دخلت إلى مسجد صغير في حي فقير..فالمنادي
ينادي:حيعلىالصلاة!
قطع دعائي ورجائي صوت نحيل من شاب صغير
تناول مكبر الصوتليهتف:قد قامت الصلاة..قد قامت الصلاة.
انسللت بين الناس لأقف معهم بين يدي
مولاي؛أعرض نفسي عليه،عله أن يقبلني،وياله من موقف ما أعظمه!
إذا بفتىصغير،يقف في المحراب التفت إلينا ثم هتف
فينا: استووا.. اعتدلوا..عجبا له!ما أشدجرأته!
كيف يقتحم هذه العقبة الكؤود،وفي القوم خلفه من
هم أطول منهعمرا.وأكبر سنا، وأكثر علما، وأعلى
منزلة،وأزكى حسبا ونسبا؟!
سلسلة منالأسئلة عصفت بي كأمواج البحر العاتية..
انقطعت حبال افكاري،وهو يقول:اللهاكبر!كبرنا
بتكبيره،وفي القلب ما فيه،وإنما جعل الإمام ليؤتم به ،فإذا كبرفكبرؤا..
وفجأة!سمعت ما لم أسمع من زمن..
تلاوة خاشعة بصوت شجي نديلطيف..رفرف له
القلب، وخشعت به الجوارح!سألت نفسي في
دهشة:أهذه الفاتحة التي اسمعهافي كل يوم!أتبعها بغيرها من الآيات..
فشعرت بدمعة حارة تسقط على صفحة خديلتغسل ما في قلبي..
فيا لها من دمعة!كم كنت أبحث عنها.
وودت أن لايركع..فقد وجدت نفسي معه..لكنه
ركع،ثم رفع..ومضت بنا تلك الصلاة كأروع ماتكون!
قام الناس،ولم أقم..وحينما حان القيام ذهبت أليه
وسلمت عليه،وقلتله:ما اسمك يا بني؟
فأجابني بنبرة واثقة باسمه ونسبه.
قلت:فكم تبلغمن العمر؟
قال: وقد علته ابتسامة لطيفة إحدى عشرة سنة!
قلت:فكم تحفظمن القرآن؟
أطرق برأسه قليلا، ثم قال:أحفظه كاملاـولله الحمدوالمنة
وددت أن أطمه إلى صدري،أن أقبله بين عينيه،فقد
ارتسمت أمامي أخيلةكثير من الشباب الأمة في
مثل سنه،ماحلامهم؟واهتماماتهم؟واعمالهم؟
قلت:منقدمك لتصلي بالناس يا بني؟
هنا رميته..تبعثرت كلماته..تناترت حروفه..أعجزهالجواب!
أردفت بالسؤال:من قدمك لتصلي بالناس؟!
قال..وقد أخذتهرعشة:أبي!
قلت:لا!لم يقدمك أبوك،الذي قدمك هنا هو؛الله!فإن
الله تعالى يرفعبهذا القرآن أقواما ويخفض به آخرين.
أسأل الله أن ينفع به من كتبه وقرأهونشره أن يجعله
سبب هداية وسعادة في الدنيا الآخرة