حين نلفظ كلمة إغتصاب أو نكتبها يتبادر الى أذهاننا فورا جريمة إغتصاب الرجل
للمرأة. في حين أن هناك أوجه كثيرة للإغتصاب ومنها إغتصاب المرأة للرجل وهذا
يحدث فعلا ثم إغتصاب الحلال بالحرام وتحليله وإغتصاب مشاعر الآخرين و وجدانهم
ولعل أكثرها قولا و فعلا هو إغتصاب القلوب.
كأني سمعت تنهيدات عميقة من النساء والرجال هنا !
وذاك أمر متوقع.
ما أريد الحديث عنه اليوم لا هذا ولا ذاك. إنما أريد التحدث عن إغتصاب من نوع
آخر.
إنه إغتصاب الثقة من أنفسنا، بمعنى حين ينجح الآخرون من سلبنا ثقتنا في
أنفسنا فنصبح كريشة في مهب الريح تتقاذفها الظنون والشكوك ، الرغبة والخوف،
اللهفة والعطش و البكاء والوجوم، ثم ضياع الخطى فلانعد نعرف أي الطرق تؤدي
بنا الى السعادة ولا أي الطرق تضمن لنا حياة سعيدة وآمنة.
إغتصاب الثقة جريمة مشتركة بين الغاصب والمغتصب، فالأول ارتكب فعلته الشنيعة
في تمكنه من الإستحواذ على ثقتنا لبعض الوقت قبل أن نفيق على حقيقة مؤلمة
وموجعة. ولست هنا للحديث عنه فهو أقل من أن نكتب عنه حرفا لأن "الخبث" حين
يكون متأصلا في النفس يصبح صعبا علينا إستئصاله بمقال أو قصيدة،
والثاني _ وهو بيت القصيد _ الذي منح هذه الثقة بكل بلادة و عفوية لمجرد
سماعه كلمات رنانه و وعود تلامس احتياجنا ومانصبو إليه
فصدق وسلم الغالي والرخيص دون أدنى تفكير فكانت النتيجة أنه فقد ثقته في نفسه
والأخطر والأدهى أنه فقد ثقته في الناس جميعا فمضى يكمل حياته في بؤس و حرمان
و قحط محققا _ لا إراديا _ أهداف الطرف الأول.
وهنا تكمن المشكلة التي يجب علينا الخروج منها في أقرب وقت ممكن.
أرسل لي صديق رسالة يستغرب فيها تمسكي بالأمل والتفاؤل في وقت أصبحت فيه
الحياة جحيم وتحول فيه البشر الى كائنات مفترسة؟
يسألني فيها كيف تمكنت من التمسك بهذه المعطيات الجميلة وأنت تعيش بيننا
وتشاهد أوجاعنا ولربما مسك منها ضر.
أبتسمت وأنا أقرأ رسالته لأنني أحسست برغبته الصادقة في الخروج من قوقعة
الفشل والياس التي يعيشها.
قلت له أنني وبكل بساطة تعودت أن أبتسم عند مجابهة أي مشكلة مالية أو عاطفية
وودت لو أنني أضيف إليها مستقبلا {وأي مشكلة عائلية}.
شرحت له السر الخطير والسحر العجيب الذي تعكسه الإبتسامة على النفس في أحلك
الظروف ومن أهمها عدم فقدان ثقتك في نفسك.
لا تغضب ولا تشتم ولا تصرخ ولا تشكو عند هذا وذاك... إياك ثم إياك أن تفعل
فالآخرين يبدون لك التعاطف مع قضيتك ولكنهم يشمتون فيك و يلومونك غيابيا أو
حتى أمام وجهك في انه كان المفروض أن تفعل وأن لاتفعل وأنك أخطأت في كذا
وكذا. وكأن {كان} هذه ستحل لك المشكلة.
أبتسم فقط ولا تقل كيف أبتسم والجرح غائر ؟
أبتسم فقط ولا تستخف بنصيحتي ثم تقفل الصفحة متأففا!!
أبتسم كلما زاد الوجع وشعرت بالغثيان وسترى الفرق حتى وإن كانت إبتسامة
مصطنعة. جرب الان مع أخوك أو أختك إذا أنفعلوا عليك وصرخوا فيك
لاترد كما تعودت الصاع صاعين بل أبتسم وسترى النتيجة
أبتسم كي تطفئ النار التي توشك أن تشتعل في حنايا صدرك.
ثم فكر بحل آخر بدلا من أن تلعن كل الحلول. أجعل من فشلك في منح الثقة لمن لا
يستحقها وقودا يدفعك للنجاح ولن يتحقق النجاح إن لم تكرر التجربة وأنت متفائل
ومبتسم.
أبتسم ياصديقي ابتسامتان::
ابتسامة لك كي تحيا حياة سعيدة لا يشوبها حقد ولا يعكر صفوها نفاق.
وابتسامة للناس كي تسعد بهم وتجعلهم أحباء الى نفسك يتفانون من أجل اسعادك
ومحبتك...
الحديث يطول لكني سأترك لكم إضافة المفيد وأرحب بأي استفسار أو نقد لدعوتي
لكم التمسك بالإبتسامة.