يحكى يا قوم أن الوليد بن عبدالملك هو أول من بني مستشفى في الإسلام وجعل فيها الأطباء وأجرى لهم الأرزاق، وأمر ببناء مستشفى لمعالجة المجذومين وحبسهم حتى لا يمدوا أيديهم بالسؤال، وخصص لكل ضرير دليلاً ولكل مقعد خادماً!! ويقال أن صلاح الدين الأيوبي كان يدخل إلى المستشفى ويقف على مريض مريض ويسأله عن مبيته وكيفية حاله وما يشتهيه، وانه حول أحد قصوره إلى مستشفى كبير عرف بالناصري.
ويحكى يا سادة أنه بلغ عدد المستشفيات في بغداد في القرن الثالث الهجري حوالي ثمانية مستشفيات كبيرة ثابتة غير المستشفيات المتنقلة في القرى تناوب على إنشائها والصرف عليها الحكام وأصحاب الخير.
كذلك يحكىيا كرام أن عدد سكان مدينة الرياض قد يتجاوز 6 ملايين نسمة هذا العام حسب الإحصائية الموجودة في موقع إمارة مدينة الرياض والغريب هنا أن عدد المستشفيات في هذه المدينة الغالية علينا ما يزال لم يتجاوز أصابع اليدين!! هذا غير أن هذا مخصص للعسكر والآخر للجند والخ..
إن من أهم الضروريات التي يطالب بها أي إنسان هي الصحة والاعتناء بها،
لذلك نلاحظ أن أول ما يتفوه به المرء حينما يلاقي صديقه هو سؤاله عن الصحة.. كيف الصحة!! وليس السؤال هنا بكل تأكيد المقصود به وزارة الصحة!! ما الذي عملته وما الجديد الذي وفرته بل السؤال هنا عن العافية!!
إن من المخجل المبكي حقيقة أن ترى وتسمع أن صحة الإنسان أصبحت سلعة يتلاعب بها من هم محسوبون على الإنسانية!! فمرة تسمع أن في بطن ابنة فلان قلم رصاص نسي أيام عمليتها الدودية وفي بطن فلان نسي طبيب مقصه أثناء عملية جراحية سريعة!! وهلم ما وجع!!.
إن من المخجل حقا ان ترى مرض الواسطة قد تغلل حتى إلى الصحة!! فلا يسمح لفلان أن تجرى له عملية ضرورية إلا بتدخل من علان، فتجد فلاناً يتوسل عند علان حتى لا تستمر عملية انتظاره بضعة شهور أو سنين ربما يروح ضحية هذه العملية الانتظارية المقيتة!!
إن من المحزن حقا أن ترى الجهة المخولة بالحديث بلسان الشعب تتغافل عن الأمور الملحة والضرورية كالصحة، لينشغل بأمور ثانوية كقيادة المرأة للسيارة مثلا!! نعم هي قضية ثانوية عندما تقارن بطفلة صغيرة لا تحسن الكلام وقد اعترى جسمها شيء غريب لا يستطيعون أهلها استئصاله وقتله إلا بعملية فوق طاقتهم حيث لا اسرة تحملها ولا أموال تعالجها!!،
إنه أمر تافه عند أبوين لطالما انتظرا وصول مولودهما البكر بفارغ الصبر وحينما قارب الضيف على الوصول، لم يتمكن والداه من وضعه بمستشفى عام بسبب عدم توفر الأسرة!! ولحرص والديه على حسن ضيافته أستأجر له غرفة فاخرة بأحد المستشفيات الخاصة ليتفاجأ الضيف بيد عوجاء تعيق وصوله للحياة!! وليخرج بعدها لهذه الحياة معاقا ويفقد كل براءته وطفولته وليعيش مع والديه بعد ذلك معاقا، لا يتمتع بأي متعة كأي طفل في هذا العالم!!.
نحن لا نطالب هنا الوزارة بما لا طاقة لها به، فقط نريد العناية والمتابعة المستمرة لهذه المستشفيات لأنها مسئولة عن أرواح بشر!! ونريد المزيد من المستشفيات والكفاءات الطبية والحرص على التثقيف الصحي في المدن وكذلك في القرى، وكذلك وضع على الأقل مركز صحي بين عدد من الهجر البعيدة حتى يتسنى لهم تلقي الإسعافات الأولية قبل التوجه لمستشفيات المدينة القريبة منهم!! ومن المهم جدا هنا وضع لوحات إرشادية توضح بالتفصيل أمكنة المستشفيات والمراكز الصحية.
نحن لا نطالب الوزارة وحدها هنا بإنشاء المستشفيات بل على أصحاب الأموال والمشيخة أن يساهموا في ذلك، فبدل أن يشتري بعض هؤلاء لاعباً ما أو مغنية بملايين الدولارات أن يبني بها ثلاثة أو أربعة مستشفيات تكون له صدقة جارية ويستفيد من خدماتها أكثر من مائتين أو ثلاثمائة الف مواطن.
نحن هنا لا نطالب أصحاب المستشفيات الخاصة أن يفتحوا دورهم بالمجان بل نريد تعقلاً في الأسعار حتى يتسنى لكل مواطن عادي ان يستفيد من خدماتها.
نحن هنا نطالب مجلس الشورى أن يهتم بالقضايا الملحة والضرورية التي تعني المواطن.
وفي الختام لا أرى أجمل ما أختم به غير هذه الرسالة التي تتعلق بالصحة!!
وهي رسالة مهمة تثبت مدى التطور والعناية التي كانت عليها حضارتنا الإسلامية ولتكن شهادة من ضمن شهادات كثيرة تنعم بها حضارتنا العريقة والتي تدل على عراقة هذه الحضارة وإنسانيتها.
ولكم نص هذه الرسالة من مقالة للدكتور نظمي أبوالعطا الذي نقلها من كتاب التفوق العلمي للإسلام لأمير الأرشدي/
«هذه رسالة من مريض فرنسي عثر عليها أحد الباحثين والمؤرخين الفرنسيين عمرها حوالي عشرة قرون، كان قد بعثها أحد المرضى الفرنسيين من المستشفى الإسلامي الذي يعالج فيه في قرطبة إلى والده في باريس يصف فيها حالته الصحية، ووضع المستشفى الإسلامي وهذا نص الرسالة مترجمة عن أصلها:
والدي العزيز:
لقد ذكرت في رسالتك بأنك سوف تبعث لي بعض النقود كي استعين بها في علاجي، أقول بأني لا احتاج إلى النقود مطلقاً، لأن المعالجة في هذا المستشفى الإسلامي مجانية.
وهناك موضوع آخر، وهو أن إدارة المستشفى تدفع إلى كل مريض تماثل للشفاء مبلغ خمس دنانير، وبدلة جديدة حين يغادر المستشفى كي لا يضطر إلى العمل في فترة والاستراحة.
والدي العزيز:
لو تفضلت وجئت لزيارتي فسوف تجدني في قسم الجراحة ومعالجة المفاصل وعند دخولك من الباب الرئيسي توجه نحو الصالون الجنوبي، حيث يواجهك قسم الإسعافات الأولية ومركز تشخيص الأمراض ثم قسم المفاصل، وسوف تشاهد جنب غرفتي مكتبة وصالوناً للمطالعة والمحاضرات حيث يجتمع الأطباء فيه يومياً للاستماع إلى محاضرات الأساتذة.
أما قسم الأمراض النسائية فيقع في الجانب الثاني من ساحة المستشفى ولا يسمح للرجال أن يدخلوا إليه، وفي الجهة اليمنى من الساحة تجد صالونا كبيرا مخصصا للمرضى الذين تماثلوا للشفاء حيث يقضون في فترة النقاهة والاستراحة بعض الأيام ويحتوي الصالون المذكور على مكتبة خاصة وبعض الآلات الموسيقية.
والدي العزيز:
إن أي نقطة وأي مكان من هذا المستشفى في غاية النظافة فالفراش والوسادة التي تنام عليها مغلفة بقماش دمشقي أبيض، أما الاغطية فمصنوعة من المخمل الناعم اللطيف، وجميع غرف المستشفى مزودة بالماء النقي الذي يصل إليها بواسطة أنابيب خاصة متصلة بمنبع ماء كبير، وفي كل غرفة مدفأة لأيام الشتاء، أم الطعام فهو من لحم الدجاج والخضرة، حتى أن بعض المرضى لا يحبون مغادرة المستشفى طمعاً بالطعام اللذيذ».
انتهى نص الرسالة،،
هذه هي خدمات مستشفياتنا قبل ألف عام!!
حيث لا فرق بين الأعراق والأديان والجميع يتمتع بالخدمات وبالمجان..
وبعد كل هذا لعلنا نتساءل..
يا وزارة الصحة كيف الصحة؟!
مقال كتبتة الأخت شموخ الجوف وهو من المقالات التي تكتب بماء الذهب عن وزارة الصحة ..
* نقلته لكم بتصرف