معالجة ظاهرة الشيكات المرتجعة تحقق نجاحاً واضحاً تشهد له الأرقام التي تؤكد انخفاض قيمة الشيكات المرتجعة بنسبة 80 في المائة، بحسب تقارير رسمية صادرة عن الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية التي تقوم برصد هذه الظاهرة ضمن مهام متعددة لها تصب في مصلحة توثيق الائتمان بشكل عام، والذي يعد ركيزة أساسية في العمل التجاري، فالشيك له أهمية قصوى في جميع المعاملات المالية ولم يعد مقبولاً ذلك الكم الهائل من الشيكات التي أشغلت لجان ومكاتب الفصل بمنازعات الأوراق التجارية وما يتبعها من تعثر في تحصيل الحقوق والإخلال بالالتزامات، فضلاً عمّا في تحرير شيكات دون رصيد من جانب جنائي في الحق العام وفي الحق الخاص أيضاً.
لقد كانت أول خطوة في سبيل تعزيز قيمة الشيكات في التداول بين المتعاملين ذلك القرار الحكيم الصادر من مجلس الوزراء القاضي بالتأكيد على تجريم إصدار شيك دون رصيد والتشهير بكل مَن يصدر شيكاً بلا رصيد وتطبيق نصوص نظام الأوراق التجارية التي عاشت ردحاً من الزمن خارج نطاق التطبيق الفعال فيما يتعلق بالتوقيف على ذمة قضية جنائية لكل من يصدر شيكاً من دون رصيد وهو اقتراح تبنته وزارة الداخلية لحماية الحقوق الخاصة ووقف هذه الظاهرة التي عانتها السوق السعودية، وأدت إلى فقد الثقة تماماً في الشيك والكثير من الخسائر المادية وتراكم قضايا الشيكات لدى لجان ومكاتب الفصل في منازعات الأوراق التجارية في جميع مناطق المملكة.
إن من المتوقع ونتيجة لتفعيل نص المادة 118 من نظام الأوراق التجارية أن تصل نسبة الشيكات المرتجعة إلى معدلات معقولة لا تتجاوز 5 في المائة، مع الاعتراف بأن القضاء التام على هذه الظاهرة أمر غير ممكن، ولكن الممكن أن يتم تقليصها إلى الحد الأدنى والذي تزول عنه صفة الظاهرة ومقارنة بالفترة الزمنية التي وصلت فيها نسبة الإنجاز إلى خفض قيمة الشيكات المرتجعة بنسبة 80 في المائة، وهي مدة ثلاث سنوات بدأت مع مطلع عام 2009 فإنه نجاح كبير سيكون له تأثير في استعادة الثقة بالشيكات والتي لا يمكن الاستغناء عنها في المعاملات المالية، فالشيك وسيلة وفاء فوري بالمبلغ المحرر به الشيك.
إن تولي هيئة التحقيق والادعاء العام التحقيق في جرائم الشيكات ورفع الدعوى العامة أمام الجهة المختصة بالفصل في تلك الجرائم كأي جريمة أخرى وفقا لنظامهاً ونظام الإجراءات الجزائية يعطي مزيداً من الثقة بقبول الشيك كأداة وفاء بالحقوق المالية، كما أن سرعة الفصل في منازعات الأوراق التجارية بإصدار الحكم في القضية خلال 30 يوماً من تاريخ إحالة القضية فيه التأكيد على أهمية عنصر الزمن في تطبيق النظام، وهذا يشمل بطبيعة الحال إيقاع عقوبة السجن والتشهير في الصحف اليومية الصادرة في منطقة مرتكب الجريمة.
لقد كانت ضياع الحقوق وعدم الوفاء بالالتزامات المالية أحد أكبر الآثار السلبية المباشرة لجرائم الشيكات دون رصيد وما يترتب على ذلك من مشاعر السخط والاستياء التي تصيب أصحاب الحق وما قد ينشأ عن ذلك من سلوكيات خاطئة وجرائم أكثر سوء مع ملاحظة أن نظام الأوراق التجارية يعد من أفضل الأنظمة التي تعالج الأوراق التجارية وهو متوافق تماما مع معاهدة جنيف للأوراق التجارية وسائر الاتفاقيات والأعراف الدولية، فضلا عن أنه يتضمن إجراءات على درجة من الوضوح والشفافية ونستطيع أن نقول اليوم إن الشيك استعاد الثقة الكاملة به وخلال فترة وجيزة تم فيها تفعيل دور النظام والقضاء على ظاهرة أزعجت المتعاملين والجهات التنفيذية والقضائية.