05-04-2008, 08:58 AM
|
|
عضو مهم جداً
|
|
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 644
معدل تقييم المستوى: 47
|
|
من يسدد فاتورة الخطأ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
د.فاطمة بنت محمد العبودي
كانت نبرة محدثتي مليئة بالتشاؤم والسوداوية تشعر بالظلم والقهر والحرمان، انعكس شعورها على الكلمات فبدت رسائلها الإلكترونية نموذجاً للشعور بالغبن وضيق الحيلة.
هي فتاة على مشارف الأربعين، كانت الأثيرة لدى والدها، فهو يعاملها برفق ومحبة، وبوفاة والدها فقدت الصدر الحاني والكلمة الطيبة، يعاملها إخوتها ووالدتها بجفاء ويرفضون من يتقدم لخطبتها بحجة عدم اقتناعهم به، حتى لم يعد يتقدم لها أحد.. تطورت العلاقة السيئة بأسرتها فكانت القطيعة وانعزلت في غرفتها لا تخرج منها، ولا يحدثها أحد، وبعد مناورات وإلحاح شديد منها تم إدخال الإنترنت إلى غرفتها.
بحثت هذه الفتاة في مواقع الإنترنت عما افتقدته داخل المنزل من حب وحنان وتفاهم، وسجلت بياناتها في أكثر من موقع للزواج علها تجد زوجاً يحبها وينقذها من حياة الوحدة والتعاسة التي تعيشها.
وتحت وطأة الحرمان أدمنت الإنترنت، وخدعت أكثر من مرة لتكتشف أن الكثير من الشباب يهدف إلى المتعة والتسلية وليس إلى البحث عن شريكة حياة وصدر حانٍ يحتويه بعكس الفتيات.
لكنها اعتقدت أنها وجدت في علاقتها الأخيرة الشاب
الذي تبحث عنه فهو محب وعطوف يسمع منها ويطيب خاطرها ويبعث فيها الأمل بأن حياتها معه مستقبلاً ستعوضها عما لاقت من حرمان.
دامت علاقتهما ثلاث سنوات كانت وسيلة الاتصال بينهما الهاتف النقال والماسنجر مع وجود كاميرا في جهاز الحاسب لديه، مبرراً ذلك بأنه سيكون زوجها مستقبلاً ولها الحق في رؤيته، هو باختصار لم يكن بريئاً أو طاهراً، وكما يتقبل العطشان شرب الماء حتى لو كان ملوثاً، هكذا قبلت ما يقول وتفاعلت معه، متعلقة بحبال الأمل بأن ينقلها من حياة القهر التي تعيشها إلى حياة زوجية سعيدة.
وكلما فاتحته بأمر الزواج تحجج بالمرض وبضيق ذات اليد، حتى إنها أرسلت له مالاً وسعت لمساعدته بأكثر من وسيلة.
وبعد إلحاح منها للتقدم لخطبتها أو إنهاء العلاقة، أفصح لها أخيراً أنه يخشى من تجاربها السابقة، وطلب منها القسم على المصحف، بعدم ارتكابها الخطأ في ماضيها.
حاولت إقناعه بأنها محبة له ومخلصة وبأن طيش الماضي مهما كان لن يؤثر على علاقتهما مستقبلاً، لكنه أصر على القسم، وحتى لو أقسمت فسيظل الشك يهدد حياتهما الزوجية، مادامت هذه هي البداية.
هذه مع الأسف حال بعض الفتيات المغرر بهن في مجتمعنا، يخطئ الرجل ويخطب ويتزوج ولا أحد يسأل عن ماضيه أما الفتاة فتبوء بإثم خطئها كبيراً كان أم صغيراً.
ضاقت الدنيا بهذه الفتاة وفكرت بالانتحار للتخلص من همها، بعد أن عضلها أهلها برفضهم جميع من يتقدم لخطبتها، ومقاطعتها، وبعد فشلها في البحث عن حياة مستقرة في كنف زوج يحبها، وقد أخطأت الوسيلة فماذا تفعل، إلى من تلجأ هذه الفتاة وأمثالها؟!
أنا لا أسرد عليكم قرائي الأعزاء هذه القصة الواقعية لتشاركوني في إنقاذ الفتاة، لكنني أسردها ليقرأها الأهالي فتكون لهم عبرة ليكونوا أكثر قرباً واحتواءً وتفهماً لأولادهم ليغدقوا عليهم الحب والحنان كي لا يحاولوا البحث عنه في مكان آخر، ولتقرأها الفتيات ليعلمن أن الرجل حين يرغب في الزواج فإنه لا يفكر بمن كانت تجاريه في لهوه، وأن العلاقات عبر الهاتف أو الإنترنت بالنسبة للرجال هي وسيلة للمتعة والتسلية، وليست بحثاً عن الاستقرار، وتبقى فاتورة الخطأ معلقة بانتظار من يسددها.
|