في صباح يوم الأثنين 24 ديسمبر الماضي ذهبت إلى حي البطحاء في وسط الرياض لغرض ٍ تجاري ثم أخذت أبحث عن بنك الراجحي لكي أسحب مبلغ من المال فسألت عن مكان البنك فقالوا لي أنه بجوار فندق " توليب إن " و ذهبت لهذا الفندق الكبير و كان واضح الوصف بسبب مكانه البارز و الإستراتيجي و لكبر حجمه الذي يقع على شارع البطحاء العام وجدت بجواره بنك الراجحي العريق!!!
![](http://www.forexblog.ae/wp-content/uploads/2011/11/alrajhi.gif)
و كان البنك على يمين فندق " توليب إن " و كان البنك عبارة عن طابقين , الطابق الأول الصغير مختص بالبطاقات و إصدارها و الطابق الثاني مختص بإيداع و تحويل الأموال و أيضاً خدمة كبار العملاء أو بالتحديد خدمة " التميز" التي يقدمها الراجحي لعملائه الذين يحملون البطاقة الذهبية.
![](http://www.saudi-hotels.net/wp-content/uploads/2011/02/%D9%81%D9%86%D8%AF%D9%82-%D8%AA%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A8-%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%B6.jpg)
و كنت أريد في وقتها سحب مبلغ مالي أكثر من 5000 ريال فأنا لا أحمل البطاقة الذهبية التي تمكنني من سحب 20000 ريال و أقل و إنما أحمل البطاقة العادية التي تسحب 5000 ريال و أقل .
دخلت البنك ثم سألت الموظف عن قسم سحب و إيداع الأموال فقال لي إنه في الطابق الثاني بعدها صعدت إلى الطابق الثاني من خلال درج ضيق نوعاً ما وعندما وصلت للطابق الثاني رأيت على يميني مكتب مدير البنك ثم تقدمت مترين فوجدت على شمالي مدخل آخر في أول هذا المدخل من اليسار توجد غرفة خدمة التميز و بعد غرفة التميز توجد صالة طويلة هذه الصالة هي التي أريدها .
دخلت هذه الصالة المختصة لسحب و إيداع الأموال فكانت على شكل مستطيل مساحتها تقريبا 20* 5 أمتار و يوجد من الجهة اليمنى كراسي الانتظار و عددها 30 كرسي و من اليسار يوجد 8 كونترات و كان في آخر هذه الصالة غرفة صغيرة يجلس فيها حارس " سكورتي " البنك .
و خلال دخولي للصالة أخذت أبحث عن ماكينة الأرقام لآخذ رقم انتظار و خلال بحثي قالوا لي الأشخاص الجالسين على الكراسي أنه لا يوجد أرقام انتظار و إنما عليك الجلوس على الكرسي الفارغ من الجهة اليمنى ثم تتنقل من كرسي لكرسي حتى تصل إلى آخر كرسي ثم يأتي دورك ( فعلاً كانت طريقة متعبه حيث أني وجدت الخمس الكراسي الأولى فارغة أي أن رقمي كان 25 في طابور الأنتظار ) .
الخلاصة ( الزبده ):
و خلال جلوسي على الكرسي لاحظت أن الكونترات لا يعمل منها إلا أثنين و هي رقم 8 الذي يقع في أول الصالة و رقم 1 الذي يقع في آخر الصالة .
و لاحظت أيضاً أن الذين في الطابور مخصص لهم الكونتر رقم 8 فقط و كان الكونتر رقم 1 مخصص لفئة معينة سوف أذكرها لاحقاً , و كان على الكونتر رقم 1 عميل اسمه محمد يمني الجنسية هذا العميل طال انتظاره أمام الكونتر فعندما تمر دقيقتين تقريباً يعطيه موظف البنك ورقة إيداع و بعد مرور عشر دقائق دخل الصالة شخص يمني الجنسية و كان يلبس زي سعودي ومعه رجلين و كان يحمل كيس أسود ارتفاعه 80 سم و عرضه 50 سم كان على ما يبدو أن الشخصين عبارة عن حراس و كان الكيس مليء بالمال فعند دخول هذا الشخص رحب به محمد الذي يقف على الكونتر و قال له " مرحباً يا قاسم وين الناس" وعندما رأى موظف البنك قاسم قال " اليوم مصيف بالعادة تجيء مبكر" فأبتسم قاسم ابتسامه صفراء ثم جلس بجوار الكونتر رقم 1 منتظراً أن ينتهي محمد ثم يأتي دوره وبعد أن انتهى محمد قال محمد لقاسم " اليوم خلصت في ربع ساعة بالعادة نصف ساعة " فأبتسم قاسم ثم أتى دوره ثم أصبح يأخذ من الكيس الأسود حزم من الأموال و يعطي الموظف ليقوم بإيداعها و يغلب على هذه الأموال لون الزرقة و بدأ يتحدث و يضحك قاسم مع الموظف بصوت لا يسمع جيداً .
بعدها غضبت و قلت للشخص السوداني الذي يقع بجواري الأيسر كيف برجل يأتي بعدنا ثم يسبقنا في الطابور ؟ فقال لي بصوت يغلبه الحزن " الكونتر رقم 1 للأشخاص الذي يقومون بإيداع مئة ألف و فوق و أما الكونتر رقم 8 فإنه للغلباء مثلنا يودع أي مبلغ و أنا أعرف طريقة هذا البنك من زمان فأنا عندهم يومياً و بالعادة لا أودع أكثر من 40 ألف ريال فلا يصلح لنا إلا الكونتر رقم 8 " فذهلت مما قاله هذا السوداني البسيط الذي توقعته يعمل راعي أبل أو غنم !!!!
بعدها أتى شخص سوداني يلبس بدلة دبلوماسية أنيقة و كان يحمل حقيبة لابتوب فعندما دخل رحب به قاسم و أخذ معه في الحديث فهو على ما يبدو يعرف هذا السوادني و ذهب قاسم بصحبة الرجلين الذين على ما يبدو حراس و جاء دور السوادني الذي ظهر اسمه انه عصام من خلال حديثه مع قاسم فقام مباشرة لفتحة الكونتر وفتح حقيبة اللابتوب وكانت مليئة بالمال و أخذ الموظف الحديث مع عصام و تبادل الضحكات بينهم وهو يعطيه المال.
فمن خلال جلوسي من الساعة 10 - 11,7 صباحاً شاهدت هذا المنظر يتكرر سبع مرات أمامي بدايةً من محمد يمني الجنسية و نهاية ً بشخص هندي الجنسية لم أعرف اسمه كلهم يتفقون في حاجة واحدة ألا و هي إيداع المبالغ الطائلة و بشكل يومي .
و قد لاحظت أن الموجودين في طابور الغلباء كلهم يحملون أكياس فوق أرجلهم التي على ما يبدو أنها أموال .
و للأسف الشديد نظرت لحارس الأمن " سكورتي" للبنك و هو سعودي الجنسية تعيس الحظ الذي لا ينتهي الشهر و قد نفذ رصيده من المال فقد كان يمر من أمامنا ببدلته الخضراء الأنيقة بكل ثقة و افتخار و لسان حاله يقول " أنا أحسنهم حظ و أوفرهم مالا " و كان معه جهاز البلاك بيري و عيناه متجه لهذا الجهاز و يبتسم له تارة و يحرك يده تارة , ففعلاً رأيت الفرق و المقارنة على أرض الواقع بين السعودي و الأجنبي فهؤلاء يودعون الأموال بالألف الريالات و هذا مجرد مستهلك ينتظر الراتب القليل ليعود يستهلك مرةً أخرى .............. و تسير الحياة !!!
و عرفت أن السودانيين لهم النصيب الكبير في السوق بعد أن كانت صورتهم عندي أن ليس لهم دور في السوق إلا قليل و لاحظت أن اليمنيين أكثر تحزب من الجنسيات الأخرى ثم يتبعهم السودانيين ثم الهنود .
بعد هذا كله و عند الساعة 11,7 صباحاً بالضبط أعلن الموظف في البنك أن النظام " السستم " تعطل و نتأسف على ذلك , فقامت الصالة بالضجيج من هؤلاء العمالة و لسان حالهم يقول كيف لا نودع أموالنا التي تكدست علينا .
فالإحصائية الأخيرة تقول أن العمالة تحول سنواياً 120 مليار ريال أي أن كل شهر 10 مليار ريال , و بعد مشاهدتي لهذا المنظر في البنك أيقنت أن هذه الإحصائية صحيحة بل وقد تزيد .
فأين أنتم يا أبناء بلدي
لماذا لا تتحزبون !!
لماذا لا تعملون و تجتهدون !!
لماذا لا تغامرون !!
لماذا لا تثبتون أنفسكم !!
لماذا لا تزاحمون الأجانب و تجبرونهم على تقبيل محلاتهم !!
فهل أنتم لا تملكون القدرة أو أن الأجانب هم الذين يملكونها ؟!
أعلم أنك في بلد يساعدك على النجاح في التجارة فلا يوجد ضريبة و لا رسوم و لا قوانين تحد من نجاح التجارة و هناك صناديق حكومية تقدم التمويل دون فائدة و غيرها الكثير الكثير , فلماذا لا تبدأ ؟.
أعلم أن الأجانب لم يحصلوا على كل هذه الأموال بسهولة بل اجتهدوا و تعبوا و سهروا الليالي لكي يحصلوا على المال و فعلاً حققوا ما يريدون .
فأنا لا أحسدهم فهذه أرض الله يسترزق عباده منها فاللهم مبارك لهم في حلالهم و أطعم عبادك المستضعفين من السعوديين وجميع المسلمين منها .
فعلاً , فرع كبار العملاء !!!