25-04-2008, 04:53 AM
|
Guest
|
|
تاريخ التسجيل: Jan 2007
المشاركات: 18,846
معدل تقييم المستوى: 0
|
|
شعر الكسره
بسم الله الرحمن الرحيم
شعر الكسرة: تعريف، سبب التسمية، النشأة، الموطن، الانتشار، التميز
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد:
نتحدث في هذا المقال عن شعر الكسرة من حيث: التعريف، سبب التسمية، النشأة، الموطن الأصلي، الانتشار، التميز.
تعريف بالكسرة
الكسرة مفردة والجمع كسرات، وهي مثنيات شعرية ذات إيقاع موسيقي تتكون من بيتين شعريين مقفاة، بحيث يكون صدر البيت على قافية واحدة وعجزة البيت على قافية واحدة في جميع الأبيات الشعرية، ويسمى صدر البيت أو عجز البيت بالغصن، وعليه تصبح الكسرة من أربعة أغصان هي:
أ*-صدر البيت الأول ويسمى الغصن الأول.
ب*-عجز البيت الأول ويسمى الغصن الثاني.
ج- صدر البيت الثاني ويسمى الغصن الثالث.
د- عجز البيت الثاني ويسمى الغصن الرابع.
سبب التسمية
تعدد الأقوال والآراء في سبب تسمية الكسرة بذلك الاسم، وإن كانت أكثر الأقوال ترى أن الكسرة سميت بذلك لتكسير مضمون الكلام وهو البحث عن المعنى (التروية).
نشأة شعر الكسرة
لا يوجد تاريخ محدد يشير إلى زمن نشأة شعر الكسرة، وكل ما قيل في هذا الشأن عن تاريخ أو زمن نشأة شعر الكسرة، هي افتراضات واحتمالات، لا يؤيدها أي دليل يثبت من خلاله صحة تلك الفرضيات.
وإن كنت أرى من وجهة نظر خاصة – والله سبحانه وتعالى أعلم -أن نشأة شعر الكسرة بشكله الحالي كان نتيجةً لتطور الشعر الشعبي، فمن خلال ابتكار بحور للشعر الشعبي اشتقت من البحور الأصلية، أبتكر بحر الهجيني من البحر الأصلي الحداء، والبحر الهجيني له عدة أوزان في نظم القصيدة (التفعيلة) تتقابل مع بحور الشعر العربي مثل: المتدارك، والمجتث، والرمل، ...الخ. وأحد هذه الأوزان يتطابق مع شعر الكسرة حتى نشأ بعض الخلط بين شعر الكسرة وشعر الهجيني المتطابقة في الوزن.
ويحتمل – والله سبحانه وتعالى أعلم - أن شعر الكسرة أبتكر من بحر الحداء مباشرة من قبل الشعراء الشعبيين في الحجاز مع تطور الشعر الشعبي، ثم أندرج تحت أوزان بحر الهجيني. وهو ما نميل إليه. ولا كن ليس لدينا تاريخ أو زمن محدد لنشأة شعر الكسرة. ثم مع نشأة القصيدة المقفاة التي تعتمد على قافيتين قافية لصدر البيت وقافية لعجز البيت، دخل ذلك التطوير إلى شعر الكسرة وأصبح شعر الكسرة ينظم على قافيتين، ويعتبر النظم على قافية واحدة فقط لعجز البيت من أكبر العيوب في شعر الكسرة، ولا يعتبرها الأغلبية من الكسرات حتى إذا كانت سليمة الوزن، بل أن الالتزام بقافية البيت سواء لصدر البيت أو عجز البيت وهو ما يعرف بالأغصان له نظام يسير عليه الشعراء في النظم، فهناك قافية الثلاثة أحرف المتشابهة، وهي أن تكون كلمة قافية البيت تحتوى على ثلاثة أحرف متشابهة في الكسرة مثل كلمة: شاري، ساري، ...الخ، وهذا الفن لا يجيده إلا عمالقة هذا الفن، وهناك قافية الحرفين مثل كلمة: أبكي، أشكي، ...الخ. وهناك قافية الحرف الواحد مثل: مد، عد، ..الخ.
الموطن الأصلي لشعر الكسرة
تعتبر منطقة ما بين الحرمين الشريفين هي الموطن الأصلي لشعر الكسرة، وتلك المنطقة تمتد من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة لتشمل جميع الأودية الحجازية والمدن والقرى الواقعة على تلك الأودية وعلى ساحل البحر الأحمر، ومن الشواهد التي تؤيد ذلك ما يلي:
1-أن نظم الشعر على وزن شعر الكسرة لدى سكان تلك المنطقة يعتبر في المقام الأول في نظم الشعر، ومتفوقاً على غيره بمراحل. والنظم عليه يكون لكافة الأغراض مثل: الرثاء، المدح، الفخر، الهجاء، التوجد، ....الخ. بل نجد أُناس من أهل تلك المنطقة ليسوا بشعراء ولم يعهد عنهم قرض الشعر ومع ذلك نجد لأحدهم كسرة أو عدة كسرات قالها يصف بها حادثة، أو حوادث ألمت به.
2-أن شعر الكسرة هي عماد الألعاب الشعبية في تلك المنطقة خصوصاً الرئيسية منها والتي تعتمد على المحاورة الشعرية مثل: التقاطيف، زيد، البدواني، الرديح. وتتفق أصول تلك الألعاب على أمر رئيسي لتلك الألعاب وهي مفاتيح اللعب وهي عبارة عن مفردة واحدة قابلة للاشتقاق منها لتطويع لحن الغناء مثل: واحليه، ياليحاني، حيوم، يا ليحيومه، ....الخ.
3-أن شعر الكسرة يتميز بأنه سهل النظم وذو ايقاع سريع، تطرب النفس لسماعه والتغني به، لأنه يبعث على طرد الملل، والترويح على النفس، وشحذ الهمم، ولذلك نجد أهل تلك المنطقة من البحارة، والمزارعين، والجمالة، يتغنون بشعر الكسرة خلال ممارسة أعمالهم وحرفهم اليومية.
انتشار الكسرة
ساهمت المهن والحرف التي يمتنها أهل تلك المنطقة في انتشار شعر الكسرة ووصولها إلى سكان المناطق الأخرى المجاورة لهم من خلال ممارسة تلك المهن، خصوصاً فئتي البحارة والجمالة، ولذلك كان من الطبيعي خلال قيام البحارة برحلات طويلة ومتعددة بواسطة السفن الشراعية على ساحل البحر الأحمر بشقيه الشرقي، والغربي، لممارسة الغوص، ونقل البضائع، والمسافرين بين تلك المواني، وكذلك قيام الجمالة بنقل البضائع والمسافرين بين المناطق الداخلية، أثر كبير في نقل شعر الكسرة إلى أهالي المناطق التي يصلون إليها، ولا غرابة أن يعجب الشعراء من أهل تلك المناطق بهذا اللون من الشعر، ويمارسون النظم عليه، ولا نبالغ إذا قلنا أنه في الوقت الحاضر نجد أن نظم شعر الكسرة يمتد على طول ساحل البحر الأحمر من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، وفي المناطق الداخلية.
ومن الشواهد على ذلك فقد سبق أن اطلعت على لقاء في صحيفة البلاد قبل عدة سنوات مع أديب من أهل منطقة القنفذة من أسرة الفقية تحدث عن شعر الكسرة في منطقة القنفذة، وقال أن شعر الكسرة وفد إليهم مع رجل اسمه علي بن معيلي الجحدلي – رحمه الله تعالى – من أهالي بلدة ثول، حيث عاش لديهم في بلدة البرك عدة سنوات التقى خلالها مع بعض شعراء تلك المنطقة الذين أعجبوا بهذا اللون وأخذوه عنه.
كما ساهم أهالي ينبع في تطوير شعر الكسرة من خلال لعبة الرديح فبعد أن كان التحاور بين الشعراء في السابق يتم من بيت واحد (غصنين) في لعبة الرديح، أصبح التحاور من بيتين (أربعة أغصان) وفي بعض الأحيان يكون كسر اللحن بأربعة أبيات (ثمانية أغصان)، وكان لتدوين ليالي الرديح من بعض المهتمين أثر بالغ في الحفاظ على كم هائل من شعر الكسرة. بينما أقفل المهتمون بلعبة زيد التجديد في هذا الفن منذ سنوات ولا يقبلون التجديد فيه، أما التقاطيف والبدواني فلا يزال التحاور بين الشعراء يتم على بيت واحد إلى الآن، ولعل السبب في ذلك أن لعبة الرديح لا تغنى أبيات الكسرة على إيقاع الزير بل تنشد قبل البدء في العزف على إيقاع الزير، بينما البدواني والتقاطيف يغنى بيت الكسرة مع إيقاع الزير، ولعله السبب في عدم التجديد فيهما.
التميـيز
أزدهر شعر الكسرة لدى أهالي ينبع، بعدما منحوه الكثير من الاهتمام بالتطوير والتدوين، ودخول بعض المفردات الجميلة في النظم، وإن كان يحسب لأهالي ينبع التميز في شعر الكسرة، وتطويرها، وازدهارها، والحفاظ عليها، غير أن نسبة شعر الكسرة إلى ينبع، أو إنها الموطن الأصلي لشعر الكسرة هو إجحاف ببقية أهالي المنطقة الواقعة بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، فلا يوجد دليل يثبت أن ينبع هي الموطن الأصلي لشعر الكسرة، وكل ما يقال في هذا الشأن هي أقوال عاطفية تخلو من الدليل المادي الذي يؤيد هذي الأقوال.
وفي الختام أرجو أن أكون وفقت في العرض، فإن كان صواباً فمن الله وحده، وإن كان خطأ فمن نفسي والشيطان واستغفر الله العظيم.
منقول
|