خريج الثانوي.. يسكن تحت كوبري الحراج في الرياض(صور)
تحقيق - مناحي الشيباني تصوير - عبدالله العجمي
تحت أحد الكباري في الرياض والذي يفصل حراج الخردة ومجمعاً للورش الصناعية والذي يكتظ فيه المكانان بالعمالة السائبة من مختلف الجنسيات التحف خريج الثانوية العامة (فروة) وافترش الأرض وأصبح ينظر للعابرين من حوله من خلال (فتحة) ضيقة من ثقف الفروة التي التحفها وهو يجفف دموعه ويرتجف ليس من شدة البرد!! فالعابرون حوله والذين يركبون سياراتهم أغلقوا نوافذ سياراتهم ولم تعد (مكيفات) سياراتهم تلبي رغباتهم في مواجهة شدة الحر!! لكن صاحبنا يرتجف من الخوف والاحساس بالفشل أو عدم تحقيق الذات.
بالتأكيد وهو في هذا المكان الموحش والذي تناثرت حوله ملابسه وبقايا اكله لم تعد تسعفه ذاكرته لمعرفة اننا اليوم في أيام عيد الفطر المبارك عندما زرته في هذا المكان وحاولت أن أقدم له التهنئة بالعيد السعيد فأبدى استغرابه مني بهذه التهنئة على حد تعبير وجهه والتي عكست لي رده عليّ وكست لي أن فصول السنة أصبحت لديه واحدة والأيام لا جديد فيها حتى الأماكن لديه لم يعد مشتاقا لمكان معين فأصبحت الأماكن كلها واحدة. عندما قال لي أنام هنا منذ اسبوع!! لا من شهر!! لا من شهرين واستمر في محاولة منه لتذكر المدة التي قضاها في هذا المكان الموحش وأخذ يحاول تذكر المكان الذي قدم منه وأردف يقول لي مرتجفاً من الغربية لا من الطائف قال لي اسمي خالد ثم قال لي من أنت؟؟ وعرفته بنفسي وطبيعة عملي وعرضت عليه مساعدتي وسألته عن مؤهلاته وأخذ يتذكر بصعوبة وقال لي: أنا خريج ثانوي مع الثانوية العامة.. وعندما بدأت اتناول معه وجبة الغداء.. شاهدت يديه ترتجفان وهو يلتهم الطعام..
شاهدت على وجه شعور بخيبة الأمل.. والهروب من ذكريات مؤلمة.. تختزنها ذاكرته.. لكن عقله الباطن أوحى اليه ان هذا المكان الذي ينام فيه اليوم تحت احد الكباري هو المكان الوحيد الذي يشعر فيه بالراحة وبالهرب من المجهول.. ومن الماضي الذي اصبح يلاحقه.. على شكل كوابيس مزعجة تراوده بين تارة وأخرى قد لا يشعر فيها أقرب الناس اليه.. لكنها لا تفارق مخيلته.. ولا يستطيع ترجمتها لنا.. عرضت عليه مساعدته في توفير عمل.. انجذب إليّ بكل أحاسيسه.. لكن الخوف ما زال يسيطر عليه.. والرعشة لا تزال تلازمه.. وقال: نعم أعمل أي شيء معي شهادة الثانوية!! لكنه استدرك وضعه الذي يعيشه اليوم.. وأصبح ينظر إليّ على أني أضيع معه الوقت.. أو أني أخبئ له خطراً قادماً!! على حد تعبيره عندما أجهش بالبكاء خوفاً مني!! ثم التحف فروته وأخذ ينظر إلي من تحتها بين فترة وأخرى ليتأكد من أنني غادرت المكان الذي ينام فيه تحت الكبري الذي تعبر فوقه مئات السيارات دون ان يسأله أحد عن شأنه أو يحاول مساعدته!!
وقد يحدث لمثل خالد لو تركناه بهذه الحالة أن يتحول إلى شخص ناقم على المجتمع، فالمسؤولية مشتركة ومشكلة خالد إذا كان اسمه خالد مسؤولية مشتركة يشترك فيها المواطن والمسؤول في القطاع العام والقطاع الخاص فلو ترك خالد دون علاج ودون مساعدة ودون توعية بهذه الصورة نكون قد فقدنا شاباً من شباب الوطن ولم لا يتعاون القطاع الخاص في توظيف خالد واستمر في استقدام العمالة وتسريحها في الشوارع وقام المواطنين بتوفير فرص عمل للعمالة السائبة والذين لاحظتهم يملأون المكان الذي يعيش فيه خالد ولا يجدون من يسألهم أو يوقفهم؟؟ عن ممارسة مخالفاتهم؟؟
تركت خالد وأنا على يقين ان الجهات المسؤولة في الشؤون الصحية أو في الشؤون الاجتماعية سوف تبادر في علاجه وإعادة تأهيله وان القطاع الخاص سوف يوفر له فرص عمل وان المواطن العادي إذا رأى مثل خالد في يوم من الايام ينام على الرصيف سيبادر بمساعدته على قدر استطاعته وارشاده للمكان الأفضل له للاستفسار والمساعدة. جوال المحرر مناحي الشيباني (0504120008).