26-11-2011, 08:07 AM
|
عضو مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 849
معدل تقييم المستوى: 1394300
|
|
مسلسل موت المعلمات والطالبات!
تتجدد أحداث مسلسل موت المعلمات والطالبات على الطرق كل عام، بل كل فصل دراسي من منطقة لأخرى عبر هذا الوطن الكبير بمساحاته الشاسعة وعلى طرقه الطويلة، حيث توجد مدرسة في كل قرية مهما صغرت على خريطة الوطن؛ فالتعليم ليس مجرد حق، بل هو واجب، ومع كل فجر يوم عمل جديد تصحو مئات المعلمات في سباق مع الزمن للوصول إلى موقع المدرسة التي تبعد مئات الكيلومترات ذهابا وإيابا همهن أداء الرسالة ومباشرة الحصة الأولى في موعدها دون تأخير، وليس أمامهن سوى التكدس في سيارة نقل صغيرة والمخاطرة بأرواحهن من أجل ضمان العيش بوظيفة يذهب كامل ريعها في سبيل أدائها.
أصبح الموت الجماعي للمعلمات على الأسفلت وبين إطارات سيارات نقلهن من البيت إلى المدرسة قدرا لا مفر منه، وقد تحولت سيارات نقلهن إلى توابيت تحمل معها الألم والمعاناة ثم الفجيعة التي تصدمنا بين حين وآخر، فلا نكاد نفيق من مأساة حتى نتلقف الأخرى، وكأن هذا النزيف جزء لا ينفصل عن حياتنا، وقد أصبح الأمان على سلامة المعلمات وعودتهن إلى منازلهن بعد سفر شاق أمنية لكل أسرة تودع ابنتها صباحا.
لقد تم تحليل البيانات المتوافرة عن حوادث المعلمات والطالبات في دراسة أكاديمية لاقتراح الحلول الملائمة، وكانت نتائج الدراسة تؤكد ارتفاع نسبة حوادث نقل المعلمات، حيث يصل المعدل إلى 6.2 حادث لكل مائة معلمة متنقلة، وهذه النسبة أكبر من النسبة الوطنية لعموم الحوادث، البالغة أربعة حوادث لكل 100 فرد خلال الفترة التي أجريت فيها الدراسة نفسها، بينما كانت نسبة حوادث الطالبات للفترة نفسها 3.5 حادث لكل 100 طالبة متنقلة.
إن أهم أسباب حوادث نقل الطالبات والمعلمات حسب الدراسات المتوافرة هي انفجار الإطارات نتيجة رداءتها والسرعة الزائدة، والتهور في القيادة، خصوصا أن بعض السائقين لا يملكون تلك السيارات التي يقودونها، بل يعملون عليها بالأجر لصالح مالكها أو ملاكها وسوء الأحوال الجوية وعدم كفاءة بعض السائقين وعدم التزامهم بقواعد السلامة والحذر، كما أن البعض منهم قد تجاوز سن العمل وأحيلوا للتقاعد ويعملون لتحسين دخولهم، كما أوصت تلك الدراسات بزيادة التوعية بالسلامة المرورية للمعلمات والطالبات وزيادة الرقابة المرورية على السائقين والمركبات وتوفير حافلات حكومية أو خاصة مع سائقين أكْفاء لتشجيع المعلمات المتنقلات على استخدام وسائل أكثر أمنا ودمج الحصص للمعلمة المتنقلة؛ مما يقلل فرص التنقل من المدرسة وإليها.
ومن المؤكد أن خسارة الوطن في وفاة 11 معلمة في حادث حائل، ثم حادث جازان الذي أسفر عن ثماني حالات، بينها وفيات وإصابات حرجة في الوقت الذي تزامن مع حادث معلمات نجران الذي لولا لطف الله لتجاوزت نتائجه مجرد الإصابات الطفيفة؛ ولذا فإن على وزارة التربية والتعليم، وقد حلت محل الرئاسة العامة لتعليم البنات أن تولي هذه الظاهرة عناية كافية، فالأسباب باتت معروفة وتتركز على وسائل نقل خاصة يقودها أشخاص يعملون لحسابهم دون رقابة عليهم في توافر وسائل السلامة لسياراتهم.
وما نخشاه أن يبقى هذا الملف معلقا بين جهات عدة دون حل يخفف حجم المعاناة رغم ما سبق إعلانه من إجراءات وقائية من وزارة التربية والتعليم، لكن عدد هذه الحوادث يتزايد مع كل عام دراسي؛ ما يعني أن تلك الإجراءات لم تكن عملية، ولعل أفضل الحلول وضع خطة استراتيجية توقف تماما تنقل المعلمات والطالبات لمسافات طويلة يمكن تحديدها بما لا يزيد على 50 كيلو مترا؛ حتى يمكن السيطرة على حركة تنقل المعلمات والطالبات وتجنيبهن خطر الموت على الطرقات الطويلة.
|