قبل ايام يتحدث اخواي الصغيرين, قال أحدهم :"سنة 2010 خلصت " فرد الأخر :" شلون خلصت؟" فأجاب :" يعني خلاص خلصت ما عاد ترجع ابداً".
ورغم بساطة التعبير في حديث الأطفال , ورغم غفلتهم عن المعنى المؤلم لهذه الكلمات , ولكنها كانت كلمات حقيقية , فتلك السنة لن تعود ابداً, ولو اجتمع البشر كلهم أجمعون على ان يعيدوها كما كان العرب يفعلون بالنسيئة , فهم لن يستطيعوا ذلك, لقد انتهت 2010 بحلوها ومرها, بأحلامها وإنجازاتها, بخيرها وشرها , بذنبها وأجرها , غريب امرنا نحن البشر, فأنا أزعم أن الانسان لا يسيطر على ذاته كما يعتقد كل أنسان أنه يفعل, فنحن نتصرف في أغلب الأحيان بسيطرة غير طبيعية من اللاشعور, فعندما نجلس مع انفسنا لنحاسبها, ونتخذ قرارات نريد تنفيذها, سواء في الحياة أو في العمل , لكنها تذهب ادراج الرياح, فتعود لتسيطر علينا طبيعتنا التي جبلنا عليها , فلكم بدأنا من سنين بطموحات وخطط وبرامج, لكنها كلها تحطمت بين صخرة الطبيعة وسندان الواقع, ولكم تجرعنا طعم الفشل في السنين الماضيات حتى أدمناه وننتظره في السنين القادمات, سنة ذهبت وأخذت معها أنفاسنا وأحلامنا وجزءاً من ارواحنا, أجزاء من كياننا فقدناها ولن تعود أبداً, كل قطرة عرق أو دمع, كل ضحكة وابتسامة , كل نفس تنشفناه .
يقول مصطفى محمود برؤيته : "ان الحياة هي عملية الموت" , فكل جزء من الجسد يفنى شيئاً فشيئاً.
على المستوى الشخصي لم نحقق سواء اضغاث أحلام, ولا أعزي نفسي إلا بقول الشاعر: إذا كانت النفوس كباراً....... تعبت في مرادها الأجسام
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!
والالاف من اشارات الاستفهام والتعجب قد تكفيني عن الحديث عن المستوى الشخصي, بالفعل تبدو لي الحياة , كمغامرة كبرى , وابحار ضد التيار, ومن يدري كيف ستنتهي هذه المسرحية , كما قال يوماً أحد الكتاب المسرحيين وهو على فراش الموت , اسدلوا الستار , انتهت المسرحية.
على مستوى الصعيد العربي والاسلامي , فهم ليسوا بأحسن حالاً مني , ولعل في هذا ما يعزيني , فجميع العرب والمسلمين لم يخطوا طوال عام كامل خطوة الى الامام, هذا ان افترضنا ان العالم كاملاً بقي ينتظرهم , او انهم بالفعل لك يخطوا خطوة الى الخلف , وسأكون بذلك حققت أنجازاً كبيراً بأني حافظت على مكاني ومكانتي , وليس كلاً يستطيع ان يحافظ على مكانه , فالعرب كلهم اليوم يريدون ان يعيدوا الوضع الى عام 1967 ولكنهم لا يقدرون حتى على ذلك .
على المستوى العالمي , من سيء إلى اسوأ, كوارث بيئية, وازدياد حراري, وحروب معتوهه , ودول تقسم , وكراسي تتعفن بمن فيها , ودول تصرف ملايين الدولارات لبناء فنادق خمس نجوم للكلاب والقطط , ودول تكافح لانقاذ الاطفال من امراض بدائية ولكنها لا تستطيع .
كتبت في بداية العام الماضي , عقد جديد وعُقد جديدة , ويبدو اني لم اكن مخطئاً في حكمي ,وها نحن نبدأ سنة جديدة , فما سيكون شكل الاطلال التي نقف عليها بعد 12 شهراً من الان, لا استطيع ان اكلفك فوق طاقتك واقول انك انت من يحدد , ولا اكون جهمياً فأقول ان القدر وحده من يحدد , بل شيء من هذا وشيء من ذاك , ويجب عليك ان تبتلع هذه الطبخة والا فستموت جوعاً!