07-02-2012, 02:00 PM
|
Guest
|
|
تاريخ التسجيل: May 2009
الدولة: غير مستقر حاليا .,
المشاركات: 6,661
معدل تقييم المستوى: 0
|
|
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
هل تُقبل توبة من سب الله عز وجل أو سبَّ الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ .
فأجاب :
"اختُلف في ذلك على قولين :
القول الأول : أنها لا تُقبل توبة من سبَّ الله ، أو سب رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وهو المشهور عند الحنابلة ، بل يُقتل كافراً ، ولا يصلَّى عليه ، ولا يُدعى له بالرحمة ، ويُدفن في محل بعيد عن قبور المسلمين .
القول الثاني : أنها تُقبل توبة من سبَّ الله أو سب رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا علمنا صدق توبته إلى الله ، وأقرَّ على نفسه بالخطأ ، ووصف الله تعالى بما يستحق من صفات التعظيم ؛ وذلك لعموم الأدلة الدالة على قبول التوبة ، كقوله تعالى : (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا) ، ومِن الكفار مَن يسب الله ومع ذلك تقبل توبتهم ، وهذا هو الصحيح ، إلا أن ساب الرسول عليه الصلاة والسلام تُقبل توبته ويجب قتله ، بخلاف مَن سبَّ الله فإنها تقبل توبته ولا يقتل ؛ لأن الله أخبرنا بعفوه عن حقه إذا تاب العبد ، بأنه يغفر الذنوب جميعًا ، أما ساب الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فإنه يتعلق به أمران :
أحدهما : أمر شرعي لكونه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وهذا يُقبل إذا تاب .
الثاني : أمر شخصي ، وهذا لا تُقبل التوبة فيه لكونه حق آدمي لم يعلم عفوه عنه ، وعلى هذا فيقتل ولكن إذا قتل ، غسلناه ، وكفناه ، وصلينا عليه، ودفناه مع المسلمين .
وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ، وقد ألَّف كتاباً في ذلك اسمه " الصارم المسلول في تحتم قتل ساب الرسول " وذلك لأنه استهان بحق الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وكذا لو قذفه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه يقتل ولا يجلد .
فإن قيل : أليس قد ثبت أنَّ مِن الناس مَن سب الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حياته وقَبِل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توبته ؟ .
أجيب : بأن هذا صحيح ، لكن هذا في حياته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، والحق الذي له قد أسقطه ، وأما بعد موته فإنه لا يملك أحدٌ إسقاط حقِّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فيجب علينا تنفيذ ما يقتضيه سبه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، من قتل سابِّه ، وقبول توبة الساب فيما بينه وبين الله تعالى.
فإن قيل : إذا كان يحتمل أن يعفو عنه لو كان في حياته : أفلا يوجب ذلك أن نتوقف في حكمه ؟ .
أجيب : بأن ذلك لا يوجب التوقف ؛ لأن المفسدة حصلت بالسب ، وارتفاع أثر هذا السب غير معلوم ، والأصل بقاؤه .
فإن قيل : أليس الغالب أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعفو عمَّن سبَّه ؟ .
أجيب : بلى ، وربما كان العفو في حياة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ متضمِّناً المصلحة وهي التأليف ، كما كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلَم أعيان المنافقين ولم يقتلهم ( لِئلاَّ يتحدث الناس أن محمَّداً يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ ) لكن الآن لو علمنا أحداً بعينه من المنافقين : لقتلناه ، قال ابن القيم رحمه الله : " إن عدم قتل المنافق المعلوم : إنما هو في حياة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقط " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 2 / 150 ، 152 ) .
لكن .. ما دام الأمر لم يصل إلى القاضي ، فالمشروع للمسلم أن يستر على نفسه ، وأن لا يذهب إلى القاضي ليعترف بجريمته ، بل يجتهد في التوبة والاستغفار ويكثر من الأعمال الصالحة حتى يغفر الله له ، قال الله تعالى : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) طه/82 ، وقال تعالى : (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) النحل/119 .
والله أعلم
|