السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى (إنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ) (6) فاطر
أخي المسلم :
لا تظنن أن الشيطان غافلاً عنك فَلِمَ تغفل عنه أنت , هل
لأنك واثق من نفسك ؟
أم لأنك تستصغره ؟
أم لأنك لا تريد محاربته ؟
فإن كانت الأولى فاعلم أن الثقة يجب أن تكون في الله عزوجل بعد أخذ الحيطة ذلك لأن عدوك شديد المكر متمرس في إضلال الناس و يأتيهم بالضلالات و قد ألبسها زينة العفاف و التقى فاحذره حذراً شديداً .
أما إن كانت الثانية فاعلم و تأكد أن عدوك له من الجند ما لا تستطيع حصرها
و أما إن كانت الثالثة فربما لأن هواك طابق هواه و عندها فقد أصبح لك عدوان , نفسك و الشيطان , و كي تنجو عليك بمحاربتهما معاً و الحرب تحتاج للعلم و المعرفة .
اعلم أن الشيطان يحفر للمؤمن القوي حفيرات صغيرة متعددة ذلك لأنه يعلم أن هذا المؤمن لن يقع في الحفرة الكبيرة الواضحة و لكنه قد يقع في حفيرة صغيرة و ذلك إما نتيجة ضعف إنساني أو قلة علم في هذا الأمر الدقيق أو سبب آخر و هكذا يُكثر الشيطان للمؤمن القوي من هذه الحفيرات كي يقع في واحدة جديدة كلما قام من إحداهن , و كم يكون هذا الشيطان سعيداً عندما يوقع المؤمن القوي و لو بهفوة صغيرة .
إن من أبواب الشيطان الكبيرة في الدخول على بني آدم باب الجهل , أي أنه يحب الجاهلين و السبب في ذلك سهولة انقيادهم له و لأتباعه و لوقوعهم في الأخطاء الشرعية بسهولة و لإرتكابهم الذنوب و المعاصي من دون أن يشعروا أو يؤنبهم ضميرهم و على ذلك فهو يوسوس للإنسان بأن لا يتعلم و لا يتدارس دستور المسلمين العظيم , القرآن , بحجة أنه غير ضليع باللغة العربية أو بأن القرآن كله متشابه أو لقلة الوقت و يوسوس إليه أن لا يتعلم سيرة نبيه عليه الصلاة و السلام بحجة أنه يعرفها و معلوم أن السيرة تحتوي الكثير من التفاصيل الدقيقة التي علينا الإطلاع عليها و الإستفادة منها و السيرة المطهرة مليئة أيضاً بالمعاني و التفاسير لكتاب الله عزوجل و السيرة الشريفة أسرارها كثيرة و حكمها جليلة و في كل حركة و نفس للنبي عليه الصلاة و السلام تكتشف حكمة و علماً ذلك لأن الله عزوجل قَدَّر أن تكون حياة النبي عليه الصلاة و السلام دستوراً كاملاً لبني البشر .
اعلم أخي المسلم أن العلم الشرعي مطلوب منك فرضاً
في كل عمل دنيوي أو أخروي تريد إنجازه , فإذا أردت أن تتاجر فعليك تعلم الأحكام الشرعية للتجارة و إن أردت العمل في مهنة معينة فعليك أن تتعلم أحكامها الشرعية و بالطبع فالصلاة و سائر العبادات مطلوب منك معرفة أحكامهم الشرعية .
سأذكر أمثلة على خداع الشيطان للإنسان كي لا يتعلم :
- يشغلك بعمل الدنيا طوال النهار بحجة أنه مطلوب منك شراء بيت و سيارة و تجميع المال كي تدرس أبنائك و تزوج بناتك .
- يوحي إليك بأنك تعرف المطلوب منك في أمور دينك على الرغم من أنك لم تدرس الأحكام الشرعية بشكل منهجي و ليس لديك كتب في ذلك ترجع إليها و كذلك ليس لديك شيخ تسأله و تستفتيه باستمرار .
- ينفرك من أهل العلم بحجة أنه .. قد ظهر منهم موقفاً لم يعجبك في مناسبة ما .
- يقبح إليك المساجد و دور العلم بحجة .. أن الطهارة فيها غير ما تتمناه أو أنك ستلتقي بفلان .
- يذكرك أن تتمتع برؤية المسلسل التلفزيوني الفلاني أو بالنزهة الفلانية أو بالزيارة الفلانية و من ثم تحضر الدرس الشرعي , علماً بأن المسلم يضع لنفسه أولويات حسب الشرع الحنيف فالزيارة الشرعية مطلوبة في وقتها و كذلك حضور درس العلم و كذلك باقي الأعمال .
- يوقعك في فخ التعلم من أنصاف المتعلمين و من الجهلة بحجة أن لا وقت لديك لسؤال العالم الفلاني أو الرجوع لكتب العالم الفلاني و بحجة أن فتوى فلان يقبلها العقل و بحجة أن فلان ( فهيم , واثق من نفسه ) .
الكاتب : د.محمد رأفت أحمد عثمان
منقول للفائده