23-04-2012, 10:04 AM
|
|
|
|
تاريخ التسجيل: Nov 2011
المشاركات: 8,228
معدل تقييم المستوى: 21474879
|
|
الحساسون
فئات من المجتمع تغرد خارج المألوف نظير ظروفها النفسية أو الجسدية.. أو وضعها الاجتماعي أوالاقتصادي.. شرائح شتى من بني آدم يأكلون الطعام.. ويمشون في الأسواق.. جزء هام من مجتمع كبير.. لكنهم ربما يفتقدون للقدرة على التفاعل أو التكيف.. أو التناغم مع البقية الباقية من بني البشر.
من تلك الفئات من يعانون من الحساسية المفرطة الناتجة عن سرعة التأثر بما يدور.. وبما ينعكس بصورة مفاجئة على التصرف والسلوك.. فيغير المزاج تبعا لذلك من الحسن إلى السوء و يؤدي إلى انقلاب الموازين وتعكير الصفو.. وتلبد الغيوم.. والشعور بالهزيمة النفسية.. والإحباط وفقدان الثقة بالآخرين .. والارتباك والتردد
وبما يؤدي إلى الانعزال والانطواء.. والتحرج من الاختلاط مع الناس.
الحساسية موجودة لدى ا لجميع .. فالإنسان يتضايق من تصرف غير لائق.. أو موقف غير جيد.. أو سلوك مشين.. أو كلمة نابية أو تجاهل.. أو لامبالاة.. أو مزحة ثقيلة.. لكن تبقى حساسية معظم الأشخاص رهينة اللحظة وسرعان ما تتلاشى.. بيد أن من يعانون من الحساسية المفرطة يذهبون إلي أبعد من ذلك فيلازمهم الموقف أياما وليالي ويأخذ من صحتهم وتفكيرهم الشيء الكثير.
الحساسون.. الموغلون في الحساسية.. والغارقون فيها حتى الثمالة يستاءون من أي كلمة أو فعل حتى ولو كان تافها.. يقتلون أنفسهم من الهم والغم والكدر.. وصاحب الكلمة أو الفعل مرتاح البال.. قرير العين.. غير عابئ بما حدث.. إن لم يكن قد نسي بالفعل ما حصل!
المواقف التي يتفاعل معها الإنسان الحساس كثيرة.. وقد يكون مفرط الحساسية من الكلمة العادية .. أو النظرة غير المقصودة أو الابتسامة أو حتى من النسمة.. يسخط لأتفه الأسباب.. وتذهب به الظنون والشكوك بعيدا.. وتبقى التفسيرات ووضع الاحتمالات لديه قائمة.. لماذا لم يدع لتلك المناسبة؟ ولمَ قال فلان تلك الكلمة؟ وماذا يقصد بها؟ولماذا هو متجهم؟ وما سبب ابتعاده عني؟ وتتولد بالتالي كثير من الأفكار الغريبة لديه فقد يرى أن هؤلاء الناس ضده.. أو من جملة أعدائه.. أو أنهم يريدون به شرا!
الإنسان المفرط في الحساسية من أكثر الناس فهما لنفسه.. وأقلهم إساءة للآخرين.. وصاحب المعاناة دائما حساس إذ يفسر أي تصرف من الآخرين على أنه من باب الشفقة أو العطف.. والحساس غالبا لطيف جدا مع الناس ويتوقع اللطف منهم وإرضاءه وتطييب خاطره.. وتوضيح كافة المواقف له كي يعود إلى صوابه.
الإنسان المفرط في الحساسية يعيش وضعا صعبا.. وتتوارد لديه مفاهيم وتتولد في ذهنه أفكار غريبة.. ويسعى دائما إلى إسقاط كل قول يسمعه ويحمل الأمور مالا تحتمل.. ويفشل كثيرا في الإدارة وفي علاقاته بالآخرين وحتى داخل إطار أسرته.. ولكي يتخلص المفرط الحساسية من حالته الصعبة التي كبلته.. وأعاقت حياته فلا بد أن تتوافر لديه الروية وإحسان الظن.. ورحابة الصدر.. والتماس العذر.. وعدم إهدار لحظة من تفكيره في أولئك الذين لايحبونه.. قال تعالى (فلا تذهب نفسك عليهم حسرات) وقال (صلى الله عليه وسلم) "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولاتجسسوا ولاتحسسوا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله أخوانا".
وأن يبتعد قدرالإمكان عن التدقيق والوقوف عند كل قول وفعل كي لايفقد الناس.. وينعزل عن المجتمع:
إذا كنت في كل الأمور معاتبا
صديقك لم تلق الذي لاتعاتبه
فكن واحدا أوصل أخاك فإنه
مقارف ذنب تارة ومجانبه
وأن يعدل سلوكه ويتكيف مع الواقع.. ويمارس سياسة "لا أرى.. لا أسمع" في مثل تلك المواقف.
أما دور المجتمع إزاء الحساس فتتمثل في تفهم طبيعته.. والتعامل اللين والرقيق معه ومخاطبة قلبه قبل عقله.. ومناقشته بدبلوماسية وهدوء.. عندها فقط ننجح في احتواء هذه الفئة وإعادتها داخل إطار المألوف.. منقو جريدة الرياض
|