الخدمة المدنية.. و"مطيّر الغربان"..!! في التقرير السنوي لوزارة الخدمة المدنية للعام المالي 1426/1427هـ ، والذي عُرض على أعضاء مجلس الشورى خلال جلسته لهذا الأسبوع ، كُشف عن أكثر من 92 ألف وظيفة شاغرة في الجهات الحكومية "غير معلن عنها".!
لماذا لم تعلن "الخدمة المدنية" عن تلك الوظائف في الوقت الذي ينضم فيه كل عام آلاف الخريجين إلى طابور البطالة الطويل من الشباب وطالبي العمل..؟!
كما أن هناك آلافا أخرى من الموظفين المدنيين المجمدين لسنوات طويلة في مراتب وظيفية دون المستحقة ، أفقدتهم الأنظمة حماس العمل وأثرت على إنتاجيتهم وتطوير ذواتهم الوظيفية بعد أن فقدوا محفز الترقيات المستحقة لهم نظاماً. فلا تنتظر من موظف قابع لسنوات طويلة في مرتبة متدنية أن يعمل بكل نشاط وانضباط.
كل تلك الأمور مسؤولة عنها بشكل مباشر وزارة الخدمة المدنية كونها الجهة الحكومية المعنية بالإشراف على الخدمة المدنية في الوزارات والمصالح الحكومية العامة ، ومشرّعا لأنظمة الخدمة المدنية والمسؤولة عن تنفيذها من تطوير ورفع كفاءة. ومسؤولة بشكل غير مباشر كذلك نتيجة ضعف التنسيق بينها وبين بقية الأجهزة الحكومية الأخرى نتيجة اعتمادها على البيروقراطية والروتين في تسيير أمورها.
بعد طول غياب تجولت يوم أمس في موقع الوزارة الإلكتروني لعل وعسى أجد تحولاً إيجابياً في خدماتها الإلكترونية يخفي عن ذهني تلك الصورة القاتمة عنها ، فشعرت بالكآبة لمجرد الدخول إلى صفحتها الرئيسية. عدد من أقسام الموقع فارغة ، وأخرى لم يطرأ عليها أي تغيير منذ آخر زيارة لها، لأخرج بانطباع ازداد رسوخاً عن زيارتي السابقة بأن هذا الموقع لا يعدو كونه أكثر من "تأدية واجب". فلا الباحث عن العمل الحكومي يستطيع التقدم من خلاله على الوظيفة ، ولا خيار أمامه سوى أن يشد الرحال نحو أقرب مدينة يوجد فيها أحد فروع الوزارة المتواجدة في المدن الرئيسة ، أو مكاتبها البدائية الثلاثة. ولا الموظف الذي هو على رأس العمل يستطيع أن يجد ما يبحث عنه بشكل سلس ومباشر ، كل ما سيجده زوايا محشوة بالجمل التي تزيده توهاناً.
مؤسف أن تكون وزارة الخدمة المدنية لا تواكب ركب التنمية التي تعيشها البلاد برغم أهميتها في المجال الوظيفي المدني ، فالكثير من أنظمتها ولوائحها لم يطرأ عليها أي تعديل منذ عقود ، وقبل أن تتحول من ديوان عام إلى وزارة قبل 9 سنوات.
هذه الوزارة تحتاج إلى تفاعل مع المجتمع وإلى نفض غبار كمونها طيلة السنوات الماضية ، وهو أمر لا يتأتى بين يوم وليلة ، ولكن لكل شيء بداية. نتمنى أن تكون بداية الإصلاح قريباً جداً.


* خروج عن النص :
اتصل مكتب العمل بأحد الشباب العاطلين ، مهنئاً إياه بإيجاد وظيفة له تسد رمقه وأسرته الكبيرة. الوظيفة لدى إحدى الشركات الزراعية بمنطقة الجوف ، وبمسمى "مطيّر غربان" براتب قدره 800 ريال ، (ريال ينطح أخوه الريال)..!
أغرى الراتب (الراهي) الشاب ، فتساءل عن ماهية العمل ، ليفيده موظف المكتب بأنه سيركب "دبّاب" كل صباح ، ويمر على حقول الشركة ليقوم بتطيير الغربان عن المحاصيل لئلا تتلفها..!
أحلى "مطيّر غربان" وأحلى "سعودة"..!

http://www.alwatan.com.sa/news/write...=5170&Rname=59