22-11-2011, 03:19 AM
|
|
عضو مهم
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2010
الدولة: Jeddah
المشاركات: 278
معدل تقييم المستوى: 3922278
|
|
................. مشاعر من المشاعر ..........................
قليلة هي الاعمال التي يقوم بها الانسان في حياته, والتي تكتسب هالة من التقديس والروحانية وفي كل ثقافة او دين توجد هذه الاعمال التي تعتبر فريدة من نوعها كما تعتبر نقلة نوعية في الحياة .
من هذه الاعمال فريضة الحج في الاسلام فهي فريضة على المسلم مرة واحدة في حياته - ان استطاع الى ذلك سبيلا- فهي حدث يفترض ان يكون له من المهابة والجلال ما للولادة او الموت او اي حدث اخر قد لا يتكرر مرة اخرى , كما انه تفرد في المكان من حيث وجوب الوقوف بعرفة ثم المبيت بمزدلفة ثم الاقامة بمنى ايام التشريق ورجم الجمرات والطواف بالبيت والسعي بين المروة والصفا , كما انها تفرد في الزمان فهي حدث محدد الوقت تحديدا دقيقا في كل عمل من هذه الاعمال.
بالرغم من ذلك لم اشعر في الحج بالروحانية التي كنت اريدها كما لم تحدث نقلة نوعية في حياتي كما كنت انتظر وذلك يعود الى عدة اسباب فقربنا من مكة وترددنا عليها كثيرا افقد هذا المنسك كثيرا من تفرده ورهبته حيث ان القيام بالفعل اي فعل كان لمرات كثيرة يؤدي الى خفوت جذوة التميز فيه , وهذا ما نلمسه لدى مسلمي الدول الاخرى فكلما ازدادت الدولة بعداَ وازدادت صعوبة الوصول الى مكة مرة اخرى نجد ان حجاج تلك الدول اشد تأثراً بهذه المناسك واشد سعادة وخوفا في آن واحد, اضف الى ذلك ان الحضارة والابنية ووسائل المواصلات الحديثة قد جردت الحياة عموماً وهذه الاعمال المقدسة خصوصا من روحانيتها فتفاعل الانسان المباشر مع الطبيعة يكون افضل واشد اثرا كلما ابتعد عن الحضارة واقترب من نمط الحياة البدائية .
ففي يومي الاول في الحج كنت انتقد الحكومة في بعض نواحي النقل والاعمار والخدمات ولكني في الايام الاخيرة اثناء تنقلي لرمي الجمرات وتاملي للجبال المحيطة بمنى من الجهتين وجدت ان كل هذه الخدمات والاعمار والمواصلات تسهل علينا الفريضة كثيرا وكلما زادت سهولة زادت بعدا عن الروحانية ,
فكيف سيكون الحال لو ألغيت جميع الخدمات وهدمت كل الابنية والخياك وطردت كل وسائل المواصلات في مكه ؟ حتى تعود كما كانت قبل 1400 سنة؟
بالطبع سيكون الوضع روحانيا لكنه سيكون مأسوياً ايضا لان مكة اليوم يحجها ملايين الحجاج فيما كنت في فجر الاسلام يحجها الالاف
أخيرا فالحج ضمن مجموعة حجاج يفقد الانسان كثيرا من خصوصيته ويجعله يعيش على طريقة "جماعية " فيمضي وقته هدراً , فلا يتعمق في حقيقة نفسه ولا يواجهها, او يحاكمها !!!
ان الحج كفريضة بدنية ليس كالحج كرحلة روحية او ارتقاء في سلم التزكي , فهو يحتاج الى تصفية حسابات وتهيئة نفسية وصفاء عقلي وتقشف بدني وخلوة حقيقية بين الروح والعقل والبدن, ولعل ذلك يكون في مقبل الايام.
وبالرغم من كل ما سبق فإن حج هذا العام ليس خلواً من الخلوة والترقي والتزكي والصفاء فقد تخللته لحظات خلوة حقيقية خصوصا يوم عرفة .
|