11-05-2012, 03:18 PM
|
|
|
|
تاريخ التسجيل: Nov 2011
المشاركات: 8,228
معدل تقييم المستوى: 21474879
|
|
النوافل
في صحيح البخاري عنه صلي الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه تبارك وتعالي أنه
قال:"ما تقرب إلى عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل
حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش
بها ورجله التي يمشي بها بي يسمع بي يبصر بي يبطش وبي يمشى ولئن سألني
لأعطينه ولئن استعاذ بي لأعيذنه وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي عن قبض
روح عبدي المؤمن من يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له منه".
فتضمن هذا الحديث الشريف الإلهي- اوالمراد به-
حصر أسباب محبته في أمرين: أداء فرائضه والتقرب إليه بالنوافل.
وأخبر سبحانه إن أداء فرائضه أحب مما يتقرب إليه المتقربون ثم بعدها النوافل وأن
المحب لا يزال يكثر من النوافل حتى يصير محبوبا لله فإذا صار محبوبا لله أوجبت
محبة الله له محبة منه أخرى فوق المحبة الأولى فشغلت هذه المحبة قلبه عن الفكرة
والاهتمام بغير محبوبه وملكت عليه روحه ولم يبق فيه سعة لغير محبوبه البتة فصار ذكر
محبوبه وحبه مثله الأعلى مالكا لزمام قلبه مستوليا علي روحه استيلاء المحبوب علي
محبه الصادق في محبته التي قد اجتمعت قوى حبه كلها له.
ولا ريب أن هذا المحب إن سمع سمع لمحبوبه وإن أبصر أبصر به وإن بطش بطش به
وإن مشي مشي به فهو في قلبه ومعه ومؤنسه وصاحبه
وخص في الحديث السمع والبصر واليد والرجل بالذكر فإن هذه الآلات آلات الإدراك
وآلات الفعل والسمع والبصر يوردان علي القلب الإرادة والكراهة ويجلبان إليه الحب
والبغض فتستعمل اليد والرجل فإذا كان سمع العبد بالله وبصره به كان محفوظا في آلات
إدراكه فكان محفوظا في حبه وبغضه فحفظ في بطشه ومشيه تأمل كيف اكتفي بذكر ا
لسمع والبصر واليد والرجل عن اللسان فإنه إذا كان إدراك السمع الذي يحصل باختياره تارة
وبغير اختياره تارة وكذلك البصر قد يقع بغير الاختيار فجأة وكذلك حركة اليد والرجل التي لا بد
للعبد منها فكيف بحركة اللسان التي لا تقع إلاّ بقصد واختيار؟ وقد يستغنى العبد عنها
إلاّ حيث أمر بها.
وأيضا فانفعال اللسان عن القلب أتم من انفعال سائر الجوارح فإنه ترجمانه
وتأمل كيف حقق تعالي كون العبد به عند سمعه وبصره الذي يبصر به وبطشه ومشيه
بقوله"كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها. ورجله التي
يمشي بها"تحقيقا لكونه مع عبده وكون عبده في إدراكاته بسمعه وبصره وحركته بيديه ورجله.
وتأمل كيف قال:"بي يسمع وبي يبصر وبي يبطش"ولم يقل: فلي يسمع ولي يبصر
ولي يبطش .
وان الباء هاهنا للمصاحبة إنما يسمع ويبصر ويبطش ويمشى وأنا صاحبه ومعه
كقوله في الحديث الآخر"أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه"وهذه المعية
هي المعية الخاصة المذكورة في قوله تعالي{لا تَحْزَنْ إن اللَّهَ مَعَنَا} وقول رسول
الله صلي الله عليه وسلم"ما ظنك باثنين الله ثالثهما"وقوله تعالي {وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}
وقوله {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} وقوله {وَاصْبِرُوا إن اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}
وقوله {قَالَ كَلا إن مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} وقوله تعالي لموسى وهارون
{إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} فهذه الباء مفيدة بمعني هذا المعية دون اللام ولا يتأتى للعبد
الإخلاص والصبر والتوكل ونزوله في منازل العبودية إلاّ بهذه الباء وهذه المعية.
فمتى كان العبد بالله هانت عليه المشاق وانقلبت المخاوف في حقه أمانا فبالله
يهون كل صعب ويسهل كل عسير ويقرب كل بعيد وبالله تزول الأحزان والهموم والغموم:
فلا هم مع الله ولا غم مع الله ولا حزن مع الله وحيث يفوت العبد معني هذه الباء
فيصير قلبه حينئذ كالحوت إذا فارق الماء يثب وينقلب حتى يعود إليه.
ولما حصلت هذه الموافقة من العبد لربه تعالي في محابه حصلت موافقة الرب لعبده
في حوائجه ومطالبه فقال"ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذ بي لأعيذنه"أي
كما وافقني في مرادي بامتثال أوامري والتقرب إلى بمحابي فإنا أوافقه في رغبته
ورهبته فيما يسألني إن أفعل به ويستعيذني إن يناله مكروه وحقق هذه الموافقة
من الجانبين حتى اقتضى ذلك تردد الرب سبحانه في إماتة عبده ولأنه يكره الموت
والرب تعالي يكره ما يكره عبده ويكره مساءته فمن هذه الجهة تقتضى أنه لا يميته
ولكن مصلحته في إماتته فإنه ما أماته إلاّ ليحييه وما أمرضه إلاّ ليصحه وما أفقره إلاّ ليغنيه
وما منعه إلاّ ليعطيه ولم يخرج من الجنة في صلب أبيه إلاّ ليعيده إليها علي أحسن
الأحوال ولم يقل لأبيه"أخرج منها"إلاّ ليعيده
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي
منقول
|