بسم الله الرحمن الرحيم
أختصر... ولا تجادل....
يقولون:إن الناصح كالجلاد ..وبقدر مهارة الجلاد في الجلد..يبقى الألم.
لاحظ أقول مهارة الجلد...لا قوة الجلد!! فالجلاد العنيف الذي يضرب بقوة...
يتألم المضروب وقت وقوع السياط..ثم ما يلبث حتى ينساها..
أما الجلاد الأستاذ في صنعته ..فقد لا يضرب بقوة..لكنه يعلم أين يوقع السوط...
كذلك الناصح... ليست العبرة بكثرة الكلام...ولا طول النصيحة وإنما بأسلوب الناصح..
فاختصر قدر المستطاع... إذا أردت أن تنصحه فلا تلق عليه محاضرة..!!
خاصة إذا كان الأمر متفقاً عليه ...كمن تنصحه عن الغضب ..أو شرب الخمر..أو ترك الصلاة...أو عقوق الوالدين...الخ
تأملت النصائح النبوية الشخصية المباشرة..فوجدتها لا تزيد الواحدة منها على سطر واحد ...أو سطرين..
اسمع:
ياعلي..لا تتبع النظرة النظرة...فإن لك الأولى وليست لك الثانية...
انتهى نصيحة بإختصار..
يا عبدالله بن عمر...كن في الدنيا كأنك غريب ...أو عابر سبيل..
انتهى نصيحة باختصار...
يا معاذ.. والله إني أحبكـ..فلا تدعن في دبر كل صلاةأن تقول: اللهم أعني على ذكركـ ..وشكركـ ..وحسن عبادتكـ...يا عمر ..إنكـ رجل قوي...فلا تزاحمن عند الحجر..
وكذلكـ كان العقلاء بعده صلى الله عليه وسلم يختصرون في نصائحهم..
لقي أبو هريرة رضي الله عنه الفرزدق الشاعر فقال: ياابن أخي إني أرى قدميكـ صغيرتين..ولم تعد لهما موضعاً في الجنة
يعني فاعمل لها...ودع عنكـ قذف المحصنات في شعركـ..
وعمر رضي الله عنه..كان على فراش الموت..فجعل الناس يدخلون عليه تباعاً يودعونه ويثنون عليه..
وجاء شاب وقال: أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله لك من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم..وقدم في الأسلام ما قد علمت..
ثم وليت فعدلت ...ثم شهادة..
فقال عمر:وددت أن ذلك كفاف لا علي ولا لي..
فلما أدبر الشاب..فإذا إزاره يمس الأرض..مسبل أي إزاره تحت الكعبين.. فأراد عمر رضي الله عنه أن يقدم النصيحة للشاب..فقال:
ردوا علي الغلام..فلما وقف الشاب بين يديه ..قال:يابن أخي ..أرفع ثوبكـ..فإنه أنقى لثوبكـ..وأتقى لربكـ ..
انتهى باختصار...الرسالة وصلت..
واترك الجدال قدر المستطاع..
خاصة إذا شعرت أن الذي أمامك يكابر..فالمقصود إيصال النصيحة إليه لا فتح المناظرة معه..
وقد ذم الله الجدال..(ماضربوه لك إلا جدلاً)..
وقال صلى الله عليه وسلم(ماضل قوم بعد هدى كانوا عليه..إلا أوتوا الجدل))..
وقال: ((أنا زعيم لبيت في ربض الجنة لمن تركـ الجدال وإن كان محقاً))..
أحياناً يقتنع الشخص بالفكرة.. لكن أكثر النفوس فيها أنفة وكبر..كما قال تعالى عن فرعون وقومه لما عرفوا وصدقوه بقلوبهم...
لكن منعهم الكبر من اتباعه (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً)..
فالغاية عندكـ أن يعرف المنصوح الخطأ ليتجنبه في المرة القادمة..وليس الغاية أن تنتصر عليه ..فلستما في حلبة مصارعة..
دخل النبي صلى الله عليه وسلم على علي وفاطمة رضي الله عنهما..ليلاً ..فقال لهما: ألا تصليان..أي ألا تقوما الليل..
فقال علي:أنفسنا بيد الله..متى شاء أن يبعثنا..بعثنا..فولاهما النبي صلى الله عليه وسلم
ومضى وهو يضرب بيده على فخذه ويقول(وكان الأنسان أكثر شيء جدلاً)..
وأحياناً قد يذكر المنصوح.. كلاماً يعتذر به..وهو ليس عذراً مقنعاً لكنه يقوله..
ليحفظ ماء وجهه..
فكن سمحاً وأقبل العذر ولا تشدد معه..
ولا تغلق الأبواب بل أبقها مفتوحة أمامه وأنت تنصح..
حتى لو تكلم بكلام خاطئ.. فيمكن أن تعالج خطأه من حيث لا يشعر..كأن تثني عليه..وعلى فهمه وجرأته..
ثم تقول : ولكن ..ثم فند كلامه ورد عليه إن كان خاطئاً..
وجهة نظر..
نبه على الخطأ باختصااااار..ولا تلقٍ محاضرة..
من كتاب الدكتور
ღ محمد بن عبد الرحمن العريفيღ
دمتـــــــــــــم بحفظ الرحمن