09-03-2012, 08:18 PM
|
|
عضو مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: الرياض
المشاركات: 754
معدل تقييم المستوى: 1618666
|
|
"سبق" ترصد قصصاً لـ"فئة منسية" تهدر حقوقها بمراكز التأهيل الشامل
معاقون يتعرَّضون للعنف والتحرش والخبراء يطالبون بكاميرات مراقبة
"سبق" ترصد قصصاً لـ"فئة منسية" تهدر حقوقها بمراكز التأهيل الشامل
دعاء بهاء الدين- ريم سليمان- سبق- جدة: تكشف البحوث أن العنف ضد الأطفال يقع بمعدلات سنوية تزيد بقرابة 1.7 مرة عنها لدى نظرائهم من غير المعاقين، حسب ما أكده الموقع الإلكتروني للأمم المتحدة. وعلى الرغم من وجود ما يقرب 700 ألف معاق في السعودية، أي ما يقرب من 4% من عدد السكان، إلا أن واقع الحال يؤكد أنه ما زال هناك نوع من الإهمال وعدم المهنية في التعامل مع المعاق داخل وخارج مراكز التأهيل. وما ظهر مؤخراً على "اليوتيوب" من تعنيف مباشر لأطفال معاقين داخل إحدى دور الرعاية أثار استياء الرأي العام، ودعا العديد من الخبراء للمطالبة بحقوق تلك الفئة الموجودة في مجتمعنا، وتسليط الضوء على مشاكلهم وإعادة تأهيل من يتعاملون معهم.
"سبق" تسرد قصصاً لمعاقين ومعاقات يعانون داخل مراكز التأهيل. وتتساءل هل هناك رقابة على مراكز تأهيل المعاقين؟ أم أصبحوا فئة منسية تُهدر حقوقها في المجتمع؟.
سوء المعاملة
أعربت إحدى موظفات مراكز التأهيل "تحتفظ سبق باسمها" عن أسفها لبعض سلبيات هذه المراكز قائلة: "يصرف للمعاقة 14 ريالاً للوجبات اليومية، تشمل الإفطار والغداء والعشاء"، موضحة أنه مبلغ زهيد لا يكفي لشراء وجبة واحدة في ظل غلاء الأسعار.
ولفتت إلى أن المركز يفتقد للمتخصصات في التعامل مع المعاقات، موضحة أن هذا يفقد روح التواصل بين المعاقة والمعلمة، ويعزلها عن المجتمع، وأبدت أسفها لسوء معاملة المعاقات فكرياً، وتجاهل حقوقهن، بذريعة فقدان الأمل في تأهيلهن، وأشارت لعدم صرف ميزانيات الملابس وأدوات النظافة للمعاقات في المركز، رغم أنها تخصم من مكافآتهن منذ سنوات عديدة.
معاناة الإهمال
وانتقدت نورا خدمات التمريض المقدمة في مركز التأهيل قائلة: "أعاني من إعاقة حركية تستلزم تدريبات معينة تساعدني على المشي، وبالرغم من ذلك أشعر بعدم اهتمام الممرضات وإهمالهن لي، وقالت: "للأسف الإهمال والتسيب داخل مراكز التأهيل أصبح ظاهرة في مجتمعنا، فالمعاق ليس له حقوق وليس بإمكانه العيش في النور بل يعيش في الظلام كالخفافيش".
وتحدثت والدة إحدى فتيات مركز التأهيل بصعوبة، قائلة: "ابنتي تعاني من مرض التوحد، وعندما أزورها في المركز يحزنني الإهمال الذي تتعرض له، فدائماً تعامل من أنها حالة مفقود فيها الأمل في التعلم والتدريب، كما أنني أشعر دائماً ببعدهم عن ابنتي وعدم إحساسها بالحب والحنان".
وبدموع تابعت حديثها قائلة: "ذات يوم أدمى قلبي دموع ابنتي، وعلمت بطريقة غير مباشرة أن ابنتي تعرضت لتحرش جنسي من إحدى عاملات المركز الأجانب"، معربة عن أسفها لتدهور الحالة النفسية لابنتها، وختمت حديثها قائلة: "أشعر بالخوف على ابنتي من هذا المركز، وأفضل جدياً في نقلها إلى البيت، لاطمأن عليها.
تهميش المراكز
"أبوفهد" أثنى على خدمات المركز المقدمة لابنه، فقال لـ"سبق": "بفضل الله مركز التأهيل يعتني بابني عناية فائقة، تحت إشراف مختصين نفسيين وممرضين، وأشعر أن ابني يتحسن في علاجه".
وتوافقه الرأي أم لجين قائلة: "ابنتي معاقة حركياً، وفي مركز التأهيل تتعلم حرفة الخياطة التي تناسب إعاقتها"، معربة عن سعادتها لتقدم ابنتها في هذه الحرفة، ولتعامل المختصات في المركز معها، وقالت: "هناك بعض التجاوزات في بعض المراكز، بيد أن هذا لا يعني أن كل المراكز سيئة، فلا يزال هناك مراكز تأهيلية تقدم خدمات ممتازة للمعاقين، ولا يصح أن نلغي دور المراكز أو نهمشه".
إساءة وعنف
في البداية أكد رئيس الجمعية الوطنية السعودية لحقوق الإنسان الدكتور مفلح القحطاني أن هناك العديد من الدراسات تشير إلى أن الأطفال المعاقين هم أكثر عرضة من غيرهم لإيقاع الإساءة والعنف عليهم، مشيراً إلى أنه من أهم الأسباب التي تزيد من العنف عدم قدرة الشخص المعاق على الوصول للجهات المختصة، كما أن عدم اختيار الموظفين المناسبين والقادرين على التعامل مع مثل هذه الحالات يزيد بدرجة كبيرة العنف الواقع على تلك الفئة.
وأضاف قائلاً: "الإنسان المعاق هو جزء من البشرية، وجزء من المجتمع، وتسعى حكومة خادم الحرمين الشريفين إلى دمج تلك الفئة بالمجتمع، وضمان توفير كافة حقوقهم في حصولهم على الخدمات والرعاية وتأهيلهم للمشاركة في تنمية المجتمع"، مضيفاً أن الجمعية تقوم بتفعيل دورها الرقابي على الجهات المختصة من أجل التأكد من التزامها بواجباتها نحو تلك الفئة، كما قد رصدت بعض الملاحظات على مراكز التأهيل، وتواصلت الجمعية مع الجهات المختصة لتلافي الأخطاء.
تثقيف العاملين
وأوضح القحطاني أن الجمعية عندما تتلقى شكاوى وتظلمات أو ترصد أي حالة فإنها تقوم بالتواصل مع الجهات ذات العلاقة للتحقق من الموضوع، ومن ثم تتخذ الإجراءات اللازمة في سبيل إزالة أسباب الشكوى أو التظلم بالتنسيق مع الجهات المعنية.
وقال: "لا يوجد لدى الجمعية نسبة واضحة عن إحصاءات العنف في مراكز التأهيل"، موضحاً الدور الوقائي الذي تقوم به حقوق الإنسان من خلال المطالبة بسن التشريعات واللوائح الضامنة للحقوق، كما لها دور رقابي معاصر للمشكلة، والعمل على محاسبة المتجاوز إن وجد، وضمان حصول الضحية على حقها.
ونوَّه إلى أن حقوق الإنسان طالبت بأن يكون القائمون على متابعة الحالات بدور التأهيل ممن يحملون المؤهلات في التربية الخاصة، كما أكد على ضرورة توعية وتثقيف العاملين بطبيعة الحالات التي يتعاملون معها.
قضية مجتمع
بدورها, أبانت عضو مجلس إدارة جمعية الأطفال المعاقين الدكتورة فوزية أخضر أن مشكلة الإعاقة هي قضية مجتمع بأكمله، تحتاج إلى استنفار تام من جميع المؤسسات والقطاعات العامة والخاصة، مؤكدة احتياجهم إلى خدمات جميع المؤسسات وقطاعات المجتمع الخاصة والعامة.
وأعربت عن أسفها لايذاء المجتمع للمعاق، وعدم تقبله كفرد من أفراده، وعدم تهيئة أماكن خاصة لهم لممارسة الأنشطة المختلفة، وقالت: من الضروري تعديل البيئة الطبيعية لتيسير دمج المعاق وتنقله في الأماكن العامة.
تهميش الدراسات
وأكدت على ضرورة تضافر مؤسسات المجتمع للحد من الآثار السلبية للإعاقة، مشددة على دمجهم في المجتمع بعد القيام بتعليمهم وتأهيلهم وتدريبهم، ووضع البرامج الإعلامية المتكاملة والتعليمية، لإزالة الشوائب العالقة في بعض الممارسات الخاصة بهم.
وانتقدت أخضر تهميش الدراسات والأبحاث لذوي الإعاقة، وعدم مناقشة مشكلاتهم وخصوصياتهم، مؤكدة أن مناقشة قضاياهم بكل شفافية يحد من العنف والإيذاء والتحرش الجسدي، الذي تتعرض له هذه الفئة بحكم إعاقتها في مراكز الإيواء والأقسام الداخلية، ولفتت أن الأسر تحاول التكتم والتستر إزاء ما تتعرض له بناتهم في هذه المراكز.
وبسؤالها عن تأهيل العاملين في مراكز تأهيل المعاقين أجابت: "للأسف المشرفون على المعاقين في هذه المراكز أغلبهم من العمالة الوافدة غير المؤهلة نفسياً واجتماعياً ودينياً"، مبينة أنه غالباً ما تحدث مشاكل الإيذاء والتحرش من هذه العمالة، سواء كان هذا الإيذاء نفسياً أو اجتماعياً أو جسدياً أو لفظياً.
امرأة من الدرجة الرابعة
ولفتت أخضر إلى أن المؤسسات التربوية لم تهيئ للمعاقين مراكز أو مؤسسات خاصة للتأهيل والعلاج بعد الوقوع في المشكلة، لإعادة تأهيلهم نفسياً واجتماعياً بعد حدوث التحرش، حتى يستطيعوا التكيف مع المجتمع مرة أخرى، نافية وجود إحصائيات تحدد معدل العنف تجاه المعاقين، وأرجعت ذلك لثقافة العيب التي تعوق إجراء إحصائيات للأشخاص الذين تعرضوا لأشكال العنف.
وقالت: مازالت المعاقة تفضل التكتم ومغالطة الحقيقة إذا وقع لها أذى أو تحرش بها، مرجعة ذلك لخصوصية المرأة العربية وثقافة العيب المهيمنة على عالمنا العربي.
وطالبت عضو جمعية الأطفال المعاقين بإنشاء مراكز متخصصة لتوعية المعاقات، بكيفية التصرف عند تعرضهن للعنف والتحرش، ومحاولة تأهيلهن وتثقيفهن وتثقيف الأسر بكيفية التغلب على مثل هذه المشكلة، لافتة أن المجتمع يعامل المرأة المعاقة أنها فرد من الدرجة الرابعة.
تهميش الجهود المبذولة
من جانبه أبان لـ"سبق" مدير مركز التأهيل الشامل بأبها صالح الزهيري أن مراكز التأهيل تشمل التأهيل المهني، وهو تأهيل النزلاء على مهن معينة تناسب إعاقتهم سواء كانت حركية أو حسية أو ذهنية بسيطة، مثل النجارة والكهرباء والحاسب الآلي وتنسيق الحدائق، وأيضاً التأهيل الاجتماعي لشديدي الإعاقة كحالات التخلف العقلي، ومتلازمة داون، الذين لا جدوى من تأهيلهم مهنياً.
وأوضح الزهيري حرص المركز على استقطاب المتخصصين للعمل فيه من الأطباء وأخصائيي التغذية والمرشدين النفسيين والاجتماعيين، مؤكداً أن أي مكان يستوعب كوادر عملية متعددة من الممكن أن تحدث فيه بعض التجاوزات بسبب اختلاف الديانات والعادات من قبل بعض الأشخاص الذين لديهم نزعات إنسانية سيئة، وطالب الشؤون الاجتماعية بوضع كاميرات لرصد المخالفات التي تحدث في هذه المراكز. وأنحى باللائمة على الإعلام في نظرته التشاؤمية للخدمات المقدمة للمعاقين، وتهميشه للجهود المبذولة في هذا المجال، رافضاً تعميم الخطأ إذا كان محدوداً وغير مقصود.
وعن إجراءات معاقبة من يخالف أنظمة المركز قال: "يتم إيقاف العامل نهائياً، وتعاقب الشركة المشغلة للعمالة بغرامات مالية، أما إذا كان الخطأ متعدياً فيتم تحويل القضية للشرطة ثم لهيئة التحقيق والادعاء العام، لتحديد مسؤولية الخطأ وعقوبته، ومن ثم إحالته للقضاء لإصدار الأحكام وتنفيذها".
كاميرات مراقبة
وطالب الناشط في مجال حقوق المعاقين الكاتب يحيى السميري بوجود كاميرات مراقبة على مدى 24 ساعة في مراكز التأهيل، مشدداً أنه في حال وجودها مسبقاً يتم تفعيلها بشكل عملي، بحيث يسمح لأولياء الأمور والإعلاميين بالاطلاع عليها في أي وقت عند الحاجة، وترتبط بإدارة المركز والجهات الأمنية، وقال: "لابد من تشريع نظام عقوبات خاص بانتهاك حقوق المعاقين، وفي حال وجوده ينبغي تثقيف العاملين مع المعاقين في المراكز به، ونشره وتوعية المعاقين وذويهم خاصة".
كما أعرب عن أمانيه في صرف إعانة لأم وزوجة كل معاق في مراكز التأهيل الشامل وخارجها، لترعى الأم ابنها بنفسها في المنزل، أو تستقدم ممرضة لرعايته أسوة بالدول المجاورة، موضحاً أن هذا يحفز الأمهات لرعاية أبنائهن، ويُدمج المعاق في المجتمع، ورأى أن هذا يخفف على كاهل الدولة، ويحد من الضغط على مراكز التأهيل، بحيث لا يلتحق بها إلا من تستدعي حالته ذلك.
إعلام الإعاقة
واتهم الإعلامي يحيى الزهراني وسائل الإعلام بالقصور في طرح قضايا المعاقين، ورأى أن الإعلام يعرض القضية بعد حدوثها، لافتاً إلى حدوث بعض التجاوزات داخل هذه المراكز منذ فترات طويلة، وتجاهلتها وسائل الإعلام.
وطالب الزهراني وسائل الإعلام بالتوازن في طرح قضايا المعاقين، واتباع المنهج الاستقصائي للوقوف على أسباب القضية ودقة تفاصيلها للوصول إلى حلول عملية. مشيراً إلى ضرورة إفساح المجال للإعلام للقيام بزيارات مفاجئة وكسر قيود الروتين التي تعوق الوصول إلى الحقيقة.
ودعا في ختام حديثه وسائل الإعلام للجرأة والشفافية في طرح القضايا على المسؤولين، مقترحاً إنشاء قسم أو كلية تحت مسمى "إعلام الإعاقة" بحيث يؤهل الإعلامي للتعامل مع قضايا الإعاقة.
http://sabq.org/cXPo5d
|