الحلقة الرابعة
أهلًا وسهلًا بكم مرة أخرى في هذه الحلقة والتي من خلالها سأركز على ما قد يتعرض له أصحاب الأعمال وخصوصًا من لديه إرادة التطوير والارتقاء من صعاب في طريقهم لم يحسبوا لها حسابا أو قد يتهاونون فيها فتكون سببا في إنهاء مسيرتهم وعودتهم إلى درجة الصفر بل قد تعيدهم إلى الإفلاس والمديونية لا سمح الله .
مستشفى الشمال
وهي محطة هامة في مسيرة حياتي المهنية والعملية تعلمت منها الكثير ؛
فبعد أن استفدنا خبرة جيدة بسبب تنفيذنا مجموعة من الأعمال المختلفة تتراوح تكلفتها ما بين المليون إلى الأحد عشر مليون ريال وكان من ضمنها مستشفيات صغيرة الحجم .
ونظرا لما أصبحنا نتمتع به ولله الحمد من سمعة طيبة فقد عرض علينا وسيط مشروع إنشاء مستشفى خاص بالشمال وكانت مواصفاته عالية أوروبية وباللغة الإنجليزية .
فأحببت دخول هذه المغامرة والنوعية من الأعمال .
وخاصة بعد التأكيدات من قبل صاحب المشروع بأن المشروع ممول بقرض من الدولة ولا يوجد مشاكل في السيولة .
بعد مراجعة المواصفات والمخططات اتفقنا معهم على مبلغ مقطوع حسب الشروط التي دونَّاها وحددناها بمبلغ 21,500.000 ريال و مع بعض التعديلات والإضافات كانت القيمة النهائية للعملية 24 مليون ومما جعلني أخوض غمار هذه التجربة الجديدة ثقتي بجهة الإشراف والتي كانت آنذاك أكبر جهة استشارية وهي ( الدار السعودية للخدمات الاستشارية ) حيث كان معظم المهندسين فيها أوربيين مما شجعني على العمل حرصا مني على اكتساب الخبرة الفنية التي سوف أحصل عليها بتنفيذ هذا النوع من مشاريع المستشفيات
وبإشراف فني عال ، وكما أسلفت مرارا مادمنا نعمل بمهنية عالية ودقة وجودة في التنفيذ فقد كنت متأكدا بأننا لن نعاني في إنجاز المشروع فنيًا بإذن الله .
ولكن المشكلة التي عانينا منها هي عدم الانتظام في دفع المستحقات من قبل المالك أثناء التنفيذ .
ثم ما حدث بعد انتهاء المشروع وتسليمه للمالك رغم أننا كما قلت كنا نسلم العمل لجهة إشرافية دقيقة وقوية , ولا تخضع لمزاج صاحب العمل كما يحدث من معظم المكاتب الاستشارية الأخرى !
حيث اتضح بأن المالك ليس عنده سيولة مالية إلا القرض الممنوح له من وزارة المالية والذي يشكل نصف التكلفة الكلية مع الأثاث والفرش الطبي .
مما اضطررنا معه كثيرا للاستدانة وأخذ قروض لدفع العمل قدما عندما يتأخر المالك بتسليم الدفعة لأن التوقف يضر بنا أكثر ومكان المشروع بعيد في شمال المملكة و لا نستطيع الاستفادة من عمالنا أثناء التوقف لو حدث مما يضاعف خسارتنا .
وبعد جهد جهيد وبتوفيق من الله أنهينا العمل كما ينبغي وأخذنا شهادة إنجاز من الجهة المشرفة وسلمنا المشروع للمالك بعد ما سلم لنا شيكين بقرابة ثلاثة ملايين ريال وهي باقي مستحقاتنا لدى المالك وأفادنا بأنه سوف يؤمن سيولة لصرف الشيكات خلال أسبوعين .
وبعد أسبوعين طلب منا التأجيل مرة ثانية لشهر ونصف وأوضحنا له ظروفنا وإلحاح أصحاب الحقوق والبنوك ومع ذلك صبرنا إلا أن المشكلة استمرت حيث إن الشيكات بدون رصيد !
فتقدمنا بشكوى ضده فقام بتهديدنا بمصادرة الضمان النهائي 5% والبالغ مليونا وخمسة وتسعين ألف ريال والخاص بسنة الضمان رغم عدم التقصير فأدخلنا في ضغوط ومحنة إضافية .
وقمنا بتقديم شكوى لأمير المنطقة بتهديده لنا بمصادرة الضمان مصحوبة بصورة من شهادة الإنجاز ومحاضر التسليم للمشروع .
وحصلنا على خطاب موجه للبنك يطلب من البنك التريث في مصادرة الضمان وفعلا تم التعطيل إلا أن خطابا ورد من وزير المالية ينص على أن الضمانات غير المشروطة لا يمكن لأحد إيقاف مصادرتها مهما كان مركزه لأنها تخضع لوزارة المالية وكنا في هذا الأثناء قد أنهينا سنة الضمان وحصلنا على أصول خطابات الضمان ولكن البنك رفض الإفراج إلا بخطاب من المالك يتراجع عن طلب المصادرة وكان صاحب المشروع الأب رجلا فاضلا إلا أن ابنه وبكل أسف هو من يحاول الإضرار بنا .
وبعد الاجتماع مع المذكور بعيدًا عن ابنه اقتنع و أعطانا خطابا للبنك يفيد بعدم ممانعته من الإفراج
وما إن علم الابن بما حدث حتى ثارت ثائرته ولكن كان الأمر قد انتهى .
وكانت هذه الخطوة كفيلة بالتخفيف من بعض معاناتنا ؛
إلا أن مشكلة شيكاتنا التي بدون رصيد بمبالغ كانت تعد كبيرة في ذلك الوقت استمرت طوال سبع سنوات .
لم نترك خلالها دائرة ولا مسؤولا إلا وقصدناه حتى إنني قد قابلت الملك فهد رحمه الله وسمو ولي عهده آنذاك (الملك عبد الله حاليا ) أطال الله في عمره وقد تفاعلوا مع موضوعي , ولكن الإجراءات والروتين في الغالب تعيق تنفيذ القرارات بسرعة .
وحيث كان الأمل يحدونا والثقة بالله سبحانه تمدنا بالصبر ولم يدب اليأس في نفسي لحظة رغم طول المعاناة . حتى جاءنا الفرج بانتهاء المعاناة وإن كنا قد خسرنا قرابة نصف المبلغ بسبب المديونيات ؛
حيث قامت الدولة بشراء المشروع من المالك وتم استقطاع مستحقاتنا من قيمته وتسليمنا شيكا بكامل المبلغ .
وإنما أوردت تفاصيل هذه المعاناة الطويلة مع هذا المشروع ليكون درسا مهما يستفيد منه الشباب الواعد وأصحاب الأعمال بأن لا يدب في نفوسهم اليأس من الظروف والمصاعب التي سيواجهونها مهما كانت وأن الصبر والمتابعة ستجعل عاقبة أمرهم حميدة بعون الله .
وكما قيل في الأمثال ( ما ضاع حق وراءه مطالب )
ورغم طول المعاناة في إنشاء هذا المشروع والضوائق المالية التي نتجت عنه إلا أنني أستطيع أن ألخص منه الفوائد والدروس المهمة التالية :
1ـ الحرص على تنفيذ المشاريع بجودة عالية من أعظم أسباب النجاح .
2 ـ لا بد من التعود على الصبر وتحمل الظروف مهما كان نوعها ؛
لأن العمل التجاري الحر متقلب دائما ومن ليس لديه ثقافة التحمل والصبر والتأقلم فقد ينهار عند أول عاصفة أو مشكلة تلم به .
3 ـ استفدت بفضل الله تعلم طرق جديدة في الإدارة التنفيذية للمشاريع .
4 ـ تعرفت على العديد من الأنظمة المختلفة والتي تدخل في أعمال المستشفيات على وجه الخصوص .
5 ـ اكتساب الخبرة في إدارة الأعمال عن بعد وفي المناطق النائية 00000
وكما قيل " كم من محنة في طيها منحة " فكل ما سبق جميعها تضاف لخبراتي السابقة والتي جعلت المستقبل بتوفيق الله أسهل وساعدتني على اطراد النجاح و مكنني من الحصول فعلًا على أعمال أكبر حجما وأكثر عددًا .
وبعد ذلك ظفرنا بمجموعة من المشاريع كان لأحدها إيضا معاناة خاصة , حتى الآن وقضيتها لا تزال منظورة لدى ديوان المظالم منذ ثلاث عشرة سنة . تم الحكم الأولي لنا ببعض المستحقات وتم الأستئناف على الحكم لأنه لم ينصفنا إنصاف كامل
في الحلقة القادمة أيضا سوف أذكر لكم بإذن الله أمرا مهما كان له بعد الله أثر كبير في تطور تجارتي وازدهار أعمالي بقفزات ممتازة بعد ما ضلت شبه راكدة وبمعاناة استمرت زهاء ثلاثة وعشرين عاما .
انتظروني في الحلقة القادمة إن شاء الله كما أن مفتاح الكنز سوف أذكره لكم في نهاية الحلقات
الحلقة الخامسة
والتي سوف أروي لكم فيها بعض القصص و الطرائف والنصائح لكيفية التعامل مع الجهات المالكة وأصحاب الأعمال . كما أود أن أطلعكم على مجموعة من الأمور الهامة والتي نادرا ما ينجح شخص ويصعد بأمان دون المرور بها ؛
ألا وهي :
أولا : مشكلة الفساد الإداري التي قد تصادف الشخص في بعض أعماله وشرح الطريقة المثلى التي وجدتها للتعامل معه دون صدام قد يعرضه الشخص للتعثر أو الإفلاس ، وبدون أن ينساق مع الفاسدين في تحقيق مآربهم الدنيئة فيدخل في المحذور الشرعي والنظامي .
ثانيا :
تنقية القروض والمديونيات التي قد يلجأ إليها صاحب العمل عند الضرورة من الربا . حيث إن بعض الناس والعياذ بالله قد يلجأ للبنوك ويتعامل معها بالطريقة الأسهل والأرخص نوعا ما وهي الطريقة التقليدية الربوية .
ولا يلجأ لطرق التمويل الإسلامي السليمة والبعيدة عن المعاملات المحرمة.
فخذوا تجربتي وخبرتي في كلا الأمرين ؛
فأما فيما يخص الفساد الإداري الذي قد يواجه بعض الناس في مسيرتهم , وأثناء تنفيذ أعمالهم فلنبحث عن أهل الفساد منهم
فقد يكون أنا أو أخي أو ابن عمي أو قريبي أو جاري أو شخصا من معارفي أو غير ذلك . ثم لنعرف كيف نشأ هؤلاء وظهروا على السطح وازدادوا في الآونة الأخيرة كثرة .
أقول إن ذلك بسببنا نحن التجار, وأصحاب الأعمال , وخصوصا من بعض الوافدين الذين لا يفرقون بين حلال وحرام في كثير من الأحيان ، ولا يهمهم غير الكسب المادي .
حيث إن أكثرنا يريد أن ينهي العمل بسرعة وبمكاسب وفيرة مهما كان ويتجاوز الزمن والجودة والمواصفات بأي طريقة كانت .
وثمت أمر آخر وهو أننا لا نريد تصعيد الأمور إلى الجهات المختصة بالشكوى والتظلم خوفا من النتائج التي قد تكون عكسية وكارثية أحيانا !
وننسى أننا معشر المسلمين نؤمن بقول ربنا في محكم كتابه
(ومن يتق الله يجعل له مخرجا , ويرزقه من حيث لا يحتسب).
كما يغيب عن أذهاننا أننا لو قمنا بأعمالنا ونفذناها بطرق سليمة وشفافة , ووفق الموصفات المطلوبة فلن نخشى أحد مهما كان ؛ حتى لو صعد الموضوع مادمنا نتبع النظام الذي كفل لنا حقوقنا بموجب المخاطبات الرسمية والتحفظ على أي عوائق أو تأخير أو ظلم من قبل الجهة المالكة أو المشرفة . لأن ما يحدث من بعض أصحاب الأعمال هو التعامل الشفهي مع الجهات المشرفة أو المالكة والاعتماد على الوعود .
ونتجنب الكتابة الرسمية خوفا من تأثيرها على مستقبلنا, وهذا ما يجعل الفاسدين يضعون السكين على رقبة صاحب العمل بالابتزاز أو التهديد بالغرامات والخصومات والتعطيل وغيرها .
مما يضطر بعض أصحاب العمل للانصياع لطلبات الفاسدين غير الشرعية مبررين هذا الخنوع بالضرورة لذلك
ثم إنني أيها الأخوة ومن خلال تعاملي الطويل لم أجد أحدا من كبار المسؤولين من يقف خلف الفساد ، أو يوفر له الحماية .
وإنما كان معظم هؤلاء الفاسدين فئة قليلة ممن يستغلون موقعهم وعدم ثقافة ومعرفة من يتعامل معهم من المقاولين أو أصحاب الأعمال بالأنظمة.
أو أنهم يستغلون فساد صاحب العمل نفسه ورغبته بأخذ شيء ليس من حقه بطرق ملتوية . إما من خلال التلاعب بالمواصفات أو الجودة أو تغيير في بنود أسعارها متدنية بدون داع .
وبما أن الدولة في الفترة الأخيرة قد قامت مشكورة بشن حملة على الفساد وتضييق الخناق عليهم فهذه فرصة لأصحاب الأعمال النزيهين للتعاون مع المسؤولين وتصعيد الأمر للجهات المختصة ضد من يشعرون أنهم من هذه الفئة
ومن المعلوم بأن الدولة لن تستطيع بين عشية وضحاها , القضاء على الفساد , ولكن بتعاوننا نحن سوف نساعد على تحجيم هذا الفساد حتى ولو كان من قبل مسؤولين كبار.
لأن هذا الفاسد لو واجه حربا من الجميع لما بقي في مكانه , ولاهتز كرسيه وافتضح أمره أمام الملأ ؛
ولكن كما قلت هناك فئة من الناس تريد الصعود بسرعة وتتجاوز كل الخطوط الحمراء .
وصدقوني أنني خلال مسيرتي وحياتي العملية شاهدت كثيرا من الناس صعدوا بسرعة وأصبحوا من أرباب الملايين بطرق غير مشروعة ولكنهم ما لبثوا أن هووا إلى القاع أسرع مما صعدوا ، بل ربما دخلوا في قائمة المفلسين .
فالله الله يا إخواني بالحلال فإنه مهما قل فإن فيه بركة عظيمة وراحة نفسية وطمأنينة .
وأما ما يتعلق بالقروض البنكية وتوقي المحرم والمشبوه منها .
فلا أكتمكم سرا أنني كنت وخلال أكثر من 25 سنة تقريبا أعمل شبه خادم للبنوك رغم أن ذلك ليس بطوعي واختياري وإنما بسبب الآخرين .
فكثير من المكاسب المادية التي أحوز عليها يذهب حوالي 95% منها إما عمولات بنكية , أو غير ذلك أي أنها منزوعة البركة !
لأني وكما بينت سابقا حين تأخر صاحب مستشفى الشمال في دفع مستحقاتي اضطررت لأدفع للموردين والمقاولين مستحقاتهم عن طريق اعتمادات بنكية مؤجلة على أمل تسديد البنك بعد صرف الشيكات ؛
ولكن تأخر صرف هذه الشيكات سبع سنوات جعل البنك يقوم بتسجيل هذه المبالغ على حسابي وأصبح يضيف عليها الفوائد المترتبة والتي التهمت أكثر من نصف مستحقاتي طوال تلك السنوات السبع .
ولم تتغير حالي للأفضل إلا بعد ما قررت قبل حوالي عشر سنوات أن أخرج من هذا المستنقع الآسن و أغلق جميع التعاملات المصرفية المشبوهة وأتحول إلى نظام التورق الإسلامي , وقد كان لهذا القرار الحيوي أثره البالغ في انقشاع الغمة ونمو مركز المالي وتحسنه بفضل الله وتوفيقه .
وهي رسالة واضحة لكل من كان على شاكلتي أن يبتعد عن المعاملات المصرفية المحرمة بجميع أنواعها وصورها ، ويقدم على المعاملات التي أجازها الشرع بكل ثقة وأن لا يخشى من أي نتائج , فالله سبحانه سيتولاه ويجعل النجاح حليفه مادام متبعا لشرعه عاملا بما يرضيه مؤديا لأمانته ومن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه .
وسأروي لكم حادثتين تؤكدان لكم بجلاء أن الله سبحانه وتعالى سيجعل للمسلم مخرجا من أي خطر إذا أخلص النية وأتمنى أن نكون مخلصين .
وأقسم لكم بالله أني أروي هاتين الحادثتين كما مرا بي :
الحادثة الأولى
أخذت مشروعا في منفذ حالة عمار يتمثل في بناء مظلات للجمارك , وكان ذلك أيام الأزمة العراقية وخسرت فيه آنذاك حوالي مليون ومائتي ألف ريال والمشروع كانت قيمته الكلية حوالي مليونين ونصف وهذه الخسارة تعتبر آنذاك كبيرة !
ولكن في الوقت نفسه رزقني الله بمشروع مع شركة حائل للتنمية الزراعية بقيمة مليونين وأربع مائة ألف ريال كسبت من ورائه أكثر من مليون ومائتي ألف ريال فكان ربحي في هذا المشروع مساويا لخسارتي في مشروع المظلات وهو رزق وتوفيق من ربي سبحانه .
ثم أني قمت بتنفيذ مشروعين ( محافظتي الخرج وحوطة بني تميم ) ـ و قضيتهما لا تزال منظورة في ديوان المظالم رغم أنه تم تسليمهما قبل أكثر أربعة عشر عاما بمبلغ 30 مليون خسرت فيهم أكثر من 6 ملايين وفي الوقت نفسه رزقني الله بمشروع آخر قيمته حوالي 30 مليون أيضا كسبت منه 6 ملايين ريال وهو مساو لمبلغ خسارتي في المشروعين السابقين فسبحان الله العظيم.
ثم إن مشروع شركة حائل الذي كسبت من ورائه مليونا ومائتي ألف ريال كان له قصة غريبة تثبت أن حسن النية عاقبتها حميدة .
فقد جاءتني دعوة لمشروع من بين مجموعة من الشركات لتسوية ثماني عشرة دائرة زراعية بشركة حائل فقدمت عرضي بسعر مليونين وأربعمائة ألف ريال وكان عبارة عن تسوية الدوائر ولكن بشرط تأمين عدد محدد من المعدات للتنفيذ.
وكانت خبرتي في هذا المجال قليلة , وبعد ما فتحت المظاريف كان سعري أقل العروض بفارق كبير حيث كان سعر الثاني 3,5 مليون و لقد سألني مسئول المناقصات هناك هل أنت قابل بسعرك رغم قلته ؟ فقلت له : نعم ونصحني بأن أعيد الكرة وأزور الموقع , ومن ثم أحضر إليهم للتأكيد والتوقيع النهائي على عرضي وأن ألتزم بتنفيذه مهما كان .
فذهبت فعلا واستفسرت من ذلك الشخص عن بعض الأمور حيث قلت له بأن المشروع عبارة عن تسوية دوائر زراعية ومن غير الممكن أن تجعل الدائرة متساوية مثل الكف , فكيف يكون القياس ؟ فقال لي : يستدل بأقرب دائرة زراعية قائمة في الموقع فاطلعت على الدوائر ووجدت أن التسوية فيها عادية جدا , وأن المشروع قابل للتنفيذ ,
ثم سألته كذلك بأنكم حددتم أربعة أشهر لإنجاز العمل وبالوقت نفسه حددتم أعدادا محددة للمعدات فهل من الممكن أن تتركوا لي الحرية بالعدد فقد أزيد في نوع وأنقص في آخر وقد أعمل بنظام عمل الفترات خارج وقت الدوام وما يعنيكم بالدرجة الأولى هو الالتزام بتسليم المشروع قبل ه . فوافقوا على ذلك .
وكنت أعرف شخصا في المنطقة من أصحاب المعدات لديه خبرة في هذا المجال فعرضت عليه الشراكة في هذا المشروع فوافق بالمناصفة , وأن يتم احتساب أجور معداته مثل سعر السوق ويشرف هو على تنفيذ العمل وكتبنا العقد واتفقنا على أن يؤمن كل شخص منا مبلغ 250 ألف ريال كرصيد للصرف منه على المشروع حتى يتم صرف مستخلصاتنا من قبل الشركة
وبعد أن اتفقنا أتاني في اليوم التالي وقد تغير كلامه !
فقلت له : ما بك ؟ قال : إني لا أستطيع تأمين سيولة في هذا الوقت فقم بتأمين السيولة أنت .
فوافقت على ذلك شريطة التغيير في نسب المشاركة فيكون له 40% ولي 60% فرفض ذلك إلا مناصفة وأحسست بعد ذلك أن هذا الشخص يريد إلغاء الاتفاق بأي وسيلة وأنه خائف من المشروع .
فأحضرت له العقد وقلت له إما الالتزام بما اتفقنا عليه وإلا هذا العقد أمامك صادق على إلغائه وانسحابك من المشروع .
فما كان منه إلا أن ألغاه وصادق على هذا الإلغاء فدعوت الله لي وله بتيسير الأمور .
ثم انتقلت بعد ذلك إلى مفاوضته على تأجيري معداته فعرض علي مبلغ 15000 للشيول شهريا و13000 للقلاب وصهريج المياه فطلبت منه تخفيض قيمة القلاب إلى 12500 فرفض فأمهلته للغد لعله يغير من رأيه فلما هاتفته من الغد تبين لي إصراره على أسعاره تلك . وقد ظهر لي فيما بعد أن ذلك خيرة اختارها الله لي فقد توجهت بعد ذلك للرياض لأبحث عن معدات ووجدت صاحب معدات معروف أخذت منه 6 بلدوزر و2 شيول كبير و3 جريدر و6 قلابات كانت أسعار القلابات 10 ساعات عمل 11000 ريال أي أقل من صاحبنا بألفيي ريال للقلاب !
ثم إنه كان عندي أحد الشباب السعودي من الموظفين الجيدين , والذي أصبح له فيما بعد شأن سوف أحكيه لكم لا حقا .
والذي كان يعمل معي في مشروع الشمال وكان مسؤولا عن المعدات , حيث سلمته إدارة المعدات في المشروع وضاعفت راتبه لتلك الفترة من 3500 إلى 7000 وأعطيته سيارتي الجيب الخاصة للتنقل بها .
وإن من توفيق الله وفضله أني استلمت الدفعة الأولى وكانت 625000 من الشركة ولم أصرف ريالا واحد فصاحب المعدات قال لي : أنت معروف ولك مني شهران مهلة للدفع وأنجزت المشروع بشهادة إنجاز واستلمت مستحقاتي كاملة وربحت منه كما قلت لكم مليونا ومائتي ألف ريال بعد ما صرفت مكافأة للعاملين .
و كما يقولون ( زين النية تزين لك )
لا أريد أن أطيل عليكم ولكن ؛
مما أعتز به كثيرا أن هناك شخصين عملا معي أصبح لهما شأن أحب أن أروي لكم قصتهما ؛
أحدهما سعودي وهو الشاب الذي أشرت إليه قبل قليل وقد أصبح الآن صاحب شركة معدات كبيرة .
والثاني هندي أصبح لديه شركة كمبيوتر بالهند لها عدة فروع.
أما السعودي فقد وظفته عندي ولم يتجاوز عمره آنذاك سبع عشرة سنة فقط ومعه شهادة خامس ابتدائي , وكان خامة فقط بدون خبرة حيث قسونا عليه بالزج فيه بمشروع الشمال بعيدا عن أهله مغتربا ولكنه كان تحت المراقبة والحرص , بناء على وصية والده رحمة الله عليه فتعود على الشدة والتحمل للمشاق ثم كلفناه بالمعدات بالمشروع والحركة .
وبعد استلامنا لمشروع الدوائر الزراعية التي ذكرت جعلناه المسؤول عن جميع المعدات ثم مديرا للحركة حيث مكث لدي قرابة عشرين عاما أجاد خلالها اللغة الإنجليزية حيث كان معظم العاملين في المعدات من الجنسية الفلبينية واكتسب معرفة جيدة بالمعدات ثم بعد انتقال عملنا للرياض أستأذن مني في بداية عمل خاص فيه كورشة فشجعته وفرحت له وشيئا فشيئا عمل في المعدات حتى أصبح يملك بفضل الله أكثر من 100 معدة مختلفة الأنواع ويقوم بتنفيذ مشاريع لوحده .
وأما الثاني فهو هندي الجنسية واسمه محبوب باشا .
أحضرناه عامل نظافة وكان يقوم بتقديم القهوة والشاي بالمكتب ومرتبه لا يتجاوز 450 ريال ، ولنباهته كان يطلع على أعمال مندوبي الشركات الذين يقومون بتنظيف وصيانة آلة التصوير والفاكس وبرمجة الهاتف .
بعد ذلك طلب مني أن يقوم هو بعمل تنظيف آلة التصوير بدلًا من أن ندفع للشركة 250 ريال في كل زيارة فلم أثق بكلامه في أول الأمر ولكن بعد تأكيده لي بتحمل المسئولية الكاملة أعطيته الفرصة حتى أتقن ذلك العمل وأجاده , ثم أصبح يقوم ببرمجة الهاتف ونقل وتركيب أجهزة الحاسب الآلي وإصلاح الشبكة.
وحيث إنني قد أنشأت فرعا للحاسب الآلي بالشركة فقد عمل لدي هناك وأصبح فيما بعد أفضل مهندس شبكات ,ووصل راتبه الذي يتقاضاه إلى 7500 ريال وما لبث بعد ذلك بفترة حتى استقال وطلب الخروج النهائي إلى بلده ليتفرغ للعمل لحسابه الخاص وقد تم له ما أراد فبعد ثلاث سنوات من سفره زرته هناك فوجدته قد أنشأ شركة خاصة به ثم أخذت شركته تتوسع في فتح فروع لها في عدة مدن و لا يزال الرجل على تواصل معي حتى الآن .
فأين همة شبابنا ليتعلموا من هذا الرجل العصامي المكافح ؟!
نكتفي بهذا القدر فقد أطلت عليكم .
أما المشروع الذي ذكرت لكم والذي عانيت منه معاناة كبيرة فسوف أفرد له حلقة خاصة قد تكون الخامسة إن شاء الله .
الحلقة السادسة
قبل أن أواصل قصتي هذه لعل من نافلة القول أن أشير إلى أن ردود أفعال القراء الكرام أعضاء المنتدى أخذت تتوالى على وقد كانت على ضربين :
أحدها تعبر عن الثناء على شخصي ، والإشادة بهذه السلسلة من مسيرة حياتي وتشيد بها وأنا مع شكري لهم وتقديري لإشادتهم إلا أنني لا أنشدها ولا أستحقها.
والأخرى كانت على سبيل التهكم والنقد السلبي الذي يخلو من توضيح أسبابه ومبرراته وهذه لا تهمني ولن تؤثر في معنوياتي بأي حال من الأحوال ، وسأمضي في سرد قصة نجاحي ومعاناتي لتتجلى لنا حقيقة هامة وهي أن الدنيا مدرسة كبيرة منا من يتعلم منها لأول وهلة ومنا من يكون تعلمه للمرة الثانية أو الثالثة ، وهناك من تتوالى إخفاقاته مرة تلو أخرى دون أن يستفيد منها أو يتعلم من دروسها مدة من الزمن ولكن هؤلاء في الغالب عند بلوغ سن الأربعين يكونون نضجوا فكريا وعقليا .
والله سبحانه وتعالى قال في محكم كتابه ( حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة ) ومن حكمة الله سبحانه أنه غالبا ما يبعث الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم في سن الأربعين .
وأنا أعلم أن لوحة مفاتيح الكتابة في جهاز الحاسب الآلي متاحة للصغير والكبير والمثقف والجاهل والمحترم وغير المحترم وعليه فلن اشغل نفسي بالرد كل شخص بعينه؛ ولكني في نهاية المطاف إن شاء الله سأحاول الإجابة على الأسئلة المنطقية والصادقة ليستفيد منها مجموعة من الشباب الجادين والحريصين على النجاح .
طبعا كما أشرت سابقا فإن الحياة بوجه عام والتجارة بوجه خاص تمر بطبيعتها بتقلبات شديدة وأمواج عاتية والإنسان الحكيم والناجح هو من يحاول أن يتأقلم مع المتغيرات وظروفه الراهنة فلا يجري عكس التيار فيفشل وفي الوقت نفسه لا يفلت يديه ويستسلم ومن ثم يجرفه التيار , وعليه أن يتحمل التقلبات والظروف مثل شح السيولة في بعض الأحيان ومثل المشاكل والأزمات المختلفة التي تواجهه في الحياة بالعزيمة والإصرار والثقة بالله سبحانه .
لأن بعض الناس عندما تواجهه مشكلة ما فإنه يسارع للهرب منها أو يسافر أو يختفي عن الأنظار وبعضهم يبادر بإغلاق هاتفه أو يطلب من المقربين إليه الإفادة بعدم وجوده .
وهذا والله أيها الإخوة في نظري أساس المشكلة والعامل الأكبر في فشل الكثيرين
فلماذا لا تواجه هذه المشكلة بشجاعة ؛ فإذا كان صاحب حق يطالب بحقه تحدث معه بصراحة واشرح له الظروف بصدق بدلا من التهرب منه مما يزيد الأمر تعقيدا .
ومعظم الناس عندما تكون صادقا معه فإنه يلتمس لك العذر ويصبر عليك مهما كان , ولكن عندما يكتشف كذبك عليه أو تهربك منه فإنه لا يسامحك وقد يدعو عليك ويشوه سمعتك على الملأ , والتي هي جزء مهم من رأس مالك لأن السمعة الطيبة تعتبر رصيد آخر بجانب رصيدك المادي .
ومن توفيق الله علي ولا أقول ذلك فخرا و إنما هو من باب التحدث بنعمة الله أن جوالي مفتوح دوما ورقمي مع كل الناس وحتى العمالة تعرفه والموردون والعملاء ومقاولو الباطن الذين تتعامل معهم شركتي وأرد على المكالمات دون أن أعلم عن المتصل وهويته .
ومع هذا فإن الاتصالات التي ترد إلى قليلة لأن الناس إذا أعطيتهم حقوقهم وتعاملت معهم بشفافية ووضعت نظاما منظما يرجع له العمال والموظفون لديك فلن يلجؤوا إليك بل سيتواصلون مع المختصين لديك وبهذا تسلم من الإزعاج .
وأما ما يتعلق بالسمعة الجيدة وأثرها في النجاح فإن من المعلوم أن صاحب العمل أحيانا يواجه شحا بالسيولة . وعندما تكون سمعته بالسوق جيدة والثقة به عالية فإن أعماله ستسير بسلاسة ولن تتعطل ، بل إنه يستطيع شراء ما يريد على الحساب لثقة الناس فيه .
وأحمد الله عز و جل أن مندوبي شركتي يشترون بضائع ومواد للشركة تقدر أحيانا بمئات الآلاف على الحساب الآجل, رغم أن المورد لم يرني في حياته ولكنه يعرف سمعة شركتي .
ولا أقول هذا من باب الدعاية والتسويق بل هو لإثبات حقيقة هامة يلخصها قول العامة ( الناس بالناس والكل بالله ) .
أما مشاكل العمل والمعاناة فهناك من يستمتع بحل هذه المشاكل ويعدها جزءا لا يتجزأ من الإبداع في العمل ويرى فيها فرصة لتعلم واكتساب مزيد من الخبرة .
وهناك من يعتبرها عوائق وتعقيدات ومشاكل تواجهه وتحول دون نجاحه , ويئن شاكيا هنا وهناك , ويظهر التبرم والتضجر من الأنظمة و القوانين ويمني نفسه بليت ولعل وقد قال الشاعر العربي :
ولست بمدرك ما فات مني *** بليت ولا لعل ولا لو أني
وأحسن منه قول الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يشمل أعمال الدنيا والآخرة
( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني )
ولا بد لصاحب الأعمال إذا أراد السبيل الأمثل للنجاح أن يتابع عمله بنفسه بدقة ساعة بساعة ولحظة بلحظة والحرص عليه وعدم الاعتماد على غيره, وكما قيل ( ما حك جلدك مثل ظفرك فتول أنت جميع أمرك )
ومن المسلمات التي خرجت بها من حياتي العملية أن العمل والعاطفة لا يجتمعان ؛ ولا يعني هذا بالطبع أن تكون قاسيا أو ظالما , وإنما ينبغي أن تكون حريصا على حفظ حقوقك في التعامل بعقود واضحة ومكتوبة وأوراق رسمية تثبت حقك عند الضرورة وحتى لا تترك سبيلا للمتلاعبين باستغلالك كما يقول إخواننا المصريون ( حرص من صاحبك وما تخونه )
نعود الآن بكم إلى ذكر ذيك المشروعين المتشابهين ( محافظتي الحوطىة والخرج ) والذين ـ لولا لطف الله سبحانه ـ لكانا سببا في إفلاسي .
ولكن الله سبحانه وتعالى يسر لي الأمر وكشف عني الغمة في نهاية المطاف في تلك الفترة الحرجة بعد أن اضطررت للتضحية بجزء كبير من نشاطي بالحاسب الآلي وأغلقت ستة معارض في مختلف مدن المملكة , بسبب شح السيولة ، والضائقة المالية التي أوقعني فيها حسم الجهة المعنية مبالغ علي تزيد عن خمسة ملايين ونصف غرامة إشراف وتأخير وخصومات مختلفة , إضافة إلى إيقاف صرف مستحقات لي تزيد عن ستة ملايين ريال لأعمال أرغمت على القيام بها ولم تحسب لي وذلك بأن ساق الله لي رجالا وما كنت والله أعرف عنهم شيئا قبل ذلك لا أسماءهم ولا قبائلهم ولا مواطنهم وكانوا السبب بعد الله في خروجي من عنق الزجاجة . وإليكم تفصيل ما حدث باختصار :
فقد تقدمت لمناقصة مشروعين متماثلين في منطقة الرياض , لدى إحدى الجهات الحكومية الشهيرة والتي يرأسها إنسان فاضل , ولكن كما قلت سابقا للأسف فالنظام والبيروقراطية لدينا في بعض الأحيان تحجب الحقيقة عن المسؤولين الكبار وتعطلها .
وبعد فتح المظاريف للمشروع الأول كان عرضي هو الأنسب بمبلغ يقارب ستة وعشرين مليون ريال ثم بعد أسبوع واحد تم فتح مظاريف المشروع الثاني فكان عرض الثاني ولكن المتقدم الأول غير مصنف ، و مستنداته ناقصة , فتم إبلاغي بأن العمليتين كليهما سوف يتم ترسيتهما علي حسب النظام , ولكن تمت إفادتي بأن الاعتمادات المتوافرة للمشروعين في الوقت الحالي بحدود 15 مليون لكل مشروع , وإذا قبلت بالترسية سوف يتم تأجيل مبلغ 11 مليون لكل عملية حتى الميزانية القادمة ومن ثم يتم التعميد بها مع السنة الجديدة بعد 3 أشهر .
ومن أخبرني بذلك مدير إدارة كبير في تلك الجهة ولم ألمس منه إلا الصدق عند ما قال لي لو طلب الاستشاري منك التوقيع بقلمك فامتنع من ذلك ثم أخذ يسترسل في الحديث قائلا عن نفسه بأني وجدت القيام للوتر قبل الفجر بساعة أفضل من صلاتها قبل النوم فداخلني الارتياح في نفسي مما سمعت من قوله الذي يظهر صلاحا واستقامة ونفيت عن نفسي التردد والخوف ما دمت سأعمل معهم بأمانة ولم أكن أعلم بالطبع ما يخبئه القدر لي مما حصل بعد ذلك ولكن قدر الله وما شاء فعل والحمد لله على كل حال فقد يكون الله سبحانه ساق لي هذا لحكمة لا أعلمها .
و قبل أن أسترسل في شرح ما حدث أرجو أن لا تذهبوا بتفكيركم بعيدا فأنا حتى الآن لا أعلم سببا لما قام به هذا المسؤول ؟
وهل ما فعله من قبيل الحسد أو غير ذلك ؟ فالله سبحانه هو الذي يعلم ما تكنه السرائر . ولكنه سبحانه يمهل ولا يهمل فقد أنهيت خدمته قسرا , ولم يمدد له رغم حساسية موقعه وقوة علاقته بالمسؤولين , وذلك بسبب مشكلة تافهة كما روى لي بعض الناس وهي عبارة عن فاتورة بنزين قيمتها ثلاثون ريالا فقط !
سامحوني إخوتي الكرام بهذا الاستطراد فقد كان الحدث بالنسبة لي مؤلما على درجة أني لم أبك في حياتي من القهر إلا بسبب ما حصل لي مع هذا الرجل سامحه الله وعفا عني وعنه .
وكما قلت لكم في البداية فقد وافقت على التأجيل وقمت باستخراج الضمانات ثم وقعت العقد واستلمت المواقع , وتم تعميد الاستشاري للإشراف .
وانطلقنا في العمل فواجهتنا في أول الأمر بعض الإشكالات العادية التي استطعنا أن نتجاوزها بتوفيق الله ثم ببركة التعاون لدفع للعمل في البداية ولكن ! بعد فترة تغيرت المعاملة من قبل الرجل الذي أشرت إليه رأسا على عقب , وقد كان الاستشاري فريقا مكونا من مجموعة مهندسين مصريين تابعين لأحد المكاتب الصغيرة ويحركهم صاحبنا عن بعد ، فليس لهم أي صلاحية تذكر إلا بإشارة منه
و لا يخفى على أصحاب الأعمال بأن عمل الاستشاري قد يكون عاملا مساعدا في دفع العمل وإنجازه , و قد يكون على طرف نقيض عقبة كؤودا تعيق العمل بالإجراءات الروتينية الجامدة . تماما كالفرق بين ( روح القانون ونصه ) في كرة القدم .
فكانت جميع الاعتمادات التي نقدمها للاستشاري سواء المواد أو غير ذلك يتأخر البت فيها وتوقيعها شهورا عدة إذ إنه يقوم بعرضها على هذا المسؤول ؛ فإن نظر فيها طلب منا إعادة تقديم الطلب من جديد حتى لا يفتضح بتأخر تاريخ الاعتماد ويسلمها لنا بدون تاريخ تسليم سواء أكانت اعتمادات أم مخططات أو نحوها مما يؤكد لنا سوء النية , ثم أصبح يطالبنا بتقديم مواصفات أوربية عالية الكلفة ويطلب تقديم شركات عالمية بأضعاف سعر السوق العادي ورغم ذلك كنا نحاول تجنب الصدام معه ونتحمل زيادة المواصفات عن العقد في كثير الأحيان .
ولكن بعد أن حل أجل الأعمال المؤجلة أصبح يتحايل على النظام ويطلب تنفيذ معظمها على حسابنا بدون تعويض , متحججا بأصول الصناعة أو حسب ما يراه المهندس المشرف أو يتحجج بأي تفسير يجده في المواصفات التي دائما تكون عامة . ويقول لنا : بأن هذا محمل علينا وذاك محمل علينا حتى أثقل كاهلنا وأرغمنا على إنجاز كثير منها رغم ما تسببه لنا من تكلفة إضافية , و كانت أية خطابات تذمر أو شكوى من قبلنا يجابهها بمزيد من الضغط علينا وتعطيل مستخلصاتنا وما شابه ذلك من أساليب ملتوية لإرغامنا على تنفيذ معظم البنود المؤجلة على حسابنا ؛ رغم وجود معظمها بوضوح ضمن الأعمال المؤجلة التي ستكون حتما ضمن بنود المشروع الذي تغطيه المبالغ المؤجلة للميزانية القادمة وفق الاتفاق .
وكما قمنا بعمل محاضر اتفاقيات مع الاستشاري والمالك على بعض الأعمال ولكن الاستشاري والجهة المالكة لا يلتزمون بحساب ما تم تدوينه لنا إلا بعد أن نقوم نحن بتنفيذ التزامنا.
و بعد ما سدت علينا السبل وضاقت بنا الحيل من الاستشاري ومن طلباته المجحفة قمنا بكتابة خطاب رسمي جريء موضحين فيه بالدلائل والصور وشارحين معاناتنا للوكيل .
ولكن كما هو معلوم في معظم الدوائر تعاد الأمور إلى الشخص المسؤول نفسه ليرد عليها فيكون هو الخصم والحكم , في آن واحد , و تم تحويل المعاملة للاستشاري والذي لم يأل جهدا برده في الطعن في مؤسستنا وفي أعمالنا وموظفينا , ولم يكن لنا أي مخرج , وأصبح المشروع مهددا بالتوقف حيث قاموا , بتعطيل مستخلصاتنا بعد ما اعتمدوها وخفضوا أكثر من نصف قيمتها للضغط علينا .
كما اشترطوا تقديم خطاب اعتذار عن شكوانا لكي يقوموا بصرف مستحقاتنا , كما رفضوا ـ تعسفا ـ كمية خرسانة مسلحة تقارب 120 مكعب بقيمة حوالي عشرين ألف ريال وتم رميها في المقالب العمومية !
ولكن رغم ذلك كله لم أفقد صبري , ولم يهتز أملي وثقتي بالله عز وجل حتى خرجت لجنة مكونة من قبل تلك الجهة للنظر في بعض المشاكل وكان من أعضائها رجل خير جزاه الله عنا خير الجزاء قال لي بالحرف الواحد : حاول إنجاز مشاريعك بأي حال من الأحوال حتى لو اضطررت لبيع ثيابك التي تلبسها لأن التوقف والتعثر سينهيك مهما كان موقفك وقد يساء استغلال ضعفك .
فاتبعت نصيحته وأعددنا برنامجا معدلا للتنفيذ تم اعتماده مع مدة إضافية نتيجة لبعض الأعمال المستجدة واضطررت للجوء للقروض وضحيت بمعارضي التي ذكرتها والخاصة بالكمبيوتر .
كما حاولت الاستفادة من سيولة بعض المشاريع الأخرى , لإنجاز العمل وبعد انتهاء العمل بحمد الله طلبنا استلامه من الجهة فطلبت منا أن نقوم بالتوقيع على محضر مخالصة يلغي جميع مستحقاتنا التي نطالب فيها زيادة عن العقد , حتى يتم استلام العمل , ورفع المستخلصات الختامية
فرفضنا الابتزاز, وهددونا بفرض غرامة تأخير وإشراف قرابة 4,5 مليون ريال مع حسومات مختلفة وبقينا مصرين على موقفنا .
فما كان من هذا المسؤول إلا أن قام بتكوين لجنة من عشرة مهندسين و يرأسها شخص تابع له ومنحها انتدابا وتفرغا لمدة 40 يوما ثم مددت إلى 70 يوما! هل من منكم يصدق أن مدة استلام لمشروع تصل إلى سبعين يوما ولكنه التعنت والفساد والعياذ بالله .
وخرجت هذه اللجنة بملاحظات تفوق المائتين وخمسين ملاحظة 95% منها لا تمت إلى الحقيقة بصلة .
وحاولنا معالجة الأمر قدر المستطاع بدون جدوى وقاموا بحسم غرامة تأخير وإشراف وحسومات أخرى ظالمة على معظم الأعمال بدون وجه حق متعللين بسوء التنفيذ ونقص بالمواصفات , كما يزعمون ورفعوا المستخلص بدون موافقتنا !
بعد ذلك تقدمنا بتظلم إلى المسؤول الكبير في تلك الجهة وطلبنا منه تحويل الموضوع إلى جهة محايدة للفصل في الأمر وتم تحويله فعلا إلى جهة معروفة مستقلة في قراراتها ( الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض )ولكنها تتبع بالعموم لتلك المسؤول وقامت بدراسة المعاملة أكثر من عام لأنها شائكة وخلصت إلى تقرير كبير أشادوا فيه بمستوى الجودة في تلك المشاريع مرفقين ضمن تقريرهم , صورا فوتوغرافية لتلك الأعمال تبين جودتها و تفند الملاحظات والخصومات التي دونتها اللجنة مع المطالبة بإنصاف المقاول والنظر في موضوع إعفائه من غرامة التأخير والإشراف لأن أسباب التأخير راجعة للجهة المالكة .
وما إن علم مسؤول تلك الجهة بهذا التقرير المنصف حتى ثارت ثائرته وقام مرغما بالكتابة لوزارة المالية للاستفسار منها عله يجد في ردها ما ينفي هذا الطلب والتي أتى رأيها مؤيدا للتقرير وطالبا من تلك الجهة تكوين لجنة بت وترسية لدراسة مطالب المقاول وإعفائه من غرامة التأخير وقد حدث ذلك فعلا إذ كونت تلك اللجنة بقرار من أكبر مسؤول في تلك الجهة وقامت اللجنة بالتقصي وجمع المستندات من الاستشاري والمقاول والجهة المالكة وكان من بين أعضائها رجل فاضل تحمل الضغوط والأذى في سبيل إحقاق الحق أسأل الله ،أن يسعده في الدنيا والآخرة وأن يجزيه خير الجزاء .
ورغم وجود أعضاء في اللجنة من تلك الإدارة إلا أنها أنهت المطالبة الأولى والخاصة بالإعفاء من غرامة التأخير والإشراف بناء على رأي أغلبية أعضاء تلك اللجنة , وتم رفع القرار للمسؤول الأعلى بتلك الجهة وبعد اعتماده رفع للمالية وتم والحمد لله الإعفاء من الغرامة واسترداد قرابة 4,5 مليون ريال مما خفف علينا جزءا من الأعباء التي أرهقتنا ونجحنا بفضل الله في الخروج من عنق الزجاجة رغم ما تكبدناه من خسائر خلال تلك الفترة .
ثم بقيت الجولة الثانية والأهم وهي الحصول على حقوقنا عن الأعمال التي أرغمنا على تنفيذها بغير وجه حق فقامت اللجنة نفسها بدراسة الجزء الثاني من المعاملة وهو مطالبات المقاول , وخلصت إلى استحقاقنا لقرابة 8,5 مليون ريال وتم توقيعها من قبل أعضاء اللجنة بأغلبية أعضائها كما تم في المطالبة الأولى ورفعت للمسؤول الأعلى لاعتمادها النهائي .
ولكن ذلك المسؤول الذي ذكرت ما فعله معنا من تعقيد أغضبه ما حصل فأقنع أحد كبار المسؤولين المرتبطين بالمسؤول الأعلى بضرورة عرض المعاملة على لجنة أخرى لإقرارها وللأسف عطلت المعاملة قرابة ثلاث سنوات حتى تم تشكيل لجنة مخصوصة معظم أعضائها من ذلك القسم بعينه فرأت بأغلبيتها عدم استحقاقنا لأي مبالغ عدا الممثل المالي الذي أقر باستحقاقنا ولكنه صوت وحيد لا يؤثر .
وكنا خلال تلك المدة نتقدم للمسؤول الأعلى بالشكوى ورغم حرصه على متابعة معاملتنا إلا المختصين في كل مرة يفيدونه بأن المعاملة تحت الدراسة والعرض
وعندما يئسنا قمنا بالتقدم بالشكوى لديوان المظالم وكان ذلك منذ أكثر من ست سنوات وأملنا بالله كبير في الحصول على حقنا لأنه لا يضيع حق وراءه مطالب , وقد أكرمنا الله بمشاريع أخرى عوضتنا من تلك الخسائر فلله الحمد والمنة .
نكتفي بهذا حتى الحلقة السادسة إن شاء الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
الحلقة السابعة
بالطبع بدأت الآن خيوط القصة تتكشف وقد تفضي في نهاية المطاف إلى كشف الستار عن بعض المعلومات التي قد تقود إلى معرفة اسم الشركة أو اسمي الحقيقي شخصيا , وهذا لا يقلقني على كل حال ؛
لأني كما قلت لكم في البداية بأني مستعد للإفصاح عن اسمي وجميع ما يخص قصتي , بدون حرج حتى يكون القارئ على يقين بأن هذه القصة حقيقية بمعرفة صاحبها وليست من نسج الخيال .
وهاأنذا أعود لسرد ما تبقى من قصة كفاحي وتاريخي نجاحي ؛
فبعد تلك العاصفة الهوجاء التي تعرضت لها بسبب هذا المشروع الذي أوقعني في عسر مالي اضطررت معه لتصفية جزء من أنشطتي الخاصة بالحاسب الآلي وهي عبارة عن ستة معارض معروفة ومشهورة سابقا وكذلك أربعة معاهد تدريب ثلاث منها رجالية وواحد نسائي, لأني لم أعد قادرا على إدارتها وتطويرها كما ينبغي في غمرة تلك الإشكالات التي مرت بي وشح السيولة المادية , كما , كان لشركة مايكرو سوفت , وغيرها من الشركات العالمية دور في التصفية حيث إنهم بدعم من وزارة الإعلام كانوا يتابعون شركات السوق المعروفة , ويرسلون لها مفتشين سريين بمسمى طلاب لشراء أجهزة محملة بالبرامج للتأكد من وجود برامج منسوخة على الأجهزة والتي لا يمكن أن تبيع الأجهزة بدونها لتقوم وزارة الأعلام بغلق المحلات وتغريم أصحابها من 10آلاف إلى 250 ألف ريال , في الوقت الذي تتجول فيه العمالة الآسيوية السائبة بحرية وبدون رادع ,أو حسب أو رقيب و تكتسح كل الأسواق التجارية وخوصا أسواق الحواسيب عارضة البرامج المقلدة والمنسوخة وللأسف في الغالب معها أفلام الجنس ال*****ة وغيرها بسعر زهيد لا يتجاوز خمسة وعشرة ريالات للأسطوانة الواحدة !
بينما يفرض على أصحاب الشركات والمعارض الكبيرة شراء النسخ الأصلية للبرامج والتي تصل القيمة الرسمية للويندوز والأوفيس للجهاز الواحد أعلى من 2500 ريال والسعر الذي تبيع فيه المحلات الصغيرة الجهاز كاملا ببرامجه المقلدة بما لا يتجاوز 1000 ريال ! فكيف تستطيع المعارض الكبيرة المنافسة في هذه السوق , فما كان منا إلا أن تركنا لهم السوق بكامله واكتفينا بالبرامج من إنتاجنا الخاص , والتي ولله الحمد حافظنا من خلالها على عملائنا بكلا القطاعين الخاص شركات وأفرادا والعام المتمثل بالجهات الحكومية .
ورغم هذه الظروف القاسية والعوائق القوية إلا أنها ولله الحمد لم تفت في عضدي ولم توهن من عزيمتي بل زادتني إصرارا على مواجهتا والتغلب عليها و الاستمرار في تطوير عملي في المقاولات والارتقاء بمستوى الأداء والتنظيم مستعينا بالله أولا ، ثم إني كنت حريصا على التنظيم مهما كان ثمنه وعلى رفع كفاءة شركتي ورفع تصنيفها والحفاظ على سمعتها الطيبة , مذ كانت مؤسسة صغيرة من الدرجة الخامسة , حتى حصلت والحمد لله قبل أربعة أعوام على الدرجة الأولى في نشاط المباني والتي تخولني في الدخول في منافسات المشاريع الحكومية الكبيرة , إضافة إلى حصولي على درجات متفاوتة في تصنيف الأنشطة الأخرى .
وكما قلت سابقا بأن النظام يضمن للشخص بمشيئة الله الاستقرار والأمان .
فالمكاسب التي تأتي صدفة بدون الالتزام بالمعايير النظامية قد تذهب بثروتك كلها أيضا بالصدفة ,وقد تتعرض للانهيار في أي لحظة ولذلك فإن توخي الالتزام بالأنظمة سيوفر لك غطاءا حاميا بإذن الله وخاصة من المخاطر غير المتوقعة .
ولقد حصلت بفضل الله خلال الأعوام الثمانية الماضية على عدة مشاريع متفاوتة الحجم والسعر من جهات مختلفة تتراوح مبالغها من 30 مليون وحتى 300 مليون للمشروع الواحد منها مستشفيات كبيرة ومبان إدارية وغيرها .
و رغم الظروف والتقلبات التي واجهت المقاولين بالفترة السابقة من زيادة أسعار المواد والعمالة , فقد تمكنت بفضل الله من إنجاز معظم مشاريعي بجودة عالية وتم تسليم وافتتاح بعضها وبعضها الآخر منها في طور التسليم .
وذلك فضلا عن المشاريع المستلمة حديثا أو التي هي تحت الترسية .
تجربتي في التوظيف
إن كان لي من نصيحة لإخواني رجال الأعمال وللموظفين أيضا بهذا الخصوص فهو تذكيرهم بالتمعن في هذه المقولة ( الغالي ثمنه فيه )
فإذا أردت أن تختار موظفا ليعمل معك فاحرص على الموظف الكفء ولا تنظر لعلو راتبه إذا كان لديه مهمات كبيرة يقوم بإنجازها لأن غيرالكفء من الموظفين سيكون عالة عليك وعلى مؤسستك أو شركتك إ ولو كان راتبه ألف ريال وأما المتميز فاحرص على استقطابه ولو كان راتبه خمسين ألف ريال فهو يستحق وأنت الرابح أيضا .
ونصيحتي هذه أيضا أوجهها للموظفين ليجدوا ويجتهدوا ولا يكونون ممن يتبرمون من العمل وينتظرون انتهاء الدوام بفارغ الصبر ؛ كأنما هو خارج من سجن بل أخلص في عملك كأن هذه الشركة ملك لك وستشعر بالفرق الكبير .
ولا أخفيكم أن عندي موظفين سعوديين راتب الواحد منهم أكثر من 45000 ريال شهريا وعندي كذلك موظفون وافدون يستلمون أكثر من 35000 ريال رواتب والتي قد يرى بعض من يتابعني أنها عالية ولكن أؤكد لكم بأن المتميزين بجدهم وكفاحهم يطمحون إلي أعلى من ذلك ويعطوننا ما يفوق ما يأخذونه وهناك شركات عالمية تصل رواتب بعض موظفيها الشهرية إلى أكثر من 150 ألف ريال !
كما أن هناك مندوبي مبيعات تصل رواتبهم مع العمولات إلى مئات الآلاف ولكن الواحد منهم ينكر ذاته في العمل ويتحمل الصعاب ويتحمل أذى الزبائن وكلامهم الجارح في بعض الأحيان ويؤمن بالمقولة الأمريكية ( الزبون دائما على حق ) وأعتقد آن الشركات لم تحتفظ بهم مجاملة بل لأنهم يستحقون .
وعلى الجانب المقابل هناك أناس لو رفع الزبون عليهم صوته قاموا بسبه وشتمه ضاربين بسمعة شركاتهم عرض الحائط . مع العلم أن أخلاقنا الإسلامية وديننا يحثنا على اللطف وحسن القول وعدم الانتقام للنفس .
الشركات العائلية
من الوصايا المهمة التي أقدمها هاهنا لكل الذين يعقدون اتفاقيات شراكة مع آخرين مهما كانت درجة قرابتهم أو صداقتهم أن يحرصوا أشد الحرص على كتابة عقود واضحة ودقيقة , تبين ما لهم وما عليهم والحقوق والواجبات والالتزامات فقد يكون الشركاء في أول مشوارهم العملي على مستوى طيب من الصفاء والود والتعاون ولكن مع مرور الأيام وتطور النشاط وتوسعه تبدأ بكل أسف إشكالات كثيرة لا حصر لها حتى عندما يختلط أولادهم في العمل فستنشأ حتما هذه الإشكالات والاختلافات غير المحسوبة والتي قد تكون سببا في هدم الشراكة أو فشل النشاط .
وينبغي كذلك لرجال الأعمال توضيح وتنظيم أعمالهم وجعلها على نظام شركات عائلية , واضحة المعالم لضمان استمرار عمل هذه الشركة وعدم تعرضها للانهيار إذا حصل لمؤسس هذه الشركة ورائدها مكروه لا سمح الله والأعمار بيد الله سبحانه وتعالى .
كما أوصي أصحاب ورجال الأعمال بالحرص الشديد عند دخول أبنائهم حديثي التخرج و قليلي الخبر في العمل بالتدرج من أول السلم وأسفل الهرم شيئا فشيئا و أن لا يعطوهم الحرية المطلقة في الإدارة من البداية لأن هناك شركات كثيرة تعرضت للانهيار بسبب سوء الإدارة من هؤلاء الشباب حديثي التخرج فهم يعتقدون أن الحصول على الشهادة والجلوس على الكرسي يعني القدرة على الإدارة ولا يكترثون بالخبرة , وهذا خطأ ,فادح فهؤلاء الشباب أو الشابات يهمشون أصحاب الخبرة في تلك الشركة أو المؤسسة ويفرضون آراءهم عليهم بحجة أنهم ملاك لها فلا يكون أمام أصحاب الخبرة هؤلاء إلا أن يقوموا إما بمحاباتهم خطأ على حساب الشركة أو الاصطدام معهم ، والنتيجة المؤسفة لذلك الاعتقاد بأن هذا الابن سيكون بالضرورة دائما على حق وهذا هو بداية الدمار
وإنما على أرباب الأعمال وأصحاب هذه الشركات أن يخضعوا أبناءهم لسلم الهرم الوظيفي والتدرج فيه حتى يكونوا على درجة كافية من الإلمام بتفاصيل الأعمال وتسييرها وإلا فإنهم سيكونون وبالا عليها كما يقول العامة ( ينقل حتفه على كتفه )
إلى رواد الأعمال الشباب
أما أولئك الشباب الذين يخوضون غمار التجارة والأعمال لأول مرة ويحلمون ببدء مشاريع خاصة بهم فأؤكد لهم ــ خلافا لما ذهب إليه أحد أعضاء المنتدى معلقا على قصة نجاحي ـ أن فرص النجاح في أيامنا هذه أوفر حظا وأسهل طريقا ولكن لمن نفض عنه غبار الكسل وشمر عن ساعد الجد وأحسن استغلال الفرص .
ولكن حال كثير من شبابنا بكل أسف يشير إلى ميل ظاهر إلى حياة الترف والنعومة ، وضعف القدرة على تحمل الضغوط ، ومواجهة أعباء الحياة ؛ لأن كثيرا منهم قد ألفوا حياة النعيم ، وجاء إلى هذه الدنيا وكل شيء مبذول له ومتوافر من طعامه حتى يصل إلى سرير غرفته !
وإلا لماذا نرى بأعيننا الوافدين إلى بلادنا يشتري أحدهم الفيزة بعشرين وخمسة وعشرين ألف ريال وما يلبث خلال عامين أو ثلاثة حتى يكون ثريا !
قد يقول قائل بأن هؤلاء العمال يسلكون طرقا غير نظامية أقول : نعم قد يكون ولكن هناك من ينجح بطرق نظامية .
ولعلي أصل هنا إلى الاكتفاء بما أوردته من وقائع وأحداث في مسيرة حياتي العملي ورحلتي نحو النجاح إن شاء الله .
على أن تكون الحلقة القادمة إن شاء الله هي الأخيرة في هذه السلسلة مع زبدة الكلام والوصايا الهامة ومفتاح الكنز إن شاء الله
الحلقة الثامنة والأخيرة
قبل أن أسدل الستار على قصتي وأذكر لكم نهايتها أجدني في حيرة من أمري ولا أخفيكم سرا هل أواصل سردي لقصة نجاحي مع ما قد يشوبه من ثناء على النفس ومدح لها ، والتحدث بشيء من نعم الله علي ؟ أو أجعل في طي الكتمان بعض الأشياء التي ربما تكون من عوامل نجاحي ، ويكون في ذكرها نفع وخير لمن سار عليها وعمل بها ؟ ولربما كانت بعد توفيق الله عز وجل سببا في نجاح آخرين وصلاحهم . خاصة حينما تصدر هذه الحقائق ممن عاشها بنفسه .
ولكني حسمت ترددي وقررت المضي قدما في ذكر ما قد أفاء الله به من نعم إذا كانت غايتي من ذلك وجه الله عز وجل ونفع عباده ونقل الخبرات إلى الأجيال الصاعدة المتعطشة لها . وأني لا أطمع من وراء ذلك بمنصب أو فائدة مادية أو معنوية حيث أغناني الله من فضله عن خلقه فلن أكتم هذا الفضل من الله ولأني أحب للناس الخير فلن أبالي بمن يظن فيّ ظن السوء والله تعالى يقول ( وأما بنعمة ربك فحدث )
ولا أنكر بطبيعة الحال أن الحسد موجود عند الناس مذ خلق أبونا آدم عليه السلام وسيظل إلى يوم القيامة وعلى هذا فقد يقول قائل: ألا تخاف من العين والحسد الذي ربما يضرك ؟!
فأقول له هذا هو مربط الفرس؛
فإذا كنت تخاف من المخلوق أكثر من خوفك من الخالق فهذا هو الخطر الحقيقي على إيمانك ويقينك وعقيدتك .
فإذا قلت : إن العين حق ,قلت: نعم ولا مرية في ذلك ولا ريب وأنا أومن بالعين وبالسحر ولا أنكرهما بتاتا , ولكني أعلم علم اليقين أن الله سبحانه وتعالى هو النافع الضار والحافظ الذي هو قائم على كل نفس بما كسبت حيث يقول سبحانه في محكم كتابه ( وماهم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ) البقرة 102ويقول سبحانه أيضا (أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه ) الزمر 36
وأقول لكل مسلم ناصحا : حافظ على وردك من الأذكار الشرعية وتوكل على الله ولن يضرك شيء ومن طبعي ولله الحمد أني بعد التوكل على الله لا أخاف من أي شخص مهما كثر الكلام حوله أو ادعى القدرة على إصابة الناس بالعين .
وصدقوني ما يعيش فيه كثير من المسلمين اليوم من وساوس وأوهام وحالات نفسية ثم الاهتمام الزائد بالرؤى وأحلام , وتفسيراتها التي انتشرت انتشار النار في الهشيم في هذا الوقت , دليل على ضعف الإيمان الحقيقي في قلوبنا ،وتعلقنا بالمخلوقين نفعا وضرا , وصدقوني إن ما ترونه من أمراض نفسية ودعاوى الإصابة بالعين والسحر وغيرها نسبة 999 %منها وهم ,وواحد في الألف فقط قد يكون حقيقية سواء كان عينا أو سحرا .
و هناك بكل أسف استغلال لمشاعرنا وحاجتنا للعافية من بعض القنوات الفضائية , وبعض المشايخ المحتالين مع العلم أن الله سبحانه وتعالى عنده العلاج الشافي والكافي بدون ثمن إلا من الدعاء والرجاء , وهو وحده المعافي ولكن لا يتحقق ذلك إلا عندما يصل يقيننا وإيماننا إلى أعلى درجاته .
ولعلي سأصل معكم إلى السبب الحقيقي الذي أظنه كان مفتاح الصلاح والرزق الذي حصل لي بفضل الله ومنته .
و لابد من توضيح لهذا الصلاح حتى لا يظن أحد أن أزعم لنفسي تقى ونقاء كاملين . حاش لله فقد أكون والله من أكثركم أخطاء وتقصيرا , ولكني أتمنى أن يكون قلبي سليما و خاليا من الغل والحسد كما يكون لدي بفضل الله إيمان و يقين صادق حتى ولو كنت مقصرا في عملي وسلوكي الشخصي و ذنوبي كثيرة لأننا تحت رحمة الله مهما كان حجم أعمالنا الخيرية .
نعود لموضوعنا ألا وهو التوكل على الله .
كثير منا من يقول : توكلت على الله , ولكن قلة قليلة منا من يعي ذلك ذلك جيدا ويؤمن به إيمانا تاما .
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول ( لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا )
أي ( تخرج في الصباح وهي جائعة وترجع في المساء وهي ممتلئة البطون)
لذلك فأني أقول لكم عندما يصدق توكلكم على الله سترون العجب العجاب
وهذا لا ينافي العمل والكد وبذل الجهد في طلب الرزق , ولكن ينبغي أن يكون لديك اعتقاد راسخ ، ويقين تام بأن الرزق من عند الله وهو الذي يسبب له الأسباب ولا يستطيع إنسان مهما علا قدره أن يرزقك أو يمنع رزقك .
وأنتم تشاهدون من بيننا أناسا مفرطي الذكاء ومع ذلك فهم فقراء ومعدمون أحيانا بينما تجدون أناسا آخرين ذكاؤهم ومحدود وقدراتهم الذهنية عادية ومع ذلك أفاء الله عليهم بثروات طائلة وأصبحوا كما يقال من أصحاب المليارات .
وقديما قال آباؤنا ( من عاش حيلة مات فقرا ) أي من يحتال ويعتقد أن ذكاءه ينجيه ويجلب له الرزق غالبا ما تجده يموت فقيرًا .
وبما أن الحديث ذو شجون والشيء بالشيء يذكر فإني أعرف حادثة طريفة , لرجل فاضل في منطقتنا تعاملت معه أنا شخصيا وأعرفه تمام المعرفة .
وتأملوا ـ بارك الله فيكم ـ كيف ساق الله له الرزق في حادثتين مختلفتين .
الأولى اشترى مني شخصيا 2500 سهما من أسهم شركة ساسكو قبل ثماني أو تسع سنوات على ما أذكر بمبلغ 120 ريال للسهم بعد ذلك انخفضت قيمة تلك الأسهم إلى 55 ريال فقام بالتعديل فيها بشراء 10000 سهم إضافية بسعر 55 ريال وبعد سنة من الركود ضاق بها ذرعًا فقرر بيعها بسعر السوق و كان سعر السوقي وقتها يتراوح بين 52إلى 53 ريالا للسهم وقد كانت أوامر البيع حينها ترسل بالبريد السريع من قبل فروع البنك للمركز الرئيس للسوق المالية في حقيبة ويكون تنفيذها بعد يوم من وصولها ولكن حدث أمر غريب ! حيث ضاعت تلك الحقيبة بأوامر بيع الأسهم وانتظر صاحبنا أكثر من ثلاثة عشر يوما ثم ذهب للبنك شاكيا ومحتجا على تأخرها ويطلب حل مشكلته فأخبره الموظف أن الحقيبة قد فقدت طوال تلك الفترة وعثرنا عليها بالأمس وتم تنفيذ الصفقة بسعر 143 ريال للسهم وقد كان هذا هو سعره السوقي يومها وقد كان ارتفاعه لمدة يوم واحد ثم تراجع السعر إلى سابقه 52 بعد ذلك وسبب ارتفاعه أن أحد كبار المستثمرين ـ الأمير الوليد بن طلال ـ كان ينوي شراء هذه الشركة في تلك الأثناء مما قفز بسعرها و لم يتم تنفيذ أمر البيع إلا في ذلك اليوم وتأملوا كيف شاء الله أن تضيع الحقيبة كل تلك الأيام ، ولا يعثر عليها إلا في يوم الارتفاع الصاروخي لسعر الشركة فسبحان مقسم الأرزاق .
وموقف آخر لا يقل غرابة وعجبا ـ وليس في فضل الله ورزقه عجب ـ للرجل نفسه قبل بضع سنوات وقد يمتلك كمية من أسهم شركة النقل الجماعي حوالي 70000 سهم ، وطلب من زوجته تنفيذ عملية البيع عبر التداول الالكتروني عبر الحاسب الآلي لأنه كان خارج منزله في رحلة عمل وقد كان سعر السهم وقتها 105 ريال للسهم الواحد ، وكان اليوم هو الأربعاء الذي هو نهاية الأسبوع على التداول فلما عاد لمنزله أصابته الدهشة حين وجد محفظته أن زوجته بدلا من بيع الكمية تلك من الأسهم قامت بتنفيذ أمر شراء بالخطأ لكمية مساوية وهي سبعون ألف سهم وكانت قيمة الصفقة أكثر من سبعة ملايين ريال فامتعض أول الأمر ثم حمد الله على كل حال وقال : لعل في الأمر خيرة .
وخلال الخميس والجمعة تواردت أخبار إيجابية للسهم وباع كامل الكمية يوم الأحد أو الاثنين بأكثر من 138 ريال للسهم الواحد وكان ربحه من جراء هذه الغلطة غير المقصودة حوالي أربعة ملايين ريال .
ولهذا فلا بد من الإيمان الراسخ بأن الله هو الرازق لمن يشاء فيرضى العبد ويسلم بما كتبه الله له وقسم له من رزق .
وثمت أمر آخر بالغ الأهمية وهو الحرص التام على تنقية القلب من مظاهر الحسد التي قد تشوبه حتى يكون نقيا تماما من هذا الداء العضال لأي مسلم على نعمة أعطاها الله إياه حتى لو كان عاملا بسيطا وأنت لا تعلم أبدا كيف حصل على هذا الرزق فقد يكون لسبب مشروع لا تعلمه .
ومن المعلوم أن للحسد أنواعا ثلاثة :
أولا : محمود وهو ما يسمى حسد الغبطة وهو أن تتمنى أن يرزقك الله كما رزق أخاك من غير تمني زوال النعمة عنه ، فهذا لا بأس به .
ثانيا : مذموم وهو أن تتمنى أن ينتقل ما عند أخيك إليك .
ثالثا : وهو أشدها وأعلاها أنت تتمنى زوال النعمة عن أخيك حتى لو لم تنتقل إليك ! وهذا والعياذ بالله قمة الحقد والغل التي غالبًا ما يكون صاحبها من أسوأ الناس وأتعسهم في الدنيا وقد يكون كذلك في الآخرة والله أعلم .
و لو كنا مؤمنين حقا لعلمنا علم اليقين أن الله قد قسم الأرزاق ، ووسعت خزائن التي لا تنفد جميع خلقه ولكنه سبحانه " يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر " والحاسد والعياذ بالله معترض على ربه بقسمته للرزق ، شاء أم أبى .ولو كانت الأرزاق بيد الخلق لبخلوا بها كما قال تعالى " قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق ، وكان الإنسان قتورا " الإسراء 100 .
إذا ومن خلال تجربتي المتواضعة في هذه الحياة احرص على التوكل على الله حق التوكل واحرص على تنقية قلبك من الغل والحسد .
وثالث هذه الأمور المهمة والعوامل القوية في نجاحك وتوفيق الله لك ونماء الخير عندك هو أن تحب الخير للناس كما تحبه لنفسك ،وتدخل السرور عليهم سواء كانوا ذوي القربى أو أصدقاء أو من عامة الناس قدر استطاعتك, وحتى عامل محطة البنزين لماذا لا تترك له ريالا فقد يكون فيه خير وأجر عظيم وأنت لا تشعر .إذ إن بعضهم مساكين وقد تصيب الخير ويبارك لك الله بسبب إحسانك له .
أضف إلى ذلك الحرص التام على طرح كل إساءة جاءتك من قريب أو بعيد أو زبون من قلبك ، إخراجها من نفسك فإنك إن لم تفعل تراكمت على قلبك ، وأثقلت كاهله مهما صغر حجمها .
وسأضرب لك على ذلك مثالا مقربا ؛
فلو كان في يدك كأس صغير من الماء أو العصير أو غيره ورفعته إلى أعلى مدة عشر ثوان فإنه لن يتعبك ، ولكن لو ظللت ترفعه ساعة ,أو ساعتين أو مدة أطول فسيحصل لك من التعب والإنهاك بقدر المدة التي ترفعها .
فوطن نفسك وعودها على العفو والصفح والمسامحة ولا تعتبر العفو ضعفا بل هو رأس الحكمة وعين الصواب .
قال تعالى
( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم . وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم . وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم ) فصلت (34ـ 36)
وما أكثر من يأتيك من شياطين الجن والإنس من يحرضك على الانتقام ويزين لك الرد بالمثل فكن على حذر وامتثل أمر الله عز وجل بالاستعاذة به سبحانه من نزغاتهم ووسوستهم .
عوامل النجاح في الأعمال التجارية
هناك أمور تساعد على نجاح الإنسان في التجارة , منها الدينية ومنها التنظيمية والسلوكية
فأما النواحي التنظيمية والسلوكية فتتمثل فيما يلي :
أولا : الصدق في التعامل .
ثانيا : التنظيم واحترام الوقت .
ثالثا : السعي القوي ، والمتابعة الدائمة .
رابعا : قوة العزيمة والإرادة .
خامسا: تنحية العاطفة في العمل والحرص على التوثيق الكتابي في التعامل مهما كانت مكانة الطرف الآخر .
سادسا : حسن التعامل مع الناس ، والحرص على اللطف واللين في الكلام ، وتحمل الآخرين حفاظا على سمعتك التي هي رأس مالك الحقيقي .
سابعا : عدم التهرب من المشكلات التي قد تواجهك ومواجهتها بكل شجاعة , فما من مشكلة إلا ولها حل بإذن الله .
ثامنا _ تجنب المبالغة في سبر الأغوار ، وتوظيف الذكاء في تحليل الأمور بأكثر مما تستحق , فقد تذهب بعيدا ،وتسبح بأفكارك وتصوراتك ، وتبني عليها اتخاذ قرارات مهمة ؛ ثم ما تلبث أن تكتشف أن تلك التصورات التي بنيت عليها القرارات مجافية للحقيقة بعيدة عن الواقع .
وفي كثير من الأحيان يكون التجاهل وغض الطرف أنجع الحلول .
كما قال الشاعر :
ليس الغبي بسيد في قومه ****لكن سيد قومه المتغابي
وهذا السلوك ( وهو التغابي )يعطيك فرصة لتتعرف على الأمور وتتعمق في هذه المعرفة بصورة أكبر مما ييسر لك إيجاد حل جذري لأي مشكلة تقابلك .
وأما من الناحية الدينية الشرعية فاحرص على ما يلي :
1 _ أحسن الظن والثقة بالله عز وجل .
2 _ أحسن وأخلص النية في الوفاء بحقوق الناس وديونهم .
3 _ استشعر بان الله رقيب حسيب مطلع على كل أعمالك .
4 _ احذر من الكسب المشبوه مهما كانت المغريات أو سول لك الشيطان الوقوع فيها ، وخادعك بحلها قال تعالى ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )
5 _ وعلى وجه الخصوص احذر من التعامل بالرباء فهو يمحق كل شيء .
6 _ لا تحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه ، واجعل قلبك نقيا من هذه الآفة وإذا شاهدت أحدا رزقه الله ما لم يرزقك بمثله فادع له بالبركة ، وعلى على ثقة بأن من رزقه سيرزقك فلا تستبطىيء رزق الله بمعصيته .
7 _ لا تظلم أحد من العاملين لديك ، وتأكد من أنك قد أوفيتهم حقوقهم وحذر دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب .
8 ـ أدعوكم لتتدبروا هذا الحديث العظيم والذي لو تدبرناه وعملنا به بصدق لفزنا بالظفر ، ونلنا ما نحب ,
(قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحبته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه ) رواه البخاري.
وأخيرا وليس آخرا أتمنى أن أكون قد وفقت في عرض قصة نجاحي ، وخلاصة تجاربي ، وزبدة نصائحي لإخواني وأبنائي الطامحين إلى القمم ، العاقدين العزم على شق طريقهم نحو النجاح والفلاح بإذن الله .
وسوف أترك ما سيأتي فرصة للحوار قدر المستطاع ، وذكر ما لم أذكره من بعض المواقف والطرائف التي مرت بي .
وكما وعدتكم فسأفصح لكم في نهاية المطاف عن شخصيتي الحقيقة ، واسمي وأعمالي إن شاء الله تعالى
ويبدوا آن الأكثرية قد عرفوا كل شيئ
حفظكم الله .