# وميض معرفه #
المنافسة و الإستمرارية في العمل ؟!
سوف نتكلم اليوم عن موضوع مهم و حساس بخصوص نجاح المشاريع الناشئة , و من المشاكل الدائرة في هذا المجال هي المنافسة و الإستمرارية في العمل .
يواجه أغلب الأشخاص الذي يبدؤون أعمالهم التجارية قوة المنافسة في مجال مشاريعهم , فيقوموا بالاستسلام لقوة المنافسة و يعلنوا الاستسلام .
هذا الاستسلام يختلف من شخص لآخر , فهناك من لا يستسلمون مبكراً و هناك من يعلنها مع أول تحدي أو عقبة .
تعد الأستمرارية في العمل أمر مهم لنجاح المشروع التجاري , فالتوقعات التي تأتي قبل البدء بالمشروع التي تخيل لصاحبه أنه سوف يربح مع أول شهر ؛سبب لعدم استمرارية العمل و إعلان الاستسلام .
إن الأستمرارية في العمل التي أقصدها هي أن يستمر صاحب المشروع في عمله و لا يغلقه حتى و لو كان خسران إلى أن يأتي وقت الحلول الجذرية التي سوف نذكرها لاحقاً .
تعتبر المنافسة موجودة في أي عمل تجاري في العالم , لكن هناك من يرى أن المنافسة شبح يجب التخلص منه أو الهرب منه , وهذا يعتبر اعتقاد خاطئ يجب أن نصحح مفاهيمنا قبل البدء في مشروع تجاري .
إن ثقافة المستثمر المبتدئ الضحلة و معلوماته السطحية حول مجال مشروعه الذي سوف يبدأ به ؛ هي سبب رئيسي لفشل المشروع برمته , فمن المفترض أن يتعلم أي شخص ينوي الاستثمار في مجال معين و يتعمق في أسرار هذا المجال و يكسب خبرة بسيطة , فالتكبر و الكسل هم من أسباب الفشل دائماً و قد تعوذ منهما الرسول صلى الله عليه و سلم .
هناك نماذج كثيرة و مثمرة لنتائج تطبيق قاعدة " الاستمرارية في العمل " , وسوف نأخذ منها عدة أمثلة :
صحيفة سبق الإلكترونية :
أنشئت الصحيفة في عام 22-Jan-2007 16:14:52 أي أن عمرها اليوم ست سنوات تقريباً , بدأت الصحيفة بالانتشار الكبير و أصبح لها متابعين كثر بشكل واضح في أوساط المجتمع السعودي في أواخر عام 2009 إلى أوائل عام 2010 .
منذ إنطلاقة صحيفة سبق في عام 2007 و هي تمشي على إستراتيجية موحدة لمدة زمنية بعيدة نسبياً , و الإستراتيجية المطبقة على هذه الصحيفة على حد ما أعتقد , هي :
1- تحدد ميزانية محددة تنفق على المصروفات مع توفير احتياط مالي , لمدة لا تقل عن خمس سنوات .
2- تقديم الأخبار أول بأول دون انقطاع .
3- توفير ما يطلبه القارئ , من أخبار حصريه , مثل : أخبار الإيجازات – الرواتب – الوفيات – و نحوها مما يتطرب لها القارئ و يحب السماع لها و التأكد منها .
4- عدم الطمع الزائد في كسب الأموال بسرعة , فصحيفة سبق لم تسمح بوضع الإعلانات على صحيفتها إلا في عام 2011 م أي بعد مرور 4 سنوات .
5- توفير إدارة متجانسة مع فريق العمل .
6- العمل مع ثوابت الدين الإسلامي , و هذا التوجه يماشي سكان السعودية فهم و الحمد لله من المحافظين على العادات الإسلامية و هذا ما ساعد صحيفة سبق على الأنتشار.
لو لاحظنا أيضاً أن صحيفة سبق نجحت بعد ثلاث سنوات من العمل المستمر دون توقف في وجود منافسة قوية من صحف و مواقع لها تاريخ طويل في الصحافة , فأصبحت تأتي بالأخبار بشكل لحظي و متابع للمجتمع السعودي على يد 10 صحفيين فقط , فأصبح المواطن لديه ثقة من هذه الصحيفة أنها تأتي بالأخبار بشكل مباشر فلجأ لها و نصح من حوله بها , هناك مثال واقعي يشابه حال صحيفة سبق :
-------
لو كانت بجوار بيتكم 2 سوبر ماركت الأولى قريبة لبيتكم و الأخرى بعيدة قليلاً .
فأنت عندما تذهب للمرة الأولى لتشتري خبز و تذهب السوبر الماركت رقم (1) و تجد أن ليس لديه خبز ثم تذهب بعدها للسوبر ماركت رقم (2) وتجد خبز .
المرة الثانية تذهب لشراء حليب , فتذهب إلى السوبر الماركت رقم (1) فتجد أن الحليب عنده منتهي الصلاحية ثم تذهب إلى السوبر ماركت رقم (2) فتجد عنده حليب جديد .
في هذه الحالة أين تذهب في المرة الثالثة , بكل تأكيد سوف تذهب للسوبر ماركت رقم (2 ) ؛ لأنها توفر ما تريده أنت , فالاستمرارية في العمل حتى ولو كنت خسران سوف تجد ثماره في المستقبل فعليك بالصبر .
-----
جاء خلال نجاحات صحيفة سبق الفلكية صحف تريد أن تكون مثل صحيفة سبق , و قد حذرنا من التقليد كثيراً لكن هناك أشخاص لا يسمعون النصيحة حتى نشئت مئات الصحف الإخبارية على شاكلة صحيفة سبق و أكثرها يستخدم قص و لصق , لهذا فقد كان مصير معظم هذه الصحف المقلدة الفشل .
فاليوم تكرم صحيفة سبق لحصولها على أكثر زيارات لعام 2011 في الوطن العربي بمليار زيارة للموقع و هذا إن دل فإنه يدل على عمل جبار خلفه فريق عمل يبحث عن التميز وفق خطط و إستراتيجيات مرسومة منذ الانطلاق .
لن أتكلم عن نجاح صحيفة سبق و أسرار نجاحها فالمقام ليس مخصص لصحيفة سبق , و إنما رأيت فيها صفة " الأستمرارية في العمل " فأحببت أن أذكرها .
لو قال لي صاحب و مالك صحيفة سبق , كم تساوي قيمة موقع صحيفة سبق السوقية فسوف أقول له و بدون تردد أنها تساوي أكثر من 50 مليون ريال سعودي .
سوف نأخذ مثال آخر ينطبق على شركة نوكيا العالمية :
أنشئت شركة نوكيا 1865م بدولة فنلندا الأوربية الفقيرة التي كان أكثر مواطنيها يعملون عبيد و خدم لدى الدول المجاورة لهم ؛ لشدة فقرهم و عدم وجود موارد كافية تغنيهم عن غيرهم .
كان بداية تأسيها عندما قام مهندس التعدين فريدريك ايدستام مطحنة لب الشجار جراوند وود على ضفتي منحدرات تامركوسكي في بلده تمبر , وفي عام 1868 قام فريدريك بإنشاء الطاحون الثانية قرب بلدة نوكيا .
في عام 1871 قام فريدريك ايديستام بمساعده صديقة المقرب ليو ميشلين يإعاده تسمية شركته إلى الاسم " نوكيا ", وأتى اسم نوكيا من النهر الذي يمر ببلدة تامبر وهو نوكيانفيرتا .
أخذت شركة في تطور مستمر حتى جاء عام 1972 حينما قررت تغير مسار شركتها من صناعات خشبية و كابلات إلى صناعة الهواتف النقالة و الاتصالات .
صنعت شركة نوكيا أول جهاز نقال و كان مخصص لأغراض عسكرية , و هذه كانت بداية انطلاقة الشركة في عالم الاتصالات .
بدأت شركة نوكيا تستحوذ على أسواق العالم حتى جاء عام 2000 م لتثبت سيطرتها على الأسواق العالمية , فهي أدخلت منتجاتها أكثر من 211 بلد حول العالم و جاءت أرباح الشركة تعد بعشرات المليارات .
تعد شركة نوكيا لها الفضل الكبير في تحسن اقتصاد فنلندا , فقامت بتوظيف مئات الآلف من المواطنين و أنشئت بعض الجمعيات الخيرية و المدارس و الطرقات .
يذكر أن المدخول السنوي للمواطن الفنلندي اليوم يساوي المدخول السنوي للمواطنين في دول فرنسا و بلجيكيا و ألمانيا و بريطانيا .
تدفع شركة نوكيا للحكومة الفنلندية ضرائب سنوية تعادل 6 -7 بالمائه من اقتصاد فنلندا .
و عندما جاء عام 2006 م زادت أرباح نوكيا 20% و وصلت إلى 53 مليار دولار , و تعتبر هذه الأرباح أكثر من ميزانية دولة فنلندا التي كانت قيمتها 39.6 مليار دولار فقط .
دخل لسوق الجوالات المتنقلة في عام 2006 شركات منافسة لشركة نوكيا و كان أبرزها شركة آبل الأمريكية و سامسنوج الكورية .
أطمئنت شركة نوكيا بعد حصولها على أرباح عالية في عام 2006 و زادت من ثقتها بنفسها بأن عندها قاعدة من العملاء حول العالم لا يمكن أن يتخلوا عن منتجاتها , و هذا جعلها لا تطور من منتجاتها .
استغلت شركة آبل و سامسنوج نوم شركة نوكيا عن تطوير منتجاتها فأصبحت تنتج هذه الشركتين أحدث الأجهزة و أفضلها تكنولوجيا و تقنية , مما جعل الناس يقبلون على منتجات هذه الشركتين بشكل قوي , و هذا ما جعل شركة نوكيا خارج الملعب .
جاءت أرباح شركة نوكيا في عام 2007 م بخسائر فادحة أدت إلى استقالات كبيرة للموظفين الكبار في الشركة , ثم جاء عام 2008 المحمل بتبعات الأزمة العالمية فأثر تأثير قوي على أرباح الشركة بشكل قوي مما أدى إلى فصل العديد من الموظفين .
حتى يومنا هذا و شركة نوكيا تحاول أن تلحق بشركة آبل و سامسنوج لكن لم تستطع , فهل يا ترى تستطيع الشركة أن تعود لهيمنتها على السوق بعد فترة من الزمن ؟!
الأسباب التي جعلت نوكيا تخسر السباق هي أنها لم تعمل على تطبيق قاعدة " الأستمرارية في العمل " فهي رضخت للمنافسة و توقفت عن العمل في تطوير منتجاتها فكانت النتائج و خيمة .
هناك المئات من المشاريع الفاشلة في السعودية تشابه حال شركة نوكيا , ينتظرون الصدفة لكي تصنع النجاح لهم .
.................................................. .
إذاً ما هي الطريقة الصحيحة لاستخدام قاعدة " الاستمرارية في العمل ":
1- رسم خطة و إستراتيجية للمشروع لا تقل عن سنتين
2- تحديد ميزانية محددة المصروفات في المدة الزمنية التي تحدد حسب الإستراتيجية
3- تطبيق الإستراتجية بحزم مهما كانت الأمور و تحت أي ظرف
يحدد مصير المشاريع الناشئة بعد ثلاث سنوات من تشغيلها , بعد هذه الفترة يجب أن تتخذ قرارات جذرية و من هذه القرارات ( بالترتيب):
1- تغير جذري في عمل المشروع , لا بد أن تكون دقيق في القرارات و يفضل أن تستعين بأهل الخبرة .
2- إدخال شريك يملك الخبرة في مجال المشروع.
3- بيع أو تقبيل المشروع , و لا تتخذ هذا القرار إلا بعد أن تبحث عن أفضل الحلول .
تعتبر المنافسة سرطان يقتل تطبيق قاعدة " الاستمرارية في العمل " , و الحل هو البحث عن حلول مبتكرة و جديدة لكسر المنافسة .
---------------------------------------------------------------------------------
هل عندك اليوم إستعداد لتطبيق قاعدة " الاستمرارية في العمل " في مشروعك ؟!
اتمنى أن تكون هذه الفقرة مفيدة