13-06-2012, 01:12 PM
|
(عضو لم يقم بتفعيل عضويته)
|
|
تاريخ التسجيل: Nov 2011
الدولة: بين زخات المطر
المشاركات: 960
معدل تقييم المستوى: 0
|
|
ينامـون مثلنا تماماً.. ويعطسون كذلك..!!
ينامـون مثلنا تماماً.. ويعطسون كذلك..!!
محمد الصيـعري
عندما ينقل لنا عامل المتجر مشترياتنا من المحل، ويسير خلفنا حتى السيارة، لا ننظر للأمر على أنه جاء من باب التواضع، كذلك حينما يأتي نادل المطعم؛ ليدوّن الوجبات في ورقته الصغيرة، ويمنحنا من وقته صبراً جميلاً دون تأفف أو تذمر رغم مماطلاتنا السخيفة وتكرارنا الممل قبل أن نستقر على نوعية الأكل بشكل محدد ونهائي، ثم يعود ويجلس بهدوء أمامنا؛ ليفرش السفرة ويضع الطعام المختار عليها وبقية الطلبات الأخرى، فإننا لا نرى في مثل هذه الحالة تواضعاً، وحتى عندما يقوم شخصٌ ما آخر، نراه عادياً في حساب التعامل، بالوقوف عندنا والسلام علينا والحديث طويلاً معنا، وتوزيع الابتسامات الصادقة من أجلنا، لا نراه أيضاً كذلك أنه كان متواضعاً، بل لا يخطر على بالنا إطلاقاً أي تعريف من هذا النوع للتواضع..!!
لكن تفسير الأمر يكون مختلفاً للغاية ومغايراً جدًّا في حال تحدث إلينا ومعنا شخص، نعده من الطبقات الارستقراطية، أو مدير عام، أو رجل أعمال كبير، أو أي نجم مشهور وشخصية عامة، فإن أي تفاعل إيجابي منه لصالحنا أو معنا يجعلنا نستحضر بسرعة صفة التواضع مباشرة؛ فنُثني عليه كثيراً من هذا الباب، ونسمه بها فيما بعد بوصفها صفة جميلة، ونلبسه إياها كرداء فضفاض يتألق بياضاً ناصعاً، ونظل نردد فعله معنا من خلال رسوخ المفهوم الذهني للتواضع بوصفه صفة في عقولنا تجاه مثل هؤلاء الأشخاص واختلاف ظروفهم ومقاماتهم وأعمالهم.. لا الصفة ذاتها بوصفها سلوكاً عاماً عبر الفعل لها، وحقيقة تأثيرها ونتائجها الفعلية في الحقيقة..!!
وهنا نكون ــ دونما إدراك منا ووعي كامل لنا ــ قد جنينا على الأشخاص، وأجحفنا بحقهم.. فالشخص العادي وعامل المحل وجرسون المطعم في منظورنا وتعاملنا سلبناهم هذه الصفة "التواضع" لعدم شعورنا بها فيهم، وإحساسنا السلبي تجاههم، وكأنهم خارج حسابات الزمن والتعامل الإنساني.. أما الطرف الآخر، ممن ينتمي لطبقة البرجوازيين، فنظلمه؛ لأننا نتعامل معه عبر حواجز وهمية، نحن من عمَّق وجودها في عقولنا وطيف أفكارنا؛ فزادت مساحات البُعد فجوات بيننا "وجداناً وفكراً"، بينما ما يفعله مثل هؤلاء هو في الحقيقة مجرد عمل فطري خال من أي تحليل أو تفسيرات أخرى وعن طيب خاطر؛ لأنهم في النهاية مثلنا تماماً، يتفاعلون مع الحياة بتفاعلنا نفسه، وبالطريقة ذاتها، يبتسمون كابتساماتنا، لا فرق بيننا، ويتنفسون مثلنا، وينامون كنومنا، ويعطسون كذلك..!!
فلماذا إذن نفسر تصرفات البعض من الناس تحت اسم التواضع؟ وعلى أي أساس نحكم عليهم بأن ما يفعلونه مجرد تواضع وحسب، في حين أنهم يفعلون ذلك لأنهم أناس "طبيعيون"، ومن أبسط حـقوقهم أن يعيشوا الإنسانية بإحساسها الحسي البسيط والمادي العميق دون أن ينتظروا منا تفسير ذلك من أنه كان تواضعاً محضـاً..؟!!
مقال أعجبني فأردت أن تشاركوني فائدته
التعديل الأخير تم بواسطة همسات المطر ; 13-06-2012 الساعة 01:15 PM
|