لا يزال المشاركون في حملة مقاطعة قنوات الإم بي سي ومقاطعة المعلنين فيها يتزايدون يوماً بعد يوم, وذلك بعد أن أعلن الداعية الشيخ محمد العريفي مقاطعته لهم, إلى أن يكفوا عن التعامل معها بعد أن تزايد بثها لما يخالف العقيدة والأخلاق واستهداف للنشء.

وحتى ساعة إعداد هذه التقرير, وصل عدد الموقعين على الحملة التي أطلقها الشيخ عبد الله المحيسني عبر موقع أنشئ لذلك على الإنترنت حوالي 42 ألف مشارك ومشاركة من داخل المملكة وعدد من الدول العربية.

ومع أن حملات التحذير من قنوات الإم بي سي ومن خطرها على الأجيال المسلمة وخاصة النشء منها, إلا أن الحملة التي دعا إليها الشيخ المحيسني انطلقت بعد أن أفتى الداعية الشيخ محمد العريفي بحرمة مشاهدة إحدى قنواتها المخصصة للأطفال وهي قناة الإم بي سي 3.

ففي تغريدة له على تويتر حذر العريفي من أن هذه القناة مليئة بمشاهد الإلحاد والفساد مطالباً أولياء الأمور بحذفها من أجهزة الاستقبال لديهم, ومذكراً إياهم بأن أولادهم أمانة.

وكردة فعل على ذلك التحذير والذي انتشرت أصداؤه في المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي, نشرت القناة بياناً على موقعها الرسمي زعمت فيه أن القيمين عليها وعلى برامجها جلهم من الأمهات والمختصين الحريصين على ما يشاهده أولادهم بقدر حرصهم على ما يتابعه جميع الأولاد، من كافة الفئات والأعمار.

ولم تكتف القناة بمجرد الرد على فتوى الشيخ العريفي بل وصل الأمر إلى التهجم عليه بشكل شخصي والنيل منه، فادعت أن تلك الفتاوى لا تصدر إلا ممن هم حرِي بهم التواجد في المصحّات النفسية ليعالَجوا من أفكارهم الشاذة، لا أن يُصدروا الفتاوى.

ومما تضمنه البيان كذب على الشيخ العريفي بأنه لا يُجيز جلوس الفتاة مع أبيها لوحدهما, مع أن الصحيح أن كلام الشيخ في ذلك كان رداً على سؤال من إحدى الفتيات تقول فيه بأن شقيقها يتحرش بابنته, فأرشدها الشيخ بأن تنصح هذه الفتاة إن كانت شابه أن لا تلبس لباس ضيق وفاتن أمام والدها الذي بدر منه هذه السلوكيات.

وبعد افتراءات القناة وتطاولها, علاوة على ما تنشره من مفاسد أخلاقية وعقدية, قرر الداعية العريفي أنه سيقاطع منتجات الشركات المعلنة في قنوات شبكة الإم بي سي, مورداً عدداً من المنتجات الشهيرة التي تعلن عنها شركاتها في تلك القنوات. وقال: بدأتُ في مقاطعتها، قَسماً لا تدخل بيتي، حتى توقف إعلانها بقناة الفساد إم بي سي.

ومن خلال صفحته الشخصية عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، دعا الشيخ العريفي إلى رصد مخالفات قناة الإم بي سي3 المتعددة من خلال عرضها للصليب, أو الملابس العارية أو حركات غير مهذبة, إضافة إلى السحر والأصنام, ونشرها على شكل صور ومقاطع مرئية.

واعتبر الشيخ العريفي أن حماية الدين، والإنكار على منتقصيه سواء كانوا كفاراً أو منافقين، وكشفهم، والمطالبة بمحاسبتهم، من أعظم أنواع الجهاد (جاهد الكفار والمنافقين).

كما أن كثرة الدراسات والشواهد السابقة والتي تحذر من خطورة تلك القنوات على الأطفال وتنوعها كان مما شجع الشيخ العريفي أيضاً لأن يعزز فكرته بطلبه لمتابعيه عبر "تويتر" أن يغردوا بكل ما يثبت بالأرقام والدراسات الشبهات حول تلك القناة.

فتاوى وتحذيرات:

كان فضيلة الشيخ محمد بن صالح المنجد من أوائل الدعاة الذين حذروا عبر تويتر من مخاطر قناة الإم بي سي 3 على الأطفال وذلك حينما وجه نداءا لأولياء الأمور محذرا إياهم أن مَن يترك أطفاله يشاهدون برامج تلك القناة يعد بلا ريب خائناً لرعيته ومضيعاً لأمانته وذلك بعد أطلع فضيلته على نماذج مما تعرضه القناة.

أما فضيلة الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر البراك فبدوره دعا إلى التصدي للقنوات التي تنشر الفساد ومن ضمنها قنوات الإم بي سي معتبراً أيضاً أن ذلك من الجهاد في سبيل الله. , وقال بأن القائمين على هذه القنوات والممولين لها من الجناة على الأمة.

وبما أن الإعلانات التجارية من أقوى وسائل تمويل هذه القنوات وبقاءها فقد حذر فضيلته الشركات والمؤسسات من الإعلان فيها حتى لا يكون ذلك تعاوناً منها على الفساد.

ومع ما يصيب الناس من شر بمتابعة هذه القنوات, فإنها أيضاً لا تتورع بالتحايل على الناس بأكل أموالهم من خلال مسابقات حذر الشيخ البراك من المشاركة فيها, موضحاً أنها ليست إلا حيلاً خبيثة للتحايل على البسطاء واستزاز السذج وأكل أموالهم بغير حق.

أما الفساد الموجه والتدمير الممنهج لعقيدة الأمة وأخلاقها وثوابتها دفع بعضو هيئة حقوق الإنسان فضيلة الشيخ الدكتور عبد العزيز الفوزان إلى تأييده لكل ما ذكره المشايخ الفضلاء عن خطورة هذه القناة. مضيفاً أن هذه القنوات يبث فيها من الأفلام والمسلسلات ما لا يسمح بببثه في القنوات الأمريكية العامة لأنها تدمر الأخلاق والقيم فكيف يسمح بها في بلادنا"

و جاء في تحذير الشيخ الفوزان على حسابه في تويتر " وهذا مصداق ما حذر منه نبينا, دعاة على أبواب جهم من أجابهم قذفوه فيها قيل: من هم يا رسول الله قال: من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا فلنحذر منهم".

وأما الشيخ عبدالعزيز الطريفي فقال محذراً أيضاً " من عرف الشريعة وعرف قنوات mbc تيقن في أنها من الداخلين في قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).

وفي استجابة مباشرة لدعوى الشيخ العريفي, نشر مغردون الكثير من المقاطع لنماذج مما تعرضه قناة الأم بي سي 3من مسلسلات كارتونية وسينمائية موجهة للأطفال والتي تشتمل على دعوات للشرك والإلحاد والتفسخ الأخلاقي.

وفي إحدى الدراسات التي تم نشر رابط لها جاء أنه : " يتضح أن هذه القنوات محل الدراسة أمريكية الصنع والمنشأ .. وهي تريد تلميع المجتمعات الأمريكية ونشر القيم الأمريكية في المجتمعات المسلمة".

ومما أوردته الدراسة :"هذه القنوات تدعو للحرية والتفلت عن القيم والاعتقادات الدينية .. انطلاقاً من تسليط الضوء على مجتمع يغلب عليه الانحلال الخلقي، نشاهد الخمر في صور متعددة 44280 مرة في mbc2 .. والمراقص الليلية سترى 31320 مرة في نفس القناة".

أما دعوات الكهانة والسحر التي تدعو إليها القناة فقد أوردتها الدراسة في إعلان للقناة للمشاركة في فيلم Harry Potter الذي يشتمل على دعوة صريحة للسحر والشعوذة وتعلمها, جيث جاء في نص الإعلان " محظوظان يسافران ( للأردن ) يقيمان في فندق فاخر سيزوران موقع التصوير والالتقاء بأبطال الفيلم .. للاشتراك أرسل كلمة ( عرَّاف ) ".

في حين أن التأثير المباشر في العقل الباطن للأطفال أشارت إليه دراسة أخرى أعدها أحد الباحثين قبل عدة أعوام حذرت من الخطورة البالغة التي تمثلها تلك القناة على النشء، الذين يتعلمون منها الكثير من السلوكيات والعقائد الخاطئة التي تخالف القيم والتقاليد والعقائد الإسلامية.

عبد العزيز بن فهد

ولم يقتصر المستجيبون لدعوة الشيخ العريفي لمؤازرته في حملته ضد القناة على مشاهديها ومتابعيها, بل تعدت ذلك, لتشمل أحد كبار المساهمين فيها وهو الأمير عبد العزيز بن فهد بن عبد العزيز والتي ذكرت مصادر أنه يملك ما لا يقل عن 30 في المائة من أسهم المجموعة.

وفي الوقت الذي ظن فيه البعض أن التجاذبات التي حدثت بين الشيخ العريفي والإم بي سي, سوف تشعل خلافاً بين الأمير عبد العزيز وأخواله آل إبراهيم وهم ملاك القناة حول منهجية ما ينشر فيها, دعم الأمير عبد العزيز بن فهد، موقف الداعية العريفي ببراءته إلى الله من هذه القناة وبالتأكيد على سعيه إلى تصحيح هذه القنوات بكل ما بوسعه, فإن لم تجد النصيحة فبالشرع

وجاء في تغريدة له على تويتر " لا بارك الله فيمَن يتعرّض لصلاح الديانة، ولا بارك الله في وسخ الدنيا ببيع دينه والسلام. آمل التواصل في الحق" و" فلن نبيع ديننا بدنيا غيرنا إن شاء الله".
حملة المقاطعة:

وكانت الحملة التي أطلقها الشيخ عبد الله محمد المحيسني، خطيب الجامع القطري بمكة المكرمة، مبادرة لمقاطعة عدداً من القنوات والتي أطلق عليها " قنوات الفساد " والتي تأتي في مقدمتها مجموعة قنوات(mbc) وذلك من خلال تدشينه لصفحة إلكترونية على الرابط تحمل العنوان mbcpr***nce.com .

و تهدف الحملة إلى جمع تواقيع الأفراد والمؤسسات، وتشترط على من يريد إدخال اسمه أن يكون عازماً على مقاطعة القناة والمعلنين عبر قنواتها, كما خصصت الحملة خانات لتعبئة اسم الشخص المقاطع سواء أكان فرداً أو مؤسسة، على أن يتم لاحقاً نشر قائمة شرف بأسماء المقاطعين.

ومما أوضحته الحملة عن أسباب المقاطعة بأن ذلك تأتي لقدح القنوات في العقيدة وسعيها في سلخ المسلم من هويته الإسلامية وإفسادها للأخلاق ودعوتها للرذيلة والمنكر وخدمتها للرؤية التغريبية والأمركة وإفسادها للأطفال بعرض أفلام كرتونية غير مناسبة وتشجيعها للمجون والغناء وإشاعة الفاحشة.

وكان من نتائج هذه الحملة أيضاً أن قام الشيخ المحيسني خاطب رجل أعمال كان يسعى لرعاية برنامج في القناة بمبلغ مليون دولار، فاستطاع أن يقنعه بالعدول عن دعم مثل هذه القناة
تحركات قانونية:

وفي الوقت الذي كشف فيه المحامي والمستشار القانوني محمد بن أحمد الزامل، إن من حق المشاهدين أن يطالبوا بإيقاف هذه القناة ومقاضاتها، إذا ثبت أنها مسيئة وضد تعاليم الإسلام وتعمل على نشر الأفكار الإلحادية وذلك لوجود مكاتب لها في المملكة, كشف محام ومستشار قانوني عن تجهيزه جميع ما يتعلق برفع دعوى ضد قناة الإم بي سي 3 تحديداً، لبثها ما يخالف العقيدة والأخلاق واستهدافها النشء، مشيراً إلى أنه سيُضمّن دعواه كل ما يعزز ذلك بالدليل المقروء والمرئي.

واستناداً إلى نظام الحسبة الذي أعطى الحق للمحتسبين في رفع الدعوى، حفاظاً على الأخلاق والعقيدة واعتمادا على المادة الخامسة من نظام المرافعات الشرعية, قال حمود بن فرحان الخالدي إنه سيرفع تلك الدعوى مع زملاء آخرين إلى هيئة التحقيق والادعاء العام في الرياض للنظر فيها وفقاً لنظامها.

وعلى الرغم من التقدم الذي تسير فيه اتجاهه حملة المقاطعة مع أنها لا تزال في بدايتها, إلا أن التصدي لما تعرضه مجموعة قنوات الإم بي سي بكافة قنواتها, أصبح ملازماً للحفاظ على أخلاق الجيل وعقيدتهم, فليس كافياً أن تحذف هذه القنوات من الأجهزة وتقاطع المنتجات المعلنية فيها فحسب, بل لا بد من اللجوء إلى القضاء, ومخاطبة ولاة الأمر للضغط على تلك المجموعة وتصحيح مسارها.