12-05-2008, 02:32 PM
|
عضو سوبر
|
|
تاريخ التسجيل: Jan 2007
المشاركات: 476
معدل تقييم المستوى: 37
|
|
السعودة النوعية والسعودة الكمية للوظائف
حديث الاقتصاد
السعودة النوعية والسعودة الكمية للوظائف
د. عبدالعزيز حمد العويشق
لا خلاف على أن سعودة الوظائف مطلب اقتصادي ووطني في الوقت نفسه، بدونه ستكون التنمية الاقتصادية سطحية وغير ذات جذور. ولكن ال***** المطلوب ينبغي أن يكون مصحوباً برفع كفاءة الشباب وتأهيلهم لشغل مناصب قيادية وفنية ذات قيمة مضافة عالية ومحتوى معرفي ملموس. وهذا بدوره يؤدي إلى خدمة الشركة التي قامت بتوظيفهم وتأهيلهم. وهو في الواقع ما يجري في كثير من الشركات والمؤسسات التي تقوم بدورها المجتمعي المطلوب في توظيف المواطنين وتدريبهم. وهذه هي السعودة النوعية، أو الوجه الصحي للسعودة.
أريد اليوم أن أتحدث عن السعودة الكمّية، حيث تكتفي بعض الشركات بتعيين أعداد كبيرة نسبياً من الموظفين لرفع حصتها من السعودة بما يرضي الجهات المسؤولة ولكنها لا تُعنى كثيراً بنوعية الوظائف أو بتأهيل الشباب وتدريبهم. وبالطبع ينعكس ذلك سلباً على إنتاجية الشركة وأرباحها من جهة، وعلى كفاءة العمالة الوطنية وأجورها من جهة أخرى. وهذا وذاك يؤديان إلى ارتفاع أسعار منتجات الشركة وينعكس سلباً على كفاءة الاقتصاد الوطني.
وأذكر على سبيل المثال شركة أجنبية كبيرة للأثاث قامت تدريجياً في السنوات الماضية بتعيين السعوديين، ولكنها لم تبذل الكثير في تدريبهم فنياً أو تزويدهم بأخلاقيات العمل فترى أعدادهم تتكدس في صالات العرض، يقضون وقتاً لا بأس به في الدردشة والتسكع، ويضيقون ذرعاً بالعملاء لأنهم لا يريدون أن يوضعوا في وضع محرج في حالة كان ثمة سؤال لا يستطيعون الإجابة عنه، أو كان يتطلب جهداً كبيراً لا يرغبون في بذله، أو أنهم يرون زملاء لهم لا يبذلون أي جهد فيقتدون بهم ... إلى غير ذلك من الأسباب المعروفة. ويُثبت هؤلاء الشباب النظرية المعروفة في اقتصاديات العمل التي تقول بأن ثمة مستوى محدداً optimal size لحجم العمالة في المؤسسة إذا زادت عنه قلت إنتاجية العمال وصعُبت إدارتهم، وأدت بشكل عام إلى نتائج عكسية.
ولم تُتح لي فرصة دراسة ربحية هذه الشركة أو إنتاجية العاملين فيها، ولكن مؤشر الأسعار واضح، فمقارنة سريعة لأسعار الشركة على مدى السنوات القلية الماضية تُظهر أن أسعارها في تزايد مستمر وبشكل يفوق معدلات التضخم، حيث ارتفعت أسعار كثير من منتجاتها حوالي 50% على مدى السنوات الثلات الماضية. ومع أن هناك أسباباً متعددة لارتفاع الأسعار، إلا أنني لا أشك في أن أحد الأسباب هو انخفاض إنتاجية العاملين فيها، مما دفع الشركة إلى رفع الأسعار للتعويض عن ذلك.
والشركة التي أشرت إليها هي مع الأسف مثال واحد لشركات كثيرة تكتفي من السعودة باسمها، وتحمّل المستهلكين التكلفة، مسهمة في ذلك في رفع معدلات التضخم دون أن تسهم في تدريب الشباب سواء على فنيات الوظيفة أو أخلاقيات العمل .
|