة الاستعمال المكثف للمبيدات الحشرية وأيضاً تلوثت الأنهار والبحار بما تتلقاه من مخلفات سامة بسبب عمليات الصرف الصحي والصناعي بها. فامتلأت المجارى المائية بالمعادن الثقيلة القاتلة والمدمرة لصحة الإنسان والكائنات الحية الأخرى.
حتى غذاء الإنسان وشرابه أصابه التلوث، أما عن طريق تراكم مركبات المبيدات الحشرية والكيماويات به، وأما عن طريق التلوث الذرى.
ونتيجة لاتساع حجم المشكلة فلقد أصبح تلوث البيئة فى مقدمة الموضوعات التى تحظى بالاهتمام وتثير المناقشات فى مختلف الدوائر والأوساط العامة والخاصة وتعقد لها المؤتمرات والندوات التى تنادى بالحفاظ على البيئة من التلوث ومحاولة التخلص من النفايات بإعادة تدويرها لاستخدامها مرة أخرى أو بإتباع طرق سليمة لدفنها والتخلص منها للحفاظ على التوازن البيئى. فعلى سبيل المثال بادرت الدول الغنية بالاستفادة من مصادر الثروة الأولية التى تلقى فى النفايات وأصبحت هذه الدول تدخل فى ميزانيتها المكاسب الناتجة من تدوير النفايات.
فالدول الأوربية على سبيل المثال لا الحصر تصنع حالياً حوالى 120 مليون طن ورق من القمامة بعد ثبوت إمكانية إسترجاع الورق من القمامة محققين بذلك مكاسب كبيرة كذلك يتم الآن فى كثير من الدول إعادة تدوير مخلفات الألمونيوم والبلاستيك والمواد الصلبة ومعالجة مياه الصرف الصحى لإعادة إستخدام النفايات.
وعموماً يمكن تعريف النفايات بأنها المواد الصلبة أو السائلة أو الغازية غير المرغوب فيها والناتجة عن النشاطات الإنسانية المختلفة.
النفايات الصناعية فى الوطن العربى
القطاع الصناعى فى الدول العربية يتكون من الصناعات الإستخراجية والصناعية التحويلية.
وتشمل الصناعات الإستخراجية فى الدول العربية استخراج النفط والغاز الطبيعى وخامات المعادن مثل الحديد وبدرجة أقل النحاس والزنك والخامات غير المعدنية مثل الفوسفات والبوتاس وغيرها، ويشكل استخراج النفط والغاز النشاط الإقتصادى والمصدر الرئيسى لعدة دول عربية هى الإمارات والجزائر والسعودية والعراق وعمان وقطر والكويت وليبيا. كما يشكل مصدراً هاماً للدخل فى كل من تونس وسوريا ومصر واليمن.
أما الصناعات التحويلية فتساهم بحوالى 50./. من مساهمه الصناعات الاستخراجية. وتشمل الصناعات التحويلية مجموعة واسعة من الأنشطة أهمها الصناعات الغذائية وصناعة تكرير النفط. وصناعة البتروكيمياويات وصناعة الغاز الطبيعى وصناعة الأسمدة الكيمياوية وصناعة الحديد والصلب والأسمنت والمعدات الرأسمالية وبدأت تهتم معظم الدول العربية حالياً بالصناعات الصغيرة.
وعادة تبث الصناعات الاستخراجية كميات كبيرة من نواتج حرق البترول من الدهيدات وكيتونات وثانى أكسيد كربون وثانى أكسيد كبريت وأكاسيد نتروجين وعادة، ما تتلوث التربة والمياه بالنواتج البترولية الخام أو نواتج إنتاجها. وتبدو هذه المشكلة واضحة فى دول المجموعة الأولى التى تعتمد فى اقتصادها وصناعتها على البترول ومشتقاته المنتج من أراضيها.
وعموماً تنقسم النفايات الصناعية إلى:
1 ـ النفايات الغازية:
كل الدول العربية دون استثناء كغيرها من الدول النامية تستعمل سماءها كمقابر النفايات الغازية حيث أن معظم النفايات الغازية الناتجة عن صناعات البترول أو البتروكيميات و الناتج عن مصانع الأغذية تعتبر غازات يسهل خلطها بالهواء وتبعثرها دون أن تشكل مشاكل واضحة للبيئة. وأن مجرد التفكير فى استحداث تكنولوجيا اقتصادية للتخلص من النفايات الغازية يعتبر فى ضرب المستحيل حيث أن كل المصانع الحالية لا تستخدم بها تكنولوجيات نظيفة.
وتشير التقديرات أن الدول العربية تحرق من الطاقة يومياً حوالى 4.9 مليون برميل مكافئ نفط أى تحقن البيئة العربية بـ 5512 طن الدهيدات و35525 طن أول أكسيد كربون و79.625 طن هيدروكربونات ، 130.462 طن أكاسيد نتروجين ، 23.275 طن أكاسيد كبريت و17.762 طن أحماض عضوية يومياً.
أما مصانع الحديد والصلب ومصانع الأسمنت والطوب فعادة تخرج من الغازات نفايات صلبة مختلفة الألوان للعين المجردة وغالباً بكميات كبيرة تقلق سكان المناطق القريبة من المصانع وتسبب مشاكل صحية خطيرة وتحتم على المسؤلين ضرورة التدخل لحل مشكلة النفايات الغازية.
وللأسف الشديد معظم التكنولوجيات فى هذه المصانع قديمة ويصعب تحديثها وغالباً لا تتوفر المصادر المالية لتركيب مرشحات تمنع هذه المصانع من حقن البيئة بكميات هائلة من الملوثات شديدة الخطورة على صحة الأطفال والإنسان فى المناطق المحيطة.
2 ـ النفايات الصناعية السائلة:
تعتبر أهم النفايات التى تخرج من المصانع فى كل الدول العربية ولقد استخدمت معظم الدول الدول العربية مصادر المياه من بحار وخلجان وأنهار وبحيرات كمدافن للنفايات السائلة مسبب أكبر كارثة بيئية للمجتمع العربى خاصة إذا تم إعادة استخدام المياه حتى بعد تكريرها ومعالجتها للإستعمال الإنسانى أو الحيوانى.
وتتصف النفايات الصناعية السائلة باحتوائها على كم يعتد به من المواد الكيماوية والعناصر السامة والضارة والتى تتباين طبقاً لنوعية الصناعة التى تولدت عنها، ولا يوصى بإعادة استخدام هذه النوعية من المياه إلا فى إطار محتواها من العناصر الضارة فى المدى الذى تسمح به المعايير والمحددات التكنولوجية والعلمية لإعادة استخدام المياه، حيث أن علاج الضرر البيئى عن تراكم هذه المواد ما زال من الأمور العسيرة تكنولوجيا. فلا توجد تكنولوجيا حتى الآن قادرة على إنتاج مياه نقية 100./. من النفايات الصناعية السائلة بطريقة اقتصادية.
ونظراً لنقص المياه فى معظم أرجاء الوطن العربى، فإن مشكلة تلوث البيئة المائية ستكون خطيرة على مستقبل الأمن المائى والأمن الغذائى وعلى اقتصاديات الدول العربية على المدى البعيد وبالطبع الدول التى تقوم بصرف مياه الصرف الصناعى فى المصادر المائية أصبحت تعانى من مشاكل بيئية خطيرة مثل التأثير على الصحة وعلى إنتاج الأسماك وتلوثها.
وتصرف الصناعات العربية التى تقع على الخليج العربى أو على البحر الأحمر أو على البحر الأبيض المتوسط نفاياتها الصناعية السائلة على هذه المصادر مباشرة دون معالجة.
3 ـ النفايات الصناعية الصلبة:
لا توجد أية إحصاءات متاحة عن كمية أو نوعية النفايات الصلبة والتى تختلف باختلاف نوعية الصناعة وحجم المصنع وقدراته الإنتاجية والتى يقدرها العلماء فى الدول النامية بما لا يزيد عن 5000 طن سنوياً. بالرغم أن الدراسات الميدانية أثبتت أن النفايات الصلبة المتولدة من الصناعة فى مصر مثلاً تزيد عن ثلاثة أرباع مليون طن. مما يؤكد ضرورة توفير البيانات وضرورة الإهتمام بعمل بنوك للنفايات تعطى صورة حقيقة لمشكلة النفايات فى الوطن العربى.
تدوير النفايات
يعرف تدوير النفايات بأنها العمليات التى تسمح بإستخلاص المواد أو إعادة إستخدامها كمادة خام تدخل فى إنتاج المواد التى أنتج منها نفس خامة النفاية بعد أن كانت عديمة الفائدة وكانت فى طريقها إلى التخلص منها بأى وسيلة من وسائل التخلص المعروفة.
وهناك عدة شروط يجب توافرها عن تدوير النفايات أهمها:
1 ـ أن يسهل الحصول على النفاية ويسهل فصلها.
2 ـ أن تكون مواصفات المواد الخام فى النفاية قابلة للإستعادة وتستوفى المواصفات المطلوبة.
3 ـ أن يكون لها سوق تجارى.
4 ـ أن يكون من السهل التخلص من البقايا بعد التدوير.
5 ـ أن يدرس تكاليف إعادة الإستفادة وتكاليف التخلص منها.
وعلى ذلك ليس من الضرورى أن تحقق عملية التدوير مكاسب مادية فقد يفوق أثر هذه العملية على الإنسان والبيئة أية مكاسب مادية مهما كانت ضخمة. وفى نفس الوقت قد يفوق بكثير إجمالى الخسائر الناجمة عن تدوير مادة ضارة بالبيئة.
أمثلة لبعض النفايات التى يمكن إعادة تدويرها والإستفادة بها
القمامة:
لقد اكتسبت ظاهرة القمامة وتناثرها عبر شوارع العالم ولكن بصورة نسبية اهتمام جميع الدول والمجتمعات والهيئات العامة والأهلية، وهذه نتيجة حتمية لأن الإنسان فطره الله على النظافة، والطبيعية السوية. ولقد أفرزت القمامة العديد من المشاكل الصحية والنفسية والإقتصادية والإجتماعية.
كما أدى تراكم القمامة ـ وما تحتويه من مواد عضوية قابلة للتعفن والتخمر والتحلل ـ إلى توفير بيئة مناسبة ومثالية لتربية أعداد هائلة من الذباب والفئران والحشرات.
وكان التفكير سابقاً فى التخلص من هذه المخلفات بحرقها فى الهواء وينتج عنها أثناء هذا الحريق سموم متنوعة تزيد من التلوث البيئى للكرة الأرضية. بجانب إنتاج العديد من المركبات الحمضية التى تؤثر سلبياً على البيئة المحيطة.
ومن هنا اهتم الجميع من دول العالم الكبرى والدول النامية لإيجاد الحلول لهذه المشكلة وكان من ضمن هذه الحلول ما سمى بتدوير القمامة. وعملية التدوير للقمامة تضم ثلاثة طرق أساسية:
الجمع والفرز: أى جمع القمامة فى أماكن محددة ثم فرزها على أساس المواد التى تصلح لإعادة التصنيع بها مثل الورق والكرتون والبلاستيك والزجاج والمعادن، وبقايا المواد الغذائية.
التصنيع: استخدام وسائل تقنية جديدة لإعادة تصنيع مثل هذه المواد التى يتم تجميعها.
الإستهلاك: لإكتمال حلقة التدوير يجب أن يتم تسويق واستهلاك المنتجات التى يتم انتاجها من المواد ثم فرزها من القمامة لتدخل فى خدمة المجتمع مرة أخرى. فعلى سبيل المثال تم فصل المخلفات الزجاجية وتم إعادة إستخدامها فى صناعة أنواع رخيصة من الزجاج البنى والأخضر.
كما ظهرت منتجات من أكياس القمامة وورق الكتابة والتصوير مكتوب عليها مواد معاد تدويرها.
كما يمكن استخدام النفايات المحتوية على مواد عضوية يسهل تخمرها بواسطة البكتريا (مثل الورق والقماش والخشب وبقايا الطعام) لإنتاج غاز الميثان، وقد قامت بعض الشركات فى الولايات المتحدة باستغلال هذا التفاعل الذى يحدث طبيعياً فى مستودعات القمامة لإنتاج الميثان بطاقة تصل إلى نحو 140 ألفاً من الأمتار المكعبة فى اليوم، وتتم الإستفادة من المخلفات الصلبة فى الريف بطريقة مماثلة، فتجمع المخلفات النباتية (مثل حطب القطن وقش الأرز) وتخلط بنفايات الحيوانات، ثم يعرض هذا الخليط لفعل البكتريا فى آبار متوسطة العمق، ويستخدم غاز الميثان الناتج (الذى يسمى فى هذه الحالة اسم البيوجاز) فى عمليات التسخين وطهو الطعام.
كما تم البحث فى مجال الهندسة الوراثية لإستنباط بعض أنواع من البكتريا والطحالب المائية لها القدرة على التغذية على المواد العضوية التى بالقمامة حيث يتم تجفيفها واستخدامها كسماد لتربة الحدائق العامة والجنانين أو كغذاء حيوانى (يخلط بنسب مع العلف الحيوانى).
المواد البلاستيكية
المواد البلاستيكية عبارة عن جزئيات ضخمة من مواد عضوية. تتكون أساساً من سلاسل تحتوى على ذرات كربون تتصل ببعضها مكونة ما يشبه العمود الفقرى لهذه المركبات وتتصل ذرات الكربون هذه بذرات الهيدروجين وأحياناً بذرات من عناصر الأكسوجين أو النتروجين أو الفوسفور أو الكلور أو السيليكون أو أى ذرات أخرى. وهذه المواد يمكن لها أن تنساب تحت تأثير الحرارة أو الضغط. والمواد البلاستيكية متعددة وفى تزايد مستمر تبعاً لتركيبها الكيميائى وهذه المواد تتمتع بخواص فريدة مميزة علاوة على شفافيتها وهى فى الحالة النقفية كما أنها تتميز بخواص ميكانيكية وكهربية وحرارية فائقة تناسب التطور والتقدم الشامل الذى طرأ على جميع مجالات الحياة ولهذا أصبح البلاستيك جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية يلازمنا فى مأكلنا ومشربنا وفى سيارتنا فمنه تصنع الأرضيات وستائر الحمامات وأغطية الأرائك ومقاعد السيارات وخراطيم المياه والملابس وعبوات لحفظ المياه واللبن وأكياس لحفظ وتغليف اللحوم والدواجن والأسماك والوجبات الجاهزة والأطباق المنزلية وأجزاء كثيرة من الأجهزة الكهربية وغيرها.
وحيث أن المواد البلاستيكية مواد عضوية غير قابلة للذوبان أو التحلل لذلك لا يمكن التخلص منها بسهولة ولذلك فإن نفايات البلاستيك دائماً فى إزدياد هائل مما أثر على عملية التوازن البيئى وقد سببت له خللاً واضحاً نتيجة تراكمها وكذلك أثناء عملية تصنيعها ثم أثناء إستخدامها أو عملية إعادة تدويرها. وبشكل عام فإن إحتمالية تلوث الهواء أثناء عملية تصنيع المواد البلاستيكية ينشأ من انبعاث المواد الخام أو الجزئيات الصغيرة الأولية المستخدمة فى تصنيع البوليمرات فى الهواء الجوى أو بتلوث الهواء أثناء عملية التخزين مثل ما يحدث فى صناعة البويات أو الورنيشات والمواد اللاصقة.
إعادة تدوير المنتجات البلاستيكية:
المقصود هنا بعملية إعادة التدوير، أن المنتجات البلاستيكية بعد استعمالها والتخلص منها يعاد جمعها وطحنها وتحويلها مرة أخرى إلى منتجات مختلفة تستعمل مرة أخرى وهكذا. وتتم هذه العملية فى مصانع إنتاج المنتجات البلاستيكية، حيث يعاد استعمال فضلات هذه المنتجات أو الأجزاء الزائدة من عمليات النفخ أو الحقن والتى يتخلص منها عن طريق إضافتها إلى الخامات الأساسية وإعادة تدويرها وصهرها لتدخل ضمن تركيب المنتجات البلاستيكية الجديدة. وهذه العملية مسموح بها فى هذا المجال. حيث تضاف هذه الفضلات بنسبة صغيرة إلى الخامات الرئيسية وبالتالى لا يحدث أى ضرر أو تشويه أو إنقاص فى خواص تلك المنتجات.
أما الجانب الآخر الأكبر لهذه العملية فهى عملية إعادة تدوير المنتجات البلاستيكية المتوافرة فى القمامة والتى يتم جمعها وفصلها وغسلها ثم طحنها وتعبئتها فى أكياس أو شكائر وتسوق إلى بعض المصانع الصغيرة لإعادة تدويرها إلى منتجات مرة أخرى. وبالنسبة لمنتجات المواد البلاستيكية التى تلين بالحرارة فيتم إعادة تدويرها عن طريق تسخينها مع عديد من الإضافات ويتم صهرها ثم يعاد تشكيلها مرة أخرى بالطرق المعروفة. أما بالنسبة لإعادة استخدام المنتجات البلاستيكية التى لا تلين بالحرارة فيتم ذلك من خلال طحنها واستعمالها كمواد مالئة للبوليمرات الأخرى.
ويجب هنا أن نوضح خطورة عملية إعادة التدوير العشوائية والتى تتم فى مصانع صغيرة أو داخل غرف فى منازل أو فى أماكن بعيدة عن أعين الرقابة وخاصة وأن ماكينات تشكيل المواد البلاستيكية صغيرة ولا تحتاج إلى أماكن واسعة ولا على أى تجهيزات خاصة. حيث أن بعض أصحاب هذه المصانع والعاملين فى هذا المجال والذين لا ينشغلون إلا بالربح الكثير ويهملون صحة الإنسان ولا يهتمون بسلامة البيئة من حولهم ونظراً لإرتفاع أسعار المواد الخام لصناعة البلاستيك، خاصة وأنه يتم استيرادها من الخارج (حيث يصل سعر الطن نحو 7000 جنيه)، فى حين أن طن البلاستيك المستخرج من القمامة لا يزيد ثمنه عن 500 جنيه. ولذلك يقوموا بإعادة استخدام نفايات البلاستيك والتى كانت معبأة بالسموم والكيماويات والمعادن الثقيلة بعد إضافة أسود الكربون إليها، كما يضاف إليها بعض الزيوت المعدنية المحترقة والمستخرجة من محركات السيارات والممتلئة بالمعادن الثقيلة وعلى رأسها الرصاص الناتج من عملية احتراق البنزين كبدائل للملدنات، كما يضيفون عليها كميات كبيرة من الجير الحى (أكسيد الكالسيوم) كمادة مالئة، ثم يحولوا هذا الخليط الخطير إلى عبوات أو أدوات مائدة أو رقائق بلاستيكية سوداء اللون كريهة الرائحة مثل الأكياس السوداء الممتلئة بالسموم. كما يتم استخدام عبوات زيت التموين "البلاستيك" والتى تصنع من مادة البولى فينيل الكلورايد، ويتم إعادة تدويرها مرة أخرى لتصنيع الأكياس البلاستيكية السوداء، وكما هو معلوم فإن مادة كلورايد الفينيل عبارة عن مادة سامة وتسبب نشاطاً للخلايا السرطانية، ويزداد الضرر بزيادة مدة بقاء الأطعمة بتلك الأكياس، إضافة لذلك فإن إعادة استخدام مادة البولى إيثلين وإضافة عنصر الكربون لها بنسبة 2./. (بهدف إطالة عمر الكيس ضد أشعة الشمس ولإخفاء العيوب الأخرى المتعلقة بلون الكيس) تسبب زيادة نسبة السموم داخل الأكياس، وتزيد نسبة التلوث التى يهدد حياة الإنسان، والأخطر من ذلك أيضاً أن هناك احتمالاً أن تكون العبوات البلاستيكية التى سبق استخدامها بها مواد سامة (مثل المواد التى تدخل فى تصنيع المبيدات) بالإضافة على وجودها فى القمامة، مما يجعلها أكثر عرضة للتلوث، مما ينتج عنه آثار ضارة وخطيرة على الإنسان وصحته (وخصوصاً الكبد)، ولذلك يجب توعية المواطنين بمنع استخدام الأكياس البلاستيكية (خاصة السوداء) فى نقل أو تعبئة المواد الغذائية، وعدم تكرار استخدامها، وإذا استخدمها الإنسان فى حمل بعض الأشياء فعليه فور وصوله للمنزل أن يفرغها وأن يقوم بغسل جميع المواد الغذائية التى أحضرها فيها، ويفضل عدم استخدامها نهائياً إلا فى القمامة، كما يجب وقف بيع تلك الأكياس من المحلات، خاصة أن أغلب البقالين والجزارين يقومون باستخدام تلك الأكياس لبيع السلع، مما يؤدى إلى انتشارها.
كما أنه توجد بعض المنتجات والأدوات الكهربية البلاستيكية رخيصة الثمن والمنعدمة الكفاءة وذلك لعدم التجانس الكامل بين مكوناتها المكونة من العديد من أنواع البوليمرات مختلفة الأوزان الجزئية ومختلفة الكثافات ولذلك يصعب التجانس بينهم. وبالتالى ينتج منتج ردئ غير مطابق للمواصفات وله خواص ميكانيكية وكهربية وحرارية متدهورة وعاجزة عن تأدية وظيفتها ولذلك فإن أغلب حرائق الكهرباء تندلع نيرانها نتيجة هذا الخطر.
تدوير السيارات المستعملة
لقد تطورت عملية تدوير السيارات الغير صالحة للاستعمال فبعد أن كانت تلقى هذه السيارات فى الماضى كما هى فى مقابر للسيارات فى الدول المتقدمة وكان الاستخدام الوحيد لها هو كبسها ثم صهرها وإعادة تدوير المواد المعدنية فيها أصبحت مقابر السيارات هذه تصدر قطع الغيار القديمة الصالحة للاستعمال لدول العالم الثالث وأصبحت هذه التجارة من أربح التجارات. وتزداد عملية الاستفادة من السيارات الغير صالحة فى الدول النامية حيث يتم إعادة إستخدام كل جزء من السيارة كقطع غيار من أول الصامولة حتى الموتور. ويبتدع التجار فى إعادة إصلاح كل أجزاء السيارة بل إعادة إنتاج السيارة كاملة فى شكل جديد وأصبحت هذه العمليات من العمليات المنظمة التى لاقت إقبالاً شديداً من التجار والمشترين.
وترجع أسباب نجاح عملية تدور السيارات هذه إلى أن المادة المسترجعة يمكنها أن تبقى لفترة طويلة دون أية مخاطر كما أن رخص سعرها بالنسبة لقطع الغيار الجديدة مناسب جداً. كما أن النفايات التى لا تباع ولا تستخدم يمكن بيعها فى النهاية إلى مصانع الحديد والصلب لصهرها وتحويلها إلى حديد تسليح. وبالتالى فإن النفايات الناتجة من هذه التجارة تعتبر صفراً ولا يستلزم الأمر التخلص منها.
تدوير مخلفات الألمونيوم
لم يكن إستخدام معلبات الألمونيوم للمشروبات معروفاً قبل عام 1960 ولكن مع بداية سبعينيات القرن الماضى تم إستخدام أكثر من نصف مليون طن لتصنيع هذه المعلبات سنوياً. ولكن ما هى الخواص التى أهلت الألمونيوم ليصل إلى هذه المكانة؟ وللإجابة على هذا السؤال يمكن القول أن معدن الألمونيوم معدن غير سام دون رائحة ولا يسبب إكتساب أى مذاق كما أنه خفيف الوزن وهو موصل جيد للحرارة وبذلك فإن السائل داخل العبوة يمكن تبريده سريعاً. وقد أدت الزيادة السريعة فى إستخدام عبوات الألمونيوم إلى تراكم أكثر من نصف مليون طن سنوياً فى صورة مخلفات من رقائق وعبوات الألمونيوم وهذا يعتبر فقداً لأحد دعائم الإقتصاد العالمى. وإذا قورنت الطاقة اللازمة لإنتاج الألمونيوم من خام البوكسيت وبين تلك الطريقة المطلوبة لإعادة تصنيعه فإننا نجد أن الطاقة اللازمة لإعادة التصنيع (التدوير) هى فقط 9./. من تلك الطاقة اللازمة للتحليل الكهربائى للخام. وإذا أمكن إعادة تصنيع أكثر من نصف مليون طن من رقائق عبوات الألمونيوم كل عام فإنه يمكن توفير أكثر من 20-30 مليون كيلووات. ساعة من الكهرباء كل عام. وليس الفرض هو توفير الطاقة فقط ولكن للقضاء على مشكلة التلوث الناتجة من تراكم هذا المنتج والتى بلغت فى انتشارها الآن حداً فاق تصور كل العلماء ورجال الصناعة المهتمين بهذا المجال.
أمثلة أخرى متنوعة لإعادة تدوير المخلفات:
فقد تمكن مجموعة من علماء المركز القومى للبحوث فى جمهورية مصر العربية من إنتاج أقمشة مقاومة للبكتريا بمعالجة قشر سمك الجمبرى حيث يتم معالجة البكتين المستخرج من السمك والجمبرى بمواد كيميائية وأمكن الحصول على مواد مقاومة للبكتريا يمكن استخدامها فى صناعة الأقمشة القطنية والتى يمكن استخدامها فى صناعة ملابس الأطباء والممرضات وفى صناعة الأسرة بالمستشفيات وملابس غرف العمليات.
كما تمكن أيضاً مجموعة من العلماء باستخدام مستخلصات من الموارد الطبيعية عبارة عن نفايات أوراق النباتات المهملة مثل (أوراق وبذور وحبوب وقشور النباتات مثل الحلبة والترمس والنعناع وقشور البرتقال) وذلك لمقاومة ظاهرة التآكل وتكوين الرواسب فى الصناعة. حيث أنه من المعروف أن بعض المعدات الآلية فى أنظمة التبريد فى المصانع وفى رادياتير السيارة تتعرض لظاهرة التآكل وتكوين الرواسب بسبب الأملاح الموجودة فى مياه التبريد مما يؤدى إلى تقليل كفاءة عملية التبريد بصفة عامة بالإضافة إلى أنه قد ثبت أن استخدام المواد الكيماوية فى مقاومة هذه المشكلات له أضرار جسيمة من حيث السمية وضررها البالغ فى تلوث البيئة.
كما يقوم علماء من أكاديمية البحث العلمى بالتعاون مع آخرين بالمركز القومى للبحوث فى جمهورية مصر العربية باستغلال المخلفات التى تنتج من مصانع الزيوت حيث تقوم هذه المصانع بتكرير ما يقرب من نصف مليون طن سنوياً من الزيوت وينتج عن ذلك مخلفات ونواتج ثانوية ذات قيمة كبيرة يمكن استغلالها فى إنتاج مركبات لها أهميتها فى التصنع الغذائى وأيضاً يتخلف عن عملية إزالة الرائحة للزيوت (وهى آخر مرحلة فى عملية التصنيع) نواتج غنية بمركبات فيتامين "هـ" لذلك فإن الغرض من هذا المشروع هو استغلال هذه المخلفات فى إنتاج فيتامين "هـ" لاستخدامها كمواد طبيعية مضادة للأكسدة بدلاً من تلك المخلقة صناعياً والضارة بالصحة.
المراجع
1 ـ أسس تدوير النفايات للأستاذ الدكتور أحمد عبد الوهاب عبد الجواد ـ الدار العربية للنشر والتوزيع ـ القاهرة 1997.
2 ـ إنهم يقتلون البيئة ـ للدكتور ممدوح حامد عطيه ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ مشروع الألف كتاب الثانى ـ القاهرة 1997.
3 ـ الإنسان وتلوث البيئة ـ للدكتور محمد السيد أرناؤوط ـ الدار المصرية اللبنانية ـ ضمن مشروع مكتبة الأسرة ـ القاهرة 1999.
4 ـ البلاستيك وتأثيراته الصحية والبيئية ـ للدكتور أحمد مجدى حسين مطاوع ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ سلسلة العلم والحياة ـ القاهرة 1997.
5 ـ حرائق المواد البلاستيكية وأخطارها ـ للدكتور أحمد مجدى حسين مطاوع ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ سلسلة العلم والحياة ـ القاهرة 1999.
6ـ التلوث البيئى والهندسة الوراثية ـ للدكتور على محمد على عبد الله ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ سلسلة العلم والحياة ـ القاهرة 1999.
7ـ التلوث البيئى وأثره على صحة الإنسان ـ للدكتور محمد السيد أرناؤوط ـ أوراق شرقية ـ القاهرة 1997.
8ـ مجلة عالم الكيمياء ـ شعبة الكيمياء ـ نقابة المهن العلمية ـ العدد الثامن ـ القاهرة 1999.
__________________
|