لماذا نضع ثقتنا بمن حولنا من البشر وننسى خالق البشر
جل وعلا ؟
فقد ارتبط الإخلاص بالعبادة أحياناً وبالدعاء أحياناًأخرى. ولكن في كلتا الحالتين كان
الإخلاص مرتبطاً بالله عز وجل.
فهذه آية يحدثنا بها سيدنا
محمد صلى الله عليه وآله وسلم
يقول: (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ) ]الزمر:11] .
ومعنى (مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ) أي مخلصاً له العبادة،
فكان سجود رسول الله صلى الله عليه وسلم خالصاً لله،
وركوعه لا يبتغي به إلا وجه الله،
وكل كلمة ينطق بها لا يريد من ورائها إلا رضوان الله تعالى،
وهذا هو الإخلاص الذي أمره الله به،
ولكن أين نحن من هذاالإخلاص ؟ّ!
إن الإخلاص في العبادة لا بدّ أن يؤدي إلى الإخلاص
في الدعاء، وهذا ما أمرنا الله به في
قوله: (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)
[غافر: 14]. فنحن عندما ندعو الله يجب أن يكون
دعاؤنا فقط له هو، وعندما ندعو ملحداً للإيمان يجب
أن يكون عملنا ذا هدف واحد ألا وهو رضاء اللهتعالى .
وهذا هو سيدنا يونس عليه السلام عندما ابتلعه الحوت
ونزل به في ظلمات البحر: ماذا فعل؟ لقد دعا
الله بإخلاص
فقالوَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ
فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ
إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) [الأنبياء: 87].
:: الإخلاص فى الدعاء ::
لقد استجاب الله له على الفور فقال: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ)
[الأنبياء: 88]. لقد كانت الاستجابة سريعة.
ولكن هذه الاستجابة السريعة
لسيدنا يونس لها سرّ!
والجواب: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ
وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) [الأنبياء: 90].
إذن السر يكمن في المسارعة في الخيرات، والدعاء رغبة
بما عند الله من نعيم وجنات، ورهبة من عذابه وعقابه،
والخشوع لله وحده .
وهنا إذا أردت أن يستجيب الله دعاءك فأخلص هذا الدعاء،
وإذا أردته أن يتقبل عبادتك فأخلص هذه العبادة لله،
هكذا أمر الله نبيّه بقوله: (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ
فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ)]الزمر: 22.
:: الإخلاص فى الدعاء ::
وفي الختام جاء أعرابي بسيط على النبي الكريم
صلى الله عليه وسلم وقال له:
يا رسول الله أوصني ولا تكثر لأحفظ؟
فقال له الحبيب صلى الله عليه وسلم:
(أخلص دينك لله يكفك العمل القليل)،
أي أخلص عبادتك لله فمهما كان عملك
قليلاً تجده عند الله كثيراً.