الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة والسلام على نبينا المبعوث رحمة للعاملين. أما بعد:
تعلمون إحدى نعم الله تعالى العظيمة على عباده المسلمين المؤمنين ألا وهي نعمة الصبر وانتظار الفرج.
وتذكروا مثلنا الأول وقائدنا وحبيبنا الرسول وقدوتنا في سيرته ودعوته وصبره وحلمه وثباته وكذلك الصحابة رضي الله عنهم ورضوا عنه عند نزول الفقر بهم والأمراض والخوف والرعب وأنواع الإبتلاءات قالوا على سبيل الإستعجال: مَتَى نَصْرُ اللَّهِ ؟؟ [البقرة:214] فبشرهم الله تعالى برحمته: أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ [البقرة:214] فالنصر قريب من المؤمنين المتقين المحسنين الشاكرين الصابرين الأوابين الموحدين.
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة:153] وقال تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ [البقرة:156،155] فأثابهم الله تعالى وبشرهم بقوله: أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:157].
قال تعالى: وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا [البقرة:113]. قال تعالى: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا [الشرح:6،5]. قال تعالى: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ [الحج:40،39]. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [آل عمران:200]. قال الله تعالى: بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ [آل عمران:126،125].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: { يتنزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقي ثلث الليل الاخير فيقول من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له } [رواه البخاري]، وعن أبي هريرة رضى الله عنه أن الرسول قال: { قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر فاقرأوا إن شئتم: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ [السجدة:17] } [رواه البخاري]. وعن الحسين بن علي رضي الله عنه عن النبي أنه قال: { ما من مسلم ولا مسلمة يصاب بمصيبة فيذكرها وإن طال عهدها فيحدث لذلك إسترجاعاً إلا جدد الله له عند ذلك ما أعطاه مثل أجراها يوم أصيب بها } [مسند الإمام]. والاسترجاع هو قول: ( إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها ) فنثق وتؤمن بأن في طاعة الله تعالى وطاعة رسوله قولاً وعملاً فيه الطمأنينة والفوز والنصر والفلاح والسعادة والنجاة في الدنيا والآخرة وبها تستجلب النعم وتستدفع النقم كما أنها قوت القلوب وقرة العيون وسرور النفوس وروح الحياة وحياة الأرواح فعلينا مواصلة التقرب إليه سبحانه بالمحافظة على الصلوات الخمس مع الجماعة التي هي أهم العبادات بعد التوحيد ولنحرص على الإخلاص وطلب العلم الشرعي وتلاوة كتاب الله الكريم والعمل به على المنهج النبوي الصحيح ونذكر نعم الله تعالى وآلاءه المتتابعة والإكثار من التسبيح والإستغفار وحفظ الجوارح.. اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [الأعراف:128]، لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ [الزمر:53]. أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ [الزمر:36]. فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [البقرة:137]. وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلاً [النساء:84]. وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ [الفرقان:58] الذي لا يفني ولا يبيد ولا يكون إلا ما يريد، والفرج قريب وابشروا بالخير. تفاءلوا الخير تجدوه. والحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة والسلام على نبينا المبعوث رحمة للعالمين وصحبه أجمعين.