23-02-2008, 12:40 AM
|
|
عضو متواصل
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 95
معدل تقييم المستوى: 36
|
|
قصة واقعية و حزينة وارجو الاطلاع علية
[frame="7 70"] منسيون خلف جدران الصمت
موتى على قيد الحياة
عكاظ الاسبوعية (المكاتب الداخلية)
“أعيش هنا منذ تسع سنين وسأظل هنا إلى أن يأتي الموت”.. قالتها عجوز في دار للعجزة والمسنين بأبها معربة عن يأسها الشديد من ابنائها الذين تنكروا لها في واحدة من صور العقوق والجحود والنكران ورموها في هذه الدار لكبر سنها. ووجدت العجوز ح.ن (68 سنة) نفسها ومنذ أربعة أعوام داخل دار للرعاية الاجتماعية بجازان وذلك بعدما تخلى عنها ابنها بسبب خلاف عائلي بين أمه وزوجته حتى يخلو له الجو حتى انه لم يسأل عنها منذ عامين!.
وفي هذه الاثناء احبت الأم دار الرعاية وتكيفت مع وضعها الجديد ووجدت نساء في مثل عمرها تتبادل معهن الاحاديث والذكريات إلا انها تتحسر كلما رأت من يزورهن فيما تقبع هي في ركن المنسيات داخل الدار.
الحالات المنسية لرجال ونساء كبار السن وأطفال دخلوا دور الرعاية الاجتماعية والمستشفيات كثيرة وتمثل 3% من مجموع 700 - 800 نزيل فيها في مختلف المناطق بالمملكة وفقا لما ذكره وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية للرعاية والتنمية الاجتماعية عوض الردادي موضحا ان هؤلاء تنصل منهم ذووهم تحت مختلف الظروف، أما الاطفال فالاحصائيات عنهم غير واضحة بسبب عدم قدرة الطفل على التحدث عن ظروف وجوده بالشارع أو في أي مكان آخر بمعنى ان جميعهم ليسوا لقطاء كما يعتقد البعض!.
وما عجل بطرح هذه القضية للنقاش هي وفاة مريض نفسي يبلغ من العمر 60 عاما في الايام القليلة الماضية بمستشفى الصحة النفسية بالطائف حيث يمثل احدى الحالات المنسية التي انقطع الاهل والاقارب عن زيارته منذ دخوله المستشفى في عام 1396هـ!!.
ومع ازدياد مثل هذه الحالات في ظل المتغيرات الاجتماعية واللهاث المحموم خلف ماديات الحياة، يتعاظم الدور الملقى على عاتق الشؤون الاجتماعية في رعاية هذه الفئة الغالية من المجتمع كما تدعو الحالة لقيام جمعيات اجتماعية تدعم وتساند جهود الشؤون الاجتماعية والجمعيات الخيرية في هذا المجال. ويتوزع المنسيون على مختلف دور الرعاية الاجتماعية ودور العجزة والمنسيين والجمعيات الخيرية والمستشفيات في مختلف المناطق بالمملكة.
10 مسنات و 70 طفلا بجازان
في جازان تؤوي دار الرعاية الاجتماعية بجمعية الملك فهد الخيرية النسائية عشر مسنات تتراوح اعمارهن من 60 - 80 عاما و 70 طفلا بدار الحنان لرعاية الايتام و 400 طفل مسجلين لدى اسر بديلة تؤكد رئيسة الجمعية اميمة البدري توفير جميع انواع الرعاية والخدمات لهم.
احضروني للدار وتركوني
يروي أحد المنسيين بدار العجزة في أبها: احضروني الى هنا وتركوني وانا كهل كثير الامراض ومن في مثل سننا يكون خاليا من الامراض وقد فرحت بوجودي هنا لأن لا أحد من ابنائي يريدني في بيته.
مقطوع من شجرة
ويروي آخر: أنا هنا منذ سنوات عديدة وتجدني مرتاحا بين زملائي من النزلاء فهم اهل واقارب حيث لا زوجة لي ولا أولاد ولا أقارب فأنا (مقطوع من شجرة).
زيارات مفقودة
ويقول مقيم بدار العجزة منذ أكثر من عشر سنوات تجاوز عمره 65 سنة إن أكثر ما يحز في نفسي هو عدم زيارة ابنائي واقاربي.
اتهموني بالجنون
مسن آخر من المنسيين كان يتنقل بين الاسواق ويقوم شقيقه برعايته اضطر ابناؤه الى نقله بعد وفاة شقيقه الى دار الرعاية الاجتماعية في أبها ويقول هذا المسن: يتهمونني بالجنون بينما الحقيقة عكس ذلك تماما فأنا من أسرة معروفة ولها مكانتها الاجتماعية ولكنهم تخلصوا مني وهم الآن يتمتعون بحقوقي ولم يتفضلوا حتى بزيارتي أو السؤال عني وتناسوا ان لهم والد في دار الرعاية وفيما يبدو لي سوف ابقى هنا حتى الممات!!.
عقوق
ويمثل العم (ق.ش) نموذجا لعقوق الابناء فبعدما فقد ثلاثة من ابنائه في حادث سير وتوفت زوجته اصبح وحيدا في هذه الحياة إلا من ولد واحد إلا أن ولده هذا تنكر له حتى انه لم يحضر للعزاء في والدته ولما تردت حالته الصحية تولى جيرانه رعايته وذات مرة حضر ابنه هذا لقضاء العطلة الصيفية بالمنطقة فخرج به ظنا منه انه لن يتركه في رعاية الجيران ولكن الصدمة كانت قوية عليه عندما صرخ ابنه في وجهه وعيّره بخدمة جيرانه بل اعتبرها وصمة عار في جبينه وجبين ابنائه ثم غادر بعدها، وبعد هذا الموقف تعرض والده لأزمة صحية ادخل على إثرها المستشفى ومكث فيها ستة أشهر إلا ان ابنه لم يكلف نفسه بزيارته أو حتى السؤال عنه.
يقول الأب في ألم واضح: لم تعد الحياة بالنسبة إلي سوى ألم وأنا وحتى هذه اللحظة لا أعرف سر جحود ابني لي رغم اني لم اقصر معه في شيء أو في تربيته ولكنه قدري.. والحمد لله؟!.
مريض الربو
محمد الحربي (58 سنة) غير متزوج أدمن التدخين حتى اصيب بالربو وتهشمت اسنانه يقيم الآن في دار للمسنين بأبها يقول وهو يذرف الدموع: أقيم في دار ايواء المسنين منذ أكثر من عام ولم يطرق أي من اقاربي الباب لزيارتي.
أطفال منسيون
ولا تقتصر الحالات المنسية على كبار السن فحسب بل تتعداهم الى الاطفال خاصة الذين يعانون منهم من اعاقات وتشوهات خلقية وعند الولادة الأمر الذي يدعو آباءهم لتركهم في المستشفيات والدور الاجتماعية بدعاوى العلاج ولكن سرعان ما تنفضح نواياهم بالتخلي عنهم بعد زيارة أو زيارتين في السنة وما ذلك إلا للحرج الذي سيلاقونه من المجتمع حسب نظرتهم القاصرة بسبب اطفالهم المشوهين.
يقول الطفل (س.ق.ع) 10 سنوات، أحد نزلاء مركز التأهيل بجدة عشت في هذا المركز وأنا لا أعرف شيئا عن اسرتي.. ورغم سؤالي عنهم للوصول إليهم عبر ادارة المركز إلا انني فشلت في الوصول اليهم نظرا لعدم تجاوبهم مع نداءاتي وتوسلاتي بل عدم حضورهم أصلا لزيارتي وللاسف هذا هو حال كثير من زملائي هنا فنحن جميعا لا نعرف من نكون ولا كثيرا عن حياتنا الماضية وأهالينا.
الوصمة الاجتماعية
والى ذلك يعلق مدير مستشفى الصحة النفسية بالطائف الدكتور رجب عبدالكريم بريسالي ان هناك كثيرا من الاسر التي تخلت عن مرضاها بعد ادخالهم المستشفى بحيث لم يأتوا لزيارتهم او السؤال عنهم بل هناك من تجاوزت اقامته 37 عاما وهذا ما سبب لهم الكثير من المشاكل والانتكاسات لا لعذر واضح سوى الخوف من ان لهم شخصا مصاب بمرض نفسي!!.
وسليمان. م. من سكان منطقة الرياض مثال لهذا التجاهل من قبل الأهل حيث مضى عليه 7 سنوات بالمستشفى ولم يزره احد من ابنائه او افراد اسرته مما انعكس سلبا على حالته النفسية، وقد أكد لنا ان كثيرا من زملائه مضى على وجودهم بالمستشفى سنوات دون ان يزورهم أحد من أقاربهم!!.
يرفضون الخروج
ومن الملاحظات التي سجلتها (عكاظ الاسبوعية) اثناء تطوافها ببعض المستشفيات ان بعضا من كبار السن يتشبثون بأسرتهم كانما هي مخصصة لهم مدى الحياة الأمر الذي أوجد أزمة أسرة حتى ان هناك مخاطبات ما بين المستشفيات والشؤون الاجتماعية وجهات أمنية لإخراج هؤلاء من المستشفيات إلى دور المسنين. وهنا يقترح الدكتور محمد الحارثي مدير المستشفى المركزي بالدمام تحمل تكاليف اقامة المريض بالمستشفى اذا كان لا يحتاج لرعاية طبية وايجاد نظام صريح لمنع تكرار عدم خروجهم من المستشفيات خاصة ان المستشفيات تعاني من نقص في الأسرة.
اكتئاب وشعور بالرفض
وإلى ذلك يوضح مدير مستشفى العناية التأهيلية بالمدينة المنورة الدكتور عبدالله الشنقيطي ان الحالات التي يرفض ذوو المرضى استلامها تشمل حالات الشلل الرباعي والنصفي والجلطات الدماغية واصابات الرأس وحالات العجز وحالات ما بعد البتر مما يضطرهم لرفع الأمر الى الشؤون الصحية ومنها للامارة فيما يصاب هؤلاء اثناء ذلك بحالات اكتئاب ويتولد لديهم شعور بأنهم اناس غير مرغوب بهم ومرفوضون من المجتمع مما يتطلب وجود اخصائيين اجتماعيين ونفسيين لعلاجهم.
وأكد مدير دار الرعاية الاجتماعية في أبها ظافر بن علي الشهري تقديم أوجه الرعاية لكل مواطن ذكرا كان أم أنثى اذا بلغ الستين فأكثر وأعجزته الشيخوخة عن امكانية العمل أو القيام بشؤونه الشخصية بنفسه بحيث يحتاج الى رعاية وخدمات خاصة ولا يتوافر لدى أسرته أو اقاربه الاستعداد أو الامكانيات لرعايته بالاضافة الى ان الدور تقدم الرعاية للمرضى من المسنين الذين لا عائل لهم على ان تثبت الفحوص الطبية خلوهم من الأمراض المعدية والعقلية.
250 حالة
واوضح حسين المغربل مدير مركز التأهيل الشامل للذكور بجدة ان المركز بدأ بأربع حالات ثم تزايد العدد حتى اصبح 250 حالة..
وعن تواصل الأسر مع ذويها داخل المركز اشار المغربل الى ان المقيمين داخل المركز مع الأسف لا يجدون أي تواصل مع أسرهم
لا بديل عن الرعاية
وارجع احسان طيب الباحث الاجتماعي ومدير الشؤون الاجتماعية بمنطقة مكة المكرمة سابقا الأسباب التي تخلى البعض عن اقاربهم الى ضعف الوازع الديني وقلة حيلة الانسان من الناحية المادية واضاف: رغم ايماني الشديد بأن دور الرعاية ليست هي الحل في استضافة البعض فيها لكني ومن خلال التجارب والواقع أجدها الأنسب للحالات التي يتنصل منها البعض عن مسؤوليتهم تجاه ابائهم أو اقربائهم ورغم انها غير كثيرة لكنها في حد ذاتها مؤلمة وسبق ان حاولنا اغلاق دور الرعاية ولكننا اصطدمنا امام عقوق البعض لذويهم فوجدنا من الأفضل بقاء هذه الدُور مع أهمية ان يحسن الانسان تربية ابنائه ويغرس فيهم الوازع الديني.
دراسة بالشورى
الدكتور راشد الكثيري رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب بمجلس الشورى اكد ان قضايا المجتمع من الأمور المعقدة كثيرا ولذلك نحرص كثيرا على دراستها دراسة دقيقة للخروج بتوصيات تكفل للمجتمع تماسكه وحصول كل فرد على حقوقه.
ومن الدراسات التي تقوم بها حاليا لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب بمجلس الشورى دراسة تتعلق بالفئة المنسية داخل المستشفيات والدُور الاجتماعية ونحاول من خلال هذه الدراسة ان نراعي الكثير من حقوق هؤلاء المنسيون من قبل بعض فئات المجتمع وبالذات الأقربون منهم وتحديد مسؤولية الدولة تجاه هذه الفئة رغم ان الأولية يفترض ان تبدأ من أفراد المجتمع بأهمية التمسك بأواصر صلة الرحم والقربى وبالذات بر الوالدين والذي للأسف مع التغيرات التي بدأت تزحف الى مجتمعنا بدأت تلك الأواصر تقل تدريجيا وباتت المجتمعات الاسلامية تتأثر بما هو موجود في المجتمع الغربي وبالذات فيما يتعلق بتخلي الابن عن أبيه والتي رغم انها حتى الآن حالات فردية لكنها مع مرور الوقت ومع تجميع اعدادها من كافة مناطق المملكة سنجد انفسنا امام ظاهرة لابد من التصدي لها وبشكل عاجل.
الدكتور حسين الشريف المشرف على جمعية حقوق الانسان بمنطقة مكة المكرمة يقول: من خلال جولاتنا التي قمنا بها على بعض المنشآت الصحية ومنها مستشفى الصحة النفسية بالطائف ومركز التأهيل الشامل بجدة وجدنا بعض الحالات المنسية فيها من قبل ذويها الذين فضلوا بقاءهم داخل هذه المستشفيات رغم عدم حاجتهم لأي تدخل علاجي وقد رصدنا تلك الحالات ورفعنا بأمرها الى الجهات المختصة لاتخاذ اللازم حيالها وطالبنا ايضا بتوفير دور ايواء لمثل هذه الحالات بدلا من بقائهم داخل المستشفيات الذي يعيق استفادة بعض المرضى من الخدمات الصحية لعدم توفر الأسرّة فيها، فنحن كجمعية لحقوق الانسان دورنا فقط ينحصر في رصد مثل هذه الحالات وتدوين التقارير بحقها مع التوصية بالطرق العلاجية لها لأننا لسنا جهازا يملك أي سلطة ولسنا جهة تنفيذية حتى نجبر ذوي هذه الحالات باستلامها.
[/frame]
|