17-11-2011, 02:16 AM
|
|
عضو مميز
|
|
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 847
معدل تقييم المستوى: 467661
|
|
"المطلقات" يحملن لقباً قاسياً في المجتمع.. والحل في تأهيل نفسي ودعم مادي
موظفة بنك وأخرى تزوجت في سن مبكرة ترويان قصة" الانتشال من الضياع"
"المطلقات" يحملن لقباً قاسياً في المجتمع.. والحل في تأهيل نفسي ودعم مادي
ريم سليمان – دعاء بهاء الدين – سبق – جدة: تنتشر في مجتمعنا بشكل متسارع حالات الطلاق في مختلف المراحل العمرية، وأصبح هناك عدد كبير من الزوجات يحملن لقب مطلقة، ومن ثم فإن الأمر لم يعد حالة فردية، بل أصبح ظاهرة لها تأثيرها على المجتمع والأسرة.
وحسب مختصين وباحثين اجتماعيين، فلا بد من دراسة أسباب تلك الظاهرة والمخاطر الاجتماعية والاقتصادية والنفسية المترتبة عليها في المجتمع، ويرى هؤلاء أن مشكلة الطلاق تعد أخطر مشكلة اجتماعية تواجه الأسرة السعودية في الوقت الراهن.
والمطلقات لم تمنحهن الحياة فرصة للتواصل مع الزوج عبر بيت واستقرار أسري، بل منحتهن لقباً قاسياً مبكراً، حيث امتلكن الشقاء من أطرافه؛ ما أحال حياتهن إلى جحيم لا يطاق، أصبحت الحياة بعيونهن سوداء، وكل هذا بسبب زوجة ثانية أو بطالة، أو ظروف اجتماعية واقتصادية معقدة.
ومن هذا المنطلق رأت "سبق" أن تطرح هذه القضية لكن من زاوية تأهيل المطلقات، وإعادتهن إلى الحياة مرة أخرى.
مأساة مطلقة
هند الذويبي "مطلقة " سردت لـ"سبق" قصتها قائلة: "كنت أعمل موظفة إدارية في أحد البنوك، وعقب زواجي بمدة قصيرة دبت الخلافات بيني وبين زوجي، وكنت حاملاً، وعندما بلغت ابنتي أربعة أشهر، حدثت مشكلة مع زوجي بخصوص رؤية البنت؛ فقد كانت صغيرة، وكنت أخشى تعرضها لمكروه". وأضافت: "استمر زوجي في المماطلة لمدة ثلاث سنوات لا يحضر جلسات القضية، وقد أصبت بأزمة نفسية وأنا ألهث بحثاً عن حقي، ولم أجد من ينتشلني من ضياعي. أعترف أنني كنت جاهلة بحقوقي القانونية، وقد علمت أن جمعية "مودة للحد من الطلاق"، تقدم استشارات قانونية للمطلقات؛ فذهبت للشؤون القانونية بالجمعية، وعرفت حقوقي؛ وهذا ما حفزني لاستمرار الدفاع عنها، في هذه الأثناء تركت عملي لأتفرغ لمتابعة قضيتي، وعرضتْ على الجمعية حضور دورات تدريبية مجانية، وإعانات مالية لشراء احتياجاتي الضرورية، والمشاركة في مشروعات الأسر المنتجة".
وختمت حديثها بتوجيه الشكر لجمعية مودة؛ لدعمها لها قائلة: "إنها بحق خير داعم للمطلقات".
ذل وإهانة
وحكت أم نوف مأساتها قائلة: "تزوجت في عمر مبكر في مرحلة الثانوية، ومنذ بداية زواجي تعرضت للذل والإهانة؛ فقد اكتشفت إدمان زوجي للمخدرات، وفي إحدى المشاحنات بيننا طردني في الشارع وابنتي رضيعة، فذهبت منكسرة إلى بيت أهلي، وفوجئت بعدم الترحيب منهم، شعرت بأني عبء على أسرتي المتواضعة، وطرقت أبواب العمل لكن من دون فائدة، وسمعت عن جمعية "مودة"، وما تقدمه من دعم للمطلقات، فذهبت إليها يحدوني الأمل، وبفضل الله عرضوا على الاشتراك في مشروع الأسر المنتجة، وأنا حالياً أنفق على نفسي، وابنتي ولا أحتاج إلى أحد".
جهل النساء
في البداية أوضحت الدكتورة وداد القحطاني، عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود، وعضو جمعية مودة للحد من الطلاق وآثاره، أن معاناة المطلقة تتمثل في جهل كثير من النساء بالطريقة المثلى لمعالجة المشكلات الزوجية، وترى أن الحل في طلب الطلاق، وعللت ذلك بعدم تحلي الزوج بالحكمة في معالجة المشكلة، وتخلي الأطراف المعنية من الأسرتين عن إيجاد الحل الأمثل.
وقالت لـ"سبق": "عندما توصد الأبواب أمام الزوجة في حل مشكلاتها تلجأ إلى القضاء"، مشيرة إلى أن النظر في القضايا قد يستغرق عدة أشهر، وبعض القضاة يحاول إطالة المدة، رغبة منهم في أن يعيد الطرفان التفكير قبل تصدع الأسرة، خاصة إذا كان بينهما أبناء؛ لأن مماطلات تأجيل القضايا تترك أثراً نفسياً بالغاً على المرأة".
وأكدت ضرورة تفعيل الأنظمة الخاصة بالأسرة وسرعة البت فيها، وسرعة الفصل في قضايا النفقة والحضانة، معتبرة أن التأجيل في القضايا يؤدي إلى نتائج عكسية، قد يستغلها بعض الآباء؛ فقد يلجأ إلى تهديد المرأة بورقة الأبناء، فيمنعها من رؤيتهم إن كانوا معه، أو يحجز أوراقهم الثبوتية إن كانوا معها، أو يتخلى عن النفقة عليهم.
ودعت القحطاني إلى ضرورة وجود محامية تترافع عن المرأة في قضاياها الخاصة؛ لأنها أجدر على فهم احتياجات ونفسية المرأة أكثر من الرجل، مشيدة في هذا الصدد بجهود جمعية مودة للحد من الطلاق، في تبني "مشروع الحاضنة القانونية"، الذي يقدم الاستشارات القانونية والأسرية من خلال مختصات في القانون.
معاناة اقتصادية
من جهتها كشفت الدكتورة آمال عبد الله الفريح، المتخصصة في علم الاجتماع الأسري، في دراسة لها بعنوان "التكيف الشخصي والاجتماعي والأسري والاقتصادي للمرأة السعودية المطلقة"، عن بعض المشكلات الاجتماعية التي تواجه المطلقة عقب طلاقها، سواء كان مصدرها جماعة الصديقات أو زميلات العمل، أو كان مصدرها المجتمع الخارجي بصفة عامة، المعاناة من نظرة المجتمع وتوجيه أصابع الاتهام لها باعتبارها الطرف المسؤول عن الطلاق.
ونوهت الفريح في دراستها إلى المعاناة الاقتصادية للمطلقة، حيث بلغت نسبة من تعاني من سوء التكيف الاقتصادي عقب الطلاق 52,4 في المئة، واستعرضت بعض المشكلات الاقتصادية مثل تسديد مختلف الفواتير، وعدم نفقه الطليق على أبنائه، ومشكلة البطالة، ودفع إيجار السكن، ومشكلة المواصلات.
واعتبرت معاناة المطلقة اقتصادياً عاملاً مؤثراً في الاهتمام بها، ولفتت إلى أن بعض المطلقات قد يصلن إلى مستوى متدنٍ اقتصادياً، بحيث تعجز عن إعالة نفسها وأبنائها وتلبية احتياجاتهم، مبينة احتياج المطلقة للمساعدات المادية، سواء عن طريق البحث عن عمل حتى ولو كان زهيداً، وقد تلجأ المطلقة إلى أهلها في طلب المساعدة، أو إلى بعض الأصدقاء، أو في النهاية تطلب المساعدة من الجهات الخيرية، وإلى غير ذلك من سبل سد احتياجاتها المادية الضرورية.
صندوق تأمين اجتماعي
ولتحسين أوضاع المطلقة اقتصادياً واجتماعياً، اقترحت الفريح عدم الاعتماد على المؤسسات الرسمية فقط لتحسين أوضاع المطلقات المادية، بل لا بد من التركيز على دور المؤسسات غير الرسمية؛ لتلبية احتياجات هذه الفئة في المجتمع، ودعت بعض الشركات والمؤسسات إلى توظيف نسبة من المطلقات، وأيدت إنشاء مشاريع نسائية صغيرة للنهوض بأوضاع المطلقات اقتصادياً، وتسهيل منح القروض لتلك المشاريع وإعطائها الأولوية.
وأكدت ضرورة التنسيق بين الجمعيات الخيرية في توزيع معوناتها، فقد تحصل بعض المطلقات على معونات من جمعية البر وجمعية النهضة النسائية ومصلحة الضمان الاجتماعي، وشددت على أهمية التوسع جغرافياً في تقديم خدمات الجمعيات الخيرية للمطلقات، لتشمل مناطق وقرى بعيدة لتفادي وقوع هذه الفئة من المطلقات وأطفالهن ضحايا البعد المكاني.
ودعت الفريح وزارة الشؤون الاجتماعية إلى وضع برامج للحد من تدني المستوى الاقتصادي للمطلقات، بالتعاون مع الوزارات الأخرى مثل وزارة التخطيط والخدمة المدنية، مع إعطاء الأولوية في الجمعيات الخيرية لمساعدة الأسر التي تعولها امرأة مطلقة أو أرملة؛ لتغطية احتياجاتها بشكل فوري ودون شروط، إلى حين التحقق من أوضاعها الاقتصادية، كما دعت إلى إنشاء صندوق تأمين اجتماعي لأطفال الأسر المفككة في سن معينة، خاصة بالنسبة للأسر دون مستوى الفقر.
وأكدت ضرورة إعطاء أولوية التوظيف عن طريق ديوان الخدمة للمطلقات والأرامل اللاتي لا عائل لهن أو لأبنائهن الكبار، واللاتي ظروفهن المادية متدنية كخطوة لتذليل الصعوبات التي تواجه المطلقة عند البحث عن عمل، واقترحت وضع حد أدنى لأجور العاملات في القطاعين العام والخاص، بحيث تفي بالاحتياجات الأساسية للمواطنين؛ تجنباً لاتساع دائرة الفقر لدى المطلقات.
إعانة شهرية
وفي هذا السياق، أفصح مدير عام الشؤون الاجتماعية بمنطقة مكة المكرمة عبدالله آل طاوي، عن أنه يتم صرف إعانة شهرية للمطلقة من الضمان الاجتماعي، بالإضافة إلى مساعدتها من قبل الجمعيات الخيرية بالمنطقة التابعة لها، وأفاد بأنه يتم الاهتمام بأبناء المطلقة المسجلة في الضمان الاجتماعي، فتصرف لهم الحقيبة المدرسية، وهى عبارة عن حقيبة بجميع مستلزمات الدراسة.
وأكد أهمية تقديم دورات تأهيلية للمطلقات حتى يستطعن الاندماج في المجتمع ومواجهته، مشيداً بما تقدمه جمعية "الشقائق" من برامج تأهيلية للمطلقات، تقدمها متخصصات في الاجتماع وعلم النفس.
دعم المطلقات
أما المستشارة الأسرية والاجتماعية الدكتورة نادية نصير، فقالت: "لدينا في مكتب الأمل للاستشارات الأسرية برنامج تأهيلي للمطلقات على المستوى الفردي، وهناك إقبال كبير على هذا البرنامج تصل نسبته إلى 80 في المئة؛ وذلك لحاجة المطلقة إلى طوق نجاه ينقذها من دائرة الإحباط والاكتئاب، التي تصاب بها عقب الطلاق، خاصة إذا لم تكن هى راغبة في الطلاق.
وعن كيفية تأهيل المطلقات أكدت نصير، تضافر الجهود الفردية في جميع المكاتب الاستشارية مع بعضها ومع الجمعيات الأهلية، داعية إلى إنشاء شبكة معلومات عامة بالتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية والجمعيات الخيرية لخدمة المطلقات، والأخذ في الاعتبار وضع الأنظمة التي تحفظ حقوق المطلقات.
وضماناً لحقوق المطلقة اقترحت المستشارة الأسرية إجبار الزوج على إسقاط اسم الزوجة من دفتر العائلة، حتى لا يستغله لمصلحته الشخصية، وضع نظام يمنع الزوج من حرمان الأم من رؤية أبنائها، وضع نظام يمنع الزوج من تعليق الزوجة، إذا طلبت الطلاق، ووضع نظام يمنع تعريض المرأة المطلقة للإيذاء النفسي والجسدي.
وشددت على ضرورة إنشاء صندوق خيري يساهم فيه جميع أفراد المجتمع لدعم المطلقات وأبنائهن، مقترحة المساهمة في تمويل المشاريع المنزلية الصغيرة للمطلقات، بحيث يكون الدعم من الحكومة والتبرعات والهبات من المؤسسات والأفراد والصدقات والأوقاف والزكوات.
مبادرات وبرامج مودة
المدير التنفيذي لجمعية مودة نوال الشريف تحدثت لـ "سبق"، عن أهم برامج الجمعية لدعم المطلقات، حيث قالت إن أهم ما تقدمه الجمعية برنامج "مبادرة مودة"، وهو مشروع وطني للحد من الطلاق وآثاره من خلال دفع مشكلة الطلاق، وما يترتب عليها من مشاكل إلى سلم القضايا الاجتماعية الأكثر أهمية، واستنهاض همم كافة الشركات والمؤسسات والمجتمع المدني، للتصدي لهذه المشكلة وقايةً وعلاجاً، باستخدام كافة الأنشطة ووسائل الاتصال الحديثة، فضلاً عن برنامج "ساهم" بالاستقرار الأسري، ويعمل هذا البرنامج على توفير موارد مالية تمكن الجمعية من النهوض بمهامها وتأدية رسالتها.
وأضافت الشريف: "هناك برنامج مودة التشريعي "إنصاف"، وهو يسعى إلى المساهمة الفاعلة في رفع الكفاءة العدلية في القضايا الأسرية والزوجية، والعمل على تمكين المطلقات وأبنائهن ومن في حكمهن من حقوقهن الشرعية في السكن والحضانة والنفقة والرؤية والأوراق الثبوتية وغير ذلك.
كما تحدثت عن برنامج "ستر"، الذي يعمل بالتكامل مع الجهات ذات الصلة، وبما تسمح به إمكانات الجمعية وشركائها لتوفير مساكن مؤقتة لإيواء ذوات الحاجة من المطلقات، ومن في حكمهن وأبنائهن إيواءً مؤقتاً، وتأهيلهن خلال فترة زمنية محددة بما يعزز من قدراتهن ويمكنهن من الحصول على فرص عمل وإقامة مشاريع صغيرة خاصة بهن، تتحول بعدها إلى مساكن خاصة مؤجرة أو مملوكة بالاعتماد على أنفسهن.
وأضافت الشريف: "هناك برنامج "تمكين" الذي يعمل على توفير خدمات اجتماعية وتنموية للمطلقات ومن في حكمهن وأبنائهن، تعينهن على تنمية مهارات الحياة وعلى تخطي محنة الطلاق، وتقديم مختلف أشكال الدعم لهن من تدريب وتوظيف وبدائل تمويلية ميسرة لتمكينهن من الحصول على فرص عمل أو إنشاء مشاريع صغيرة خاصة بهن يتحولن بها من الاعتماد إلى الإنتاج، بالإضافة إلى برنامج "مشورة" الذي يوفر خدمات استشارية أسرية واجتماعية ونفسية وقانونية، بالتعاون مع مكاتب متخصصة أو من خلال الوسائل الإلكترونية الحديثة، ويشتمل البرنامج على دورات تدريبية تقليدية وإلكترونية، وتكوين شبكة استشارية وتأهيل فريق من المحاميات السعوديات في أول حاضنة قانونية من نوعها في المملكة".
تجاوز الأزمة النفسية
واعتبر لـ"سبق" مدير عام جمعية "الشقائق" في جدة عبد المجيد رضوان، أن من أبرز المشكلات التي تواجه المرأة، بل المجتمع بأسره، هي مشكلة الطلاق، موضحاً إسهامات الجمعية في مواجهة مشكلات الطلاق من جانبين: الأول وقائي قبل حدوثه بالتوعية والتوجيه والإرشاد. والثاني علاجي عقب حدوثه من خلال تجاوز الأزمة النفسية وبناء الذات، فضلاً عن إكساب المهارة الحرفية، حتى يتسنى للمرأة الدفاع عن نفسها من خلال تعلم حرفة مناسبة، تلبي احتياجاتها وترفع مكانتها.
وأشار رضوان إلى التنسيق مع المؤسسات المدنية والمراكز التدريبية، وقال نحن حالياً بصدد التنسيق مع الضمان الاجتماعي لخدمة المرأة؛ لتسهم بدور إيجابي في المجتمع، واقترح التوسع في مجالات التعاون مع الصناديق الحكومية، ودعم المشروعات الصغيرة والتوسع في التوظيف عن بعد والمشاريع الفردية.
|