25-03-2008, 02:06 PM
|
عضو سوبر
|
|
تاريخ التسجيل: Jan 2007
المشاركات: 476
معدل تقييم المستوى: 37
|
|
حفرة البطالة
حفرة البطالة
صالح الشهوان - 18/03/1429هـ
ما من معضلة لقيت من العنت والبهذلة مثلما لقيت البطالة، فهي ممزقة مارس عليها بعضنا بطولته، وبعض مارس عليها باطله وأحيانا نار الاثنتين معا. وإلا فهل يعقل أن تظل البطالة معضلة مستحيلة الحل على مدى ربع قرن من الزمان؟ وزارات، ولجان، واجتماعات، وقرارات، وهذه المعضلة أشبه بالحفرة كلما أخذت منها زادت (!!) فرغم كل ما قيل وكتب وقرر بقيت (مدغمة) في حجمها وفي معدلاتها، كما بقيت من حيث الأسباب (مقدرة) في محل نصب مفعول به لفاعل مستتر!!
الواقع يقول: إن تعداد العمالة الوافدة نحو سبعة ملايين، والواقع يقول: إن الميزانيات السنوية للجهات الحكومية تستحدث في كل عام وظائف جديدة، والواقع يقول (بالطبل والزمر): إن عشرات الآلاف من الوظائف يحملها هذا المشروع أو ذاك من المشاريع التي يعلن عنها، وتحتفي بها بين يوم وآخر مانشتات الصحف ووسائل الإعلام الأخرى، والواقع يقول: إن وزارة العمل في نزال مستميت مع رجال المال والأعمال من أجل فتح حنفية التأشيرات على آخرها لمزيد من القوى العاملة الأجنبية، ما يعني أن المعضلة ليست في "الفرص الوظيفية". فطبقا لكل ما سبق، فإن لدينا من الفرص ما يقضي على البطالة، ليس في السعودية وحدها، وإنما في دول الخليج كلها!!
إذاً، ما العلة في (ها السيارة المش عم تمشي) على حد تعبير أغنية السيدة فيروز في مسرحية (ميس الريم) للرحابنة؟!
من الحماقة والغرور أن أزعم أن لدي الحل السحري لهذه المعضلة. لكن أيضا، من العيب أن نترك أبناءنا يتلظون على نار العطالة تحت ذرائع مجحفة مرة باتهامهم بالكسل وتدني الإنتاجية، ومرة بانعدام الإحساس بالمسؤولية وعدم الانضباط، ومرة بعدم الكفاءة وانعدام الخبرة، ومرة بالجشع والدلع وغيرها من أباطيل وبطولات تمارس ضدهم.
وبفتح النظر على كل ذلك (لا غضه!!) دعونا نبدأ من حيث انتهى إليه مصير تشغيل العاطلين عن العمل، أي من خلال صندوق الموارد البشرية، فهو آلية عملية بإمكانها فعلا إنجاز قدر كبير من هذه المهمة إذا ما تمت إعادة النظر في الإعانات المقدمة للقطاع الخاص، وذلك بالإقلاع عن صرف الإعانات لتلك المنشآت الأهلية وتوجيه الإعانة مباشرة للموظف نفسه من خلال البنوك ضمانا لاستمرار وصولها إليه من ناحية، وقطعا للطريق على تلاعب المؤسسة الخاصة، سواء عن طريق (نظام التطفيش) أو غير ذلك لكي تستأثر بالإعانة لأطول أمد، بل لا بد أن يقوم الصندوق أيضا بمتابعة الموظف، ومعرفة سبب ووقت انقطاعه عن العمل وهو ما ستدل عليه البيانات الواردة للصندوق من البنك. ذلك أن مهمة تشغيل العاطل لا ينبغي أن تنتهي بمجرد توجيهه لجهة العمل، وإنما تتطلب التثبت من استمراريته وعدم تعرضه إلى ضغوط أو تقتير عليه بما يخالف المتفق عليه باستغلال مبلغ الإعانة والاكتفاء بزيادة زهيدة لذر الرماد في العيون.
إن تشغيل العاطلين عن العمل (أو ما يسمى سعودة المهن) بالرهان على النيات الحسنة والاتكال على الثقة بأن تلك الإعانات المقدمة للقطاع الخاص تذهب في طريقها المشروع، ثبت أنه رهان غير مجد وفاشل، (ألم تذهب، على سبيل المثال، أربعة مليارات ريال خلال السنوات الثلاث الماضية هدرا، جراء عدم تقيد المنشآت الأهلية باتفاقيات التوظيف؟ – (الاقتصادية) - ص 18 - 19/3/2008) ما يعني أنه لا بد من ربط الإعانات بنظام متابعة من خلال البنوك لمعرفة وصول الإعانة إلى المستفيد منها ولمعرفة مدى التزام المؤسسة الخاصة بالإبقاء عليه.
إن هذا المنحى يتطلب كذلك إخضاعه إلى أولويات في سعودة المهن لعل أبرزها البدء بسعودة قطاع التعليم فلدينا آلاف المعلمات والمعلمين دون عمل فيما تكتظ مدارس القطاع الخاص بجمهور غفير من المتعاقدات والمتعاقدين.. ولو قامت وزارة العمل بتوجيههم إلى تلك المدارس، وتكفل الصندوق بنصف المرتب مضافا إلى ما سيتقاضونه من تلك المدارس لجعلهم يحصلون على راتب معقول ولأنجزت الوزارة بذلك عملا جليلا نقف له (تعظيم سلام) وقل مثل ذلك في القطاع الصحي وما يليهما من مهن.
إن ربط إعانة الصندوق بالبنوك سيضمن كذلك حفظ حق الموظف في الانضواء تحت مظلة التأمينات الاجتماعية بالخصم من إعانة الصندوق الخاصة به مباشرة لتأمينه يضاف إلى نصيب تأمينه على النصف المدفوع له من قبل القطاع الخاص. ما يعني عدم ضياع حقه التأميني في الحالتين.
وبعد.. هذه مجرد كلمات مجتهد، أرجو أن تكون قد نجت من بطولتي وباطلي، ليس فيها شيء من الشعر وإن كان فيها من الشعور الكثير، أضعها بين يدي معالي وزير العمل فإن أخطأت فلعل لي أجرا وإن أصبت فلعل لي أجرين!!
|