04-04-2011, 05:43 AM
|
عضو ماسي
|
|
تاريخ التسجيل: Jul 2009
المشاركات: 1,765
معدل تقييم المستوى: 5242631
|
|
اليابان .. شعب يعود لـ (قلبه)!
اليابان .. شعب يعود لـ (قلبه)!
عبد الوهاب الفايز
في اليابان يتعلم الناس العمل من قلوبهم، وهذا منبع نجاحهم في الجودة. من حكاياتهم أن إحدى الأمهات كانت تراقب ابنتها وهي تعد المناديل لوالدها وتضعها قرب الباب، وهكذا يفعل جميع اليابانيين، إذ من عاداتهم أن لا أحد يخرج بدون منديله الأبيض. لاحظت الأم أن البنت لم تتبع الطريقة التي تضمن ترتيب المناديل بطريقة محكمة، لذا هرعت إلى الصغيرة وأخذت المناديل منها ثم علمتها كيف تشد المنديل من أطرافه ثم تلفه بإحكام يجعله متساويا ومتطابق الأطراف وفعلت الشيء مع البقية، ثم اقتربت من ابنتها وبنظرة صارمة ونبرة جادة قالت لها: ضعي قلبك فيما تفعلين!
هذا هو الأصل الثقافي لنجاح الجودة في اليابان. أحد الأمريكان المهتمين بالإدارة سأله صديقه الياباني في المساء عن أبرز ما شاهده بعد جولته في المصانع، فروى له ما لاحظه في جولته، حيث يقوم العامل الياباني بلصق قطعتي السيارة بعد أن يضعهما فوق بعض ثم يتأكد من التطابق ثم يمرر إصبعه في الفتحة حيث يوضع المسمار ليتأكد من التطابق ثم ينظر من الجهتين ثم يضع المسمار وبعد ذلك يربطه. في المقابل وفي نفس خط الإنتاج في أمريكا.. هناك العامل الأمريكي لا يحتاج إلى كل هذه الالتفافات والتدقيق، فالمطلوب جمع القطعتين ثم وضع المسمار وإذا لم ينزلق يستخدم العامل مطرقة لتمريره ثم يشده. الياباني انطلق من ثقافته فأتم العملية بإتقان، بينما الأمريكي تصرف حسب التعليمات ولم يجد أنه مدفوع لأكثر من ذلك، لذا تميز اليابانيون بالجودة، ورائد الجودة الأمريكي إدوارد دمينج نجحت مدرسته في اليابان.
هذا الموروث الياباني هو الذي يقودنا الآن لنفهم كيف يستجيب هذا الشعب العظيم لكارثة الزلزال الأخير. مما خرج من هذه الكارثة مقطع يصور كيف كان العامل الياباني يتلقف المعروضات حتى لا تسقط من رفوف معروضات أحد المحال لحظة الزلزال.. إنه الحرص غير المصطنع وهو من أسرار تفوق اليابان.
في عام 1994 كنت في زيارة لليابان، وفي نادي الصحافة الوطني كنا نقف عند صورة جدارية توثق كيف كانت طوكيو بعد الحرب العالمية الثانية. أرض محروقة تماما ولم يبق سوى مبنى البورصة ومبنى محطة القطار، وكلاهما بُنيا على طراز العمارة الرومانية، (وبعض اليابانيين يعتقدون أن الحلفاء تعمدوا عدم تدميرهما لما يرمزان له).. هكذا قال لنا مدير النادي ضاحكا! ومما قاله وكمؤشر على حجم الدمار حينئذ أن الذي يقف في طوكيو يشاهد قمة جبل فيجي على بُعد 220 كم إذا لم يكن هناك أي نشاط، فالسماء صافية تماما.
في شوارع طوكيو عندما ترى ناطحات السحاب العملاقة وتمر بمحطة القطار الرئيسية ذات الثمانية طوابق تحت الأرض التي يمر بها أكثر من ثمانية ملايين شخص يوميا، هنا تتذكر عظمة اليابان وهنا تتأكد أن اليابان ستخرج من الكارثة وقد استجمعت روحها ونسيت خلافاتها. إنها تعود إلى قلبها، مصدر قوتها. عندما تزور اليابان وترى الناس تقف في الصف عند المصاعد تدرك سر التفوق. إنهم الشعب الوحيد الذي يلتزم النظام عند المصاعد! هل نستغرب ما نرى الآن وكيف يستجيبون للكارثة؟
***
صديقنا الدكتور فيصل المبارك بعث رسالة فيها الكثير من المعاني الجميلة عن زلزال اليابان. فيها يذكرعشرة أشياء يجب أن نتعلمها من اليابانيين في محنتهم، وهي:
1 - الهدوء، فلا منظر لضرب الصدر أو النواح. الحزن بحد ذاته يسمو.
2- الاحترام، طوابير محترمة للماء والمشتريات. لا كلمة جافة ولا تصرف جارح.
3 - القدرة، فالمعمار فائق الروعة، إذ المباني تأرجحت ولم تسقط!
4 - الرحمة، الناس اشتروا فقط ما يحتاجون إليه للحاضر حتى يستطيع الكل الحصول على شيء.
5 - النظام، لا فوضى في المحال، لا تذمر، لا استيلاء على الطرق، التفهم سيد الموقف.
6 - التضحية، خمسون عاملا ظلوا في المفاعل النووي يضخون فيه ماء البحر، كيف يمكن أن يكافأوا؟
7- الرفق، المطاعم خفضت أسعارها، وأجهزة الصرف الآلي تُركت في حالها، والقوي اهتم بالضعيف.
8 - التدريب، الكبار والصغار، كل عرف ماذا يفعل بالضبط، وهذا ما فعلوه.
9 - الإعلام، أظهر تحكما رائعا، فلا مذيعين تافهين، فقط تقارير هادئة.
10- الضمير، عندما انقطعت الكهرباء في المحال، أعاد الناس ما بأيديهم إلى الرفوف ومشوا بهدوء.
(هذه من صفات الإسلام الحقيقية واليابانيون يطبقونها الآن، شعب فعلا راق).
لعشاق المصادر
هنآ
|