27-12-2011, 12:17 PM
|
عضو مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 849
معدل تقييم المستوى: 1394299
|
|
القطاع الخاص: فاقد الشيء لا يعطيه!
خلال السجال المتشعب حول القطاع الخاص وعدم تجاوبه في توفير الفرص الوظيفية للقوى البشرية الوطنية قيل الكثير، إلا أن للمسألة وجها آخر، إذ تشير بيانات خطة التنمية التاسعة إلى أن عدد منشآت القطاع الخاص بلغ 824 ألف منشأة، شكلت المنشآت الصغيرة نسبة 94.2 في المائة، وفرت نحو 43.3 في المائة من الفرص الوظيفية (أجزم أن أكثر من نصفهم غير سعوديين)، في حين لم توفر المنشآت المتوسطة والكبيرة من الفرص سوى 19.2 في المائة و37.5 في المائة على التوالي (طبعاً سعودي وغير سعودي)، خصوصاً إذا عرفنا أن عدد المصانع وحدها بلغ 4167 مصنعاً يعمل فيها أكثر من 595 ألف عامل، وأن عدد السعوديين هو 143 ألف سعودي، أي ما نسبته 24 في المائة.
معنى هذا أن السجال في السعودة ظل ينطلق في معظمه من انطباع عام بأن هذا القطاع يملك فعلياً في طبيعة أنشطته ومكوناته الهيكلية فرص عمل قابلة للاستيعاب الكبير لمهارات بمواصفات علمية وتقنية وفنية وهذا غير دقيق، ومعنى هذا أيضاً أن السعودة يتم ذر الرماد في عيونها بالمراسل والحارس وأعمال هامشية لزوم إبراء ذمة المنشأة في غيرتها الوطنية.. خصوصاً أن خريطة النشاط الاستثماري الخاص توضح أنه في أغلبه تجاري، خدمي، استهلاكي، مقاولات، تسويق أو علاقات وشؤون إدارية ومالية مما لا يتطلب المهارات المؤهلة أكاديمياً في معهد تقني، أو جامعة علمية، أو دراسات عليا، وبأن قدراً من التعليم الثانوي مع قليل من التدريب اليسير على رأس العمل لأيام وربما لساعات كافيان لأن يحققا في الموظف ما يبتغيه رب العمل.. فهذا القطاع الخاص لا يمتلك نسيجاً لشبكة معقدة من الأعمال تتطلب مهارات عالية ونوعية، ما يدل على أن السعودة فيه هي من الأعمال خفيفة الوزن وأنها مقاربة للحقيقة، وأن المنشآت المؤهلة لاستيعاب المهارات النوعية الموجودة والمقبلة إما أنها فعلاً تتملص من السعودة لخفض التكلفة، خصوصاً وقد ذكر المؤتمر الاقتصادي الأخير أن 30 في المائة من خريجي التعليم الفني دون عمل، أو أنها نادرة، وهذا يجد تفسيره في أن ما لا يقل عن 140 ألف مهندس لا تتجاوز نسبة السعوديين فيهم 20 في المائة، في حين لا تتجاوز نسبة الأطباء والممرضين في مستوصفات ومستشفيات القطاع الخاص 5 في المائة من مجموع الأطباء فيها (17 ألف طبيب و24 ألف ممرض وممرضة) فيما نسبة الصيادلة 12 في المائة من إجمالي الصيادلة في القطاعين البالغ 1225 صيدلياً.
ألا يعني ذلك أن الطموح في أن يكون القطاع الخاص وعاءً استيعابياً لفيزيائيين وكيميائيين وبيولوجيين وإلكترونيين.. إلخ، هدف بعيد المنال؟ ليس بسبب التملص عن السعودة فقط، بل لأن أنشطة المنشآت الخاصة نفسها وتكوينها الرأسمالي والفني مما لا ينجم عنها حالياً فرص عمل تستجيب لمؤهلات القدرات الشابة التي تضخها جامعاتنا أو برامج الابتعاث للخارج، وهو رقم سيتزايد بالآلاف خلال السنوات المقبلة ومعظمهم مسلحون بتخصّصات علمية أو شبه علمية.
إن التعويل على القطاع الخاص في وضعه الراهن ضرب من الكهانة، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، وما لم يتم إرساء منهجية علمية ديناميكية جسورة قادرة على إحداث اختراق لقفزة صناعية تقنية في وحدات العمل والإنتاج، فلن يكون هذا اللغط والقص واللزق في سياسة السعودة على غرار ''حافز'' و''نطاقات'' سوى تكريس للاتكالية والاسترخاء!!
فهل بهذه الروحية وتواضع المنهجية يمكن الإعداد للتنافسية؟!
صالح الشهوان
|