01-06-2012, 11:05 AM
|
عضو مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 849
معدل تقييم المستوى: 1394300
|
|
قائمة سوداء للشركات وليس للعاطلين
هناك امتعاض عام من توجّه وزارة العمل لإصدار قائمة بأسماء العاطلين عن العمل، رغم ما قد تراه الوزارات من تبرير، فمن مؤيد لوجود هذه القائمة لأسباب تتعلق بالجدية في البحث عن العمل والتقيد بالتعليمات والضوابط التي يفرضها برنامج ''حافز''، الذي وجد بحسب اسمه ليكون حافزاً للعمل وليس حافزاً للركون إليه، إلا أنه من الواضح الموقف المضاد لهذه القائمة التي تُؤخذ على أنها تعبيرٌ عن عدم نجاح وزارة العمل في توطين الوظائف وفرض حد أدنى للرواتب، بحيث يكون العمل أفضل في جميع الحالات من الاعتماد على معونة ''حافز''.. وأبعد من هذا النظر إلى أن وضع قائمة سوداء بأسماء مواطنين لمجرد التباس في مجال العمل وظروف الوظيفة وطبيعتها، يشكل إهانة معنوية، وإن كانت غير مقصودة إلا أنها وخزت المشاعر!
إن وزارة العمل، بحسب تصريح وكيلها للشؤون العمالية، ستعمد لاحقاً وبعد أن نفذت برامج مساعدة للسعودة كبرنامج ''نطاقات'' أو برنامج ''حافز'' أو برامج ''صندوق الموارد البشرية''، إلى نشر هذه القائمة السوداء بأسماء السعوديين الذين تعتقد أنهم لا يرغبون في العمل، وأنه سيتم إطلاع شركات القطاع الخاص عليها، ولربما جاء هذا الخبر تحت عناوين متقاربة مستفزة من أنه ستكون للعاطلين عن العمل قائمة سوداء.
إن البطالة ليست اختيارية دائماً وإن وجدت باختيار العامل، فلأن هناك مبررات تدفع بها جهات القطاع الخاص عن عدم توظيف فئة ممّن لا يحملون المؤهلات الكافية أو التدريب المتخصّص، كما يزعم بعضها، وفي الوقت نفسه للعاطل مبررات في عدم قبول بعض الفرص، إما لتدني العمل أو أنه لا يحقق له أولويات أساسية في حياته، مثل توفير حد الكفاف في دخله الشهري.
وإذا كانت وزارة العمل تواجه مهمة في غاية الصعوبة وتصادم واقعاً تراكمت فيه سلبيات متنوعة ومتعدّدة في سوق العمل السعودي وتغيراً في احتياجات جهات القطاع الخاص وتجدداً في إحصائيات البطالة التي تتغيّر مع نهاية كل عام دراسي، حيث تتخرج دفعات من الشباب والشابات، فالأهم أنها تواجه أفكاراً معوقة أخرى، خصوصاً فيما يتعلق بتوظيف المرأة، حيث تتركز النسبة الأكبر من البطالة، حيث ما يقارب 80 في المائة من متلقي معونات ''حافز''، هم من الفتيات العاطلات عن العمل.
إن مجرد التفكير في إيجاد مثل هذه القائمة السوداء سيكون سابقة جديدة في التعامل مع إشكالية البطالة، فلم يعرف في تجارب الأجهزة الرسمية أن سعت إلى تكوين قائمة سوداء تؤدي إلى حرمان بعض العاطلين من فرص الالتحاق بالأعمال متى توافرت فرص جيدة، بل الأسوأ أن يتم توزيع هذه القائمة على جهات القطاع الخاص، ما يبرر لتلك الشركات والمؤسسات الحق الكامل (رسمياً!) في رفض طلبات أولئك الأشخاص المسجلين في هذه القائمة.. بمعنى إعطاء السلاح للقطاع الخاص ليذود به عن نفسه وهو الملوم دائماً في تطفيش القوى الوطنية والتملص من السعودة بذرائع شتى، جاءت هذه القائمة لتدعم موقفه فيها من وزارة أهم مهامها سلامة سوق العمل وأحقية المواطن الأولى فيه!
إن تحديد المشكلات الأساسية لسوق العمل السعودي مسألة مهمة للخروج من هذه الحلقة المفرغة التي تقذفنا من فكرة إلى أخرى حتى وصلنا إلى إيجاد قائمة سوداء ضررها كبير بكل تأكيد، فيما كان الأولى من وزارة العمل التفكير في وضع قائمة سوداء بالشركات والمؤسسات التي تتلكأ، بل قائمة سوداء أخرى بحق المتسترين على العمالة الوافدة الذين يوفرون الغطاء القانوني للآلاف منهم يعملون لحسابهم الخاص كمستثمرين أجانب.
إن من حق العاطلين والعاطلات عن العمل الحصول على فرص عمل بحسب المتوافر في القطاعين العام والخاص ومن حقهم الحصول على المعونة بحسب الضوابط النظامية، كما أن من واجب وزارة العمل البحث عن آليات ابتكارية ناجعة لبرنامج ''حافز'' غير مساعدة المتقدمين والبُعد عن هذا الأسلوب اللاحضاري في إدراج أسماء المواطنين العاطلين والعاطلات عن العمل في قائمة سوداء يتم توزيعها على القطاع الخاص تجمع بين التشهير بهم والحرمان الظالم، محققة إنجازاً معكوساً في تضخيم البطالة وليس في علاجها والتخلص من آثارها الضارة بسوق العمل والمجتمع.
|