هشتكنا وبشتكنا يا وزير يا كويس يا مدلعنا يا مشخلعنا قول لعدوك روح اتليس..هل تعتقد أننا سنردد هذه العبارة بحنجرة وصوت رجلٍ واحد عرفاناً منا على ما تقدمه من صنائع وتضحيات يشهد لها القاصي والداني وذالك في سبيل توفير فرص وظيفية لأبنائك العاطلين الذين يذرعون الأراضي والطرقات جيئة وذهاباً للحصول على لقمه صائغه تسد بها رمق جوعهم وتعول ذويهم ؟ إن هذه العبارات لن نرددها في الصحف كما يرددها الكتاب الببغاوات الذين يملئون أعمدة الصحف بخربشات شبه خاوية إلا من مدح أو إطراء وأيضاً لن نقف صفاً واحدا أمام وزارتك كالبلطجيين فنحن وأنت أكثر وعياً لأننا خريجو جامعات شهاداتها ومناهجها معتمدة دولياً ! وبما أنها حصلت على هذا الاعتماد فحري بك أن تعالج المشاكل الصغيرة بأساليب أكثر رقي وحضارية كاختبارات القياس التي تنقض تلك المصداقية من ناحية وتقف غصة في نحور أبنائك من ناحية أخرى!! وأيضاً لن نقض مضجعك بكلمة (نبي وظايف) أو (ملينا من العطاله) فهذه وغيرها من العبارات السخيفة التي وصلت لسخافتها بأن أصبحت مهمشة لدى مجتمعنا وأصبحنا نحن كذالك بل إننا وصلنا إلى أدهى من ذالك وأمر بأن أصبحت العطالة وصمة عار على جبيننا !! إن كل ما نريده منك فقط أن تنعم بمزيد من الهدوء والراحة والتطلع لقضاء عطلة استجمام صيفية في شواطئ أوروبا وفي غاباتها الغناء لكي لا تصلك أصداء أصواتنا التي اصبغ عليها قالب الصخب والضوضاء الذي أطلقته حناجرنا تحت لهيب الشمس ومن بين روائح كربون السيارات المتطايرة.

إن أصوتنا الصاخبة وصلت إلى مشارق الأرض ومغاربها ولم تحظى بأجوبة تشفي غليلنا وأنت تجلس على كرسيٍ وثير يتوسط ذالك المكتب العتيق الذي يكتظ بابتسامات مصطنعة رُسمت على وجوه بعض الموظفين والعمال بغية في الصعود إلى وظائف أعلى فوق سلالم الواسطة !
نريد منك فقط الولوج حتى ولو من ثقب إبرة إلى عالمنا نحن العاطلين الذي يكسوه البؤس والشقاء لترى ما نعانيه من ألوان الذل والقهر وعظ أصابع الندم على تلك السنوات العجاف التي تشبه سنين يوسف حينما قضيناها في ظل الغربة بعيداً عن أهالينا لنحصد بذالك ثمرة النجاح التي زرعناها حتى أصابنا الأرق وعانينا من طول السهاد ومع إطلالة كل الصباح حينما ينادي المنادي نردد على مسمع آباءنا وأمهاتنا بأن يوجهوا أكفهم ليل نهار إلى أبواب السماء لكي يصل تضرعهم وابتهالهم إلى من يوزع الأرزاق بين عبادة وبعد كل هذا الصرح الجبار ما أن شيدناه حتى هوى فوق هاماتنا وأصبح كحطام الهشيم الذي يتهافت على الأرض وبقايا أمنياتٍ استوطنت مع مرور الزمن في شفاهنا وأيضاً مع مرور الزمن باتت تتبخر ! وأحلامٌ وردية نسجناها ببراعة فأصبحت قصص من وحي الخيال كالتي ترويها الأمهات لأبنائها في الليالي القمرية!

عندما يسقط نظرك على كلام كهذا لا تعتقد أنك تقرأ قصة فيلم من نوع الدراما أو الرعب الذي يعرض في صالات السينما بل إن هذه القصص حقيقية ويجري حالياً عرضها ويشاهدها ملايين الناس في الشوارع وبين أزقات الطرق وأيضاً خلف الجدران الخرساء ترى هل سيحرك هذا المشهد سكناتك عندما تحضى بمتابعته ؟ هل فكرت يوماً بلوم نفسك لأن هذا الكم الهائل من الخريجين لم يجدوا مدارس شاغرة تحتويهم في كنفها ؟ هل كنت تتفقد المدارس وتجوبها خفية ألا يراك أحد لكي لا ينثروا أكاليل الورد في طريقك ويعلقون الشرائط الحمراء بين عتبات أبواب المدارس يوزعون الكعك ويقسمون الشطائر احتفاءً يقدومك؟ هل أمعنت النظر كيف أن داء العجز أستشري في المدارس طلباً بتعيين أبناءك المعلمين وطلبت له الدواءً ؟ هل سمعت بخبر ابنك الذي رمى بنفسه إلى التهلكة من جسر عاجي والسبب تدهور حالته المادية لأنه لم يجد وظيفة تمنع مثل هذا التدهور ؟
إستفهامات مترامية الأطراف تدور رحاها في خلجاتنا لذالك لن يكفي هذا المتصفح وغيره لوصف ولو جزءاً من معاناتنا فهو إن لم يخب ظني كنقطة ماء في محيط شاسع من مسلسل الضياع !