18-08-2011, 11:24 PM
|
|
مراقب عام
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2006
الدولة: Dammam
المشاركات: 137,744
معدل تقييم المستوى: 21475148
|
|
غياب أو تغييب الإحصائيات يفاقم مشاكلنا
حلول البطالة :
قبل حوالي المائة عام أطلق الكاتب الروائي والطبيب الاسكتلندي السير كونان دويل مؤلف قصص المحقق شارلوك هولمز الشهيرة حكمة رائعة تقول: «من قمة الخطأ أن تفترض حلولًا من دون أن تمتلك البيانات»، وهناك حكمة أخرى تقول: «علم الإحصاء هو وسيلة رئيسية لقياس تقدم الحضارات» (إس نورث، 1908م).
بالأمس القريب، صرح معالي وزير العمل المهندس عادل فقيه بحسب ما نشر في الملحق الاقتصادي لجريدة الرياض بتاريخ الاثنين 15 أغسطس 2011 بأن عدد الباحثين عن عمل (العاطلين) المسجلين في برنامج «حافز» تجاوز المليون متقدم في المرحلة الأولى، في حين يوجد عدد من المتقدمين لا تنطبق عليهم الضوابط، إما لكونهم يعملون في القطاع الخاص أو الحكومي، وهي بيانات أولية سيتم الكشف عنها بعد استكمال قاعدة البيانات في الوزارة.
وبناءً على هذه المعلومات فإن عدد الباحثين عن عمل من المسجلين في برنامج «حافز» تم تقليصهم إلى النصف بعد التصفية والتدقيق في طلبات المتقدمين، حيث كان عدد المسجلين عند افتتاح التسجيل إلكترونيًا في شهر مارس الماضي يتجاوز المليونين حسب ما تداولته وسائل الإعلام المحلية، وفي رواية أخرى، قيل إن العدد تجاوز الـ 3.5 مليون باحث عن عمل بحسب ما صرح به عبدالله الحقباني المشرف العام على تقنية المعلومات في وزارة العمل لوكالة رويترز العالمية بتاريخ 8 مايو 2011م. كما يجب الإشارة إلى أن غالبية المسجلين في برنامج حافز هم من الفئة العمرية (ذكور وإناث) ما بين 20 إلى 30 سنة.
وبالعودة إلى آخر تقرير إحصائي مفصل بخصوص القوى العاملة أعدته مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات -(المرجع الإحصائي الرسمي الوحيد في المملكة العربية السعودية بموجب نظام الإحصاءات العامة للدولة الصادر بالمرسوم الملكي رقم (23) وتاريخ 7/12/1379هـ)- في عام 2009م، بلغ عدد العاطلين عن العمل 448.547 مواطنًا منهم 248.162 فردًا من الذكور، والجدير بالذكر أيضًا هو أن مجموع تعداد المواطنين السعوديين (ذكور وإناث) للفئة العمرية ما بين 20 إلى 30 سنة هو 3,310,301 نسمة.
وعلى الرغم من أن تصريحات المسؤولين تشير إلى أن نسبة البطالة 10.5%، إلا أن المفهوم التقديري للأرقام السابقة يوضح أن النسبة «التقديرية» للعاطلين عن العمل هي حوالي 30.2% تقريبًا، وهو ما يضعنا على قائمة أكثر الدول بطالة في العالم خلف أفغانستان واليمن التي تشكل البطالة فيها ما يقارب الـ 35% وأكثر من «ضعفي» نسبة البطالة في مصر والمقدرة في 2009م بـِ 9.2 في المائة وأكثر من «ضعف» البطالة في تونس والمقدرة بـِ 13.2%.
بالإضافة إلى أن تكلفة برنامج «حافز» حسب الإحصائيات الحالية ستصل إلى 24 مليار ريال خلال عام واحد فقط أي أن تكلفة هذا البرنامج تفوق ميزانية دولة بأكملها مثل مملكة البحرين على سبيل المثال.
نسب البطالة وإحصائياتها غير المتطابقة بين الجهات الرسمية هي ليست النقطة الوحيدة في مجال الإحصائيات «غير الدقيقة» أو «غير المفصلة» أو «غير الصحيحة» أو «غير الموجودة»، بل نجد هذه النوعية من الإحصائيات في العديد من القطاعات مثل الاقتصاد والتجارة والمرور والصحة والمواصلات والتعليم، وهو ما يعطي مؤشرًا سلبيًا في قدرتنا على اكتشاف الأخطاء التي يترتب عليها أعباء اقتصادية ضخمة قبل تفاقمها وتحليلها بشكل صحيح.
وعلى سبيل المثال، في شهر مارس 2007م تداولت الصحف المحلية تقريرًا إحصائيًا عن الحوادث المرورية، أشار إلى أن حوالى سبعة آلاف شخص يلقون حتفهم سنويًا جراء الحوادث المرورية في المملكة، بينما يصاب حوالى (32) ألف شخص بإصابات مادية بالغة، الأمر الذي يُكلِّف الدولة 21 مليار ريال سنويًا، أي ما يعادل 4.7% من إجمالي الناتج القومي، وتعادل هذه التكلفة ثلاثة أضعاف ما يتم إنفاقه على قطاعي التعليم والصحة سنويًا.
هذه الدراسة الإحصائية عن عبء الحوادث المرورية في المملكة قد تكون السبب في دفع المسؤولين لتفعيل برنامج «ساهر» بتكلفة تتجاوز الملياري ريال، وهي لا تتجاوز خُمس تكلفة أضرار حوادث السير. ولكن لو بحثنا بدقة في إحصائيات المرور، لن يستطيع الباحث الحصول على إحصائيات دقيقة، ومنها على سبيل المثال، أكثر أماكن وأوقات وقوع الحوادث، أو إحصائية عن نوعية المركبات التي تعرضت إلى حوادث؛ لمعرفة ما إذا كان حجم المركبة وسرعتها يلعب دورًا، أو نسب العمالة الأجنبية المرتبطة بحوادث السيارات... إلخ من الإحصائيات المتشعبة غير المتواجدة أمام المخولين بالبحث عن حلول، ويكفي أنه لا يوجد موقع إلكتروني رسمي لإدارة المرور في المدن السعودية سوى في مدينة الرياض، وغالبية إحصائياته «قديمة» وغير كافية لتحليل مشاكلنا المرورية.
الأمثلة عن غياب الإحصائيات في شتى المجالات لا تنتهي، لكن عدم التحرك نحو تفعيل إنتاج إحصائيات شفافة متشعبة ودقيقة في كل قطاعات الدولة يفاقم حجم المشاكل وعبئها الاقتصادي لاحقًا، بالإضافة إلى صعوبة تحليل المشاكل إذا كانت الإحصائيات غير دقيقة وبالتالي يصعب وضع حلول منطقية.
لذلك فإن ما يحدث لدينا -الآن- فيما ما نراه من إحصائيات تفسره المقولة الشهيرة: «الحقائق تتحدث بصوت أعلى من الإحصائيات» (السيد جستس ستاردفيلد، 1950).
بقلم الكاتب : خالد طاشكندي
المصدر
__________________
ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما
|