بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء و المرسلين نبينا و حبينا محمد صلى الله عليه و سلم
الذي يود منا أن نقتدي به إلى الرحمة والسلام و العدل و النور و إلى طريق الله سبحانه و تعالى
فهذه الدنيا سوف نفارقها يوماً ما
ثم أحييكم بتحية أهل الجنة التي كلنا نود الدخول فيها فـ السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
إليكم أحبابي في الله إليكم أيها الأخوة الكرام كلماتي المتواضعة و أتمنى من الله أن تلامس قلوبكم الطيبة
إن هذه الدنيا كطريق فيه مطبات و حفر حيث أنها لا تكون كما نتخيلها و كما نريد فأمنياتنا كثيرة حتى لو كانت بسيطة و أحلامنا مهما كانت فإننا
نريد أن يحققها الله لنا في دنيانا و آخرتنا و لكننا ننصدم في كثير من الأحيان بالواقع الصعب و المرير فمتى ما أحسسنا بشدة الواقع و قسوته فإننا
نتألم و نحزن في داخل قلوبنا و أكثر الأوقات لا يعلم ما ألم بقلوبنا من ضيق و هم و حزن و ألم غير الله تعالى فنتجنب الناس و أحياناً نتجب
المجتمع و نحب أن نكون بمعزل عنهم فندخل في حيرة السكون و بحور الأفكار الحالمة فيصير الليل نهاراً و النهار إلى ظلمة و سواد و يعتصر
فؤادنا ذاك الألم الذي لا يوصف فنرحل عن مكاننا و نسبح في فضاء الأحلام فإما نصل إلى الماضي الجميل أو نتحسر على واقعنا المرير أو نحلم
بغد مشرق و مستقبل جميل نبنيه كما نريد و لكن في مخيلات عقولنا و أحلامنا الوردية ...
و لكن عندما نرجع إلى عالمنا الحقيقي و الواقع الحاضر الآن فنجده شتاءاً قارصاً أو خريفاً باهتاً أو ليلاً مظلماً ... و كأننا قريبون من الموت و
الجمود ... فيأسرنا الصمت و تختفي عنا البسمة ... و نضعف و نضعف عن مواجهة الأيام و العيش في محيط هذه الحياة ... ثم فجأة نرى أنفسنا
في المرآة فنرى ملامحنا و قد تركت الكآبة أثراً في عيوننا و درب الدموع رسم خطه على الخدين .. و كأننا أموات في أجساد تتحرك
فنحس بالأسى على أنفسنا و الكل عنا لاهي في مشاغله و دنياه و عالمه .. فالسعداء ماضون في سعادتهم .. و الظالمون يمضون في ظلمهم .. و
الحزينون في حزنهم و جراحهم ... فمن المطلع و ما هي النهاية لكل هذا ؟ و ماذا بعد ذلك ؟
إن لكل كتاب أجل و الكل سيحاسب فمن أراد البعد عن هذه الدنيا و تمني الموت فسيأتي اليوم الذي فيه يموت و من أراد العيش سيعيش بما قدره
الله له ثم بعد ذلك سيموت و من أراد التخلص من حزنه و جراحه سيأتي اليوم الذي فيه سيتخلص من هذه الأحزان إما أن يفرج الله عليه و ينقلب
الحال من حال إلى حال أو أن تنتهي أيامه فوق الأرض و سيموت و سيفارق كل شيء عن هذه الدنيا و عن كل قساوتها و شدتها إن شاء الله
و لكن السؤال هنا الذي يجول في خواطرنا و ضمائرنا و عقولنا و قلوبنا ماهو المصير بعد الموت ؟
هل سنكون من أهل الجنة أم أهل السعير ؟ فماذا قدمنا في دنيانا و عمرنا لأنفسنا و للغير هل جميلة و خير أم مكيدة و شر
كيف سيذكروننا الناس بعد أن نرحل من هذه الدنيا التي لا حال لها يدوم .. إننا نرى كثيراً من الناس الأنيقين و المهندمين التي تدل هيئاتهم على
النظافة و الرقي و لكن هل هم هكذا في دواخلهم و قلوبهم ؟ و نرى كثراً منهم بسيطين و عاديين في ملبسهم و تعاملهم مع الغير فهل هم حقاٌ عند الله
تعالى مقدارهم قليل ؟ أم أن الله عز و جل يحبهم و أعد لهم الخيرات و الحور العين و القصور و الجنان و رقفة من هم أفضل الناس سبحان من
خلقهم و أوجدهم .. فماذا عملنا في أعمارنا القصيرة ؟
يجب علينا الرضاء و الخضوع لله تعالى بما قدره لنا .. و من المهم أن لا نكون عالة على أنفسنا أو على الناس أو المجتمع و أن نتحلى بالصبر و
الدعاء و الصلاة ( فما لحوادث الدنيا بقاء ) سيأتي اليوم الذي سوف تنفرج فيه الهموم إن شاء الله و لكن علينا بالصبر
و أن نكون أوفياء بالأفعال و الأقوال مع الغير من الناس و أن تبعد عن دروب و مواطن الخيانة و الكره و البغضاء فما أجمل الحياة حينما نحياها و
الخير في قلوبنا ننثره فيمن حولنا و لا نرجوا منهم شكراً أو جزاء فيكفي أننا عملنا خير من أجل و جه الرحمن تبارك و تعالى يكفي أن ننام و
ضمائرنا مرتاحة و حياتنا صافية و نقية خالية من الحسد و النظر إلى الغير ممن أعطاهم الله الأموال و زخرف الدنيا .. فهؤلاء منهم من أغتر بماله
فأصبح بين الناس مغروراً و متكبراً تراه من الظاهر و الخارج قوياً صلباً يضحك و يقهقه بالضحك معجب بمنظره و مظهره و لكنه كحال المتكبر
خاوياً من داخله و الناس من حوله لا يحبونه و لا يقتربون منه إلا من أجل غرض و مصلحة فهذا أسوأ موقف يحسب على صاحبه ولا حول ولا
قوة إلا بالله .. يجب علينا كبشر يطلق علينا ( إنسان ) أن نتحلى بالكرامة و الشجاعة و كرم أخلاق و طيبة قلب و وفاء و أخوة بين بعضنا البعض
و أن لا نبخل حتى لو بإبتسامة أو حتى دعوة في ظهر الغيب ( فلسطين ) ( لأنفسنا و آبائنا و آمهاتنا و اخواننا و من مات منا ) لنكن في حياتنا
القصيرة خير للغير نهر عطاء بالخير و الجود لكل من هو أمامنا موجود و لنتعلم أن نعطي أكثر مما نأخذ و نصبر على تلك الليالي الباردة ... و
من يحقد و يكره ولا يسامح و يمكر ولا يقدر الأخوة و حسن التعامل يجب علينا أن لا نقلده ولا نفعل مثله بل نتجنبه أو ننصحه فإن لم يريد فلنتجنبه
... فننظر هناك نحو الأفق ماذا نرى سوف نرى سطوع نور سوف نرى شروق شمس ليوم جديد فلنركض نحو هذا الضوء و هذا الشروق و نبتعد
عن مستنقعات الماضي و لنرمي بالجراح بعيداً عنا و لنمضي مهما كانت الجروح تنزف فلنمضي إلى الأمام و نضع أصابعنا على آذاننا حينما
نسمع صدى الآهات .. من مات من أحبائنا فلندعوا لهم بالرحمة و من جرحنا أو خاننا أو تركنا و حيدين في دروبنا أو طعن قلوبنا فلنرفح و
لنضحك لأننا عرفنا كيف هم و كيف هي أصالتهم و كيف نحن مترفعين عن أعمالهم هذه ... و من أراد المضي قدماً نحو السعادة القلبية و أن يفتح
باب الضمير المرتاح و يدخل في ذلك القصر الذهبي و الرائع فلينثر الخير على من حوله بكرم أخلاقه معهم و كرم ما يبذله من مال و الوقوف معه
للخير و مساعدته بالنصيحة و المشورة و الكلمة الطيبة و دحر الظلم و الوقوف معه إلى آخر لحظة حتى يسطع نور العدل و الخير ...
فلم الشتات في الوحدة و البكاء ؟ و لم الجلوس و عدم النهوض و لم البقاء في عزلة و صمت لم لا نتحرك و نحرك جوارحنا إلى الأمام و الخير لم
التشكي و ربنا سامع الشكوى مطلع يسمعنا و يرانا لم اللجوء إلى ضعفاء مثلنا ... من خلقنا لا ينسانا فلم نهدر بكرامتنا و نبكي و نقسو على
مشاعرنا و على أنفسنا ؟ .. فنحن لنا عزة نفس و كرامة فلنكن أقوياء و لنواجه الضعف فلنقف مرتاً أخرى و لنستعيد حياتنا و لنرجع إلى الحياة و
لنستمع إلى أصوات العصافير كف تغرد و لنستنشق الهواء العليل و لنغسل أجسادنا بالماء الدافيء و الطاهر و لنبستم فما المانع و نحن أحرار و
لدتنا إمهاتنا أحراراً فمن حقنا أن نذهب إلى هنا و هناك و نتكلم و نضحك و نتحرك و نفعل ما نريد طالما أنه لا يغضب الله تعالى فنحن احرارأ
طالما هذا العصفور يطير .. هل العصفور أفضل منا إنه يحلق بكل حرية فلم لا نكون نحن أيضاً أحراراً و نرمي بقيود الكبت و الحزن عنا و أيدينا
و حياتنا ... فنعيش حياتنا و نحررها من كل حزن و ضيق و نفتح باب القفص الحديدي و لنحرر أرواحاً حره كما أتت إلى هذه الدنيا حره بفضل
الله تعالى ولا نكون عبيداً لـ كلمةٍ موجعة سمعناها من أحدهم و جرحتنا و لا نكون عبيداً لـ من باعنا بالأمس و ..... و غيرهم ممن يهدمون سعادة
حياتنا
فنتعلم من هنا و هناك كيف هي أحوال الناس و كيف يعيشون الحياة لنغير هذه الصفحة و نقلبها لصفحة جديدة و نكتب فيها ما تريده عقولنا لا
عقولهم و لنصفح عن أنفسنا و نبدأ مشوار الحياة من جديد فالحياة جميلة إن كنا نحمل أفكاراً سليمة طيبة و قلباً طاهر و نقي
هذه حياتنا فلم الكبت و الحزن نسجن أنفسنا بأيدينا و نحن خلقنا أحرار فلنعش حياتنا لأنها حياتنا و ليست حياة الغير .. إنها حياتي و ملكي أعطانيها
رب العالمين فهي من حقي و ليس من حقي أن أسجنها بين جدران الأسى و البعد عن الأمل و السعادة و الربيع فلا نرمحها من حقها
آسف على الإطالة
الغازي